ديميريل يتحدى أردوغان

06-05-2006

ديميريل يتحدى أردوغان

هي نفسها الحكاية التي لم تعرف خاتمة بعد: تركيا القوية بقدرات أبنائها والمهمة بموقعها الإقليمي والدولي لا تزال تغرق في شبر ماء الحجاب، تركيا الباحثة عن أدوار إقليمية، والمهددة بمشكلات الجوار، تنشغل في جدل مثير حول قضية الحجاب التي خرجت من كونها حرية فردية، لتمس الأمن القومي ووحدة البلاد وطبيعة النظام.
أمس، خرج الرئيس السابق للجمهورية سليمان ديميريل بتصريح تلفزيوني سيدخل التاريخ. هذه الشخصية التي ارتقت درج السياسة متكئة على المناخ الإسلامي الذي أوجده رئيس حكومات الخمسينيات عدنان مندريس وكانت مدافعة بشدة عن ارتداء الحجاب في الستينيات، قادت، في المقابل، أشرس حملة للنظام ضد الإسلاميين بعد 28 شباط ,1997 وبقيادتها خاض المتشددون العلمانيون معركة لحظر ارتداء الحجاب داخل الجامعات.
اليوم يعود سليمان ديميريل ويدعو، في ما يشبه <الخيانة> للوطن وللناس، الطالبات المحجبات الى الذهاب للسعودية للدراسة، كأن السعودية، لا تركيا، هي وطنهم الأم، بل ذهب أبعد بتحديه رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان أن يلغي قرار حظر الحجاب إن استطاع الى ذلك سبيلا.
وقال ديميريل <هنا جامعات لها قوانينها التي شرّعتها المحكمة الدستورية ومجلس الشورى القضائي. أما إذا كانت المحجبة تريد الدراسة فهناك أماكن لذلك، ولتذهب إليها. في بلاد مثل السعودية توجد مثل هذه الأمكنة. اذهبي وادرسي هناك>.
واستكمل ديميريل كلامه بتحد سياسي لا يقل ابتزازاً لأردوغان: <أنا هنا أوجه نداء: لا ضرورة للسجال حول هذا وذاك. هيا أزل العقبات التي تقف أمام الطالبات المحجبات لدخول الجامعات. إذا كنت تملك القدرة الكافية أزلها. إذا لم تكفك قوتك فدع جانباً الحركات مثل البهلوانات الكاذبين. لست أنا الذي يقف ضد هذا الشأن. أقول لك أزل الموانع. الذي يقف بوجهك هو أنت. أنت لا تلغي هذه الموانع>.
لم يتأخر أردوغان في الرد، وهو الذي كان يتجنب الدخول في سجال مع ديميريل منذ وصوله الى السلطة عام ,2002 لكن الكيل يبدو أنه طفح مع أردوغان فتحدث أمام أعضاء حزبه العدالة والتنمية الثلاثاء الماضي قائلاً: <ألا لا يخرج أحد ويشير الى العنوان الذي يجب التوجه إليه لمن يدافع عن دينه وحرية فكره. إن مثل هؤلاء (ديميريل) مارسوا السياسة بموقف في الصباح وآخر مغاير في المساء. ألا لا يخرج أحد ويشير الى عنوان يتوجه إليه أبناء هذا الوطن. إن من يشير الى هذا العنوان (السعودية) عليه هو نفسه أن يذهب الى هناك. إن عنوان أبناء هذا الوطن واضح جدا: أراضي تركيا ذات ال780 ألف كيلومتر مربع. بأي حق تقول لأبناء هذا البلد أن يذهبوا الى السعودية؛ من أعطاك هذه الصلاحية. كيف يمكن لك أن تقول ذلك. أتحداك أن تنزل الى الميدان وسترى مصير هذه الأفكار. إن الأمة لم تنس السلطة المخلوعة لمثل هؤلاء. الأمة تعرفهم جيدا>.
ويضع معظم المراقبين <الحماوة> المتصاعدة حول قضية الحجاب في خانة <الخطوات الاستباقية> لمعركة رئاسة الجمهورية والانتخابات النيابية، والضغوط الراهنة تستهدف منع وصول أردوغان أو أي شخصية قيادية ذات منحى إسلامي من حزب العدالة والتنمية، زوجته محجبة، إلى رئاسة الجمهورية، عبر إثارة نقاشات وسجالات تخلق حساسيات وتوترات تُظهر للرأي العام أن وصول <إسلامي> الى رئاسة الجمهورية دونه انقسام وطني. ولن يسمح العلمانيون المتشددون، بسهولة، أن تخرج رئاسة الجمهورية من يدهم، ويعتبرونها صمام أمان لحماية الدستور والعلمانية من خطر <الرجعية>.
من الآن وحتى انتخابات رئيس الجمهورية بعد سنة، ينتظر أن تشهد تركيا المزيد من الصراع السياسي الحاد بين الإسلاميين والمتشددين من العلمانيين، حول خيارات النظام، وسيكون الحجاب، كالعادة، وقوده الأساس.

محمد نور الدين

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...