جيمس كومي يخسر اللعبة ضد ترامب

11-05-2017

جيمس كومي يخسر اللعبة ضد ترامب

الجمل ـ بقلم: Dmitry Nersesov ـ ترجمة وصال صالح: شكل قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إقالة  جيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI مفاجأة للجميع، يحاول محللون فهم الأسباب الكامنة وراء هذه الخطوة، بالإضافة إلى العواقب الناجمة عنها.
بالنسبة لقصة جيمس كومي، يمكن للمرء أن يؤكد شيء واحد: هوأنه أخذ جانب في لعبة سياسية معقدة، ما اضطره في نهاية المطاف للمغادرة، ما هي هذه اللعبة؟
من  المعروف جيداً أن مدير ال FBI كومي كان يجري تحقيقاً في مراسلات وزيرة الخارجية الأميركية السابقة والمرشحة للرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون أثناء المرحلة الأخيرة التي سبقت الانتخابات، كومي كان قد أغلق التحقيق ثم فتحه مرة أخرى. وكانت كلينتون نفسها أعلنت أنها خسرت الانتخابات من ناحية،  نتيجة لذلك،  بسب العمل الذي قام به كومي، في الوقت نفسه  كان  ترامب يُثني على كومي لشجاعته.
وفي الوقت نفسه، بدأ كومي النظر في العلاقات المزعومة لدونالد ترامب مع روسيا، من الطبيعي أن البيت الأبيض لم يكن  منتشياً بعمله هذا، بينما الرئيس نفسه وصفه ب"مضيعة لأموال دافعي الضرائب" مع ذلك، دعم معارضي ترامب كومي.
حتى لو حللنا الموقف حصرياً من وجهة النظر هذه فقط، لن يكون من الصعب أن نستنتج أن كومي محكوم. كان يخوض صراعاً مع القوتين  السياسيتين الرائدتين في الولايات المتحدة. وكان بحوذته مواداً للمساومة ضد كل من الرئيس ترامب وخصومه الذي من غير الممكن التوفيق بينهما، يدرك المرء جيداً ان مثل هذا اللاعب عليه إما الاختفاء، أو الإنحياز لإحدى القوتين أو أن يخلق قطب ثالث من السلطة. وهذا يمكن ان يكون سيناريو نموذجي قد يفضي إلى ثلاث نتائج ممكنة.
هو سر مكشوف أن الاستخبارات الأميركية سعت  منذ زمن طويل للعب دوراً ساسياً حاسماً في حياة البلاد. لذلك، مسألة العلاقات بين السلطات –إدارة البيت الأبيض وعناصر ريادية من مجتمع الاستخبارات- هذه كانت دائماً في دائرة الضوء من اهتمام واشنطن.
 من الناحية التقنية، لا يوجد عقبات كبيرة أمام الأجهزة الخاصة لتحقيق هدفها وتقرير سياسة "أعظم أمة في العالم"  وخيرمثال على ذلك فضيحة ويكيليكس:  التي جعلت العالم يرى أن السياسة الرسمية لواشنطن تعتمد بشكل كبير على وجهات نظر أجهزة الاستخبارات وأجهزة ماكفحة التجسس.
مع ذلك، فإن الأجهزة الخاصة الأميركية تعاني من نقاط ضعف –التفتت والتنافس. مكتب الاتحاد الفيدرالي، السي آي إيه ووكالة الأمن القومي –هذه المنظمات الثلاث لم تستطع حتى الآن  ان تتفق فيما بينها، والبيت الأبيض يُغذي ويدعم  هذه الخصومة  بينهم. في عهد الرئيس باراك أوباما، كان باستطاعتنا رؤية محاولة وكالة الأمن القومي NSA (وحش الاستخبارات الالكترونية) الحصول على القيادة، غير أن المحاولة أحبطت بسبب تسريبات  ويكيليكس و إدوارد سنودن. قبل ذلك، كانت السي آي إيه تخوض نضالاً عنيفاً من أجل القيادة على الرغم من أنه معروف جيداً فشل السي آي إيه  في منع هجمات 11/9.
كان ذلك بعد هجمات 11 أيلول، عندما حاول الرئيس جورج دبليو بوش إنشاء هيئة تنسيق في مواجهة وزارة الأمن الداخلي. على الرغم من أن الأخيرة لم تكن قادرة على وضع أنشطة الأجهزة الخاصة المهنية تحت إدارة سياسية متآلفة.
وعندما انتهت ولاية أوباما، اتخذ مكتب التحقيقات الفيدرالي موقع القيادة (أو بدلاً عن ذلك، وزارة العدل التي تسيطر أيضاً على الشرطة الاتحادية)  على خلفية الاضطرابات الواسعة النطاق بين الأميركيين الأفارقة. وبدا ال FBI وكأنه سيطر على الوضع الداخلي في البلاد وأرسى دعائم الاستقرار، وبعد ذلك حاول الوصول إلى المستوى السياسي من خلال الشروع في القضية الجنائية ضد كلينتون والوصول بها إلى مستوى التحقيق. وهذا جعل مدير ال FBI (وأسياده) الحكم في المعركة السياسية.
كومي كان على مسافة خطوة واحدة فقط من تحقيق هدفه المنشود - السيطرة المطلقة على السلطة السياسية. مع ذلك، ال FBI متمثلاً في شخص كومي، أوقف.  على الأرجح،  وجد كومي نفسه في فراغ من المعلومات –ولم يكن يعلم من سيفوز: هيلاري كلينتون أم دونالد ترامب. هذ الحالة من الشك وعدم اليقين تفسر دواعي ذعره من "ملف كلينتون".
بدا فوز ترامب وكأنه قد ينقذه، كلينتون اعترفت أن كومي – أصابها في العين- ومع ذلك، أصبح رجلاً في فريق ترامب وسيرغم رئيس ال FBI على تمرير الإمكانية السياسية للقسم للرئيس الجديد. وهذا سيجعل من كومي خائناً بالنسبة لمجتمع المخابرات بأكمله، وسيضطر مرغماً على الاستقالة على أي حال.
كان باستطاعته  النظر في مثل هذه المناورة مقابل ضمانات من دونالد ترامب. مع ذلك، لتحريره من الإغراء المفرط. تم حشره بالتحقيق بعلاقة ترامب مع روسيا. كومي عُزل من كل من البيت الأبيض وملف كلينتون. جيمس كومي يمكن أن يلعب حتى مع ترامب ويبدد خرافة علاقاته السرية مع الكرملين.
على ما يبدو،  ترامب قرر ترامب أن كومي انتهى : موقفه من قضية "يد الكرملين"  لن تغير أي شيء. جيمس كومي خسر اللعبة. الأجهزة الخاصة، سواء كان FBI، CIA، و ال NSA  لن تسيطر على السلطة. على العكس، يجب أن يبقوا تحت السيطرة السياسية الصارمة، وهذه السيطرة تكمن في يد الرئيس ترامب. هو اتخذ قراراً "غير متوقعاً" إطلاق النار على كومي بمزاعم أنه لم يعد قادراً  أبداً  على إدارة مكتب التحقيقات الفيدرالي بفعالية.
يقول كاتب المقال دميتري نيرسيسوف: إن صح تحليلنا أعلاه، فإن الأسباب الحقيقية لإقالة كومي تكمن وراء الصراع الذي تشنه القوى السياسية ضد المحاولات المستمرة للأجهزة السرية لإخضاع الدولة تماماً لإرادتهم.


عن: Pravda.ru

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...