رئيس مجلس الشعب: أي تواصل بين أعضاء مجلس الشعب مع شخصيات معارضة وطنية هو أمر إيجابي

20-02-2017

رئيس مجلس الشعب: أي تواصل بين أعضاء مجلس الشعب مع شخصيات معارضة وطنية هو أمر إيجابي

في أول حوار لها منذ اختيارها رئيسة لمجلس الشعب أكدت د. هدية عباس أن النظام المعمول به حالياً في المجلس بات قديماً ومن الضروري تعديله بالشكل الذي يمنح المجلس المرونة الكافية لتطوير العمل، مؤكدة في حوار شامل أن التحدي الأكبر للمجلس هو إعادة الثقة مع المواطن، والمجلس لن يتردد في هذا الصدد بالإشارة إلى أي خلل في أي قطاع من القطاعات.
وأضافت عباس: إن بعض مواد الدستور الجديد المقر في عام 2012 تتعارض مع النظام الداخلي للمجلس، معيدة السبب إلى قدم مواده التي تم إقرارها منذ نحو 43 عاماً ولم تخفي حجم المسؤوليات الملقاة على المجلس ولا سيما أن سورية تتعرض لحرب بشعة أفرزت واقعاً معيشياً صعباً على المواطن، كاشفة هنا عن ضرورة إجراء حزمة من التعديلات على بعض القوانين التي تخفف العبء عن المواطن.
وأوضحت عباس أن المجلس الآن تحت القبة بصدد مناقشة العديد من ملفات الفساد وأحيل قسم منها على المراجع المختصة للتحقق منها وحال الانتهاء سيتم إعلان نتائج ذلك على الرأي العام فالمواطن شريك أساسي يجب التركيز عليه لأنه يحتك مباشرة مع الفاسدين لذلك مجلس الشعب مفتوح لتقديم أي شكوى أو ملف فساد.
مشيرة إلى أنه من غير المقبول من أي عضو أن يستغل عضويته وحصانته في عمل من الأعمال التي تأتي في غير مكانها وفي حال حدث ذلك المجلس سيتخذ الإجراءات القانونية لرفع الحصانة عنه.

وفيما يلي نص الحوار:

بدأت الدورة الثالثة للمجلس، ومضى أكثر من ستة أشهر على تسلمكم مهام رئاسة المجلس، ما الذي تحقق حتى الآن؟

بدأ مجلس الشعب عمله في ظروف استثنائية تمر بها سورية، ولا سيما الحرب الإرهابية الظالمة، والحصار والإجراءات القسرية أحادية الجانب (العقوبات الاقتصادية) غير الشرعية التي يفرضها الغرب، ناهيك عن الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعاني منها المواطن بسبب تداعيات ونتائج الحرب. كل ذلك جعل عمل المجلس منذ اللحظات الأولى له أكثر صعوبة بسبب حجم التحديات والمشكلات التي يعاني منها الوطن والمواطن. هذا الأمر جعلنا نبدأ العمل بمستوى عالٍ من المسؤولية والإصرار على تقديم كل ما يمكن للمواطنين.

لقد كان على جدول أعمال المجلس مستويان من العمل، الأول يتعلق ببنية مجلس الشعب ذاته، من خلال انتخاب رئيس المجلس ومكتبه واللجان الدائمة فيه، وإجراء التعديلات الداخلية الضرورية المتعلقة بهيكلية العمل وآلياته داخل المجلس بما ينسجم التغيرات التي يشهدها وطننا، في مقدمة ذلك إعادة النظر في النظام الداخلي للمجلس الذي أُقر بتاريخ 1974، الذي بات بصيغته الحالية يحدُّ من فعالية المجلس في ضوء التطورات والمتغيرات في السنوات الأخيرة، إضافة إلى ما أنتجته وأفرزته الحرب على وطننا. يضاف إلى ذلك أن هناك بعض التعارض في عدد من مواد النظام الداخلي الحالي، وبين عدد من مواد الدستور الجديد الذي أقرَّ عام 2012. ما استوجب الإسراع في دراسة ووضع مشروع نظام داخلي جديد ينظم ويضبط عمل المجلس بالشكل الأفضل والأمثل خلال الظروف الراهنة وللمرحلة المقبلة. كذلك أنجز المجلس مناقشة البيان الوزاري للحكومة وأقره، ودراسة كل مشروعات القوانين، والمراسيم التشريعية المحالة إليه. هذا إضافة إلى العمل الذي يقوم به أعضاء المجلس خلال جلسات الاستماع للسادة أعضاء الحكومة، حيث يقوم السادة أعضاء مجلس الشعب بطرح هموم ومشكلات المواطنين أمام الوزير المعني ويتابعون حلها وتنفيذها.

المستوى الثاني من العمل يتعلق بالشأن الخدمي والمعيشي المتصل مباشرة مع المواطن وبشكل يومي. ولا سيما القضايا الكبرى المتعلقة بالظروف الجديدة التي فرضتها الحرب، وهذا النمط من عمل المجلس أيضاً يُقسم إلى قسمين: الأول متعلق بالقضايا التي يطرحها ويتابعها السادة أعضاء مجلس الشعب من خلال احتكاكهم اليومي مع المواطنين. هنا يمكن تأكيد معالجة الكثير من المشكلات، على حين يجري متابعة حل وتذليل مشكلات أخرى، كما تمت إحالة عدد من ملفات الفساد التي تقدم بها أعضاء المجلس إلى الحكومة، ونحن بانتظار نتائج دراستها من الحكومة. أما القسم الثاني فيتعلق بالشكاوى التي يتقدم بها المواطنون مباشرة إلى مجلس الشعب، حيث تجري دراستها وإحالتها على اللجان المختصة لمتابعة حلها ومعالجتها مع الجهات المعنية بها.

يبقى أن أشير إلى أن التحدي الأكبر للمجلس الحالي هو إعادة الثقة مع المواطن، وهو ما نعمل عليه عبر العمل الشفاف والمباشر مع المواطنين في نقل همومهم ومشكلاتهم، والعمل بالسرعة الممكنة على معالجتها. إن المهمة الأولى والأساس لمجلس الشعب هي أن يكون مرآة حقيقية للشعب، وأعتقد أنه خلال ستة أشهر استطعنا أن نبدأ الطريق الصحيح في بناء هذه الثقة.

المجلس في زمن استثنائي

هل هناك أي فارق بين المجلس الحالي والمجالس السابقة، وخاصة أن السوريين كانوا ولا يزالون يعولون كثيراً على هذا الدور التشريعي؟

بدايةً، علينا أن نقر أن عمل مجلس الشعب يتعلق بالمرحلة الزمنية الموجود فيها، وبالظروف الموضوعية المؤثرة، ونحن هنا لسنا بصدد تقييم إذا ما كنا أفضل من المجالس السابقة أو غير ذلك، فهذا الأمر مرتبط بحجم المهام والأعباء التي يمكن لنا النهوض بها، والتي يُعد المواطن السوري الوحيد المخول بتقييمها ومقارنتها بمن سبقنا، وفي مدى تلبيتها لتطلعاته، وقدرتها على تحقيق أهدافه.

أما فيما يتعلق بحجم الآمال والتطلعات التي يعلقها المواطن على المجلس في هذه الظروف الصعبة، فهو أمر طبيعي جداً، وخاصةً أن هذا المجلس يأتي في زمن استثنائي قياساً بالمجالس السابقة من حيث خصوصية الظروف والأوضاع التي يمر بها الوطن داخلياً وخارجياً. فالحرب الإرهابية التي تشن على بلادنا، إضافة إلى الحصار والعقوبات الاقتصادية المفروضة بشكل ظالم على شعبنا، وقسوة الظروف الاقتصادية والأوضاع المعيشية اليومية، كل ذلك يزيد من حجم تطلعات المواطنين تجاه مجلسهم، ويزيد من حجم المسؤوليات والمهام الملقاة على عاتقنا. الأهم لنا أن نحدد حجم معاناة المواطنين على جميع الصعد، ونبذل كل ما يمكننا من جهد لرفعها وتذليلها قدر الإمكان، وتلبية ما يمكن من مطالب وتطلعات محقة، ومحاربة الفساد الذي يشكل عبئاً حقيقياً يثقل كاهل المواطن. مع الأخذ بالحسبان أن خيارات العمل المطروحة اليوم محدودة بسبب الأوضاع الصعبة التي نمر بها. لا أحد منا يستطيع الادعاء بأنه قادر على معالجة كل المشكلات دفعة واحدة، فالعمل يحتاج إلى تنظيم ومتابعة وتراكم مستمر في الثقافة والإنجاز، وهذا بطبيعة الحال يحتاج إلى المزيد من الوقت الذي يشكل بشكل مؤكد عاملاً ضاغطاً جديداً قياساً بظروف الحرب الصعبة التي نمر بها. نحن مصرون على بذل أقصى الجهود من أجل إنجاز كل ما يمكن للإخوة المواطنين.

خلال الدورة الحالية، تم إصدار العديد من التشريعات والقوانين، ولاحظ الشارع توجهاً عاماً بزيادة الرسوم والضرائب في مختلف الدوائر والوزارات. هل مجلسكم الكريم يوافق على مثل هذه الإجراءات؟

نحن ممثلون عن الشعب، وأولى مهامنا هي العمل على تحسين أوضاعه ومستوى معيشته، بما في ذلك تخفيض الضرائب والرسوم والأعباء المالية المفروضة عليه.

إن مجلس الشعب لا يدعم من حيث المبدأ أي زيادة في الأعباء المفروضة على المواطنين، لكن عند دراسة مشروعات القوانين التي تقضي بفرض ضرائب أو رسوم أو أعباء مالية جديدة، أو تلك التي تهدف إلى رفع ضرائب أو رسوم أو أعباء مالية موجودة سابقاً، فإن الأمر يعتمد بالدرجة الأساسية في إقرارها أو عدمه على الهدف والغاية منها، وسبل إنفاقها. إن تحديد الهدف والتأكد من مدى مشروعيته وقانونيته وملاءمته لوضع المواطنين يأخذ وقته الكافي من حيث الدراسة والسجال بين أعضاء مجلس الشعب والحكومة، بدءاً من دراسته من اللجان المختصة في المجلس بحضور ممثلي الحكومة المعنيين، ورفع تقاريرهم بالموافقة أو الرفض إلى المجلس، وانتهاء بمناقشة السادة أعضاء المجلس للحكومة في هذا الشأن تحت قبة البرلمان، والتصويت (قبولاً أو رفضاً) على مشروع القانون الذي يفرض أعباء مالية جديدة. وفي كل مشروعات القوانين التي تضمنت فرض أعباء مالية على المواطنين كان لأعضاء مجلس الشعب دورٌ كبيرٌ في ضبط مطارح تلك الأعباء، وملاءمتها للوضع المعيشي للمواطن، والضغط على الحكومة من أجل تخفيض قيمة العبء إلى الحد الأدنى وإعفاء الشرائح ذات الدخل المحدود أو الشرائح الفقيرة. إذاً المسألة غير مرتبطة بوجود توجهٍ لدى المجلس أو عدم وجود هذا التوجه، المسألة مرتبطة بتقدير ضرورة العبء المالي والهدف منه، ومدى تحقيقه للمصلحة العامة، وهذا الأمر متروك للسادة الأعضاء في قبوله أو رفضه عبر التصويت تحت قبة البرلمان.

عمل اللجان المختصة

في ضوء بعض المخالفات الدستورية التي اتخذت من الحكومة كمنع سفر المواطنين من دون وجود مذكرة أو حكم قضائي، ما الذي يمكن للمجلس أن يقوم به لإزالة هذه المخالفات؟ مثال آخر: وزارة المالية عمدت إلى فرض رسم على الهاتف الجوال خلافاً لما تم إقراره في المجلس حيث كان القرار من تاريخ نشره، لكن الوزارة طبقته من تاريخ 30 حزيران، ألا يشكل ذلك تحدياً لإرادة المجلس؟

القاعدة الأساس التي نتبناها في عملنا سواء على مستوى مكتب المجلس، أم على مستوى عمل اللجان المتخصصة أم على مستوى عمل الزملاء الأعضاء ونشاطهم، هي الإحاطة بأي مخالفة دستورية وإحالتها على الجهة المختصة، والمقصود بالجهة المختصة هنا هو المحكمة الدستورية العليا.

عما يتعلق بالحالة الأولى التي ذكرتِها، الأساس في الأمر هو وجود شكوى مقدمة من أحد المتضررين تشير إلى وجود مخالفة دستورية تم ارتكابها من وزارة المالية، أو التقدم بصورة عن القرار الذي تم بموجبه منع سفر المواطنين من دون وجود مذكرة أو حكم قضائي. حتى الآن لم يرد إلى المجلس أي شكوى خطية حول هذا الأمر، أو صورة عن تعميم أو قرار ما صادر عن وزارة المالية يخالف الدستور أو القوانين المرعية بهذا الصدد. في حال ورود الشكوى أو صورة عن أي قرار أو تعميم قامت به وزارة المالية بشكل يخالف الدستور فلن نتردد أبداً في التحرك لمعالجة الأمر وفق الأسس الدستورية والقانونية، عبر إحالة الشكوى على الجهة المعنية. بكل تأكيد، لن نقبل بأي تجاوز على الدستور أو عدم تطبيق القوانين.
أما عما يتعلق بالحالة الثانية التي ذكرتِها، بالفعل أقر مجلس الشعب هذا القانون، وتم الاتفاق على أن تفرض الرسوم من تاريخ إصدار القانون وليس بتاريخ سابق، وفي حال قيام وزارة الوزارة المعنية باستيفاء الرسوم على خلاف ما ورد في النص القانوني فهذا يعد أمراً مخالفاً للقانون.

الموضوع ليس بمعنى التحدي للمجلس، فأحياناً لا تحسن جهة ما تطبيق القانون عبر إساءة استخدامه في غير ما فرض لأجله. أي ترتكب مخالفة قانونية وللمجلس التحرك مباشرة لمنع هذه المخالفة.
في حال كان ما ذكرتِه في سؤالك صحيحاً من أن الوزارة قامت بتطبيق استيفاء الرسم من تاريخ سابق على خلاف ما ورد في القانون، فإن هذا يُعد «سوء تطبيق للقانون»، ويحق للمواطنين التقدم بشكوى إلى القضاء لإبطال العمل باستيفاء الرسوم قبل التاريخ الذي فرضت به.

حتى الآن لم تردنا أي شكوى من المواطنين تفيد بمخالفة الوزارة المعنية في تطبيق استيفاء الرسوم، أي بشكل يخالف ما تم إقراره في المجلس، وفي حال ورود الشكوى يُمكن دعوة الوزير المختص للاستجواب بهذا الصدد.

هناك نقاش دولي دائر حول دستور الجمهورية العربية السورية، ما دور المجلس في هذا الجدال؟ ولماذا لم يخصص جلسة أو يتم تشكيل لجنة لمناقشة ما يتم تداوله؟

أعتقد أن المقصود من السؤال ليس دستور الجمهورية العربية السورية، بل ما تقدمت به روسيا من مقترح لمسودة دستور سوري.

إن دور المجلس في مسألة تعديل الدستور منصوص عليه وبدقة في الدستور السوري، ومجلس الشعب له أن يشكل لجنة خاصة لبحث مقترح بتعديل الدستور إن كان هذا المقترح محالاً إليه من السيد رئيس الجمهورية، أو من ثلث أعضاء مجلس الشعب. نحن دولة مؤسسات، والمجلس يعمل بحسب الدستور والنظام الداخلي الخاص به، ولا يُنشئ لجاناً خاصة بناء على أفكار أو مقترحات سياسية قد تُطرح من هنا وهناك.

إن قيام دولة روسيا الصديقة (بحسب وجهة نظرها) بطرح مقترحات وأفكار ترى أنها قد تساعد في تقريب وجهات النظر بين السوريين هي مجرد أفكار ومقترحات سياسية، تُطرح على السوريين تحت عناوين «مقاربات للحل السياسي للأزمة السورية»، والنقاش ضمن هذا المستوى هو سياسي ولا يترتب عليه أي بعد دستوري أو قانوني، إلا إذا اتفق السوريون جميعاً على ضرورة القيام بتعديل للدستور كجزء من الحل السياسي للخروج من الأزمة، حينها فإن الأمر يعود إقراره للشعب السوري وحده عبر آليات دستورية وقانونية معروفة للجميع يقوم بها السوريون بأنفسهم، وهي الاستفتاء الشعبي.

إن مسألة وضع دستور جديد هي مسألة سورية سيادية بامتياز، يقوم بها السوريون بأنفسهم، وعبر آليات وأقنية قانونية وتشريعية معروفة للجميع. والشعب السوري هو وحده من يقرّ الدستور الذي يراه مناسباً له عبر الاستفتاء الشعبي، بعد أن توضع مسودته من المتخصصين بهذا الشأن وهم من السوريين حكماً.

لن نتقاعس في محاربة الفساد

المواطن أرهقته الحرب الدائرة منذ ست سنوات، وكان يأمل من المجلس الجديد أن يخفف عنه الأعباء، ومحاسبة تجار الحرب، وفضح الفساد، هل يمكن لهذا المجلس أن يمارس هذا الدور بشكل فعال وجدي؟
الموضوع غير مطروح في إطار الإمكانية، بل إن من أهم واجبات ومهام المجلس تقديم كل ما يمكن للمواطن من أجل تحسين مستوى معيشته، ومكافحة الفساد والفاسدين. هذا الواجب هو من ضمن أولويات العمل التي تبناها المجلس الحالي، والسبب في ذلك -بالدرجة الأساسية- حجم ونوعية الظواهر السلبية التي أفرزتها الحرب في المجتمع السوري، وفي مقدمتها تفشي ظاهرة الفساد. نحن ننظر إلى الفساد على أنه الوجه الآخر للإرهاب الذي نعاني منه جميعاً، ولن نسمح لأنفسنا بالتقاعس في هذا الواجب.

إن التعامل مع هذا الملف الكبير يحتاج إلى ضبط الآليات الكفيلة بملاحقة الفاسدين ومحاسبتهم، وهي آليات بالضرورة يجب أن تكون قانونية تعتمد على الدلائل والبراهين بشكل قطعي كي لا تتحول عملية مكافحة الفساد إلى ظاهرة قد يلجأ إليها البعض من أجل الإيقاع بالآخرين فقط. لذلك، وفي هذا الملف تحديداً، يتم العمل على مستويين:

المستوى الأول: لقد تم التأكيد على جميع السادة الزملاء الأعضاء طرح ما لديهم أو ما قد يتم نقله إليهم من خلال المواطنين من ملفات فساد مثبتة تحت قبة المجلس، من أجل معالجتها ومحاسبة المتورطين فيها. وبالفعل لقد تم طرح عدة ملفات فساد من السادة الأعضاء، وقد أحيلت جميعها على المراجع المختصة لدراستها والتحقيق فيها، وعند الانتهاء منها، سيتم إعلان ذلك على الرأي العام، هذا على مستوى دور المجلس.

أما المستوى الثاني: فهو يقع علينا كجهة مساءلة ورقابة على الجهود والإجراءات التي تقوم بها السلطة التنفيذية في محاربة ومكافحة الفساد، استناداً إلى ما تقدمت به في بيانها لنيل الثقة من المجلس. لقد أكدت الحكومة أن ملف مكافحة الفساد سيكون من ضمن أولويات عملها. وبدورنا نحن نراقب أداء الحكومة في هذا المجال وستسأل الحكومة عن ما تم القيام به تنفيذاً لما ورد في بيانها.
هنا، أود أن أوجه رسالة لجميع المواطنين، أن مجلس الشعب مفتوح لكل شكوى أو ملف فساد يمكن لهم أن يساعدوا في تقديمه لمتابعته من المجلس. فالمواطن هنا شريك أساسي لأنه يحتك مباشرة مع الفاسدين ويضطر في أوقات عديدة للتعامل معهم. إن آلية إثبات تورط هؤلاء الفاسدين تكون عادة ممكنة للمواطنين، والشرط الأساس الذي يمكننا من فتح أي ملف فساد هو الأدلة وليس الأقاويل التي يتم تداولها بشكل شخصي، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ندعو جميع المواطنين إلى المساهمة مع مجلس الشعب في هذا الملف المهم لأنه يطول لقمة عيشهم اليومية. وسيتم التعامل مع كل الشكاوى والملفات بأمانة وبمنتهى الدقة والحرص على سلامة المواطن حتى يتم التثبت والتحقق ومعاقبة الفاسدين.

أما عن دور المجلس في تخفيف الأعباء عن المواطن، فحقيقة أن المجلس حريص على تقديم كل ما يمكن من إمكانيات لتخفيف الأوضاع المعيشية الصعبة. علينا أولاً أن نتفق أن الحرب أفرزت واقعاً معيشياً صعباً على المواطن، واقعاً لم يكن في السابق، وهو يرخي بظلاله الثقيلة على الجميع من دون استثناء. لذلك يعمل المجلس وبشكل يومي على تخفيف الأعباء بحسب الإمكانات المتاحة، وخاصة لذوي الشهداء وجرحى الجيش ولذوي المفقودين. بالتأكيد الأداء هنا ليس كما نطمح، لكننا نعمل من أجل تحسين مستوى الخدمات المقدمة عبر مراقبة ومتابعة عمل الحكومة، أو عبر ما يمكن للمجلس أن يقدمه بشكل مباشر للمواطنين.

الرقابة على أداء الحكومة

هناك ظاهرة جديدة فرضها رئيس مجلس الوزراء بلقائه ممثلي الشعب عن كل محافظة، ما الإضافة التي تتحقق من هذه اللقاءات؟ وهل ترون أنها مفيدة ويمكن أن تعود بالفائدة على المواطنين؟
بدايةً، دعنا نصوب صيغة السؤال، فأنا أتحفظ على تعبير «ظاهرة جديدة فرضها» رئيس مجلس الوزراء. رئيس الحكومة لم «يفرض» أي ظاهرة جديدة على مجلس الشعب، ولا يمتلك هذه الصلاحية، فمجلس الشعب هو السلطة التشريعية والرقابية الأعلى في البلاد. هناك آليات واضحة ودقيقة تحكم العلاقة بين مجلس الشعب والسلطة التنفيذية.

رئيس الحكومة قدم مقترحاً للمجلس بأن تجري لقاءات دورية بينه وبين السادة أعضاء مجلس الشعب عن دوائرهم الانتخابية، بهدف الاطلاع وبشكل دقيق على مشكلات قد تعاني منها محافظة دون أخرى عبر ممثليها مباشرة، أو لتقديم مقترحات وأفكار جديدة من السادة الأعضاء. لقد قمنا في المجلس بدراسة هذا المقترح، ونحن في الحقيقة منفتحون على أي مقترحات أو أفكار بناءة من شأنها أن تنعكس بشكل إيجابي على المواطن وتصب في خدمته.

بشكل عام، لقد كان تقييم السادة الأعضاء لتلك اللقاءات إيجابياً، حيث جرت معالجة الكثير من القضايا التي تهم المواطنين في زمن قياسي، وهذا لا يؤثر بأي شكل من الأشكال في حق السادة الأعضاء في توجيه الأسئلة وطلبات المناقشة والاستجواب، أو في أي حق آخر يمنحه الدستور والنظام الداخلي للمجلس لعضو مجلس الشعب في ممارسة دوره الرقابي على أداء الحكومة.

من يحاسب أعضاء مجلس الشعب في حال خالفوا الأنظمة والقوانين، أو استغلوا حصانتهم لأغراض شخصية؟

أعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال واضحة وبسيطة، وهي في متناول يد كل مواطن سوري، فالدستور في مادته السبعين يحدد أوجه الحصانة التي يتمتع بها عضو مجلس الشعب حيث إنه لا يُسأل عن الوقائع والآراء التي يبديها أو التصويت في الجلسات العلنية والسرية أو في أعمال اللجان. وفي المادة الثانية والسبعين من الدستور: يمنع عضو المجلس من أن يستغل عضويته في عمل من الأعمال. وفي حال ارتكاب العضو لأي جرم مشهود أو استغلال حصانته في غير مكانها، فتتخذ بحقه الإجراءات القانونية المنصوص عليها بعد أخذ إذن المجلس، ورفع الحصانة عنه.

تصنيفات «المعارضة»

هل هناك أي تواصل بين أعضاء مجلس الشعب والمعارضة؟

ما المقصود هنا تحديداً بالمعارضة؟

فكما تعلمين هناك الكثير من التصنيفات التي نسمعها اليوم عن صفة معارض، وهي غير موجودة في أي مكان في العالم إلا في سورية. والسبب في ذلك واضح، نتيجة ارتهان الكثيرين (مع الأسف) لبعض القوى الإقليمية أو الدولية.

ما يهمنا هنا هو أن مفهوم المعارضة يشتمل على المعارضة الوطنية السياسية التي تعمل تحت سقف الوطن ووفقاً للمبادئ السيادية للجمهورية العربية السورية.

أود أن أوضح هنا، أن أي لقاء أو تواصل بين أعضاء مجلس الشعب وشخصيات معارضة وطنية هو أمر إيجابي ونحن نشجعه، وأود أن أعود قليلاً إلى الوراء عندما فتح باب الترشح لانتخابات مجلس الشعب، فإن الترشح كان متاحاً للجميع. وقد وصل بالفعل إلى المجلس شخصيات من المعارضة الوطنية. وهذا أمر طبيعي فهي جزء من الشعب السوري.

عضو مجلس الشعب يتواصل مع الجميع من دون استثناء، ويجب عليه أن ينقل همومهم وأفكارهم تحت قبة البرلمان، وخاصةً، أننا نمر بظروف الحرب الصعبة. وأستطيع القول إن عدداً من السادة الأعضاء يحضرون لقاءات وحوارات تجريها المعارضة الداخلية ويسهمون في النقاشات، وهذا النشاط لا يتدخل فيه المجلس ما دام تحت سقف الوطن والمبادئ السيادية السورية. على العكس نحن نشجع هذا النوع من الحوار، وأي تواصل بين أعضاء المجلس وشخصيات معارضة داخلية مرحب به ونشجعه.

أما إذا كان المقصود هو المعارضة الخارجية التي تنتمي إلى مرجعيات إقليمية ودولية، وتتآمر على سيادة سورية واستقلالها، فأعتقد أن هذا الأمر يتم عبر أقنية خاصة في المفاوضات التي تجريها الدولة بين حين وآخر.

نحن والحكومة في خندق واحد

كيف تصفين علاقة المجلس بالحكومة الحالية؟ وهل هي علاقة رقيب أم شريك؟

ليست الأهمية هنا في أن نقول إن العلاقة بين المجلس والحكومة يجب أن تكون طيبة أو غير طيبة، علاقة رقيب أم علاقة شريك. الموضوع هنا لا ينصب على ما يجب أن تكون عليه صورة تلك العلاقة، بل على ما هو واقع بالفعل. المهم أن تقوم كل سلطة بواجباتها على أكمل وجه، هنا يصبح نمط العلاقة صحيحاً (بغض النظر إن كان رقيباً أم شريكاً). إن شكل العلاقة يتحدد بقيام كل من السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية بمهامها وواجباتها المنصوص عليها في الدستور. إن قيام كل سلطة بما يجب عليها القيام به سيؤدي إلى سيادة القانون وعدالته بما يخدم مصلحة المواطن بالدرجة الأولى. هكذا تكون العلاقة في أفضل حالاتها، أما في حال تقصير أي من السلطتين في القيام بواجباتها فسيؤدي إلى خلل ليس فقط في العلاقة بينهما، بل سينعكس سلباً على أوجه الحياة في المجتمع السوري كافة.
الدستور يحدد شكل العلاقة بين السلطتين، وبموجبه فإن مجلس الشعب يتابع عمل السلطة التنفيذية ويراقبها، وأي خلل يقع من الحكومة، فسيدفع بطبيعة الحال المجلس إلى تطبيق الأنظمة والقوانين المنوطة به وفقاً للدستور. نحن نتابع عمل السلطة التنفيذية، ولن نتردد في الإشارة إلى أي خلل يقع.

بسبب ظروف الحرب القاسية فإن السلطة التشريعية والتنفيذية في خندق واحد في مكافحة الإرهاب، هذه من أهم أولويات كلا السلطتين، والدستور ينظم ويحدد شكل العلاقة وكيفية ممارستها فيما يتعلق بدور ومهام كل من السلطتين في المجتمع والدولة، بالشكل الذي يخدم أولاً وأخيراً المواطن والوطن.

ما الذي يتقاضاه عضو مجلس الشعب اليوم؟ وما الامتيازات والتعويضات التي يحصل عليها؟

حقيقة إن المهمة الكبيرة التي يقوم بها عضو مجلس الشعب هي مهمة وطنية بامتياز، فنقل هموم المواطنين والعمل على معالجة مشكلاتهم، ومتابعة كل ما يهمهم، هو مسؤولية أخذها عضو مجلس الشعب بالدرجة الأساسية على عاتقه. والموضوع لا يتعلق هنا بامتيازات أو تعويضات سيحصل عليها العضو مقابل ذلك، الموضوع مرتبط بفكرة المسؤولية والواجب الوطني.

ما يتعلق بالامتيازات والتعويضات، بحسب المادة الحادية والسبعين من الدستور يتمتع أعضاء مجلس الشعب بالحصانة طوال مدة ولاية المجلس، وهذه الحصانة هي عدم مساءلتهم جزائياً أو مدنياً بسبب الوقائع التي يوردونها أو الآراء التي يعبرون عنها أو التصويت في الجلسات وفي أعمال اللجان. أي إن الحصانة ترتكز هنا على منح العضو الحرية والأمان في نقل هموم المواطنين بأمانة كاملة تحت قبة المجلس. مع الإشارة إلى أن الحصانة الممنوحة له يمكن أن ترفع في حالة الجرم المشهود. أما ما يتعلق بالتعويضات المالية، فعضو المجلس يتقاضى راتباً حسب القوانين والأنظمة النافذة، يُضاف إليه تعويضات عن حضور الجلسات. وهي بالعموم مبالغ رمزية قياساً بالجهود الكبيرة التي يبذلها السادة الأعضاء، وقياساً بالظروف الصعبة التي نمر بها جميعاً.

كان هناك مشروع لبناء جديد لمجلس الشعب، أين أصبح المشروع؟ وهل الوقت مناسب لتنفيذه؟ وهل لديكم الأموال لذلك؟

من خلال عملنا في مكتب المجلس، اطلعنا على وجود قطعة أرض مستملكة لمصلحة تشييد بناء جديد للمجلس بموجب مرسوم الاستملاك 35 منذ العام 1985.

وبحسب اطلاعنا على ما تم إنجازه في هذا الملف، فالأرض المستملكة بقيت على حالها منذ عام 1985 وحتى تاريخه. نحن الآن ندرس مدى إمكانية الاستفادة من هذه الأرض المخصصة بالشكل الذي يعود بالفائدة على المجلس.

من خلال إدارتكم لجلسات المجلس، هل لاحظتم تبايناً في آراء نواب من الكتل ذاتها، ولا سيما كتلة البعث التي تنتمون إليها؟

بداية دعيني أستند إلى المادة الثامنة والخمسين من الدستور التي تنص على أن «عضو مجلس الشعب يمثل الشعب بأكمله، ولا يجوز تقييد وكالته بقيد أو شرط، وعليه أن يمارسها بهدي من شرفه وضميره».

استناداً إلى هذه المادة، أستطيع الإجابة عن هذا السؤال، ومن خلال إدارتي لجلسات المجلس كانت مناقشات جميع السادة الأعضاء تعبّر عن كل الشارع السوري من دون تمييز أو من دون قيد. هذا أولاً، أما ثانياً فإن حالة الاختلاف بالأفكار والطروحات، وبغض النظر عن الانتماءات السياسية الوطنية المختلفة للسادة الأعضاء هي حالة صحية، فكل من الأعضاء يقارب المسألة من وجهة نظر قد يراها الأهم والأنسب. لكن طروحات الأعضاء تشكل في النهاية لوحة تُطرح فيها مختلف أوجه النقاش والاحتمالات لموضوع يهم المواطن. إن حالة الاختلاف هذه في الطروحات تسهم دائماً في إغناء القضية التي تجري مناقشتها. وهذا أمر إيجابي جداً، ونحن ندعمه ونشجع عليه.

تعديل النظام الداخلي

كان هناك نقاش طويل حول تعديل النظام الداخلي لمجلس الشعب، ثم خرج عن التداول. ما الذي حصل؟ وأين أصبح مشروع التعديل؟

منذ الجلسات الأولى للمجلس، طالب عدد من السادة الأعضاء بضرورة تعديل النظام الداخلي، الذي أُقرّ منذ عام 1974، انطلاقاً من أن النظام المعمول به حالياً بات قديماً ومن الضرورة تعديله بالشكل الذي يمنح المجلس المرونة الكافية لتطوير عمله، ولاسيما أن هناك تعارضاً بين بعض مواده (بسبب قدمها) وبعض مواد الدستور الجديد المقر عام 2012، يُضاف إلى ذلك تغير الظروف والمعطيات خلال السنوات الأخيرة، والحاجة إلى تشكيل لجان جديدة متخصصة، وغير ذلك من القضايا. بناءً على ذلك، كُلفت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، إضافة إلى كل من يرغب من السادة الزملاء مهمة وضع مسودة مشروع تعديل بعض مواد النظام الداخلي للمجلس.

اللجنة انتهت تماماً من وضع هذه المسودة، وهي الآن في مراحل المراجعة والتدقيق الأخيرة، وستعرض قريباً على السادة الأعضاء لدراستها ومناقشتها تحت القبة، تمهيداً للتصويت عليها في حال قبولها.

قمتم بعدة سفرات إلى خارج سورية، ما الصورة التي قدمتها سورية حين اختياركم أول سيدة ترأس السلطة التشريعية في العالم العربي؟

بدايةً، أنا أول سيدة ترأس السلطة التشريعية في سورية، وهذا محط فخر واعتزاز كبيرين لي، لكنني لست أول سيدة ترأس السلطة التشريعية في العالم العربي، ففي الإمارات العربية المتحدة هناك سيدة أيضاً ترأس المجلس الوطني الاتحادي.

إن وصول سيدة لهذا المنصب الرفيع ليس أمراً جديداً على السوريين، فهم الأسبق على مستوى العالم بأكمله -وليس فقط في العالم العربي- بإعطاء المرأة مكانتها ومشاركتها في الحياة التشريعية والسياسية والاقتصادية والتعليمية. فمن منصب نائب رئيس الجمهورية ومستشارته، إلى المواقع القيادية المتعددة، سواء في مجلس الشعب أم في الحكومة، أم القيادة القطرية، إلى السفيرات والدبلوماسيات، وفي سلك الجيش العربي السوري، ناهيك عن الطبيبات والمهندسات وأساتذة الجامعات والمدارس وغيرها الكثير الكثير. المرأة السورية أثبتت وجودها في كل المواقع التي عملت فيها، وأبدت فاعلية عالية جداً.

لقد قمنا بعدة زيارات رسمية، وكان هناك ترحيب كبير بوجود امرأة على رأس السلطة التشريعية في سورية، وخاصة ممن يقدرون دور المرأة ويسعون إلى تمكينها في بلدانهم. لقد لاحظنا هذا الأمر تحديداً خلال مشاركتنا في الدورة الـ«135» للاتحاد البرلماني الدولي، حيث أبدى الكثير من رؤساء البرلمانات حول العالم ترحيبهم بوجود سيدة على رأس السلطة التشريعية في سورية، وهو ما عبّر عنه بوضوح رئيس الاتحاد البرلماني الدولي وأمينه العام.

إن الصورة التي نقلناها للعالم عن المرأة السورية هي حقيقية وواقعية، وليست مجرد دعاية لا تستند إلى الواقع. نحن نسعى إلى أن يكون حضور المرأة السورية أكبر وأكثر فاعلية دائماً في كل ساحات العمل الداخلية على مستوى الوطن، والخارجية في كل الأروقة الدولية التي فيها سورية.

في كل اللقاءات التي أجريناها خلال زياراتنا الرسمية، أو تلك التي كانت تجري على هامشها، كنا نشرح الوضع السوري بدقة، وننقل حجم معاناة مواطننا بسبب الحرب الإرهابية التي يتعرض لها منذ ست سنوات. كان هناك تجاوبٌ كبيرٌ من رؤساء برلمانات الدول التي كنا نلتقي معهم. نحن اليوم نعول كثيراً على الدبلوماسية البرلمانية، ونسعى إلى تفعيلها من أجل شرح قضية وطننا، سواء عبر زياراتنا الخارجية، أم عبر اللقاءات التي نجريها مع الوفود البرلمانية التي تزور سورية مؤخراً وبكثرة. إن تزايد عدد الوفود البرلمانية مؤشر إيجابي إلى نجاح مساعينا في تفعيل الدبلوماسية البرلمانية لما فيه خدمة سورية ومواجهة الحرب الإرهابية التي نتعرض لها.

جلسات المجلس قريباً على الهواء

هل سيادتكم مع النقل المباشر لجلسات المجلس على شاشات التلفزة؟ ما الذي تغير في تعاطي مجلسكم مع الإعلام؟

أعتقد، ويشاركني في ذلك السادة أعضاء المجلس أن للإعلام دوراً أساسياً في عملنا اليوم، فهو يجب أن يضع الرأي العام في حقيقة الدور الذي نقوم به. نعم نحن مع النقل المباشر لكل جلسات مجلس الشعب، وهي أساساً بحسب النظام الداخلي للمجلس جلسات علنية يستطيع الإعلام أن ينقل ما يدور فيها للرأي العام، على أن يكون هذا النقل أميناً، إدراكاً منا لأهمية دور الإعلام، فقد افتتح المجلس مؤخراً المركز الإعلامي الخاص به، وإن شاء اللـه تكن هذه الخطوة مقدمة نستطيع من خلالها نقل الجلسات بشكل مباشر للرأي العام، حتى يتمكن المواطنون من الاطلاع على ما يجري تحت قبة البرلمان. نحن الآن نعمل على هذا الأمر وبجدية عالية.

أما عما يتعلق بسؤالك عن إذا ما كان هناك أي تغيير أبداه المجلس الحالي في التعامل مع الإعلام، فنحن منفتحون جداً على الإعلام وأهمية الدور الذي يقوم به، وندعوه دائماً إلى القيام بكل ما يمكنه كسلطة رابعة يمكن من خلالها نقل ما يجري في المجلس إلى المواطن، ونقل هموم المواطن إلينا، وكذلك في أن يمارس دوره كإعلام استقصائي عن الفساد وحالات الخلل التي قد تحدث في المجتمع، والمشكلات التي يعاني منها المواطن. ندعوه إلى أن يكون سلطة حقيقية إلى جانب المواطن في نقل كل همومه ومشكلاته. لكن شريطة أن يكون ذلك على أسس النقل الأمين والدقيق المستند إلى الوقائع. هذا هو الدور الحقيقي للإعلام، ونتمنى أن يرتقي إعلامنا دائماً إلى ما فيه خدمة للمواطن والوطن. وأنا هنا أود أيضاً أن أستغل هذا اللقاء لأوجه تحية لإعلامنا الوطني الذي أثبت مسؤولية عالية في الدفاع عن سورية في وجه الإعلام المتآمر والمُغرض، لقد كان الإعلاميون جنوداً أوفياء لمؤسساتهم وللوطن، وقدموا الكثير من التضحيات بهدف نقل الصورة الحقيقية للحرب التي تُشن على بلادنا. فالتحية الكبيرة لهم، والرحمة لأرواح شهداء الإعلام، وهذه دعوة لكل الإعلاميين بأن يكونوا صوتاً حقيقياً للمواطن.

هل رئيسة مجلس الشعب صارمة كما تبدو على الشاشات؟ كيف تتعاملين مع أعضاء مجلس الشعب وأعضاء المكتب؟ وهل لكونكم سيدة هناك فارق في التعامل مع أعضاء مجلس الشعب؟

بداية المهم في رئيس مجلس الشعب سواء أكان رجلاً أم امرأة هو القيام بكل المهام المنوطة به بفاعلية وبأمانة. هذا ما أسعى حقيقة إليه بغضّ النظر عن التفكير بكوني امرأة. وبكل تأكيد أن الإدارة والقيادة الناجحة ليست رهناً بأن يكون المرء صارماً أو متهاوناً. المهم أن يتمكن رئيس المجلس من تفعيل عمل المجلس للوصول إلى الطاقة القصوى بالشكل الذي يحقق الهدف المطلوب. لقد أشار السيد الرئيس في خطابه خلال الجلسة الافتتاحية لعمل المجلس إلى أن هذا المجلس استثنائي، لأنه يأتي في ظروف استثنائية، ومن ثم المطلوب منه القيام بمهام استثنائية تتناسب مع الظروف الصعبة التي يمر بها وطننا.

إنني أسعى بالتعاون مع كل الزملاء سواء أكانوا في مكتب المجلس أم في المجلس، إلى بذل كل الجهود الممكنة لخدمة المواطن عبر تخفيف أعباء الحرب عنه، ودعم أسباب صموده. تنتظرنا الكثير جداً من المهام الصعبة، ونعمل في المجلس بالتشارك مع الجميع على القيام بهذه المهام. جودة العمل مرتبطة بمدى التفاهم والتنسيق وروح العمل الجماعي، وهذا ما نسعى إلى خلقه وإشاعته كثقافة لدى كل الزملاء في المجلس.

المرأة جديرة بالمسؤولية

هل تؤيدين فكرة أن يكون هناك «كوتا» محدد للنساء في صفوف أعضاء مجلس الشعب؟

أناً شخصياً مع زيادة مساحة وفاعلية عمل المرأة السورية في كل المجالات، ولا سيما السياسية منها، وأستطيع أن أقول إن هذا الأمر هو ثقافة عامة في سورية، ووصول امرأة إلى رئاسة السلطة التشريعية ووجودها في كل المواقع القيادية بمختلف مستوياتها يؤكد هذه الفكرة.

بكل تأكيد نحن مع زيادة تمثيل المرأة في المجلس، وأنا من أنصار وجود نسبة يحددها القانون الانتخابي لتمثيل المرأة. فأي عملية نهوض بالمجتمع إن لم تتم بكلا جناحيه فستكون غير ناجحة. المرأة السورية أثبتت خلال السنوات الست الأخيرة من خلال وجودها في ميادين القتال والدفاع عن سورية (وبمختلف المستويات) أنها جديرة بالمسؤولية، وأنها لا تقل في ذلك عن الرجل.

وخلال عملنا في المجلس، فإن فاعلية دور وأداء السيدات أعضاء المجلس، لا يقل أبداً عن فاعلية وأداء السادة الأعضاء. تمثيل المرأة في هذا المجلس جيد، ونحن بالتأكيد نتطلع إلى زيادة عدد المقاعد التي تشغلها النساء خلال الدورات المقبلة، وهذا الأمر نتمناه ليس فقط في السلطة التشريعية، وإنما أيضاً في السلطة التنفيذية، وفي كل مستويات العمل العام.

هناء غانم

المصدر: الوطن

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...