تورط نائب رئيس مجلس الدولة بمصر في أكبر قضية رشوة

02-01-2017

تورط نائب رئيس مجلس الدولة بمصر في أكبر قضية رشوة

قضية "الرشوة الكبرى" في مجلس الدولة المصري، التي تفجرت منذ الثلاثاء الماضي وتورط فيها نائب رئيس مجلس الدولة تشغل الأوساط المصرية كافة.
وقد بدا واضحا أن القضية لن تتوقف عند مدير إدارة المشتريات بمجلس الدولة، والذي تم ضبطه وبحوزته نحو مئتي مليون جنيه مصريا "سائلة" ضبطت بمسكنه، بل امتدت لتشمل آخرين، أبرزهم المستشار "وائل شلبي" نائب رئيس مجلس الدولة، الذي تقلد في وقت سابق منصب "الأمين العام" للمجلس.

خطورة القضية وأبعادها المرتقبة وفي ظل ما يتردد عن احتوائها "أسماء بارزة لنواب وقضاة وشخصيات عامة ورجال أعمال" هي التي دفعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للحديث عن دور الرقابة الإدارية في ضبط المرتشين بمجلس الدولة، وإشارته إلى أن فساد البعض لا يعني فساد الجهات التي يعملون بها، ملمحا بذلك إلى "مجلس الدولة" الكيان القضائي العريق.

كانت نيابة أمن الدولة العليا، برئاسة المستشار خالد ضياء، المحامي العام الأول للنيابات، أمرت الثلاثاء الماضي بحبس جمال الدين محمد إبراهيم اللبان، مدير عام إدارة التوريدات والمشتريات بمجلس الدولة، 4 أيام على ذمة التحقيقات، التي استمرت لنحو 8 ساعات، في واقعة اتهامه بتقاضيه رشا، ووجهت له النيابة التهم بصفته موظفا عموميا، بعد أن طلب وأخذ لنفسه عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته، وواجهته بتحريات الرقابة الإدارية والمكالمات الهاتفية المسجلة.

على الفور، أعلنت الإدارات المعنية بمجلس الدولة حالة الاستنفار القصوى بعد ضبط جمال الدين اللبان مدير عام المشتريات والتوريدات بقضية الرشوة، وأكد المجلس أنه سيفحص كافة الأوراق والمستندات التي كانت في عهدته، بعد أن ألقت هيئة الرقابة الإدارية القبض عليه بتهمة تلقى رشوة وبحوزته 24 مليون جنيه مصري و4 ملايين دولار و2 مليون يورو ومليون ريـال سعودي، موضحة أن المجلس سيراجع كافة المعاملات التي قام بها المتهم قبل القبض عليه، لبيان مدى قانونية هذه التعاملات، فضلا عن مراجعة ملفه منذ تعيينه بالمجلس، وحتى القبض عليه.

وذكر أن المتهم أوُقف عن العمل لحين انتهاء التحقيقات معه أمام جهات التحقيق، مشيرا إلى أن جميع الأوراق والمستندات لدى المتهم تم التحفظ عليها، ذلك في الوقت الذي أكدت فيه المصادر أن المتهم مسؤول عن جميع التوريدات والمشتريات والتعاقدات بالمجلس، كما أنه مسؤول عن تجهيز جميع مقرات مجلس الدولة بالمحافظات بدءاً من السجاد والأجهزة الكهربائية والتكييف وفرش المكاتب وحتى طباعة الأحكام، وأن كل مستشار بالأقاليم يتقدم بطلب بالتزامات يطلبها المقر، وأنه على "جمال اللبان" المتهم بالرشوة توفيرها، ما خلق له مساحة كبيرة من التحرك والفساد.

وسط حالة الجدل التي أصابت المصريين، بعد ضبط المبالغ النقدية، بعملاتها المختلفة في مسكن المتهم، راحت الرقابة الإدارية تكشف جانبا من الأبعاد الخافية للقضية، حيث كشفت عن "أسماء بعض مقدمي الرشوة والوسيط في قضية رشوة مدير عام إدارة المشتريات بمجلس الدولة، وهما مدحت عبد الصبور ورباب أحمد عبد الخالق، والصادر بحقهما قرار من المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا الأربعاء الماضي، بحبسهم لمدة أربعة أيام، مع جمال الدين محمد إبراهيم اللبان في اتهامات تتعلق بتقاضي وتقديم رشوة.

وواجهت النيابة خلال التحقيقات المتهمين بتحريات هيئة الرقابة الإدارية بشأن تلك القضية، وما يتعلق منها بتقاضي الرشوة، وتقديم باقي المتهمين هذه الرشوة إليه مقابل إخلاله بواجبات وظيفته، كما تم أيضا مواجهتهم بالمبالغ المالية، التي عثر عليها بحوزة المتهم جمال اللبان بمنزله ومواجهته باعترافات مقدم الرشوة، والمبالغ المالية التي كان قد تحصل عليها فى صورة رشوة، كما أمرت النيابة بتحريز المبالغ المالية التي تبين أنها متواجدة داخل 6 حقائب مملوءة بالعملات المصرية والأجنبية، ومشغولات ذهبية، وعمل التحريات الأزمة حول كيفية حصول المتهم على المبالغ المالية المضبوطة ومصادر دخله.

وجاءت المفاجأة المدوية فيما أعلنته هيئة الرقابة الإدارية مساء السبت عن ضبط أمين عام مجلس الدولة المستشار وائل شلبي، تنفيذا لقرار النائب العام بشأن اتهامه في قضية الرشوة الكبرى، المتهم فيها جمال اللبان و2 من أصحاب الشركات الخاصة.

وكان المجلس الخاص بمجلس الدولة "أعلى سلطة إدارية بمجلس الدولة"، أصدر قرارا بقبول استقالة الأمين العام للمجلس المستشار وائل شلبي، تجاوباً مع الطلب المقدم من النائب العام المستشار نبيل صادق في الحادي والعشرين من شهر ديسمبر/كانون أول المنصرم، كما قرر المجلس تعيين المستشار فؤاد عبد الفتاح للاطلاع بمهام منصب الأمين العام.

وقرر المجلس تشكيل لجنة برئاسة المستشار ياسر الكرديني نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية ممثل عن وزارة المالية وممثل عن الجهاز المركزي للمحاسبات وبعض العاملين بإدارة التفتيش الإداري بمجلس الدولة، لفحص كافة المستندات الخاصة بجميع العقود التي أبرمها مجلس الدولة خلال 5 سنوات ماضية للوقوف على مدى مطابقتها للقانون، وذلك وسط اتهامات تتردد بقوة حول وجود تجاوزات عديدة في قطاع المشتريات خلال السنوات الخمس الماضية، وهو ما أكده مجلس الدولة في البيان صادر عنه، أنه لا يتستر على أي فساد أو فعل يشكل مخالفة للقانون مهما كان من ارتكبه.

وكانت المفاجأة الأكبر، أن تفجّر قضية الرشوة الكبرى تم في نفس اليوم الذي كان يجتمع فيه ممثلو إدارات أندية الجهات والهيئات القضائية بنادي القضاة المصري، لبحث سبل التصدي لمشروع قانون يجري تداوله في مجلس النواب، يضع حق اختيار رؤساء هذه الجهات والهيئات في يد رئيس الجمهورية وحده، بدلًا من قاعدة الأقدمية المعمول بها حاليًا، تم ذلك في نفس اليوم الذي كان الرأي العام المصري فيه مشغولًا بمتابعة صور ومقاطع فيديو لحقائب مملوءة بملايين الجنيهات والدولارات واليوروات وغيرها من العملات الأجنبية، والمشغولات الذهبية، المضبوطة بمنزل أحد موظفي مجلس الدولة المتهم بالرشوة.

محمود بكري

روسيا اليوم

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...