ماذا تعني أستانا عند السوريين؟!

25-12-2016

ماذا تعني أستانا عند السوريين؟!

عاد الحديث عن الحوار من أجل إيجاد صيغة للحل في سورية إلى الصدارة بعد معركة حلب ونتائجها ، التي غيرت كثيرا من المعطيات، في هذا الحديث تبرز مدينة “أستانا” الكازاخية كمصطلح جديد يضاف إلى جنيف وفيينا..
بل إن الحديث السياسي تعاطى من “أستانا” على أرضية أن الاسم والمعنى ليسا غريبين عن الذاكرة الجمعية السورية، بل إن أحد السياسيين قال دون تدقيق إنهم يريدون العودة لأيام الباب العالي، وكان الباب العالي تاريخيا يدل على عاصمة السلطنة العثمانية التي كان اسمها أيضا” الأستانة”!!
ربما كانت الفكرة من عقد مؤتمر حوار للحل السوري في مدينة أستانا الكازاخية فكرة عرضية، وعلى ذلك فلا حاجة للحديث عنها وعن معانيها ، فأستانة قد تشبه جنيف أو فيينا أو القاهرة أو موسكو كمكان للتفاوض، ولكنها هنا تحمل شيئا من الطرافة السياسية لأن السوريين تداولوا الاسم سريعا، ولم يبحث أحد عن معناه، بل ويكفي أن نردد عبارة ” مفاوضات في مدينة ما” حتى تصبح المدينة محطة كمحطات قطار الزبداني التي غنى له مطرب شعبي سوري معروف : صفر صفر يابابور وخدنا ع الزبداني!
إذن ، هل يقول السوريون للقطار : خدنا ع أستانا؟!
أستانا، هي عاصمة كازاخستان، وهي مدينة صغيرة في حسابات المدن والعواصم التي تنتشر في عالم السياسة والاقتصاد، إلا أنها عاصمة لتاسع أكبر دولة في العالم لأن مساحتها تقارب مساحة غرب أوروبا أي :2.7 مليون كيلومتر مربع. ومن المفيد القول أن أستانا نالت من منظمة اليونيسكو الدولية لقب مدينة السلام، ومعنى اسمها اللغوي : العاصمة!
عندما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن اختيار أستانا كمكان للحوار، ربما كان يعرف أنها تحمل مداليل كثيرة في سياق الأزمة السورية، وإذا كان يحترم دورها في الوساطة بينه وبين الأتراك، فإنه أيضا يعرف أن تكوينات كازاخستان هي من التنوع بحيث تذكر بالتكوينات السورية التي يسعى كثيرون لتفكيكها، بينما في كازاخستان تقدم هذه التنويعات نموذجا حضاريا .
وسأقتبس هنا معطيات صحفية عن أستانا تقول: إن الكازاخيين جعلوا الأسطورة واقعاً حين شيدوا برج شجرة الحياة، والذي يمثل رمز التحول والتغيير الذي تشهده العاصمة. وفي قمته وعلى ارتفاع 100 متر شكل رمزي لبيضة السمروك، وهو طائر السعادة الأسطوري، ومن داخل هذه البيضة تظهر لك أستانا بالكامل.
جميل هذا الكلام، وشاعري بالنسبة للسوريين، وخاصة عندما يعرفون أنه وليس ببعيد عن برج شجرة الحياة هذه، يوجد هرم للسلام، وله اسم يثير الراحة النفسية هو: ” قصر السلام والمصالحة”
وقصر السلام والمصالحة الكازاخي في أستانا هو المكان الذي يلتقي فيه ممثلو الديانات الكبرى يجتمعون داخله لمناقشة كيفية نشر السلام والوئام والتعايش بين الديانات.
هل تأتي هذه المعطيات بالصدفة، وهل سيفكر السوريون المتعارضون والمتحاربون بمعانيها؟ وإلى أي حد تنطبق المعطيات على ذاكرتهم الجمعية والثقافية السياسية لتؤثر في المفاوضات ؟!
هذا سؤال مهم، والمكان عادة يمكن له أن يقدم المعطيات اللازمة للتقارب، وحبذا لو قدمت هذه المعطيات للمتفاوضين، الذين يتوقع أن يحمل كل منهم حقيبة تحكي عن الميدان والاستسلام والربيع العربي مكسور الشوكة!
في مقال نشرته صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية حول مقترح الرئيس بوتين بجعل أستانا ساحة للحوار بين الحكومة السورية والمعارضة، نقلت الصحيفة عن المكتب الاعلامي للرئيس الكازاخستاني نور سلطان نزاربايف تأكيده “أن كازاخستان منذ البداية دعمت الجهود الدولية الرامية إلى التسوية السلمية للنزاع السوري”.كما نقلت الصحيفة عن رئيس مركز الدراسات العربية والإسلامية في معهد الاستشراق فاسيلي كوزنيتسوف، في معرض تعليقه على فكرة استئناف المفاوضات في كازاخستان، قوله إن ” أستانا لها خبرة في العمل مع قوى سورية مختلفة. كما أن العلاقات الروسية – الكازاخستانية إيجابية ولم تعكرها أي صعوبات تذكر”.أما رئيس معهد الدين والسياسة ألكسندر إيغناتينكو فيقول إن أستانا هي أفضل مكان للحوار السوري–السوري بعد تحرير مدينة حلب،..
ومن محاسن الصدف، أن أستانا في كازاخستان، هي قرينة مدينة ((الأستانة)) التركية، التي كان يسميها العرب ((الباب العالي)) لما لأهمية لها في اتخاذ القرار، و”الأستانة” (بالتركية العثمانية: استان وهي كلمة فارسية من معانيها «العاصمة» أو «مركز السَّلْطَنة»..

 


عماد نداف:بوابة الشرق الأوسط

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...