سجينات سوريات: بدأنا “بحبة منوم” وانتهينا مدمنات على المخدرات

11-06-2019

سجينات سوريات: بدأنا “بحبة منوم” وانتهينا مدمنات على المخدرات

ظاهرة الإدمان على المخدرات ليست ظاهرة جديدة في المجتمع السوري، غير أن زيادة نسبة النساء المدمنات، وتحديداً بسبب تعاطي الأدوية المخدرة، أصبحت ظاهرة تستحق الوقوف على أسباب انتشارها ولاسيما في زمن الحرب.


وفي مبادرة أطلقتها جهات أهلية في طرطوس تتضمن حملة تثقيفة وتوعوية تجاه السجناء والأسباب التي أوصلت هؤلاء إلى السجن، قامت الصيدلانية ريما ابراهيم بلقاء السجينات ومناقشة مشكلة الإدمان على المخدرات.


 وكانت الملاحظة الأبرز أن معظمهن وصلن للإدمان عن طريق تناول “أدوية الإسراف” أو الأدوية المسكنة والمهدئة بداية، ثم الاستمرار عليها.


وبيّنت الصيدلانية ريما أن “أدوية الإسراف هي الأدوية التي يساء استخدامها فتصبح ذات نتائج مدمرة للجسم، ومنها الأدوية الحاوية على المخدر، وهي مسكنات مركزية تؤثر على الجهاز العصبي المركزي”.


وأردفت “معظم حالات الإدمان الموجودة بين السجينات، كانت بسبب تعاطي أدوية تحوي نسبة من المخدر مثل المسكنات القوية، تتناولها المريضة لفترة أطول من العلاج المقرر، أو المهدئات التي تلجأ إليها لمساعدتها على النوم”.

وأضافت ” لفتني بداية معرفة هؤلاء النساء بأسماء وأنواع أدوية مخدرة بشكل يفوق بعض أصحاب الاختصاص، وغالبيتهن بدأن التعاطي لأسباب طبية علاجية، ووصلن إلى الاعتياد الذي هو حالة نفسية وفيزيولوجية”.

وتابعت ابراهيم ” وهناك حالات حيث تلجأ النساء بفعل الضغوط النفسية المرافقة لمشاكل أسرية أو اقتصادية، إلى حبوب مهدئة أو منومة، وبعضهن لا يجدن مصدراً لتأمين المخدرات فتصبح الأدوية التي لا يثير وجودها ريبة من حولها بديلاً مناسباً لحالتها الاجتماعية”.


ونوّهت الصيدلانية إلى “قلة القوانين الصارمة، فالمدمن هو مريض بحاجة لعلاج وليس للسجن، والعلاج يبدأ بتخفيف الجرعة تدريجياً للوصول إلى التخلص الكامل، وهي رحلة شاقة على المريض، فتأثير الأدوية المخدرة يعادل تأثير المخدرات، على الجسد والنفس”.


كما لفتت الصيدلانية إلى أن ” بعض المدمنات ينجحن في إخفاء الأمر مدة طويلة، خاصة عندما يرفضن الاعتراف بوجود مشكلة، ففي نظرهن هو دواء للعلاج ليس أكثر، ويحرصن على مظهر اجتماعي لا يدع مجالاً للشك، ومنهن أمهات ومرضعات”.


وأوضحت ريما ” لاحظت كذلك أن معظم المريضات ليس لديهن قناعة بقدرتهن على ترك المخدر والتخلص من الإدمان، وهذا يتطلب علاجاً نفسياً يرفع توقعات المريضة بإمكانية العودة إلى حياتها الطبيعية بعد فترة العلاج”.


وأشارت ابراهيم ” بشكل عام يمكن التعرف على المدمن من خلال عدة صفات وسلوكيات، تختلف بحسب طريقة تعاطيه، فالذين يلجؤون للحقن تبدو آثارها واضحة على أيديهم، كذلك احمرار العيون وحركتها غير الطبيعية، أو زيادة التعرق أو التعصيب والرجفان والحركات الغير طبيعية”.


وطلبت الصيدلانية من الأهالي خاصة مراقبة أولادهم المراهقين الذين هم الشريحة الأكثر عرضة للوقوع في إغراء المخدرات، حيث يعمل المروج، الذي قد يكون صديقاً مقرباً على إقناعه بقدرة “حبة معينة” على مساعدته لحل مشاكله أو التخلص من الألم”.


نقطة هامة أضاءت عليها الصيدلانية هي أن “أهم شريحة من المدمنين على “أدوية الإسراف”، هم الأطباء والصيادلة الذين يتمكنون من الحصول عليها بسهولة أكبر، ويلجؤن لها باعتبارها مريحة من ضغط العمل الذي يتعرضون له بشكل يومي”.


مبيّنة أن ” الأمر يبدأ لدى هذه الفئة بالمهدئات التي تعمل على تركين التفكير، وهذا ما يحتاجه من يعملون بأعمال تتطلب مجهودا فكرياً وجسدياً، فنجد حالات الإدمان هذه لدى السياسيين والأطباء أو الأدباء والمفكرين”.


وأشارت الصيدلانية “تمنع وزارة الصحة بيع هذه الأدوية إلا بموجب وصفة طبية ذات قيمة، ويبقى منها نسخة لدى الصيدلاني لا تعاد إلى المريض كي لا يستخدمها عدة مرات ويجب على الصيدلاني الختم عليها، غير أن هناك صعوبة في مراقبة كل صيدليات البلد خاصة في الأرياف البعيدة”.


وتابعت ” خلال فترة الحرب نشطت حركة تهريب الدواء وسرقة الشاحنات التي تنقلها لبيعها بأسعار مرتفعة في السوق السوداء، إلى جانب فئة من عديمي الضمير من الصيادلة والمختصين الذين يهدفون لتحقيق ربح كبير من خلال بيعها، وفي حالات أخرى نتيجة الخوف والتهديد من قبل المدمن، وهذا ما يحدث كثيراً”.


وبينت الصيدلانية أنه “لا فرق بين تعاطي المخدرات وتعاطي الأدوية من ناحية الإدمان، فأي شيء يعتاده الجسم يطالب به ولو بالعنف، وهذا يعرض بعض الصيادلة للإعتداء من قبل هؤلاء المدمنين، الذين يسلكون طرقا عديدة لمعرفة ما إذا كان لدى الصيدلاني الدواء الذي يحتاجه”.


ولفتت ابراهيم إلى “ضرورة انتباه المحيطين بمن يتعالج بالمسكنات لفتية طويلة، ومساعدته، وفي إحدى الحالات قامت سيدة بمساعدة زوجها الذي كان مدمنا على نوع من الأدوية (كبسولات)، فكانت تقوم بفتحها الكبسولة وتفريغها ومناولتها له”.


مشيرة إلى “دور العامل النفسي في هذه الحالات، حيث اعتقد بأنه يتناول الدواء حتى تمكن من التخلص منه لاحقا خلال فترة قصيرة”.


و سوء استخدام الأدوية لا يقتصر على الأنواع التي تحتوي مخدراً، فهناك الملينات التي تستخدم للتنحيف، ويمكن أن تسبب ارتخاءً في الامعاء، والفيتامينات جرعة زائدة منها تسبب مشاكل صحية عديدة، والبروتينات التي يتناولها الرياضيون قد تسبب مشاكل لاحقة كذلك.

يذكر أن ظاهرة الإدمان على المخدرات شهدت ارتفاعا في سوريا خلال سنوات الحرب وخاصة بين فئة الشباب الذي عانى من الإحباط واليأس نتيجة الظروف الاقتصادية والأمنية والمعيشية الصعبة التي تمر بها البلاد.

 

 


الخبر

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...