نجدت أنزور يرفع راية المرأة في وحدن ؟

10-11-2017

نجدت أنزور يرفع راية المرأة في وحدن ؟

 

في بداية تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي، أنهى المخرج السوري تصوير مسلسل «وحدن» الذي يروي قصص نساء وحيدات يعشن يومياتهن في غياب الرجال، ضمن شرط حكائي خاص يختلط فيه الواقع بالخيال

على هدير «بوسطة» ما زالت بحالة جيّدة من أيام الثمانينيات، ترنح بنا الطريق 100 كيلومتر جنوبي دمشق، مروراً بمدينة شهبا الأثرية، صعوداً إلى قرية غيضة حمايل، إحدى قرى المقرن الشرقي لمحافظة السويداء بمحاذاة البادية السورية، والتي اختارها المخرج نجدة أنزور موقعاً لتصوير مسلسله الجديد «وحدن» (تأليف ديانا كمال الدين، وإنتاج شركة «سما الفن») لموسم دراما رمضان 2018.

كل شيء هنا يوحي بالعُزلة، حتى الأصوات تكاد تكون مكتومة في موقع التصوير، تمتصّها حجارة البازلت التي بُنيت منها بيوت قرية عتيقة يقدّر عمرها بخمسة آلاف سنة، وهجرها أهلها منذ خمسين عاماً لصعوبة الحياة فيها، متخذين مساكن جديدة تعلو التلّتين المتقابلتين المنحدرتين إلى أطراف «وادي الشام» موقعها القديم.
أعاد فريق ديكور المسلسل بإشراف الفنّان عصام الداهوك ترميم مبانيها المتهالكة، وبناء الأدراج والممرات بين بيوتها الساحرة المبنيّة على مستويات عدة، ومدّ إليها طريقاً إسفلتياً حديثاً بدعم من المخرج والبرلماني السوري، بعدما وجد في الغيضة القديمة موقعاً مثالياً يحقق فرضية العمل، الذي يروي قصص مجموعة نساء وحيدات يعشن يومياتهن في غياب الرجال، ضمن شرط حكائي خاص يختلط فيه الواقع بالخيال.

فرضيّةٌ درامية «جديدة» يريد عبرها أنزور «الابتعاد عن الشكل التقليدي الذي اعتاد عليه المشاهد، سواء في الأعمال المحلية أو أعمال البيئة الشامية، وتلك الأعمال الهجينة التي تنتج خارج الوطن ولا تمتّ له بصلة لمجرد غايات تسويقية». فمخرج «الجوارح» يؤكد لـ «الأخبار» أنّه هناك حاجة اليوم «لانتفاضة جديدة في الدراما، نقدّم من خلالها أفكار جديدة تحترم عقل المشاهد، خصوصاً بعد هذه الأزمة الخطيرة التي تمر بها سوريا»، معتبراً أنّ فكرة مسلسله الجديد «تحقق هذا الغرض. فهي إنسانية في المقام الأوّل، وتوفرّ مساحة للإبداع على مستويات مختلفة، كالإضاءة، الديكور، وطبيعة تقطيع المشاهد...».

أما الكاتبة والمخرجة المنفذّة للعمل ديانا كمال الدين، فتوضح أنّ الهدف الأساسي من هذه الفكرة هو «تقديم المرأة السورية بطريقة مختلفة عمّا تقدّم في الدراما، أي كخانعة أو تابعة للرجل، أو متحرّرة بالكامل. فالمرأة التي حملت تاريخ الحضارة السورية لليوم، هي أكثر من تحمّل أعباء الحرب خلال السنوات السبع الماضية، كأم، وزوجة، وأخت، أو كامرأة عاملة، ولا تزال قادرة على تقديم المزيد».

بنبرةٍ متحمسّة للقضايا النسوية، تكمل الكاتبة حديثها لـ «الأخبار» قائلة: «لا يصح القول بعد الآن «ظل راجل ولا ظل حيطة» (باللجهة المصرية)، فبدون الرجل يمكن للمرأة أن تفعل الكثير من الأشياء. هذا ما أريد قوله عبر هذا العمل، لفتح باب التساؤل أمام الرجل: ما هي الأخطاء التي ارتكبها بحق المرأة؟ وكيف تفكر حينما أغيب عنها؟ وصولاً لصيغة أفضل من العلاقات بين النساء والرجال في المجتمعات العربية، والتي يسودها النفاق اليوم».

الصراعات بين شخصيات العمل «تنطلق من كون النساء وحيدات معزولات»، لكنّها لا تقوم على هذه الفرضية وحدها حسب ما أكدّت لنا ديانا، بل «تستند إلى تاريخٍ عميق من الموروث الذي تختزنه ذاكرتهن الجمعية. هذا ما سيتضح من طبيعة الحوارات بين الشخصيات، حوارات قد تثير استغراب المتلقي ودهشته، لكونها تدور بين شخصيات تنتمي إلى هذه البيئة، على إيقاع سريع من المشاهد، تتحرّك بين الواقع والخيال، ما يحرضّ على الإجابة على سؤال لماذا نحن هنا، وكيف سيبدو مستقبلنا؟».

بناءً على هذه الصيغة من الفانتازيا التي تدور فيها أحداث مسلسل «وحدن»، متنقلّة زمنياً بين الماضي والحاضر والمستقبل، لا تقتصر أدوار بطلات العمل، وأبطاله على تجسيد شخصيات محددة، فالكثير منهم سيجسّدون أكثر من شخصية واحدة، كما أوضح صنّاع المسلسل لـ «الأخبار». أما اختيار قرية الغيضة موقعاً للتصوير، فلا علاقة له مطلقاً ببيئة العمل، إذ تجري أحداثه في قريةٍ يفترض أنّها تقع على الحدود السورية ــ اللبنانية.

إيقاع إنجاز المشاهد السريع في آخر أيّام تصوير المسلسل، لم يتح لنا سوى حديثٍ مقتضب مع أبرز بطلاته الممثلة نادين خوري، التي اكتفت بالقول إنّه «يحمل الكثير من الرمزية، ما يجعله مختلفاً عن كل ما قدم في الدراما السورية أخيراً، وهذا ما دفعني لخوض هذه التجربة المتعبة والممتعة». وطلبت خوري من الجمهور عدم التسرّع في الحكم على شخصية «أم عادل» التي تجسّدها، إذ توقعت أن تثير تصرفاتها وردود أفعالها «استهجان المشاهد، لكن حينما تتضح معالمها ودوافعها ربّما سيتفهمها الناس، لا سيّما حينما يدرك مبرراتها التي تستحق الاحترام. فهي نموذج للمرأة التي تحمل الكثير من التناقضات القائمة على مبادئ راسخة تؤمن بها، ويمكن اعتبارها شخصية نموذجية للعديد من سيدات مجتمعنا ممن يملكن الجرأة والحضور والقرار».

لكن كيف فقد نساء مسلسل «وحدن» رجالهن؟ سؤال أخير، لم نعثر على إجابةٍ عليه في موقع التصوير، إذ يبقي صنّاع العمل الإجابة معلقّةً بانتظار العرض في رمضان المقبل. يضم المسلسل على قائمة أبطاله العديد من الممثلات والممثلين نذكر منهم: فايز قزق، وسليم صبري، وأمانة والي، ومجد فضة، ولما الحكيم، وسحر فوزي، ولوريس قزق، ومروان أبو شاهين، وجهاد الزغبي، وهشام كفارنة، وسوسن ميخائيل، وكنان العشعوش، ورنا العظم، ومرح جبر، ويوسف مقبل، وعامر علي، وهناء نصور، ورشا بلال، وربى السعدي، وبلال مارتيني. كما يحلّ أيضاً الليث مفتي، ومعن عبد الحق، وناصر مرقبي، وزيد الظريف، وكثر آخرون ضيوفاً على حلقات العمل.

المصدر: الأخبار

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...