الموبايل في يد الطالب مضيعة للوقت وتأخر في التحصيل العلمي

08-12-2017

الموبايل في يد الطالب مضيعة للوقت وتأخر في التحصيل العلمي

 

لم تفلح السيدة سناء عندما سحبت الموبايل من يد ابنها فادي، ابن الستة عشر عاماً، ضمن الأسبوع والدوام المدرسي ، فبدأ بالعناد ورفض الدراسة، وتبعا لذلك لم تصل إلى مبتغاها، وبالمقابل أبقى الأب مفيد الموبايل بيد أبنائه في المرحلة الإعدادية، لكن لم يصل إلى النتيجة المرجوة إثر تقصيرهم بالتحصيل العلمي واللهو فترات طويلة على الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي …إذاً هي مشكلة خطيرة تلقي بتبعاتها السلبية على الطالب وذويه، كما تربك الإدارة والقائمين على العملية التربوية والتعليمية، وأمام هذه الظاهرة المؤرقة والتي فرضت نفسها عنوة، كيف يتعامل الأهل مع أبنائهم والموبايل بين أيديهم، ولا سيما خلال العام الدراسي …؟ وما الإجراءات التي تتخذها الإدارة ..؟ وما أفضل الحلول للوصول إلى نتيجة ترضي الطالب والأهل والمدرسة على حد سواء؟.

سلاح ذو حدين

لا يسمح أبو أحمد لأبنائه باصطحاب الموبايل إلى المدرسة إطلاقاً، حسب قوله، مضيفاً: أسمح باستخدامه في البيت بأوقات محددة، ويتجاوب أبنائي مع الموضوع، وخاصة بفترة المذاكرات والامتحانات، واعتبر أبو أحمد أن التواصل العلمي بالموبايل جيد ومثمر، إن استخدم في الاتجاه الصحيح، كونه سلاحاً ذا حدين، والضرر والفائدة تقاس من خلال استخدامه، إما إيجاباً أو سلباً.

إدارة الوقت

أم هيثم، قالت: علمت أبنائي إدارة الوقت، وحصدت النتائج، وذلك بتفوقهم في حياتهم المهنية والاجتماعية، وعلينا التعامل مع أبنائنا بحرص وعلم وذكاء لأنهم أذكياء، واستشهدت على ذلك بقول الرسول (ص): “لاعبه سبعاً وربّه سبعاً وراقبه سبعاً”، ويقول الإمام علي كرّم الله وجهه: “علّموا أولادكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم”.

مشكلة حقيقية

ومع القرارات التي سمحت باصطحاب الموبايل للمدرسة، كيف تعاملت الإدارة مع الطلاب المستخدمين له …؟ أجاب حسن محمد، مدير مدرسة بالقول: أصبح الموبايل جزءاً لا يتجزأ من حياة الطالب والشباب بشكل عام لدرجة أن سحب الموبايل منه يسبب مشكلة كبيرة للطالب وللمدرسة والأهل معاً، فالطالب مستعد أن يرتكب الأخطاء الكبيرة مع المدرس ومع الموجه والمدير دون حياء أو خجل، والدليل على ذلك حادثة حصلت في مدرستنا، فعندما تم سحب الموبايل من الطالب نتيجة استخدامه داخل القاعة من قبل المدرس، وعندما طلبه من معاونة المدير التي رفضت تسليمه إلّا بحضور الولي، بدأ الطالب بضرب رأسه ويديه بالحائط حتى سال الدم من يديه، وأقام الدنيا وأقعدها من خلال اتصالات الأهل لتسليمه حالاً، وإلّا فهناك مشكلة ستحصل! علماً أننا في إدارة المدرسة لا نفتش على الموبايل، وإنما نكتفي بإعطاء التعليمات يومياً بالاجتماع الصباحي كنوع من التذكير بأن استخدام الموبايل ضمن حرم المدرسة ممنوع على الطلاب والمدرسين معاً، ومن لديه حالة طارئة وبحاجة الاتصال، ويحمل الموبايل يمكن وضعه عند الموجه أو المدير أو أمانة السر وأخذه في نهاية الدوام تسهيلاً للأمر ودرءاً للمخاطر، علماً أنه يمكن التواصل على الهاتف الأرضي في الحالات الطارئة والأهل يعلمون ذلك، وبدورنا إن صودر الجهاز داخل القاعة لا يعاد إلا في نهاية الدوام.

تهاون بالتعليمات وتفاوت بالتعامل..

وأشار محمد إلى أن الموبايل أصبح موضة وعادة والتعلق به هوى، والهوى يقتل صاحبه في كثير من الأحيان ، إضافة إلى أن التهاون بالتعليمات في الفترة الماضية ساهم في انتشاره، وكثرة استخدامه، إذ لم توجد تعليمات صارمة تحد من حمله داخل المدرسة، حيث كانت التعليمات تحض على عدم استعماله، وعندما بدأت التعليمات بالتشدد أصبحنا عندما ننزع الموبايل من يد الطالب كأننا ننزع ثيابه، وخاصة أنه يسهل إخفاؤه في مناطق حساسة، وخاصة عند الإناث، وهذه الحالات وجدناها عشرات المرات، وبيّن محمد أن المشكلة الأكبر في المدارس الخاصة التي يستخدم فيها الموبايل بشكل مباح، وعندما يأتينا طالب من مدرسة خاصة يعتبر أن حمله قانوني، مشيراً إلى أن هناك تفاوتاً بين المدارس بالتعامل مع الموبايل، فالبعض يتشدد، والبعض يتهاون.

قوانين صارمة

وبرأي المدير محمد فإننا بحاجة إلى ثقافة تربوية ومجتمعية وإعلامية، وقوانين صارمة، يساهم بها الجميع، بحيث إذا صودر الموبايل يرسل إلى التربية، ولا يسلم إلى الطالب، وبذلك يتم استئصال المشكلة من جذورها، وأوضح ذلك بالقول: إن أخذنا الجهاز من الطالب تصبح المشكلة مع الأهل، والأهل مع التربية، إذاً، لا توجد إجراءات إدارية، بحيث يتم تسليمه بشكل سلس دون الدخول بنقاش مع الأهل، ورأينا بأم العين عشرة أجهزة في درج المدير تعتبر أمانة عنده، وهذا يعني لا يمكنه مغادرة قاعته، وهي مشكلة أخرى، واعتبر محمد أنه من الأفضل إصدار قرار “يمنع إحضار الموبايل إلى المدرسة”!.

لا فائدة منه

غلبت الصراحة والشفافية في حديث كوزيت علوش، معلّمة الانكليزي، فحدثتنا قائلة: بكل صراحة ابني في الصف السادس يريد “موبايل”، ولكن لا أشتريه له ، عندما يصبح في المرحلة الجامعية سيحتاجه حتماً، ووهذا يعني سيكون بين يديه، ورأت علوش أن مساوئ الموبايل بيد الطالب أكثر من حسناته، والقلة القليلة يستخدمونه في المنحى الصحيح، فالأهل لا يستطيعون مراقبة أبنائهم، وإلى أي المواقع يدخلون، وأي الصفحات يرون، والموبايل يحتاج إلى إدارة وحكمة باستخدامه، فمثلاً دخلت ذات مرة لصفحة: (مدرسو سورية)، والكلام لكوزيت، فظهرت لي أشياء وصور مسيئة لم أكن أتوقعها، وتابعت: المراهق لا يعطى “موبايل” بسبب الفيديوهات التي يمكن أن يراها، وإن لم ينزلها سيرسلها له رفاقه، وليست للموبايل أية فائدة ترجى للطالب، بيد أنه ضروري لكل شخص بعيد عن منزله، وقد ينام خارج البيت في عمل أو دراسة.

سلبيات

نحن مع أي تقدم تقني كمربين وأولياء أمور، فهو مواكب للعصر، ومهم وضروري إن استخدم بشكل سليم، هذا ما أوضحته المرشدة النفسية ميساء دكدوك، وأضافت: يرافقنا الموبايل بأعمالنا الضرورية، لكن الفوضى في استخدامه تؤثر سلباً على شخصية الطفل، والطالب بشكل عام، لأنها تحرمه من ممارسة هواياته، وتنمية معارفه، كما أنه يقلل من التواصل المباشر كونه وسيلة تواصل من طرف واحد، وهذا يخفف الذخيرة اللغوية عند التلميذ!.

حلول ونصائح

يتجلى دور الإرشاد، حسب دكدوك، بتعزيز الاهتمام باللغة العربية، لذلك علينا مخاطبة أبنائنا بشكل راق وجدي لنصل إلى حل مرض، علينا إقناعهم بأن لكل شيء وقتاً، ولابد من إدارة الوقت، على أن نعطيهم أمثلة، ونكون قدوة أمامهم.

وفي إطار الحلول الممكنة، اقترحت المرشدة دكدوك وضع خطة من قبل الأهل لملء أوقات فراغ أبنائهم، وذلك بتنمية مواهبهم من خلال التسجيل في معاهد موسيقا أو رياضة، وتبعا لذلك يبقى جزء قليل من الوقت لاستخدام الموبايل، مع تأكيد الأهل على أن الأنترنت ليس فقط وسيلة للدردشة، وإنما هو وسيلة مهمة جداً وفعالة في البحث عن المعلومة، على أن يساعدهم الأهل، وذلك بوضع عناوين عريضة للبحث، كما علينا تعليمهم بأن التواصل يبنى على أسس أخلاقية بعيداً عن الاستهزاء بالآخرين، والبعد عن الشتائم والسباب، عملاً بقول الرسول (ص): “لعن الله الشتامين السبابين”.

وقدمت دكدوك نصائح لأولياء الأمور تتضمن الابتعاد عن معاندة أبنائهم، ولاسيما في فترة المراهقة، لأن نموهم وعواطفهم غير مكتملة، لذا لابد من الهدوء في الحوار معهم، لأن الانفعال سوف يؤثر على نمو شخصيتهم وإنتاجهم، وسيمنع الأهل من اتخاذ قرارات صائبة، ولزيادة الإنتاجية في التحصيل الدراسي، إضافة إلى إدارة الوقت، لابد من تخصيص مكان للدراسة، وعلى الأم متابعة أبنائها في هذا الركن، على أن تعلّمهم أن العمل عبادة، فكما لا يمكن تلاوة القرآن، وإقامة الصلاة إلا في مكان طاهر، كذلك الدراسة يجب أن يكون لها ركنها الخاص.

بالمحصلة

يكفي حوار الأبناء، ومراقبتهم، والنزول إلى مستواهم، وإقناعهم بسلبيات الموبايل خلال فترة التحصيل المعرفي لتفادي أي تقصير محتمل، وأية مشكلات قد تحدث، هذا على صعيد الأسرة، أما على صعيد المدرسة فلابد من إصدار قرارات وزارية صارمة تحمل في مضامينها: “منع إحضار الموبايل إلى المدرسة”، وذلك حفاظاً على عام دراسي هادئ لا تعكّر صفو أجوائه التعلّمية أية تبعات لا تحمد عقباها، ويكون الجميع بغنى عنها.

المصدر:دارين حسن -البعث

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...