«معرض الخريف السنوي» نهاية العيش المشترك بين السوق واللوحة!

30-11-2016

«معرض الخريف السنوي» نهاية العيش المشترك بين السوق واللوحة!

تموّه اللوحة التشكيلية نفسها في قلب المدينة العريقة، سالكةً الطريق بين محالّ قمر الدين وعرق السوس والفستق الحلبي وحوانيت العطارة، نحو سوق (البزورية) الدمشقي الذي بدا وكأنه يموج بحركة الباعة وتجار الجملة والمفرّق، على عكس مئات اللوحات التي سيعيدها فنانوها إلى مراسمهم الباردة بعد انتهاء فترة العرض، من أجواء المعرضفما الذي سيفعله التشكيل هنا في عمق البلدة القديمة؟ وبرغم احتشاد أكثر من مئة وأربعين فناناً وفنانة لعرض أعمالهم في النحت والتصوير والغرافيك في (معرض الخريف السنوي ـ خان أسعد باشا) ـ ما هو مصير هذا الحجيج التشكيلي في سوق المربيات والأقمشة والمجوهرات؟
 الأعمال التي تزاحمت بضيق واضح على جدران «الخان» العتيق هي أيضاً ظهرت وكأنها تطلب حصتها من حركة السوق وحيويته في الخارج، فلم يعد الفضاء هنا سجناً عثمانياً أو فرنسياً كما كان في مرحلة الانتداب بداية القرن الفائت، بل تحول إلى ملتقى سنوي يلوذ بنوافيره وفسحاته السماوية ما بقي من فنانين من جيلَي الشباب والمخضرمين أصرّوا على نحت تماثيلهم ورسم لوحاتهم تحت نيران الحرب.
تكريم
 نعيم شلش وممدوح قشلان وأسماء فيومي كرّمتهم وزارة الثقافة بعد كل هذه السنوات، كانوا حاضرين هناك إلى جانب أعمالٍ لهم ولرفاقهم سعد يكن وزهير حسيب ولجينة الأصيل وآخرين دعتهم شخصيا مديرية الفنون الجميلة، واضعةً أعمال هؤلاء في الواجهة لإنقاذ سوية المعرض كما أكد لنا عضو لجنة تحكيم هذه الفعالية الفنان والناقد طلال معلا، مضيفاً: «الإصرار على استمرار هذا المعرض يأتي كخوف من انقطاع فيه يؤدي إلى غيابه، ما سيشكل قطعاً في الذاكرة البصرية الوطنية، لكن هذا لا يعني أن المعرض لا يعاني من إشكاليات عديدة، فالأعمال التي قُدِمت كانت دون المأمولة من الوسط التشكيلي السوري، وهناك انحسار للتجارب الاحترافية بشكل واضح».
الإصرار على وجود هذا المعرض مهما يكن يصفه معلّا، بالحالة الإيجابية موضحاً: «بالمقابل يجب تحسين العلاقة بين المؤسسة والفنانين، وهذا مرتبط بجانب الاقتناء الذي يتم تضييقه أكثر فأكثر من عام لآخر، وبالتالي أصبح الفنان مجرد حالة تزيينية وليس حالةً معتمدة، على هذا المستوى ما الذي سيتبقى من هذا المعرض في ذاكرة التشكيل الوطني لعام 2016؟».
مفاجأة غير سارّة
 تضييق نسبة اقتناء الأعمال أتت هي الأخرى مفاجأة غير سارّة للمشاركين بعد أن كان البينالي الشامي يُقتنى برمته من قبل مديرية الفنون، ليقتصر في دورته الحالية على انتقاء بعض الأعمال. هذا القرار المفاجئ أتى بعد اكتظاظ المستودعات بآلاف اللوحات والتماثيل التي اقتنتها مديرية الفنون منذ انطلاقة الشكل الأول لهذه التظاهرة عام 1950 في صالة المتحف الوطني.
لكن على أي معايير سيتم الاقتناء لهذا العام؟ الناقد سعد القاسم عضو لجنة التحــكيم يجيب عن هذا السؤال: «المديرية ستقوم باقتناء الأعمال التي تملك قدراً من الجِدّة، إضافة إلى أعمال ليس لدينا نسخة منها في المستودعات».
12 مليون ليرة سورية هي الميزانية التي خصصتها مديرية الفنون لشراء أعمال معرضي الربيع والخريف، لكن القيمة الشرائية لهذا المبلغ انخفضت اليوم لعشرة أضعاف بعد الحرب وتدهور الليرة السورية، لتصل إلى ما يعادل (24 ألف دولار أميركي) ما فاقم أعباءً إضافية على كاهل وزارة الثقافة، وجعل الباب مفتوحاً على هجرة الفنانين إلى صالات الخارج، ودخول أعداد كبيرة من الهواة والمبتدئين على فضاء الفعالية الرئيسية للتشكيل في البلاد، ليكون غياب تجارب ما بعد الحداثة وما بعد المعاصرة، والمراوحة عند لوحة الحامل من أبرز سمات الأعمال المشاركة، فيما تستمر جدران (خان أسعد باشا) بحجارتها السوداء والبيضاء في التشويش على أعمال أخرى؛ كان يمكن لها أن تُشاهد بشكلٍ أفضل لو ظفرت بفضاء أكثر رحابةً وتنظيماً.

(دمشق)
يستمر في «خان أسعد باشا» إلى 10 كانون الأول).

سامر محمد اسماعيل

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...