الإرهاب فرّق مسنين عن أبنائهم وأجبرهم على السكن في دور الرعاية

19-01-2017

الإرهاب فرّق مسنين عن أبنائهم وأجبرهم على السكن في دور الرعاية

لم يعتد الجزء الأكبر من السوريين في السابق على إرسال المسنين من أفراد عائلاتهم إلى دور الرعاية، لكن الحرب التي شنتها تنظيمات إرهابية بدعم من بعض الدول العربية والإقليمية والغربية منذ نحو ست سنوات لم تترك للكثيرين منهم أي خيار آخر.
ونقلت وكالة «أ ف ب» للأنباء، مشهد يصور سيدة مسنة تدعى ناز آشيتي، تجلس على حافة السرير بغرفتها في دار السعادة المكتظ بالمسنين بدمشق، تقلب في صور بناتها اللواتي اخترن الغربة هرباً من الحرب، تتأمل صورة كل واحدة على حدة وتتحسر على أيام تقضيها بعيداً عنهن.
وفي غرفتها، تقول ناز (85 عاماً) «جئت إلى هنا لأن منزلي انهار في مدينة دوما وأبنائي تهجروا كل منهم في بلد».
وتضيف: «بناتي مثلاً واحدة منهن تعيش في الأردن وأخرى في ألمانيا وثالثة في أربيل».
تحاول ناز قدر المستطاع أن تحافظ على نمط الحياة ذاته الذي اعتادت عليه في بيتها في مدينة دوما الواقعة تحت سيطرة المسلحين منذ العام 2012، حيث ترتب سريرها بنفسها وتضع وسادتها البيضاء فوق غطاء أحمر، وتقول: «كنت أرتّب منزلي في دوما بشكل يومي، وهنا أشعر أن هذا المكان منزلي وعليّ ترتيبه بنفسي».
تتحدر ناز من عائلة غنية في الغوطة الشرقية لكن الحرب أجبرت أبناءها على السفر خارج البلاد ما دعاهم إلى نقلها إلى دار السعادة، لتنضم إلى 140 آخرين يعيشون في دار للمسنين هو من بين الأكبر في دمشق.
وبعد تناولها الفطور في الصباح وتبادل الأحاديث مع جاراتها في الدار، تبدأ ناز بكتابة كل ما يجرى معها بانتظار مكالمة هاتفية من أحد أولادها تخبره فيها بحكاياتها.
وخلال الساعات التي تتوافر فيها الكهرباء، تجلس أمام التلفاز علها تسمع أخباراً جيدة، وتقول: «أتابع الأخبار دائماً لأطمئّن على منزلي في دوما وعلى أبنائي في بلدان العالم، أتأمل شاشة التلفاز علّي أرى شيئاً من الزمن الجميل».
وتتابع: «كنا نعيش معززين مكرمين في منزلنا، الخدمة هنا ممتازة والمكان دافئ لكني أشعر أني مذلولة بوحدتي، اتحسّر على الحالة التي وصلت إليها، لم أكن أتوقع أن امضي بقية عمري وأنا أتأمّل صور أبنائي وأتحسّر عليهم».
وحسب الوكالة، يعيش كل ثلاثة أشخاص في دار السعادة في غرفة واحدة فيها ثلاثة أسرة وتلفزيون ومدفأة وطاولة صغيرة، ويدفع سكان الدار شهرياً 120 دولاراً، أي ما يقارب (60 ألف) ليرة سورية، مقابل ما يتلقونه من خدمات تتضمن العناية الصحية والوجبات الغذائية.
وتخصص الدار الطابق الرابع للمسنين العاجزين عن دفع المستحقات المادية.
قبل اندلاع الحرب في سورية كانت دار السعادة تتلقى طلبات جديدة مرة أو مرتين شهريا، أما اليوم فلم يعد هناك أي سرير فارغ والطلبات تتوافد عليه يومياً.
وتنقل الوكالة عن المشرفة العامة على الدار والتي ساهمت في إنشاء الدار قبل 25 عاماً، لميس الحفّار (82 عاماً) قولها: «لا يوجد أي مكان شاغر في الدار، سوى في حال وفاة أحد المسنين».
وتضيف الحفار التي تتنقل بين غرف الدار، تتفقد الطعام وتعطي تعليماتها للطباخ بتقليل الملح بسبب الأمراض التي يعاني منها المسنون: «لائحة الانتظار طويلة ومتجددة بشكل يومي، بعد الحرب زادت الطلبات كثيراً لكننا لا نستطيع تلبيتها جميعها، وبات الحصول على سرير حلماً لكثير من المسنين».
وتقول: «في كل مرة يتوافر مكان شاغر، أحزن وأفرح في آن، فأنا أعلم أن أحد المسنين فارق الحياة وفارقنا، ولكن أفرح أيضاً لأن هذا السرير سيكون من حظ مسن آخر ضاقت به الدنيا ولا يجد مكانا للنوم».
وفي دمشق سبع دور للمسنين، ثلاث منها خاصة بينها دار السعادة وأربع حكومية.


(أ ف ب)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...