المياه حول المتوسط: ندرة وسوء إدارة وقلة وعي

09-12-2016

المياه حول المتوسط: ندرة وسوء إدارة وقلة وعي

يغطّي البحر الأبيض المتوسط مساحة قدرها 2.6 مليون كم2. وتشكل البلدان الثلاثة والعشرون والقارات الثلاث ذات الحدود المشتركة معه (بما في ذلك الدول الجزرية) شريطاً ساحلياً طوله نحو 46 ألف كم. يبلغ متوسط عمق البحر 1500 م، ويصل الى 5267 م عند أعمق نقطة له في البحر الأيوني جنوب اليونان. الدول المطلة على البحر هي: البانيا، الجزائر، البوسنة والهرسك، كرواتيا، قبرص، مصر، فرنسا، جبل طارق، اليونان، فلسطين، إيطاليا، لبنان، ليبيا، مالطا، موناكو، الجبل الأسود، المغرب، سلوفينيا، اسبانيا، سوريا، تونس وتركيا. وتشكل أنهار الرون، بو درَن - بوجانا، النيل، نيريتفا، ايبرو، التيبر، أديجي، سيحان وجيجان أكبر عشرة أنهار مساهمة في البحر. يُعتبر حوض نهر النيل أكبر الأحواض غير أنه يساهم بنسبة 3 في المئة فقط (15 كلم3 سنوياً) من المياه العذبة التي تصب في البحر، بينما تعود معظم المياه العذبة التي تصبّ في البحر الى المناخ الأوروبي ذي المياه الوفيرة فعلى سبيل المثال، يتيح تدفق نهر الرون في فرنسا نسبة 12 في المئة من المجموع.
ترد هذه المعطيات في تقرير «المياه حول البحر الأبيض المتوسط» الصادر عن المنظمة غير الحكومية «Revolve water» خلال فعاليات المنتدى الدولي «دمج الاستدامة وريادة الأعمال - نحو مستقبل مستدام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا - أمواج» الذي عقد في عمان أواخر الشهر الماضي من تنظيم منظمة «ريفولف ووتر» وشركة «PepsiCo». شارك في كتابة التقرير صحافيون وخبراء من المنطقة ويتضمن التقرير مقالات وتحقيقات صحافية متخصّصة وخرائط ورسوم بيانية.
زاد عدد سكان بلدان المتوسط من 276 مليون في العام 1970 الى ما يقارب 500 مليون اليوم. ويشكل حوض المتوسط أكبر مقصد سياحي في العالم إذ يجذب نحو ثلث سياح العالم (310 مليون من أصل مليار)، وتمر أكثر من 75 في المئة من حركة النقل البحر العالمي عبر البحر المتوسط. يعتبر المعدل الطبيعي لاستبدال المياه في البحر بطيئاً جداً، غير أن زيادة البطء في السنوات الأخيرة يعود الى الآثار البشرية والمناخية. فعلى سبيل المثال انخفضت نسبة تدفق المياه العذبة الى المتوسط بنحو 20 في المئة بين عامي 1960 و2000، بسبب انخفاض معدل هطول الأمطار، وبناء السدود وزيادة استخدام المياه من الأنهار التي تصب فيه.
تشرح ناشرة التقرير والصحافية المتخصصة في شؤون المياه الدكتورة فرانشيسكا دو شاتيل ان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط هما أكثر منطقتين تعانيان ندرة المياه في العالم. انخفض معدل توافر المياه للفرد سنوياً في المنطقة من 2,925 متر مكعب في العام 1962 الى 743,5 في العام 2011، وينخفض المعدل إلى دون ألف متر مكعب في 15 دولة عربية. وستكون إمدادات المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفق الأمم المتحدة بحلول العام 2025، 15 في المئة فقط مما كانت عليه في العام 1960، وتعيش نسبة ستين في المئة من أكثر السكان فقراً بالمياه في العالم (متاح لهم أقل من ألف متر مكعب من المياه للفرد سنوياً) في منطقة البحر المتوسط. تلفت شاتيل الى اختلاف في تحديات المياه بين الدول العربية، فمنها ما يعاني نقصاً في الموارد مثل الأردن، أو منها ما يعاني سوءاً في إدارة المياه ومنها لبنان اذ تعود نسبة خمسين في المئة من هدر المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الى شبكات المياه المهترئة والقديمة.
تواجه المنطقة تحديات في نمو عدد السكان، وفي ارتفاع عدد اللاجئين جراء الحروب. تكشف الأرقام أن الأردن هو واحد من الدول الخمس الأفقر بالمياه في العالم، وأن المياه في المملكة العربية السعودية قد تنفد تماماً بحلول العام 2029 إن لم يكن هناك إصلاح جذري في الممارسات الزراعية ومعالجة أنماط استهلاك كميات كبيرة من المياه في جميع انحاء البلاد. تخصص نسبة 88 في المئة من الموارد المائية في السعودية الى قطاع الزراعة بينما يساهم القطاع بـ2 في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي. تعتبر شاتيل أن مسألة المياه لم تنل الاهتمام الكافي على جدول الأعمال السياسي نظراً لانعدام الاستقرار والصراع العنيف وانعدام الأمن الاقتصادي والسياسي في المنطقة، حيث ما زال الأشخاص غير مدركين خطورة الأزمة وأسبابها وآثارها على المدى الطويل.
من جهة أخرى، تواجه الصحافة المتعلقة بمواضيع المياه، وفق شاتيل، تحديات عدة ومنها: تعقيدات المسألة وارتباط المياه بنواحٍ عدة اجتماعية واقتصادية وزراعية وغيرها، وصعوبة الحصول على معطيات دقيقة، وعلى حقائق خصوصاً في ظل رقابة بعض الدول باعتبار أن المياه مسألة حساسة. في المقابل يلعب الإعلام دوراً في رفع الوعي، وتغيير السلوك، وتوفير المعلومات، وتسليط الضوء على سوء إدارة المياه وغيرها.

ملاك مكي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...