العيون على «مشروع الإصلاح الإداري»: فشل حملات التشويش

27-07-2017

العيون على «مشروع الإصلاح الإداري»: فشل حملات التشويش

ينذر إطلاق «المشروع الوطني للإصلاح الإداري» بمرحلة جديدة تعيشها سوريا. تعديلات قوانين وإعفاءات مديرين وتسريبات عن تعديلات حكومية مقبلة توحي بجدّية الرئاسة في المضي قُدماً في تطبيق المشروع، وسط محاولات مسؤولين عدة لتبييض صفحاتهم على حساب هذا المشروعالعيون على «مشروع الإصلاح الإداري»: فشل حملات التشويش.

في العشرين من الشهر الفائت، أعلن الرئيس بشار الأسد إطلاق «المشروع الوطني للإصلاح الإداري»، خلال حضوره اجتماعاً حكومياً. جاء ذلك الإعلان في ظل توجيهات الرئيس بإعداد كل وزارة رؤيتها للإصلاح الإداري خلال مدة لا تزيد على ثلاثة أسابيع، بهدف استكمال المشروع والعمل على تهيئة أطره القانونية والإدارية وهيكلتها.

هاجم الأسد في خطابه مواكب المسؤولين الأمنية وهزئ من الذين يدّعون الوطنية وحماية البلد، فيما هم يرفضون الوقوف حتى على الإشارة الضوئية. على إثر ذلك، انبرى مسؤولون إلى «استعراض» التمثّل بتوجيهات الرئيس. جعلوا من أنفسهم «قادة» الإصلاح الإداري وتطبيق القانون ومكافحة الفساد. أيام مريرة قضاها بعض شبان اللاذقية من أصحاب السيارات «المفيّمة»، في ظل حملات مكثفة بدأتها المحافظة وقيادة الشرطة، بالتزامن مع حملات مشابهة في كل من العاصمة وحمص وطرطوس وأماكن أُخرى. محاولات يومية لإفراغ المشروع الوطني المطروح من مضمونه وجعله مقتصراً على بضع دوريات للشرطة العسكرية تلاحق السيارات والدراجات النارية. كاد الشارع ينسى مشروع الإصلاح الإداري القائم على خلق منهجية واحدة لجميع الوزارات عبر ما يسمى «مركز القياس والدعم الإداري» ومرصداً للأداء الإداري، إضافة إلى موقع إلكتروني يهدف إلى التواصل مع المواطنين وتلقي مقترحاتهم وشكاويهم المباشرة.

تهافت المسؤولون على إزالة بعض الحواجز داخل المدن، ولا سيما في محيط الأفرع الأمنية ومباني المحافظات، وصولاً إلى نزع الفواصل الإسمنتية في محيط منزل محافظ اللاذقية شخصياً. واقتصرت السيارات «الناجية» من حملة إزالة اللاصق الأسود العاكس للرؤية، على من يحمل سائقها «بطاقة مهمة» من وزير الداخلية حصراً. فورة الاستعراض جعلت فنانين ونواباً ينزعون الـ«فيميه» عن سياراتهم بأيديهم تحت عدسات الكاميرات، كرمى لعيني «مشروع الإصلاح الإداري». لكن الناس استيقظوا على تذكير جديد بجوهر «المشروع الوطني»، من خلال تعديل مراسيم رئاسية متعلقة بخدمة العلم أو عزل مديرين عامين وتعيين آخرين، في ظل تسريبات عن تعديلات حكومية مقبلة تطاول أربع وزارات، اثنتان منها سياديتان.هيئة الرقابة والتفتيش... هل من دور مبشّر؟

وعلى الرغم من مرور أكثر من شهر على إطلاق المشروع، فإن الشارع التقط إشارات القصر الرئاسي حيث استمر الأسد بعقد اجتماعات تتعلق بتطبيق مشروع الإصلاح الإداري، آخرها كان مع القاضية آمنة الشماط، رئيسة الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش. وأتت دلالات الاجتماع واضحة، في ظل اعتبار الأجهزة الرقابية أدوات في يد السلطة التنفيذية في البلاد، والمطالبة بإطلاق يد القضاء النزيه على جميع مفاصل الدولة. بدا الأسد حازماً في توجيهاته إلى الشماط بالتشدد في مكافحة مظاهر الخلل كافة، بما فيها الإهمال والتقصير والفساد. ومن جانبها، وعدت الشماط بوضع مكافحة الخلل ووقف الهدر العام على أولويات عمل الهيئة. وإذ تظهر من سياق اللقاءات والاجتماعات والتسريبات، الهيئة المركزية للتفتيش كرأس حربة في المشروع، فإن معوقات واضحة تواجه تفعيل دور الهيئة على أعلى مستوياته، من بينها تبعية الهيئة إدارياً لرئاسة السلطة التنفيذية، بدلاً من دورها الرقابي على جميع مفاصل الدولة، بما فيها الحكومة. وهو أمرٌ لطالما عانت منه الهيئة في ظل الحكومات المتعاقبة على البلاد. 

ويعزز هذه التبعية في التراتبية الإدارية أن رئيسة الهيئة الحالية امتنعت، مثلاً، عن التصريح الصحافي، بانتظار إذن من رئيس الحكومة عماد خميس، الذي زار الهيئة مطمئناً إلى سير العمل فيها. وعلى إثر ذلك أعلنت الحكومة السورية البرنامج التنفيذي للمشروع، والمكوَّن من أربع مراحل، على مدار سنتين مقبلتين، يبدأ بمرحلة التأسيس المتطلبة البنية التشريعية والفنية واللوجستية، إضافة إلى إطلاق المرحلة التجريبية لـ«منبر صلة وصل»، ابتداءً من تاريخ 10 آب المقبل، ولمدة ثلاثة أشهر. وتستمر مرحلتا «الحضانة» و«التمكين والاستجابة»، إذ تشمل عمل الوزارات ذاتياً على إصلاح الخلل والاستجابة لتحسين الخدمات. أما المرحلة الأخيرة «قياس الأثر»، فتستمر عاماً كاملاً، حتى نهاية تشرين الأول 2019، بحيث تضمن استقرار آليات عمل المشروع.

يأتي الحراك الحكومي في ظل وعي الشارع لمأساة الروتين والفساد التي تسيطر على مفاصل الدولة. ليبرز أهم ما يقلق راحة المواطنين، وهو سوء استخدام السلطة وانعدام العدالة في تطبيق القانون. يذكر زياد، طالب جامعي، أن معظم رفاقه أعادوا اللاصق الأسود العاكس إلى زجاج سياراتهم، منذ أيام، بعد كفّ شرطة المدينة يدها عن ملاحقة السيارات المخالفة. يعزو الشاب العشريني الحملة الأخيرة، إلى موضة استعراض اتبعوها. يصف الأمر بـ«حالة من التخبط» يمرّ بها أصحاب المسؤولية في البلاد، حيال اضطرارهم إلى القيام بواجب تخلّفوا عنه سنوات طويلة.

 ويضيف: «قال لهم الرئيس كيف تخافون من الشعب وأنتم تقومون بحمايته! فما كان منهم إلا أن نزعوا الـ(فيميه) عن سياراتهم ليروا شعبهم (الحبيب) الذي اكتشفوه فجأة». الأمر نفسه بالنسبة إلى منصور، أستاذ جامعي، إذ يرى أن حملات تطبيق القانون يجب أن تنطلق من الجامعات. ويضيف: «يجب تطهير الكوادر الإدارية من الفساد في معظم مرافق الدولة ووزاراتها، بدل توجيه الأنظار إلى حملات سطحية لا طائل منها إن لم تترافق مع حملات مكثفة لترسيخ المواطنة في نفوس السوريين، بعد سنوات من الحرب وضياع الهوية».

 ويتساءل كيف يمكن حكومةً متهمة بالبعد عن الشارع أن تكون مسؤولة عن إصلاح نفسها؟ ويعتبر الرجل الخمسيني أن تعديل قانون خدمة العلم، وفق مرسوم رئاسي، حدّ من صلاحيات وزارة الدفاع، وأفسح المجال لإعادة الفحص الطبي للمستثنين من خدمة العلم لأسباب صحية. الأجواء بدت إيجابية لدى عدد من طلاب الجامعات، في ضوء وجوب إعادة عرض 1680 شاباً على لجنة فحص جديدة للتأكد من أحقيتهم في نيل إعفاء عسكري، وذلك بعد إصدار مرسوم تشريعي، وبأثر رجعي، بشطب الفقرة «ح» من المادة 25 من المرسوم رقم 30 لعام 2007، التي تعطي الصلاحيات للقيادة العامة للجيش بإعفاء من ترى استبعاده من الخدمة الاحتياطية.


مرح ماشي - الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...