كيف يعمل منتدى الشرق الأوسط لتسويق العداء ضد سوريا

01-02-2007

كيف يعمل منتدى الشرق الأوسط لتسويق العداء ضد سوريا

الجمل: المسافة الفاصلة في لبنان بين (الواقع القائم)، وبين (ما ينبغي أن يكون عليه) هذا الواقع، ماتزال مسافة كبيرة، وقد تضافرت عدة أسباب في حدوث هذا البون الشاسع. فلبنان بلد عربي يقع في واحدة من أكثر مناطق العالم خطورة، وبالتالي يتوجب على دوائر صنع واتخاذ القرار اللبناني أن تدرك هذا الوضع، بحيث تضع وتخطط وتنفذ السياسات الأكثر كفاءة وفعالية في حماية أمن وسلامة لبنان خصوصاً وبقية المنطقة عموماً.
السياسة علم سلوكي يركز على تقييم ومعايرة البدائل. وعملية التقييم والمعايرة السياسية تتم وفقاً للضوابط الجيو-سياسية القائمة، والتي تمثل الثوابت التي لا يمكن للسياسيين تجاوز سقفها، وتأسيساً على هذه الثوابت الجيو-سياسية يمكن القول: إن لبنان تربطه حدود مع سوريا ومع إسرائيل ويطل على البحر الأبيض المتوسط، وهذه الثوابت الثلاثية لا يمكن تغييرها.. وبالتالي سوف يكون أمام السياسيين اللبنانيين المفاضلة والمعايرة لوضع خيارات وتوجهات السياسة الإقليمية اللبنانية: خيار التعاون أم خيار الصراع، أم خيار الحياد وتحديد العدو من الصديق.
كل معطيات الخبرة التاريخية تقول وتؤكد وقائعها وأحداثها أن العدو هو إسرائيل.. لكن برغم ذلك، يتصاعد الخلاف بين السياسيين اللبنانيين بين فينة وأخرى، حول الموقف من إسرائيل وأمريكا، واللتان يعرف ويفهم حتى الأمريكيين والإسرائيليين بأنهما تستهدفان لبنان ليس بالسياسة والاقتصاد، وإنما بالحديد والنار.
تبرعت جماعة المحافظين الجدد بتكوين ما أطلقت عليه الإدارة الأمريكية (اللجنة الأمريكية لتحرير لبنان)، وأيضاً كون المحافظين الجدد (منتدى الشرق الأوسط)، الذي تركز فعالياته حصراً على قضايا الشرق الأوسط بتركيز خاص على سوريا، لبنان، وإسرائيل.
يصدر منتدى الشرق الأوسط تقرير ربع سنوي ، يركز على قضايا الشرق الأوسط، وقد نشر المنتدى على موقعه دراسة أعدتها مجموعة دراسة سوريا ولبنان، التي يشرف عليها دانيال بيبيز واللبناني زياد عبد النور.
تمثل الدراسة محاولة بارزة في مجال (صناعة المبررات والذرائع) الهادفة إلى تقديم السند الفكري والفعلي لأطروحات تسويق العداء ضد سوريا.
احتوت الدراسة على العديد من المغالطات والأفكار التي تم إعدادها وبرمجتها بهدف تسميم العقول، وعلى سبيل المثال تقول فقرة حملت عنوان (التهديدات)، بأن وضع لبنان التاريخي مأوى وملاذاً للأقليات المضطهدة قد انعكس في طوائفه الدينية التسعة عشر والمعترف بها رسمياً، والتي (يرتبط) كل منها بالشعوب الموجودة خارج لبنان.
ثم تبدأ الدراسة بعد ذلك في إسقاط فكرة (الارتباط) هذه على الطوائف اللبنانية، محددة النتائج الآتية:
- السنة يرتبطون مع الجزيرة العربية ومصر.
- الشيعة يرتبطون بالعراق وإيران.
- الدروز يرتبطون بسوريا وإسرائيل.
- المسيحيون الأرثوذكس اليونان يرتبطون باليونان والبلدان السلافية (مثل يوغسلافيا).
- الموارنة يرتبطون بقبرص وسوريا.
- الأقباط يرتبطون بمصر.
- الكلدانيون والآشوريون يرتبطون بالعراق.
- السيريان يرتبطون بشمال سوريا وجنوب تركيا.
- المسيحيون الملكيون يرتبطون بمصر وسوريا وفلسطين.
ونلاحظ هنا فكرة رد وإرجاع مكونات البنية الديموغرافية اللبنانية إلى عدة كيانات، بعد أن قام واضعو التقرير بالتمهيد لهذه الفكرة بالحديث عن موضع لبنان كمأوى وملاذاً للأقليات المضطهدة، والهدف من هذه الفكرة واضح جداً.. ويتمثل في إلغاء فكرة الأصل السوري للبنان، وذلك على النحو الذي يمهد لإعادة إنتاج تاريخ لبنان الاجتماعي تمهيداً لإعادة إنتاج تاريخه السياسي.
لقد خرج لبنان من عباءة سوريا، أو بالأحرى أخرجه الفرنسيون، ومن ثم فعندما انقسم لبنان وتم فصله عن سوريا، فقد انفصلت مع لبنان بنيته الديمغرافية والتي تمثل صورة مصغرة للمجتمع السوري الأم.
أشار التقرير أيضاً إلى الدروز في لبنان وقال بأنهم يرتبطون بالدروز في إسرائيل وسوريا، وكما هو معلوم فإن الدروز بشكل أساسي يمثلون مكوناً رئيسياً من مكونات الشعب السوري، وعندما تم فصل لبنان أصبح دروز لبنان امتداداً لدروز سوريا، أما الدروز في إسرائيل، فيرجع وجودهم بشكل أساسي إلى احتلال هضبة الجولان التي يقيمون فيها، لذلك لا يوجد دروز إسرائيليون، بل يوجد دروز سوريون في إسرائييل بسبب الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم. ونضيف إلى ذلك بأن إسرائيل تمثل كياناً مصطنعاً تم فرضه على المنطقة منذ حوالي 60 عاماً، وهي فترة غير كافية لإضفاء الطابع الإسرائيلي على الهوية الطائفية.
وعموماً نقول: مازال البعض يزعم أن التاريخ يكتبه الأقوياء، وقد حملت لنا كتب التاريخ المعلومات القائلة: إن الاسكندر الأكبر قام باحتلال آسيا الصغرى، وتعقيباً على ذلك تساءل أحد الطلاب (المشاغبين) وهل قام الاسكندر وحده باحتلال آسيا الصغرى، فأجابه الأستاذ: ليس وحده وإنما على رأس جيش ضخم، وهنا عقّب الطالب قائلاً: لماذا لا تقولون ذلك الآن.. وتحاول مراكز البحوث والدراسات التابعة للمحافظين الجدد كتابة تاريخ الشرق الأوسط، بما يتناسب مع المضامين التوراتية والتلمودية المستوحاة من كتابي المشنا والجمارا.. ورسائل ابن ميمون المعروفة بـ(دليل الحائرين)، وهم لا يفعلون ذلك حباً في الإله اليهودي (يهوه)، بل يكتبون التاريخ على النحو الذي يمهد لهم السبيل من أجل (صناعة التاريخ، وإعداد المستقبل الذي يريدونه.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...