عملية ولادة لسيدة لا تنجب..!!..وثلاث وفيات بسبب الإهمال

16-10-2008

عملية ولادة لسيدة لا تنجب..!!..وثلاث وفيات بسبب الإهمال

يصف السيد زكي نجيب مدير عام شركة مرفأ طرطوس، عملية حصول موظفة ادارية على اجازة امومة بشكل غير مشروع أنها عملية متفق عليها مع المدير الاداري.

والطبيبة التي زودت الموظفة بتقريرين طبيين متناقضين، ويرى السيد نجيب ان العقوبات التي فرضها التقرير التفتيشي بحق المخالفين، لا تتناسب مع حجم المخالفة. ويضيف: أن حالة السيدة معروفة بين زملائها ـ فهي لا تنجب وهذا قدرها، لذلك من المفترض أن لا تلجأ الى هذا الاسلوب ولو أنها راجعتنا وقدمت لنا أعذاراً منطقية لاعطيناها إجازة حتى ولو بشكل مخالف للانظمة والقوانين. ‏

فمن حق الاسرة ـ اي اسرة، أن يكون لديها ابناء، ومع أن هذا الموضوع يرتبط بقضاء الله وقدره بالدرجة الأولى والعلاج الطبي بالدرجة الثانية، لذلك؛ يجب عدم اللجوء الى اساليب خارجة عما يقبله العقل والدين والمنطق، وان يختصر التوق الى الانجاب الى الحصول على اجازة امومة، وهذا ما حصل..؟ ‏

ومن حق الطبيب ـ أي طبيب أن يكسب مالا يعوض له مصاريف الدراسة وان يؤمن دخلا يحقق له حياة كريمة، لكن ليس باساليب ملتوية تطعن في الصميم اخلاق المهنة ـ هذا اذا افترضنا ان المال هو الدافع للطبيبة «هـ ـ د» للمخالفة التي ارتكبتها ومنحت السيدة «ا ـ ب» تقريراً طبياً يؤكد أنها قامت بإجراء عملية ولادة لها في العيادة ـ علما أن السيدة «ا ـ ب» لا تنجب..؟ ‏

ولأن موضوعنا هذا يتحدث عن أمرين في غاية الخطورة، فإننا سوف نستعرض أولا التقرير التفتيشي الذي يحمل الرقم 22 ـ 209 ـ 10 ـ 4 خ تاريخ 13 ـ 6 ـ 2007 الخاص بنتائج التقصي والتحقيق بمنح العاملة «أ ـ ب» العاملة لدى الشركة العامة لمرفأ طرطوس اجازة امومة غير قانونية. ‏

أما الجانب الثاني فسوف نتناول فيه وفاة ثلاثة أشخاص نتيجة الاهمال وغياب الاختصاصيين في مشفى الباسل بطرطوس. ‏

هذان الموضوعان لم يأخذا حقيهما في الاعلام ـ وما التطرق لهما الآن إلا من اجل تنبيه الأخوة الأطباء الى ضرورة احترام قسم ابقراط، والإشارة الى أن العقوبات التي صدرت لاتتناسب نهائياً مع حجم المخالفات وتصحيح العمل في هذا الصرح الطبي ـ العلمي، وتأمين احتياجاته من الكادر الطبي اللازم والتجهيزات التي كان نقصها سبباً في حدوث بعض الوفيات، وكاد أن يتسبب في حدوث وفيات أخرى. ‏

يقول التقرير الطبي الذي أعدته الطبيبة النسائية «هـ ـ د» أن السيدة «ا ـ ب» خضعت لعملية ولادة طبيعية في عيادتها بتاريخ 30/6/2005، وبناء على ذلك تم تسجيل طفل مجهول الهوية في دائرة نفوس صافيتا ومنحت إجازة أمومة لمدة 120 يوماً، وتم تصديق التقرير من لجنة فحص الموظفين التابعة لمديرية صحة طرطوس ـ ولان حبل الكذب قصير كما يقال، ولا جريمة كاملة، المعنيون بالجهة التي تعمل بها المريضة «ادارة المرفأ» اكتشفوا ان هناك تقريراً طبياً من نفس الطبيبة تم منحه لها بتاريخ 3/7/2005 وبتوصيف مرضي ناقض حالة الولادة علما ان الفارق الزمني بين التقريرين لا يتجاوز الثلاثة ايام. لذلك اعتبرت لجنة الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش ان التقريرين لا ينطبقان على المريضة وبذلك يكونان مزورين. ‏

المرأة لا تنجب وهذا ليس ذنبها ـ بل انه قدرها، وكما اسلفنا من حق اي اسرة ان تسعى لان يكون لديها ابناء، لكن ليس بأساليب ملتوية؟.. ‏

اذاً الطبيبة اعطت تقريرين طبيين متناقضين وغير صحيحين، وبالتأكيد هذه الخدمة ليست مجانية إذا اسقطنا صلة القرابة أو أي علاقة عائلية أخرى، وقد تكون شاركت في فبركة ايجاد الطفل الذي يؤكد تقرير التفتيش انه غير شرعي، ليصار بعدها الى تسجيل الطفل في دائرة النفوس على خانة السيدة وزوجها، وكل ذلك دون ان يلفت هذا الامر نظر المختار ودائرة النفوس..!! ‏

والغريب أيضاً ان لا يلفت ذلك نظر اللجنة الطبية المكونة من أربعة أطباء، احدهم مدير عام الهيئة العامة لمشفى الباسل الحالي. ‏

لن ندخل في تفاصيل العقوبات التي اقترحها التقرير لاسيما أن صفة الردع غابت عنه، وتم اختصارها بعقوبة التنبيه والحسم 1و5% لمدة ستة اشهر وهي هنا لا تتناسب وحجم هذه المخالفة ـ لاسيما أن الجميع يعملون بالدولة ـ المريضة والطبيبة واللجنة الطبية ودائرة نفوس صافيتا، لكن من حقنا أن نوجه عدة تساؤلات الى وزارة الصحة ونقابة الأطباء، أولا عن الاجراءات التي اتخذت بحق المخالفين ـ وما اذا كانتا على دراية بهذا الموضوع لاسيما اننا نعرف ان من حق نقابة الاطباء وغيرها من النقابات أن تدافع عن أعضائها في حال تعرضوا للغبن، وبذات الوقت فهي تمتلك ذات الحق لمعاقبة المخالفين اذا ما تأكدت من مخالفتهم، ونجيب نحن طالما ان جميع الأطباء الذين ساهموا بهذه الطبخة الفاسدة ما زالوا على رأس عملهم، فان الامر وما يحمله من خطورة قد لفلف تمهيداً للنسيان، فما زالت الطبيبة «هـ ـ د» تعمل في مديرية صحة طرطوس وفي عيادتها ومازال أعضاء اللجنة الطبية يعملون كموظفين، ومنهم من أصبح مديراً عاماً..؟ ‏

لن نتدخل أكثر في الوصف، ولأننا لا نريد الغوص في التفاصيل، ولا أن نلقي التهم، فقد اتصلنا بالطبيبة «هـ ـ د» للاستيضاح، فكان جوابها أنها مشغولة طيلة الأسبوع، ولا يمكنها الحديث في هذا الموضوع، لكننا اتفقنا على إعادة الاتصال مرة أخرى ولم افعل..! ‏

- كما حققت الرقابة الداخلية في مديرية صحة طرطوس بوفاة ثلاثة أشخاص في مشفى الباسل بطرطوس لأسباب مازالت غامضة. ورغم قيام الرقابة الداخلية بالتحقيق في كل حالة على حدة وتخصيص تقريرا لكل منها فهذه التقارير لا تخل من رفع العتب، فكما الحالة السابقة كانت العقوبات هي التنبيه والحسم 1و5%. ففي حالة المريضة «ا ـ ب» التي دخلت المشفى بتاريخ 25/8/2007 اثر اصابتها بنوبة ربو شديدة وهي حامل بالشهر الثاني، حيث توفيت بعد ساعة من دخولها المشفى، يؤكد تقرير الرقابة الداخلية أن الوفاة حدثت بسبب اهمال بعض الأطباء المقيمين واللامبالاة لاسيما من بعض الاطباء المقيمين، ومن قبل المناوبون في قسم الاسعاف والشعبة الصدرية «إضافة أيضا الى غياب الأطباء الاختصاصيين» وهذا ما يرد في كل التقارير «ومازالت هذه الحالة قائمة» والمفارقة مثلاً معاقبة طبيبة مقيمة ـ اختصاص طب أسرة لقيامها بفحص المريضة التي أدخلت الى الشعبة الصدرية، إذ كان عليها أن تدير ظهرها للمريضة و«للناموس» الطبي. ‏

وفي حالة المتوفى «ا ـ ش» من محافظة حماة، يشير تقرير الرقابة أن الوفاة حدثت بسبب الاستهتار وتأخر الأطباء بإسعافه وذلك بتاريخ 8/7/2007 في العاشرة صباحاً، وهذا التوقيت يفترض وجود اخصائيين، ولان شكوى المريض هي الم في الصدر ولأنه تنقل بين الاسعاف والصدرية والقلبية وإعادته مرة أخرى الى الإسعاف سيراً على الاقدام وانتظاره فترات طويلة لحين قدوم الاطباء المقيمين فقد فارق الحياة، والغريب انه وبحسب افادة أحد مرافقيه انه كان نائماً تحت المروحة ما أدى الى اصابته بتشنج في الكتف والصدر، لكن الاهمال و«التخبيص» كانا كفيلين بمفارقته الحياة. ‏

وثالثة الاثافي في هذا الجانب هي حالة الطفل المتوفى «م ـ خ» الذي دخل المشفى لإجراء جراحة في العين بعد إصابته بجرح في القرنية، فكان التخدير هذه المرة كفيلاً بمفارقته الحياة، حيث تولت مهمة التخدير طبيبة مقيمة بعد تكليفها هاتفياً من قبل الطبيب الاخصائي المناوب بسبب غيابه. ‏

والمفارقة ان طبيب العينية الذي أجرى الجراحة لا يعرف بالتعليمات التي تقضي بعدم إجراء أي عملية جراحية الا بوجود طبيب تخدير اخصائي وليس مقيما.. اي أن الطفل راح «فرق عملة» كما يقال، لكن العقوبات الرادعة التي قضت بنقل الطبيب المناوب وتنبيه رئيس قسم التخدير وتغييره وحسم 5% لمدة ستة اشهر بحق الطبيبة المقيمة ـ كل ذلك كان كفيلاً بإنصاف اهل المتوفى وتصويب العمل في أقسام المشفى..؟ ‏

هذه الحالات نتركها بيد المعنيين عسى أن يصار الى اجراء تحقيقات تنصف الجميع لاسيما المؤسسة الطبية ـ العلمية التي قدمت الكثير وأنقذت حياة آلاف المواطنين، وإعادة الثقة إليها، ليطمئن المراجعين وأهالي المرضى ان عصر الاهمال والتسيب في مشفى الباسل في طرطوس قد ولى الى غير رجعة..؟ ‏

سليمان عيسى

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...