الاستراتيجية العربية لمكافحة الفقر

30-11-2006

الاستراتيجية العربية لمكافحة الفقر

ليس هناك اتفاق محدد ومتفق عليه للفقر, فبعض التعريفات يركز على الجوانب الاقتصادية الكمية سواء من خلال النظر للدخل أو الانفاق وبعضها الآخر يعطي اهتماماً أكبر للقدرات البشرية أو غيرها من جوانب الرفاه الاجتماعي في مجالات الحياة المختلفة, وتعتمد كثير من الدول ذلك التعريف الذي قدمه البنك الدولي عام 1990 القائل بأن الفقر هو عدم القدرة على تحقيق حد أدنى من مستويات المعيشة ويعرف بأنه عجز الأفراد أو الأسر أو المجتمعات المحلية عن التحكم في موارد تكفي لإشباع حاجاتهم الأساسية وهو تعريف يعتمد على النظر إلى الدخل لقياس الفقر ويعرف بالنظر إلى الانفاق بأنه الحالة الاقتصادية التي يفتقر فيها الفرد إلى الدخل الكافي للحصول على المستويات الدنيا من كل ما يعد من الاحتياجات الضرورية لتأمين مستوى لائق في الحياة, وهي تعريفات لا تخرج عن المفهوم الشرعي الإسلامي للفقر وأن الفقير هومن لا يجد قوت يومه.‏

ورغم اختفاء الفقر من جدول الأولويات السياسية في العالم في الثمانينات من القرن الماضي فإن الفقر نفسه لم يختف بأي حال. فالبعض لا يشهدون عيد ميلادهم الأول, و8% لايشهدون عيد ميلادهم الخامس.من هنا تأتي اهمية المؤتمر الذي رعته وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل .‏

تحدث د.عيسى ملدعون معاون وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل فقال: إن الفقر في الوطن العربي لا يزال نتاج تفاعل عوامل داخلية (اقتصادية واجتماعية وسياسية ) وخارجية من أهمها الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية وتدميره للبنية التحتية والحصار الاقتصادي والعقوبات التي فرضت على بعض الدول العربية والعولمة وما رافقها من تعميق عدم التوازن في توزيع الدخل على الصعيد العالمي.‏

وربط د. ملدعون في تقريره مستوى التعليم بالفقر وعد أن التعليم من أكثر المتغيرات ارتباطاً به إذ إن أكثر من 18% من الفقراء أميون.‏

أما ابراهيم جعفر السوري مدير إدارة التنمية والسياسات الاجتماعية فقد قال إن سياسات خفض الفقر ليست منقطعة الصلة عن الأوضاع الراهنة التي تمر بها مجتمعاتنا وإذا أرادت مجتمعاتنا أن تواجه تحديات القرن الواحد والعشرين عليها أن تدرك أن خفض الفقر هو المهمة المركزية, وإن انعدام البيانات أو ضعفها وصعوبات القياس ليست مبرراً للتراجع عن تصميم البرامج المبتكرة للحد من الفقر, إعادة النظر في سياسات التكيف ومواجهة العولمة وإصلاح الأسواق ووضع استراتيجيات تنموية مناصرة للفقراء وللنساء على نحو خاص وهي مهمة لا تقبل التأجيل أو التباطؤ.‏

وفي معرض حديثه أكد على أن الهدف الأساسي العربي للرؤية المشتركة هو تحسين مستوى الحياة في العالم في الربع الأول من الألفية الثالثة ليس فقط على خفض معدلات الفقر بل العمل على القضاء عليه تماماً.‏

وحول تجربة السودان في مجال الحد من الفقر تحدثت محاسن عبد الله عبد الكريم مستشارة وزارة الرعاية الاجتماعية وشؤون المرأة والطفل عن مواجهة استراتيجية شاملة لتخفيف مشكلة الفقر إلى النصف بحلول عام 2015 بتكامل الجهود ودعمها بالسياسات المناصرة للفقراء من خلال تهيئة الفرص والظروف للمشاركة الفاعلة للقطاع الخاص كما أردفت التجربة لتوجيه الموازنة لتصبح مناصرة للفقراء مع الالتزام بنص الدستور بمجانية الخدمات الأساسية وتوسيع التمويل الاجتماعي وضمان وصول الفقراء للائتمان وتوفير الصيرفة وابتكار ضمانات غير تقليدية وتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي ووضع سياسات ومشروعات متوسطة وصغيرة, وفي النهاية لابد من الدعوة للحوار الاجتماعي الفعلي للانقاذ بما يعزز التضافر بين الدولة بقطاعاتها ومشاركتهم في التصدي للفقر.‏

أما عن تجربة المملكة العربية السعودية لمواجهة الفقر فقد تحدث عبد الله المعقيل الأمين العام للاستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر بأن المؤتمر قد أدى الغرض الذي أقيم من أجله من خلال الفعاليات, وأوراق العمل كانت مفيدة من خلال التوصيات التي غلب على طابعها النموذج العملي والاجرائي وعن أهم المرتكزات المقترحة للتجربة السعودية تتضمن باهتمام الفقراء على مبادىء الشريعة الإسلامية والديانات السماوية وعادات اجتماعية متأصلة تحرص من خلالها على التكافل الاجتماعي ومساعدة الأقارب والمحتاجين.‏

وعن الحلول لمشكلة الفقر والتخفيف منها لابد من اتباع أسلوبين وقائي وعلاجي من خلال تحقيق النمو الاقتصادي وسياسات اجتماعية تساند ذلك, ولذلك لا بد من تمكين اقتصادي للفقراء وتشغيلهم من خلال اقتدار مالي وإمكانية اجتماعية واقتصادية.‏

كما أن هناك حاجة ماسة لشبكة أمان اجتماعي فعالة, وعن الإطار التنفيذي قال لا بد من تفعيل الأطر الشرعية والتمويلية والمؤسساتية والزمنية من خلال إطار قصير المدى أي المعالجة الفورية.‏

وأكد هلال بن أحمد الحبسي من سلطنة عمان نائب مدير الضمان الاجتماعي والمساعدات أكد أن الاعلام ليس مقصراً إلا أنه يغيب بعض الجوانب في هذه المعالجة ومنها عندما يظهر للرأي العام أن معالجة الفقر مقتصرة على المساعدات والمنح النقدية وهذا غير كافٍ وإنما لا بد من خلق فرص التمكين والنهوض بالأسر حتى تقوم على ذاتها أيضاً ومن خلال توسيع شبكة الخدمات العامة التي تتيح لهذه الأسر مواصلة الحياة الكريمة من خدمات صحية أو تعليمية أو خدمية.‏

- دعا المشاركون في المؤتمر الدول ال أعضاء إلى إيجاد مراكز أو وحدات إحصائىة تتولى مسؤولية رصد ومتابعة ظاهرة الفقر بمنهجية واضحة وموحدة وحثهم على تحديد إطار زمني في استراتيجيات خفض الفقر وأن يتم إنهاء مظاهر فقر الغذاء في أقصر مدى زمني ممكن وذلك لما له من أبعاد إنسانية خطيرة, إضافة إلى تشجيع مؤسسات العمل العربي المشترك التمويلية وتشجيع مؤسسات ضمان الاستثمار العربي على المساعدة في خلق مناخات استثمار ملائمة للفقراء والتحول من منهج الاستهداف المباشر إلى استهداف خصائص الفقر إكراماً للفقراء وتم التوصل إلى توصيات أخرى العمل بها بجدية تساهم في تقليص معدلات الفقر.‏

- بتعبير أدبي يمس القلب ,والعقل الفقر هو انعدام الحيلة والتعرض للمعاناة والخوف إنه الحرمان البشري, فالفقير هو من لايتمتع بفرص تعليم أو صحة أو فرصة الحصول على مياه نقية ولا اعتقد أنه يمكننا تصور حياة فرد يعيش ويسكن ويأكل ويتزوج وينجب بدولار يومياً.‏

يركز تقرير اليونيسيف (وضع الأطفال في العالم 2005) على الكيفية التي يهدد بها الفقر مفهوم الطفولة ويرى أنه من الضروري أن تعطي استراتيجيات خفض الفقر الأولوية للأعمال التي تحمي الطفولة وينبغي أن تركز أوراق استراتيجية خفض الفقر أو خطط التنمية الوطنية تركيزاً قوياً على تأمين حقوق الطفل بالتصدي للقضايا الأساسية للحرمان ولحماية الأطفال وأسرهم ومعالجتها وبتحديد أسباب فقر الأطفال الخاصة بكل دولة على انفراد وبإيجاد السبل لزيادة فرص الأطفال (وهذا غاب في توصيات المؤتمر).‏

فالأطفال الذين يبلغ عددهم حالياً في العالم 2,2 مليار طفل يعيش في الدول النامية منهم 1,9 مليار ويعيش منهم مليار طفل في حالة فقر مدقع يصل إلى حد الهاوية أي أن طفلاً من بين طفلين في العام ينازعه الموت ويئن اللحظة جوعاً وعطشاً وخوفاً?‏

- أكد المجتمعون في المؤتمر (ومنهم د.عيسى ملدعون معاون وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل) على أهمية بعض البرامج التي تحد من ظاهرة الفقر, مجانية خدمات التعليم والصحة أو ما يسمى (الخدمات الاجتماعية) ويؤكد خبراء الأمم المتحدة على أهمية هذه الخدمات التي يعتبرونها لب التنمية, باعتبارها تحصل على النصيب الأكبر من الانفاق على خطط التنمية غير أن هذا لا يعني أن ثمار هذا الإنفاق في المجتمع بنفس الدرجة لأن هذا لو حدث فعلاً فإن الفقر أو جيوب الفقر سيتم القضاء عليها بصورة تلقائية هذا إذا كانت ستظهر أصلاً ولكن هذا يخالف الواقع في معظم الأحيان.‏

لقد أكدت تقارير الأمم المتحدة على أن أكبر المستفيدين من الخدمات الاجتماعية هم (غير الفقراء) حيث أثبتت الدراسات أن 33% من الانفاق على التعليم يستفيد منه الخمس (20%) الأكثر ثراء من السكان في مقابل 13% فقط من الانفاق الذي يستفيد منه الخمس الأكثر فقراً, أما في مجال الصحة فإن هذه النسب يقابلها 30% للأكثر ثراء 12% لأكثر فقراء أما بالنسبة للتعليم العالي فإن النسب تصبح 66% للأكثر ثراء مقابل 3% فقط للأكثر فقراً أما بالنسبة للمستشفيات فإن نصيب الخمس الأكثر ثراء من السكان يعادل ثلاثة أضعاف ما يحصل عليه الخمس (20% الأكثر فقراً).‏

في ضوء ذلك تطالب تقارير الأمم المتحدة بتوجيه الإنفاق في خطط التنمية للتركيز على ما يطلق عليه الخدمات الاجتماعية الأساسية التي تتوزع بطبيعتها توزيعاً أكثر عدالة بين مختلف فئات السكان, فلقد أثبتت البحوث مرة أخرى أن الفارق ينعدم بين استفادة الأكثر ثراء والأكثر فقراً فيما يتعلق بمعدلات الاستفادة من التعليم الابتدائي, أما بالنسبة للرعاية الصحية الأولية فإن الفارق في الاستفادة بين الأكثر ثراءً والأكثر فقرا ليس كبيراً (21% مقابل 16% على التوالي) ومن هنا فإن خبراء الأمم المتحدة يؤكدون على أهمية الخدمات الاجتماعية الأساسية لأن الاستثمار في هذه الأنواع من الخدمات التي تستفيد منها مختلف الفئات الاجتماعية بالتساوي يزيد من المردود الاجتماعي ويخفض معدلات الفقر, ويرفع مستوى قدرات الفقراء, وهذه كلها عوامل أساسية لدفع النمو الاقتصادي وكسر دائرة الفقر, ذلك أن الفقر يعني أن أهم مورد من موارد التنمية- البشر أنفسهم لم يتم استثماره بشكل كاف.‏

- هل تتحسن الصورة مستقبلاً؟‏

هل ينعم الإنسان في القرن الواحد والعشرين بكل إنجازاته بحياة أفضل فيذهب الطفل إلى المدرسة ويجد العجوز رعاية صحية ويتوافر للجميع وجبة غذاء وملبس يستر الجسد؟.‏

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...