«المقاومة السورية» تراهن على الشرعية والسلاح

27-10-2016

«المقاومة السورية» تراهن على الشرعية والسلاح

بتسارع كبير، ترتفع حدّة المُواجهات في حلب ومحيطها، من أقصى شمال المدينة حتى أقصى شرقها. معارك متداخلة ومُعقّدة على مستويات عدة تشهدها المنطقة الشمالية من سوريا، وسط صراع سياسي مُحتدم على التمدّد بداعي «محاربة الإرهاب».
فبينما أغارت مروحيات سورية للمرة الأولى على مواقع تابعة لفصائل «درع الفرات» المدعومة تركياً قرب منطقة سد الشهباء شمال حلب، تُتابع القوات السورية حشدها في مطار كويرس مع استقدام تعزيزات جديدة من قوات المُشاة لمعركة مُقبلة ذات هدفين رئيسيين نحو معاقل تنظيم «داعش» شمال شرق حلب وصولاً إلى الرقة، في وقت تُتابع فيه تركيا حشد قواتها نحو مدينة الباب باستقدام تعزيزات جديدة.
أكد مصدر ميداني أن المروحيات السورية التي أغارت على مواقع مُسلحي «درع الفرات» في قرية جيجان تبعها هجوم من قبل «قوات سوريا الديموقراطية» على تلتي جيجان ومضيق الواقعتين جنوب منطقة سد الشهباء، بعد انسحاب «درع الفرات» منها. وأشار المصدر إلى أن العمليات الأخيرة لـ «قسد» جاءت بالتنسيق مع الطيران السوري الذي مهّد لهذا التقدّم والذي يهدف إلى قطع الطريق على الأتراك نحو مدينة الباب.
الغارات السورية لم تلق ردّ فعل كبيراً من الجانب التركي الذي اكتفى بتأكيد وقوع الغارات، فيما رفع الرئيس التركي من وتيرة تصريحاته بالتأكيد أن «مدينة الباب هي الهدف القادم لنا لا حلب»، وفق تعبيره، مضيفاً في خطبته التي ألقاها خلال اجتماع للمخاتير في أنقرة أن «هذه المناطق في قلوبنا»، في تأكيد جديد على الأطماع التركية في الشمال السوري، محيداً في الوقت نفسه مدينة حلب من دائرة الأهداف بعد توسيع الجيش السوري دائرة طوق حماية المدينة من الجهة الجنوبية.
وإلى جانب اردوغان، خرج وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو بتصريح يؤكد من خلاله أن الهدف المقبل بالنسبة لتركيا هو مدينة الباب، وذلك لتجاوز عقبة الاشتباكات الأخيرة مع الأكراد بعد إلغاء العملية التركية نحو مدينة تل رفعت. ويبدو جلياً أن تركيا دخلت السباق نحو الباب بهدف تأمين بوابة جيدة للمُشاركة في معركة الرقّة التي أعلن عنها وزير الدفاع الأميركي اشتون كارتر، الذي أكد أن التحضيرات جارية لإطلاق معركة عسكرية لتحرير مدينة الرقة بالتوازي مع معركة الموصل، وذلك بهدف استبعاد الأكراد من العملية وتقديم الفصائل المدعومة تركياً كبديل لها.
المتحدّث باسم «المقاومة الوطنية السورية» ضدّ تركيا وعضو «مجلس سوريا الديموقراطية» ريزان حدو شدّد، على أن «المقاومة تشهد نمواً كبيراً خلال هذه الفترة مع استمرار انضمام المجموعات إليها»، مشيراً إلى أن «مجموعات قدمت من السويداء انضمت للمقاومة أخيراً»، مُطالباً في الوقت ذاته بـ «زيادة الدعم للمقاومة في النطاقين العسكري والسياسي عبر تقديم الشرعية للمُقاومة، فنحن لا نُريد أن نقاتل من دون غطاء سياسي»، شارحاً أن «المطلوب من الخارجية السورية أن تعتبر التدخّل التركي عدواناً في الأمم المتحدة وبالتالي نحصل على الشرعية والغطاء السياسي».
وإذا تلقّت «المقاومة» تسليحاً ودعماً نوعياً، يرى حدو أن «العدوان التركي سيندحر من الأراضي السورية»، ويرفع من مستوى الطموح إلى «استعادة لواء اسكندرون والصلاة في جوامعه»، في إشارة منه إلى التصريح الشهير للرئيس التركي اردوغان الذي وعد، قبل نحو ثلاثة أعوام، بالصلاة في الجامع الأموي في دمشق.
الجيش السوري، إلى جانب عملياته على المحور الجنوبي بعد إفشاله للهجوم الذي كان متوقعاً من قبل مُسلّحي «جيش الفتح»، ومع استمرار تقدّمه لتطويق مدرسة الحكمة ومشروع 1070 إثر الالتفاف الأخير والسيطرة على تل بازو، يُتابع حشد قواته في مطار كويرس العسكري شرق حلب، حيث ذكر مصدر ميداني أن مشاة تابعين لـ «صقور الصحراء» نُقلوا أيضاً إلى المطار، بعد يومين على نقل قطع من الفرقة الأولى مُدرّعات إلى المطار ضمن عمليات الاستعداد لمعركة الباب المنتظرة. وفي هذا السياق، ذكر مصدر عسكري أن قوات الجيش السوري باتت تقريباً جاهزة لإطلاق المعركة التي تسير إلى جانب الحراك السياسي، موضحاً أن مسار العمليات يهدف إلى مدينة الباب وقرية تادف التي تُمثّل البوابة نحو مدينة الرقة.
ويعمل الجيش السوري بالتعاون مع روسيا والحلفاء على وضع اللمسات الأخيرة لإطلاق معركة «الباب» التي توقّع مصدر ميداني أن تكون «كبيرة وطاحنة» كون تنظيم «داعش» قد تحصن جيدا في المدينة، إضافة إلى انتقال عدد كبير من عناصره من مواقع ريف حلب الشمالي إلى الباب. وبحسب المصدر، يعمل الجيش السوري على تنمية قدرات «المقاومة السورية» أو قوات «قسد» في الوقت الحالي، عن طريق الدعم الذي قدّمه أخيراً لها، بهدف منع القوات المدعومة تركياً من تحقيق أي تقدّم فعلي نحو مدينة الباب، الأمر الذي يبعد احتمالية المُواجهة المباشرة بين قوات الجيش السوري والقوات التركية التي تعمل على الأرض إلى جانب فصائل «درع الفرات».
يرى العميد المتقاعد تركي الحسن، أن العملية العسكرية المُرتقبة للجيش السوري باتت ضرورية في الوقت الحالي، خصوصاً مع إعلان واشنطن التحضير لمعركة الرقة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن «المعركة من شأنها الحفاظ على وحدة الأرض السورية». ويربط العميد المتقاعد بين موعد إطلاق العملية، التي ترغب روسيا بخوضها منذ مدة طويلة، والمتغيّرات السياسية التي يشهدها ملف مدينة حلب، خصوصاً مع اقتراب حسم قضية الأحياء الشرقية المُحاصرة في الوقت الحالي، والتي ينتظر أن يُثمر حصارها بإخراج المُسلحين، بعد إفشال جميع مُحاولات تقدّم للفصائل المُسلّحة من المحور الجنوبي للمدينة، وحتى المحور الشمالي إثر الغارات العنيفة والمُركّزة التي نفذّها سلاحا الجو السوري والروسي على مواقع عدة للمُسلّحين في قرى في الريف الشمالي المحاذي لمواقع الجيش السوري.

علاء حلبي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...