شلالات نياغارا قد تجف قريباً

06-11-2017

شلالات نياغارا قد تجف قريباً

 

إن كنتم ترغبون بزيارة شلالات نياغارا من جانبها الأميركي، فسارعوا. إذ ثمة مشروع يقضي بـ"تنشيف" ذلك الجانب خلال العام 2018 أو 2019، وفق راندي سايمنز، مدير المتنزهات الوطنية في ولاية نيويورك (وهي ليست مدينة نيويورك). لكن، سيصبح الجانب الكندي من الشلالات أكثر بهاءً وروعة لأسباب تقنية، تنبع من طريقة تنفيذ المشروع في حد ذاتها، مثلما سنرى.

فولاية نيويورك تعكف على دراسة مشروع "تنشيف" الجانب الأميركي من الشلالات، الذي يدعى فعلاً "نياغارا"، ويضم شلالين اثنين. أما الجانب الكندي، المؤلف من شلال واحد، فيدعى "حدوة الحصان Horseshoe fall". والشلالات الثلاثة، التي يغذيها بالماء مصدر واحد هو نهر نياغارا، تنفث 170 ألف متر مكعب من الماء في اليوم، أي نحو 2800 متر مكعب في الثانية.

قد نتساءل: ماذا أصاب مسؤولي الولاية لكي يفكروا في إيقاف تلك النعمة السياحية، التي تدر أرباحاً هائلة؟ في الواقع، سيمثل الـ"تنشيف" حالة مؤقتة. فالهدف من إبعاد المياه الهادرة ينصب على بناء جسرين يعبران فوق الشلالين وصولاً إلى جزيرة صغيرة تقبع بينهما، يرتادها الآلاف يومياً، تدعى "جزيرة المعزة Goat Island". فثمة جسران يفضيان إليها، لكنهما باتا متهرئين، إذ يعود تشييدهما إلى العام 1901، فضلاً عن ترميمات أجريت في العام 2004. وبات لا مناص من "حرب استباقية" لتبديلهما بجسرين متينين تفادياً لحوادث قد تطرأ جراء دوس آلاف الأزواج من الأقدام يومياً عليهما.

والسؤال الآخر: كيف يمكن "تنشيف" تلك الكميات من المياه المتلاطمة العصية؟ والجواب: سيبدو المنظر "ناشفاً"، لكن لن يكون هناك أي تنشيف حقيقي. إذ ينصب المشروع على حرف مسار نهر نياغارا مؤقتاً لفترة تراوح بين 5 إلى 9 أشهر، بحيث يُجرى توجيه مياهه كلها نحو الجانب الكندي، أي شلال "حدوة الحصان"، ما سيجعله أكثر دوياً. والأخير يتمتع أصلاً بمياه عالية المنسوب ومنظر بديع من مدينة سانت كاترينز، المطلة عليه وعلى بحيرة أونتاريو. ومصائب قوم عند قوم فوائد، ولو أنها، فضلاً عن كونها مؤقتة، ليست مصيبة حقيقية إذا قورنت بشلالات الدم المتوطنة في بقاع أخرى من العالم.

أما عن التساؤل حول ميسورية تنفيذ المشروع، فيرد المهندسون بالإيجاب قطعاً. والدليل: ثمة "سابقة" تكنولوجية، تعود للعام 1969. في تلك السنة أيضاً، تم "تنشيف" شلالي نياغارا الأميركيين، إنما ليس بغية بناء جسر. ففي فترات متقطعة قبلها، تهاوت كميات كبيرة من الأحجار من الحائط الصخري العمودي الذي تتساقط المياه في موازاته، وكان من شأن تراكمها في القعر سد الشلالين نفسيهما، إضافة إلى احتمال تبدد المياه نحو المناطق المجاورة، وربما التسبب في فيضانات وكوارث. لذا، تم وضع سد مؤقت، قوامه 28 ألف طن من الأحجار والصخور، بهدف حرف مسار نهر نياغارا، بحيث صارت مياهه تسري كلها في الجانب الكندي. وكانت المرة الأولى التي ينحرف فيها مسار النهر منذ 12 ألف عام، هي عمره وفق تقدير علماء الجيولوجيا.

إذن، سيحرم السياح خلال تلك الشهور من تأمل بهاء الشلالين من الجانب الأميركي. ربما سيعللون النفس بالذهاب أبعد قليلاً، إلى الجانب الكندي وشلاله "حدوة الحصان"، وأخذ ما يحلو لهم من صور تذكارية. فالطبيعة متشابهة، ولن يفطن إلى أن الصور مأخوذة من الجانب الكندي إلا المتبحرون في الـ"نياغارالوجيا".

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...