نيران الحرب تندلع في دمشق وسط تصعيد أميركي

الجمل- بقلم:Jordan Shilton- ترجمة: وصال صالح: شهدت الأيام الأخيرة أعنف المعارك التي عرفتها دمشق منذ اندلاع الحرب في سورية عام 2011، هجوم مباغت من قبل مجموعة من الإسلاميين وقوات المعارضة الأخرى، من بينها عدد كبير من المقاتلين التابعين لتنظيم القاعدة السابقين –جبهة النصرة- التي شنت هجوماً على الأحياء الشرقية من المدينة يوم الأحد.
حتى صحيفة نيويورك تايمز، التي تبنت مشروع إسقاط الدولة السورية وتركيب نظام دمية في دمشق، نشرت مقالاً منافقاً تحت عنوان "مخاوف سياسية" بخصوص "التحالف بين أطياف الجماعات المتمردة والإسلاميين المتشددين" الذين نفذوا الهجوم.
وكانت القوات السورية شنت هجوماً يوم الإثنين واستعادت الكثير من الأراضي التي سيطر عليها الإسلاميون في اليوم السابق، وفقاً لمصادر الحكومة السورية، ثم بدأ الهجوم الثاني  بهدف فك الحصار الذي فرضته القوات السورية على المتمردين في حي القابون.
ويحكى عن اعتداءات أخرى على الأراضي التي تسيطر عليها الدولة السورية في محافظة حماة وغرب حلب، وكانت الطائرات الروسية والسورية شنت هجوماً عنيفاً على المناطق التي يسيطر عليها المتمردون،  وأوردت تقارير عن 143 غارة جوية منذ بدء الهجوم المفاجئ يوم الأحد، وكان المتمردون استهدفوا المدنيين دون تمييز، بما في ذلك التفجير الانتحاري الأخير بالقصر العدلي في دمشق والذي أسفر عن مقتل 30 شخصاً.
جدير بالذكر أن التصعيد الأخير لمقاتلي المعارضة في دمشق يشير إلى أن وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه في كانون الثاني من قبل روسيا وتركيا لم يكن أكثر من حبر على ورق. ويتوقع المراقبون بما يشبه الإجماع على أن محادثات السلام المزمعة في جنيف غداً  والتي يرأسها مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسورية، لن تفضي إلى أي تقدم ملموس، بينما رئيس وفد المعارضة لمفاوضات  جنيف–محمد علوش-  هو أيضاً قيادي في جيش الإسلام الذي يقود الهجوم على دمشق مع الجماعات الإسلامية الأخرى.
يؤكد القتال أيضاً على أن الوضع غير مستقر للغاية ومتفجر، بينما تستعد إدارة ترامب لإرسال أكثر من 1000 من مشاة البحرية الأميركية كجزء من توسيع هائل للمشاركة الأميركية في سورية والعراق.يُذكر ان الحرب الوحشية التي حرضت عليها أميركا لتغيير الدولة السورية، والتي دخلت عامها السابع الاسبوع الماضي طالت أرواح ما يزيد عن نصف مليون شخص وأدت إلى نزوح 11 مليون إنسان من منازلهم. مجموعة مراقبة الضربات الجوية الأميركية في سورية والعراق Air wars أشارت مؤخراً إلى أنه منذ تولي الرئيس ترامب إدارة البيت الأبيض، شهدت أعداد الضحايا في الآونة الأخيرة في كل من سورية والعراق زيادة "غير مسبوقة" وكانت مصادر محلية في مدينة الموصل العراقية  قالت  ل Air wars أن  الأسبوع الأول من شهر آذار شهد مقتل ما بين 250 إلى 370 من غير المقاتلين نتيجة الضربات الجوية الأميركية،في إطار الهجوم الحالي المدعوم من قبل أميركا لاستعادة  السيطرة على المدينة من داعش.
على مدى السنوات الثلاث الماضية ووفقاً لإحصاء أجرته Air wars أن الضربات الجوية التي نفذتها قوات التحالف بقيادة أميركا حصدت أرواح  2،590 مدنياً في سورية، وكان آخر هذه الفظائع تلك التي حدثت يوم الثلاثاء في مدينة الرقة- العاصمة الفعلية لداعش- عندما ضربت غارة جوية مبنى لمدرسة يؤوي مئات المدنيين، وبهذا تكون هي الضربة الثانية،  وكانت الضربة الأولى خلال الأسبوع الماضي طالت أرواح أعداد كبيرة من المدنيين، في أعقاب تدمير مسجد على مقربة من محافظة إدلب زعمت أميركا بأنه كان يستخدم من قبل تنظيم الفاعدة كمقر له، وأدت الضربة إلى مقتل 42 شخصاً خلال الهجوم، على الرغم من أن التقارير تحدثت عن ان الكثير ما يزالون محاصرين تحت الأنقاض، وبعد مواجهتها للأعداد المتزايدة من الصور وأشرطة الفيديو وروايات شهود عيان بتفاصيل ما جرى والدمار الذي أعقب ضربة يوم الخميس الماضي، قال مسؤولون عسكريون أميركيون لل CNN انه تم فتح تحقيق رسمي بخصوص الضربة.
يشار إلى أن الاستهداف المتزايد للمدنيين هو جزء من تصعيد  عنيف لإدارة ترامب في الحرب السورية، لا سيما أن ترامب كان قد أذن لل CIA  بتنفيذ ضربات جوية وطلب بإطلاق يد قواعد الاشتباك للقوات الأميركية للأهداف المسموح بضربها حتى لو أدى ذلك لسقوط ضحايا مدنيين.
التصعيد بالتدخل الأميركي يحدث في ظروف تصاعد التوترات الإقليمية، حيث شنت إسرائيل الأسبوع الماضي واحدة  من بين اكثر غاراتها  الجوية الاستفزازية في سورية، مستهدفة موقعاً قرب مدينة تدمر يسيطر عليه الجيش السوري، وقال مصدر عسكري سوري أن الغارة استهدفت موقعاً عسكرياً للحكومة، وان الجيش السوري أطلق صواريخ الدفاع الجوي على الطائرات, وفي وقت لاحق صرح مسؤولون روس أن عدداً من الشخصيات العسكرية الروسية كانوا يعملون على مقربة من الهجوم، موسكو استدعت السفير الإسرائيلي للاستفسار عن دواعي الضربة.السياسيون الإسرائيليون واصلوا هجومهم، متعهدين بتوسيع نطاق هجمات مماثلة في المستقبل، وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان قال متحدثاً لراديو إسرائيل يوم الأحد "في المرة القادمة، إذا ما استخدم السوريون أنظمة دفاعهم الجوي ضد طائراتنا، فإننا سندمرها بدون التفكير مرتين" إسرائيل تسعى أيضاً لتسويغ تدخلها زاعمة ان إيران تحاول تعزيز نفوذها في سورية من خلال إقامة قاعدة وجود عسكري في البلاد، هذا بالإضافة إلى أن موقف تل أبيب المتشدد تجاه طهران يتمتع بالدعم الكامل من إدارة ترامب. خلال زيارته للصين، رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أي حديث عن التوتر مع روسيا، لكنه أصر على أن الضربات ستستمر.
أما الكرملين الذي تدخل في الصراع السوري في أيلول 2015 بهدف دعم الدولة السورية، فقد رد على توسع التدخل الأميركي عبر توسيع وجوده الخاص على الأرض، وكان متحدث كردي أكد يوم الاثنين أن الميليشيات الكردية  YPG الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD أنهم توصلوا إلى اتفاق مع موسكو لإقامة قاعدة عسكرية في شمال غرب سورية حيث سيدرب الجنود الروس مقاتلين أكراد، وكانت القوات والآليات المدرعة وصلت في وقت سابق إلى بلدة عفرين، قال ريدور زيليل، وصرح مصدر روسي بعدم وجود نية لديهم لإنشاء قاعدة عسكرية إضافية على الأراضي السورية، وأن  لديهم وجود في محافظة حلب. الأخبار المتعلقة بتدريب الروس للأكراد أزعجت تركيا ودفعتها للتوجه بلهجة عدائية تجاه روسيا، في آب الماضي تدخلت تركيا في شمال سورية بهدف أساسي منع إقامة منطقة إقليمية مجاورة على حدودها تسيطر عليها القوات الكردية، نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموش قال بأن أنقرة لن تسمح ب"منطقة للإرهاب"في سورية وأضاف أنه لا بد من الحفاظ على البنية العرقية للمنطقة ، وكانت  القوات التركية اشتبكت مراراً وتكراراً مع ال YPG التي تعدها أنقرة منظمة إرهابية، مطلع هذا الشهر، هددت تركيا بمهاجمة بلدة منبج إذا رفضت ميليشيا ال YPG الانسحاب منها، مع ذلك، أجبرت تركيا على التراجع بسبب معارضة روسيا وأميركا.
خلاصة القول، الزيادة في عدد القوات الأميركية على الأرض في هذه المنطقة المتنازع عليها، وتصاعد الصراع الكبير الذي تقوم به إدارة ترامب في كل من سورية والعراق، يصب الزيت على نار الصراع الذي يمكن أن يخرج بسرعة عن نطاق السيطرة، حتى لو لم يكن اشتباك مقصود بين أي مكون من عدد لايحصى من القوة العسكرية العاملة في سورية سيكون كافياً لجذب القوى الإقليمية والعالمية، مع عواقب كارثية على المعاناة الطويلة لشعوب منطقة الشرق الأوسط.

عن:World Socialist website

الجمل