عندما يتوقف الزمن لحظة الاختطاف وتبدأ قصة موت يومي

20-06-2017

عندما يتوقف الزمن لحظة الاختطاف وتبدأ قصة موت يومي

أبداً.. لا تستطيع أن تقاوم دمعة تغزو عينيك بشرعية، ألم يتجسد أمامك إنسان يتلو عليك يوميات عذاب وحشي نفسي وجسدي طوال عامين وثمانية أشهر من الخطف على أيدي إرهابيين ملؤوا قلوب أبناء الوطن لوعة وأسىً وأغرقوه دماً.
وفي اللحظة عينها..
أبداً، لا تستطيع إلا أن تشعر بكامل القوة.. الفخر.. الكبرياء.. والثقة تجتاح كيانك وأنت ترى وتسمع ذلك الإنسان عينه وهو يحدثك عن صبر وصمود وإيمان حدوده الكون، صبر على البلوى وصمود بمواجهتها وإيمان بوطن نحافظ عليه ونصونه أحراراً كنَّا.. مخطوفين كنَّا.
كل ذلك وأكثر، فكيف عندما يكون ذلك الإنسان امرأة من مثال السيدة رئيفة حيدر المهندسة التي اختطفتها يد الإرهاب الهمجية مع شقيقتها من منزلهما في ضاحية عدرا العمالية صباح يوم 12/12 /2013.
توثق حيدر لحظة الاختطاف المحفورة في وجدانها ألماً بلا منتهى قبل أن تعود للتأكيد أن حياتها لم تتوقف عند تلك اللحظة كما هو الوطن الذي لم يتوقف لحظة ضربه الإرهاب ولم يسقط رغم اشتداد المحنة واستمرار تآمر ذوي القربى وغير ذوي القربى.
تقول حيدر: بعد تلك اللحظة انكسر حاجز الرعب الذي أراد الإرهابيون أن يسكن فينا أنا ومن تم اختطافه في ذلك الصباح وفي الصباحات التالية، وكنَّا بالمئات نساء ورجالاً وأطفالاً، وتضيف: بقدرة الله وبقدرة سورية الوطن تحصّنت قلوبنا وعقولنا بالصبر وبكامل الشجاعة لنصمد ونواجه ونبقى.
تتحدث حيدر فلا نحتاج للأسئلة.. لا نحتاج أن نقاطعها، إلا في بعض منعطفات زيادةً في التوضيح وحيث سردية المأساة تتكامل فلا نملك إلا أن ننصت لنسمعها حتى آخر كلمة.
امتلكت حيدر شجاعة الفرسان.. عزلاء لا عصاً بيدها ولا بندقية.. فقط عقل مفكر يجادل ويحاجج ويقنع، وقلب يمتلئ بحب سورية وبإيمان مطلق بأن نصرها قادم وقريب.
عندما دعوناها لزيارة مقر صحيفة «تشرين»، كنا نتوقع أن نسمع منها حديثاً بوجه واحد، حديث معاناة وأسى وألم، وهو حديث حق بالمطلق، لكننا كنا أمام امرأة معجونة من طينة سورية.. سورية الحقيقية كما تقول، ولأنها كذلك كانت نِعْمَ المرأة السورية المناضلة طوال مدة اختطافها، وهي بالأساس مناضلة منذ نعومة أظفارها قولاً وفعلاً عبر النشاطات والفعاليات التي كانت تشارك فيها بإصرار وتركزت خصوصاً على قضية الجولان السوري المحتل والأسرى السوريين والفلسطينيين والعرب في سجون العدو الاسرائيلي.
تقول حيدر: لطالما تخيلت نفسي أسيرة في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي، حتى إنني في بعض الأحيان رغبت بأن أكون كذلك حتى أواجه هذا العدو عن قرب فأكون أقدر على أداء واجبي وإيصال رسالتي له والعالم الذي يقف متفرجاً وداعماً لهذا الكيان الغاصب المحتل، لكنني لم أتخيل مطلقاً أن أكون «أسيرة» لدى من هم ينتمون إلى الوطن العربي، وتضيف: في الباص – باص الخطف – الذي نقلنا من مخفر عدرا العمالية حيث تم احتجازنا لـ «التحقيق» لساعات طويلة – إلى «معتقل» في مدينة دوما، كان في الباص إرهابي ليبي وآخر تونسي وثالث أردني، وهذا الأخير قال لي: «جئناكم من الأردن بالذبح». لم يقل جئناكم بالحرية ولا الديمقراطية كما تدّعي قنوات سفك الدم السوري.
تتابع حيدر: عندما وصلنا إلى المعتقل في الساعة الثالثة من فجر اليوم التالي بدأ «التحقيق» لتبدأ معه ومن بعده رحلة عامين وثمانية أشهر من التعذيب بكل صنوفه مضافاً إليه الجوع والمرض الذي فتك بالمختطفين فمنهم من قضى ومنهم من بقي يعاني شتى أنواع الأمراض ومنها أنا التي أعاني من التهاب أعصاب ومفاصل وهشاشة عظام وآلام في المعدة وغيرها وكلها أمراض مزمنة. قضينا الأشهر الستة الأولى في أقبية تحت الأرض لم نر الشمس ولو مرة واحدة.. هناك من قضى تحت التعذيب نساء ورجالاً ومن استشهد وهو يعمل مجبراً في حفر الأنفاق.. هناك الكثير من الأطفال الذين شاهدوا آباءهم أو أمهاتهم أو إخوتهم يقتلون أمام أعينهم ثم تم اقتيادهم إلى المعتقل، قتلوا عائلات بأكملها وخطفوا عائلات بأكملها وفي المعتقل فرقوا العائلات.. هناك أطفال ولدوا في المعتقل وأطفال كبروا فيه وأطفال استشهدوا فيه.
.. وماذا عن يوميات المختطفين، نسأل السيدة رئيفة حيدر فتقول: كنا «نُباع ونُشرى» مثل أي سلعة، تتقاسمنا التنظيمات الإرهابية أو يُستولى علينا أو يُساوَم علينا عندما تهجم مجموعة إرهابية على أخرى، حاولوا استغلالنا ضد بعضنا بعضاً وترهيبنا ليأخذوا منا معلومات أو لنغير مواقفنا أو لنخرج على الإعلام لننكر الدولة – الجيش والمؤسسات وغير ذلك– لكننا لم نُغير ولم نتغير كما كان الحال عندما وضعونا في أقفاص على شاحنات جابت بنا على مدى أربعة أيام شوارع مدينة دوما على مرأى كل العالم مدعين أننا زوجات وأبناء ضباط ومسؤولين وأنهم يفعلون ذلك حتى يمنعوا جيشنا العقائدي البطل من قصفهم، وأحضروا قنوات سفك الدم السوري لتصورنا وتجبرنا على مقابلات نهاجم فيها دولتنا وجيشنا.
وتضيف حيدر: بقدر ما كان ذلك الفعل وحشياً في انتهاكه إنسانيتنا بقدر ما كان مصدر قوة هائلة لنا حيث استطعنا أن نحوله طعنة إلى نحور الإرهابيين الخاطفين. كان اليوم الأول في الأقفاص قاسياً جداً بما تعجز الكلمات عن وصفه لكننا في الأيام الثلاثة اللاحقة حوّلنا الفعل كله إلى فعل وطني مقاوم فكان كما مسيرة وطنية هتفنا فيها لسورية والجيش والرئيس بشار الأسد، لم نخش تهديدات الإرهابيين الذين جنّ جنونهم.. كنا نهتف ونهتف ونهتف ولا نبالي. حتى «المراسلين الصحفيين» الذين استجلبوهم لنقل هذا الفعل الشنيع انهالوا علينا بالشتائم والتهديدات، لكننا لم نصمت ولم نستكن، واضطروا مجبرين لعدم تكرار هذا الفعل مرة أخرى، لكن وسائل التعذيب الأخرى استمرت.
أسوأ ما فعله الخاطفون الإرهابيون – تقول حيدر – أنهم كانوا يستغلون الأطفال ترغيباً وترهيباً لينقلوا لهم أحاديثنا. تعرضنا لتجويع شديد وكان الأطفال الأكثر تأثراً به ولا تستطيع لوم طفل جائع عمره بضع سنوات أن يضعف أمام طعام يغريه به الخاطفون أو أن يصمد أمام ضرب وحشي يتعرض له أو يرى أمه تتعرض لذلك أو أحد أفراد عائلته، وبعض هؤلاء الأطفال بالأساس شهد مقتل أحد أفراد عائلته عندما اجتاح الإرهابيون مدينة عدرا العمالية وقطعوا رؤوس العشرات من أهلها.. كنا نسمع أصوات المختطفين الذين يتعرضون للتعذيب أو نراهم من فتحات صغيرة، كانوا يتعرضون لضرب وحشي وبعضهم يموت تحت الضرب ومن بينهم امرأة استمر الإرهابيون بضربها حتى ماتت.. كانت الغرفة ضيقة جداً، كما ننام على ورديات أو جلوساً، لا مياه ولا نظافة ولا طبابة، أصابنا القمل والجَرَب وكل أنواع الأمراض الجلدية عدا عن الأمراض المزمنة الأخرى..
كانوا يعرضوننا على ما يسمى «هيئة شرعية» للتحقيق أو لتغيير مواقفنا، وأنا أكثر من تعرض لهذا الأمر، لم أكن أسكت، كان صوتي عالياً، كنت أحاججهم بـ «حججهم» نفسها وبالدين نفسه الذي يقتلوننا باسمه، كنت من أدينهم، ولم يستطيعوا في أي يوم أن تكون «حجتهم» أقوى من حجتي و«كلامهم ومنطقهم» أقوى من منطقي فكانوا يتحولون إلى إطلاق السباب والشتائم والتهديد والوعيد.
ونسأل حيدر: كيف كان المخطوفون يجدون القوة والصبر ليكملوا حياتهم في اليوم التالي وكيف كانوا يغذون الأمل بأنهم سيخرجون يوماً إلى الحرية ويرون خاطفيهم ينالون القصاص؟
تقول حيدر: لم يمت الأمل لدي في أي يوم، كنا أقوى من خاطفينا وكنت أعمل ليل نهار على تقوية نفسي وتقوية الأخريات.. كان عددنا 25 مختطفة في غرفة لا تتجاوز ثلاثة أمتار طولاً وعرضاً وكان معنا أطفال.. شجعت الجميع على مواصلة التعلم وخصوصاً الأطفال ليكونوا بمستوى أقرانهم عندما يخرجون إلى الحرية، وحققنا مستوى مهماً في عملية التعليم بأبسط الوسائل وحتى من دون وسائل. كانت هذه رسالتي وأمانة في رقبتي لأنني كنت الأقدر على تأديتها بفعل شهادتي العلمية «مهندسة» ونوعية عملي وقدرتي على التعامل مع الأطفال وأهلهم بحكم اهتماماتي السابقة بعلم النفس والتربية.
لكن الأمل، أو الحلم كما تسميه حيدر هو: كنا نحلم دائماً أو نتخيل– كأنه حقيقة– أن يأتي يوم يُدقُّ فيه باب المعتقل. نقول: من؟ فيأتينا صوت: أنا جندي سوري. وتنهمر دموع حيدر وكأن ذلك الحلم لم يفارقها بعد. تقول: لم نفقد الأمل يوماً بالجيش.
وتضيف: أكثر ما كان يقوينا هو سماعنا صوت الطائرات تحلّق في المكان وتضرب مواقع الإرهابيين فنتأكد أن الفرج قريب.
وتتابع: في المعتقل غيًرنا تحية الصباح إلى: تحيا سورية.. كل فعل وكل أمر كنا نربطه بكلمة سورية كي تبقى سورية حيَّة فينا تعزز صمودنا وصبرنا.
كيف انتهت مأساة حيدر؟
لم تنته معاناة حيدر كما ذلك الحلم وإنما بعملية تبادل أنجزتها الدولة عبر وزارة الدولة لشؤون المصالحة الوطنية في 15 /7 /2016 فيما خرجت أختها بعدها بخمسة أشهر في 10 /12 /2016.
هذا لم يقلل من فرحة الخروج إلى الحرية وانتهاء المعاناة وخصوصاً أن حيدر تستطيع مواصلة النضال نفسه من أجل قضية المختطفين. وتقول: لقد حملوني قضيتهم، إنها أمانة في عنقي.
وبالفعل تحمل حيدر الأمانة بأمانة ولا تتوانى عن فعل كل ما يساعد المختطفين ومنها عرض قضيتهم – باعتبارها شاهداً شهد ما يكفي وأكثر – في وسائل الإعلام وفي المحافل الإنسانية الدولية. تطالب بأن تذهب إلى جنيف أو أستانة لتُسمع العالم صوت المختطفين والمختطفات. هذا العالم الذي يرفض سماعهم داخل معتقلات الإرهابيين ولا يفكر بزيارتهم وإنما يسعى لإسكات صوتهم، حتى عندما وضعهم الإرهابيون في أقفاص – في فعل هو جريمة ضد الإنسانية بكل معنى الكلمة – لم يحرك هذا العالم ساكناً، لا بل تبنى «وجهة نظر» الإرهابيين بداية قبل أن يدرك متأخراً وحشية هذا الفعل الإجرامي وقبل أن يأمر داعمو الإرهابيين بالتوقف عنه بسبب الإحراج الذي وقعوا به.
وتؤكد حيدر أنها طوال عامين وثمانية أشهر من اختطافها لم تر وتسمع أن منظمة إنسانية واحدة – غربية أو أممية أو وسيلة إعلامية غربية واحدة قامت بزيارة المختطفين، وهذا ينطبق على قضية المختطفين عموماً منذ بدئها بعيد بدء الأزمة المفتعلة في سورية بأشهر قليلة، فكيف يحق لهذه المنظمات الإنسانية وتلك الوسائل الإعلامية أن تتحدث عن الإنسان السوري وحقوقه الإنسانية وهي تغفل أو بالأصح تتعمد تجاهل مأساة آلاف المختطفين.
وتنتهي المقابلة مع السيدة رئيفة حيدر، تغادرنا بمثل ما أتت به.. دمعة وفرحة، دمعة وغصة على آلاف المختطفين في معتقلات الإرهابيين ومصيرهم المعلّق بين حياة معذبة وموت لا يأتي إلا تحت التعذيب، وفرحة وتفاؤل لأننا أمام امرأة بمنزلة فارس استطاعت أن تصنع حياة من قلب الموت، أن تناضل وتصمد وتخرج إلى الحرية .. إلى الحياة، ولتعلم كل العالم أن سورية لا تموت، قد تمرض لكنها لا تموت.. وأنها كالفينيق يحيا من قلب الرماد عندما يظن الأعداء أنهم تمكنوا منها.

المختطفون والإعلام الغربي.. تخاذل وتواطؤ وتآمر

ورداً على تساؤل حيدر حول المنظمات الإنسانية ووسائل الإعلام الغربية التي لا تقرب من قضية المختطفين السوريين على أيدي الارهابيين ولا تقاربها، نقول إن هذا أمر بديهي مادامت هذه المنظمات والوسائل الإعلامية منخرطة بأغلبها في الحرب الإرهابية التي تتعرض لها سورية منذ بدئها قبل سبع سنوات وحتى منذ مرحلة التحضير لها، تكفي نظرة سريعة على أهم الوسائل الإعلامية الغربية لنرى كيف تتجنب هذه الوسائل الإعلامية الحديث عن حقيقة وجرائم الإرهابيين الذين تدعمهم الدول التي تصدر فيها أو تستضيف هذه الوسائل الإعلامية، وحتى إذا تناولت قضية المختطفين فهي تفعل ذلك فقط للتهجم على الدولة السورية ونشر الأكاذيب والأضاليل ضدها، لتكون وسائل الإعلام هذه كـ «مسيلمة الكذاب» تحمي القاتل وتبرر إرهابه، وبعضها يذكر جانباً من الحقيقة ليس بهدف إظهار هذه الحقيقة وإنما لتشويهها بالكامل وتحميل مسؤولية الفعل لغير فاعله.
لنعرض مثلاً ماذا كتبت صحيفة «ديلي بيست» البريطانية في مقال بعنوان «المخطوفون في سورية.. قصة بقاء».
في مقابلة حصرية أجرتها الصحيفة مع عدد من الصحفيين طرحت السؤال التالي: لماذا هذه النهاية التعيسة للحرب على سورية؟ وتقول: يقال إن الجميع يعرف سورية وكذلك الصحفيون الغربيون الذين جاؤوا لتغطية الحرب عليها، لكنهم بعد الخطف أصبحوا يعرفون حقيقة ما يحدث هناك، فالحرب جعلت من كل صحفي غربي ومراقب للأحداث في سورية خبيراً في شؤون الحرب بعد أن أصبح يعلم جيداً أن الموت والمعاناة ليست «حقائق بديلة» وليس هناك طريقة أفضل لإخبار الحقائق عما يحدث في الحروب من النزول إلى الأرض ورؤية ما يجري.
وتضيف: إن أهوال الحرب وجراحها لا تزال حية في الذاكرة، ولعل أصعب اللحظات التي أشار إليها أحد الصحفيين الغربيين في تلك الحروب كان اختطاف وقتل صديق وزميل مهنة أمام عين صديقه، كما حدث أثناء قتل الصحفي الأمريكي جيمس فولي على أيدي الإرهابيين في صيف 2014.
يقول أحد الصحفيين الغربيين المختطفين حول قتل صديقه: كان شخصاً عظيماً جداً، وإنساناً استثنائياً، ملتزماً بمهنته وبمسؤوليته تجاه الشعب السوري، وأتذكر أنه قام بواجبه والتزاماته للتخفيف من معاناة الشعب السوري، وإظهار جانب من الحقيقة لكشف حيثيات الحرب على سورية.. لقد غيرت هذه الحرب حياة الناس في سورية وفتحت أعين العالم لما يجري هناك ولماذا سورية بالذات؟ وتابع قائلاً: نحن نفهم أنه بالإضافة إلى كوننا صحفيين نحن شعب ونعلم معنى كلمة شعب.
وأضاف: نحن عيون العالم ومن دوننا لن نعرف ما يحدث في هذه الأماكن، وأسأل كيف طوّر الإرهابيون خطة تسويق «الفيديوهات» الخاصة بهم؟ وكيف يتم وضع الجناة والضحايا في خانة واحدة؟ وكيف يجعل الإرهابيون أولئك المخطوفين يلعبون أدوارهم المؤلمة حتى قبل لحظات من تصوير قطع رؤوسهم؟
ونحن في «تشرين» نقول هذا سؤال مشروع، ولكن هل هناك من إجابة أمينة عنه؟ لا نعتقد ذلك، إذ إن الصحيفة نفسها التي تسأل هذا السؤال لا تتوانى عن مجافاة الحقيقة وإلقاء كل المسؤولية على طرف واحد فقط، متجاهلة دور الولايات المتحدة التي جندت كل إرهابي حول العالم في مخطط تدمير سورية، ومتجاهلة أيضاً كيف أن خليج الأعراب لم يبخل بقرش واحد لتمويل هؤلاء الإرهابيين الذين يعملون بإشراف خبراء أمريكيين وغربيين عسكريين وسياسيين.
لنأت على «فوكس نيوز» في آخر تناول لها لقضية المختطفين والأزمة في سورية عموماً.
تقول «فوكس نيوز»: إن تنظيم «داعش» الإرهابي اختطف أكثر من 300 عامل سوري في شركة إسمنت البادية – ومقرها شمال شرق سورية – وفقاً لتقارير نشرتها صحف غربية منها صحيفة «نيويورك تايمز»، إذ شنّ تنظيم «داعش» هجوماً مفاجئاً على الشركة والمنطقة التي توجد فيها حيث وقعت عملية الاختطاف بالقرب من بلدة دومير على بعد حوالي 25 ميلاً من دمشق.
بدوره ، ما يسمى «المرصد السوري» اعترف بأكثر من هجوم إرهابي أسفر عن وقوع مئات المدنيين ضحايا للاختطاف، إضافة إلى مهاجمة الثكنات العسكرية واختطاف جنود منها.
ويتحدث تقرير لـ «أسوشيتد بريس» عن مجزرة قام بها «داعش» في المنطقة الشرقية وقتل فيها مئات الأشخاص بمن فيهم عشرات النساء والأطفال وألقى جثثهم في نهر الفرات، مضيفة: إن «داعش» أخذ بعد هذه المجزرة 400 رهينة.
ونسأل ما أهمية مثل هذه الأخبار وأين مكمن تأثيرها؟
ونقول: إن لا فضل ولا منّة لهذه الوسائل في نشر هذه الأخبار مادامت لا توجه إصبع الاتهام إلى المجرم الحقيقي ولا تطالب بمحاسبتهم وهم هنا ليس الإرهابيين فقط الذين هم بأغلبهم أدوات تأتمر بأوامر مموليها ورعاتها بل أيضاً هؤلاء الممولون والرعاة، إذا كانت فعلاً تهتم بالإنسان السوري وحقوقه فعليها ألا تكون رهينة للأجندات السياسية وألا تأتمر بالأوامر نفسها التي يأتمر بها الإرهابيون، فالكلمة كما السلاح تُرهب وتقتل.
على المنوال نفسه، ماذا كتبت صحيفة «الغارديان» البريطانية في آخر خبر لها حول قضية المختطفين؟ وتقول «الغارديان»: إن أكثر من 2000 رهينة يحتجزهم تنظيم «داعش» الإرهابي في مدينة منبج السورية، وهم ينتظرون الفرج ويحلمون بالحرية واستعادة حياتهم الطبيعية.
وعندما كانت بلدة مضايا تحت نير الإرهابيين، عرضت شبكة «سي إن إن» الأمريكية تصريحات لمدير منظمة العفو الدولية في الشرق الأوسط وإفريقيا فيليب لوثر قال فيها: إن تقارير المجاعة وسوء التغذية في مضايا التي تبعد أقل من ساعة عن العاصمة دمشق ويسيطر عليها المسلحون تمثل غيضاً من فيض ما تعانيه البلدة.
وتعلق «سي إن إن»: إن عمليات الخطف المرتكبة في سورية لم تحظ بقدر كبير من الاهتمام، ليبقى ذلك السؤال معلقاً حول ما الذي يجعل تلك العمليات غير مدرجة على قائمة الاهتمام الدولي عندما يتعلق الأمر بالحرب على سورية.
مرة أخرى سؤال مشروع ولكن جوابه ليس صعباً ولا يحتاج إلى جهد كبير فقط على وسائل الإعلام السابقة وغيرها من وسائل الإعلام الغربية أن تتوجه بهذا السؤال إلى حكوماتها فهي من يملك الجواب، علماً أننا والجميع ووسائل الإعلام تلك نعرف الجواب.. وعليه فإن هذا السؤال هو فقط من باب التبرؤ من المسؤولية من جهة ومن باب الاستمرار في مخطط التآمر على سورية من جهة أخرى.

وزارة المصالحة: قضية المختطفين والمفقودين من أولويات الحكومة

لطالما وضعت الدولة السورية قضية المختطفين والمفقودين نصب عينيها وكانت هذه القضية ملفاً أساسياً على طاولة الحكومة، فكان أن تم تأسيس وزارة – تحت اسم وزارة الدولة لشؤون المصالحة الوطنية – منذ عام 2012 لتهتم بهذه القضية ضمن ملفات المصالحة التي تعمل عليها.
وبشكل عام قامت وزارة الدولة لشؤون المصالحة الوطنية بجهود كبيرة جداً بإنجازها عشرات عمليات المصالحة والتبادل التي أدت إلى الإفراج عن مئات المختطفين، فلا يكاد يمر شهر إلا وتتم عملية تبادل سواء على صعيد فردي أو جماعي.
وحسب تصريح لوزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية الدكتور علي حيدر لـ «تشرين» فإن عدد المختطفين المسجلين في الوزارة بلغ حوالي 10 آلاف مختطف، وأنه تم تحرير 2000 مختطف، مؤكداً أن الوزارة تواصل جهودها في سبيل الإفراج عن جميع المختطفين، وأن التنسيق قائم ومتواصل بين الوزارة وغيرها من الوزارات أو الجهات المعنية الأخرى التي يمكن أن يكون دورها مساعداً في هذه القضية.

وضاح عيسى ـ وصال سلوم ـ مها سلطان ـ إيمان الذنون

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...