وزارة الثقافة السورية ترد على مقالات «الأخبار»

09-01-2018

وزارة الثقافة السورية ترد على مقالات «الأخبار»

 

تعقيباً على مقالات متفرقة نشرت في «الاخبار» (على الموقع الالكتروني وفي الصحيفة)، وردنا من المكتب الصحافي في وزارة الثقافة السورية ردود بشأن كل منها. رداً على مقال الزميل بديع صنيج، أورد المكتب:

«منذ أن اندلعت هذه الحرب الكونية على سورية، وبدأ تقنين العملة الصعبة واختصار كل النفقات المتعلقة بها والمعتمدة عليها في كافة أجهزة الدولة ووزاراتها إلى الحد الأدنى، فإن وزارة الثقافة لم تعد توفد أحدا على الإطلاق.

كل العاملين في الوزارة، بمن فيهم المدراء العامون وحتى الوزير، يسافرون إلى المهرجانات والمؤتمرات، وغيرها من المناسبات الدولية، بدعوات من الدول الأخرى وعلى نفقتها، سواء من حيث تكاليف السفر أو نفقات الإقامة، أو على حساب الشخص المدعو نفسه إذا شاء هو ذلك. وزارة الثقافة لا تدفع أي قرش لأحد، لأنه غير مسموح لها أو لغيرها بإنفاق القطع الأجنبي على أغراض كهذه، فهو مخصص لمستلزمات وضروريات أكثر إلحاحاً. هذه هي سياسة الدولة بمجملها وليست سياسة الوزارة فحسب. لهذا فإن الحديث عن سفر الوفود السينمائية والأموال التي تصرف عليها هو حديث خرافة، وهو محض اختلاق وافتراء».

ورداً على مقال الزميل علي وجيه ومقال الزميل وسام كنعان، أورد المكتب الصحافي في وزارة الثقافة: «للأسف المقالتان حافلتان بأنصاف وقائع وأنصاف حقائق وصفر براهين. ولكن مقالة علي وجيه انفردت بلهجة شكسبيرية تراجيدية مضخمة حول «حدثين هزا الوسط الثقافي في دمشق»، و«معطيات واستنتاجات مظلمة وقاتمة، حادّة ومربكة، محزنة وكارثيّة» و«واقع يبعث على اليأس»، و«سؤال مخيف يحوم كغراب فوق أكوام من الجثث». خير، كفى الله الشر، ما الذي حدث؟ هل ضرب زلزال المدينة أم اجتاحها طاعون؟ وسيأتينا جواب الناقد بلهجة مرتجفة كئيبة: ديانا فارس منزعجة، لأن مديرها يطالبها بتنفيذ مهامها كموظفة إدارية، متجاهلاً أنها كاتبة ومخرجة لا يشق لها غبار، وبديع صنيج أعفي من مهمته كأمين تحرير للشؤون الثقافية في جريدة «تشرين». أولاً هذان الحدثان لم يهزا الوسط الثقافي في دمشق، وإنما هزا أربع أو خمس صفحات في الفيسبوك على الأكثر، ومن ضمنها صفحات أصحاب العلاقة.

ثانيا كلا الصحافيين، علي وجيه ووسام كنعان، يقولان إن بديع صنيج أعفي من منصبه لأنه تكلم في الجريدة عن «فساد المؤسسة العامّة للسينما وتجاوزاتها». لكنهما لم يقولا إن المذكور لم يورد أي دليل أو واقعة مثبتة، ولم يستند إلى أي مصدر موثوق في مقالته، بل بالعكس طالب المؤسسة بأن تقدم هي الوثائق والأدلة التي تثبت براءتها! لعمري إن الحكماء والفقهاء القانونيين الذين وضعوا قاعدة: البينة على من ادعى، (أي المدعي هو الذي ينبغي أن يثبت صحة ادعائه وليس المدعى عليه)، وقاعدة: كل متهم بريء حتى يثبت العكس، ليتململون الآن في قبورهم وهم يرون انقلاب الأحوال على أيدي مراهقي الصحافة.

ثالثاً، علي وجيه يقول إننا هددنا السيد صنيج برفع دعوى قضائية ضده، وفي حقيقة الأمر نحن لم نهدده، وإنما رفعنا هذه الدعوى فعلاً، لأن هذا هو الأسلوب الحضاري المتبع في أرقى الدول لحل الخلافات في حال فشل الحلول الودية. والحلول الودية في مفهومنا هي الحوار الذي يتم فيه تبادل وجهات النظر برغبة مشتركة بين الطرفين (هما الإعلام والثقافة في حالنا هذه) في تصويب أي حالة أو وضع غير سليم. هل كان السيد صنيج يتوقع أننا في وزارة الثقافة سنبقى مكتوفي الأيدي تجاه العبارات الاتهامية الجارحة التي وجهها لمؤسساتنا؟

ثمة شيء اسمه ميثاق الشرف الصحافي يوقع عليه الصحافيون الجدد قبل أن يباشروا عملهم. هو أشبه بقسم أبقراط بالنسبة للأطباء. ومن أهم مبادئ هذا الميثاق: على الصحافي أن يقدم الأدلة القانونية على صحة المعلومات الواردة في مادته الصحفية. وبدون هذا الإثبات فإن الصحفي نفسه يصبح عرضة للمسؤولية القانونية.

بديع صنيج خالف هذا الميثاق بطريقة فظة، وسمح لنفسه أن يوجه التهم يميناً ويساراً من دون أدلة. ومع ذلك فإن بعض الفيسبوكيين يرون فيه بطلاً يحارب الفساد. يبدو أن محاربة الفساد أصبحت موضة في السنوات الأخيرة. وأصبحت عمل من لا عمل له، وقناعاً وشعاراً تتم تحته تصفية حسابات شخصية. (قمنا بالرد على صنيج بشكل موسع في صفحة الوزارة وهذا هو الرابط: https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/posts/1744255435638493)

نأتي إلى الحدث الثاني الذي هز دمشق الثقافية حسب رأي علي وجيه، ودل على أن وزارة الثقافة السورية «تصفي خصومها» حسب وسام كنعان. الآنسة ديانا فارس هي موظفة إدارية عادية تنقلت بين أكثر من دائرة ومديرية في وزارة الثقافة، وحط بها الرحال أخيراً في مكتبة الأسد، وهناك استقرت في مديرية التزويد، في قاعة مطالعة يطلق عليها اسم (قاعة الأمم المتحدة)، وفيها تتوفر المنشورات الصادرة عن الأمم المتحدة. العمل في هذه القاعة قليل للغاية. لهذا كانت الآنسة ديانا، التي أدركتها حرفة الأدب وهي على مقاعد الوظيفة، تجد متسعاً من الوقت لكتابة نصوصها الأدبية، ولكن مع مجيء مدير جديد إلى المكتبة، متحمس وموفور النشاط، تغيرت الأحوال. فالمدير الجديد استنفر الهمم، ودق جرس العمل الجدي، وبدأ بعض الموظفين النائمين، ومن بينهم الموظفة المذكورة، ينهضون من رقادهم مذعورين. طلب المدير الجديد من مديرية التزويد القيام بجرد للكتب التي في عهدتها، فانطلق جميع الموظفين لتنفيذ المهمة باستثناء كاتبتنا التي وقفت مثل ممثلة تراجيدية على مسرح إغريقي وألقت بجملتها البليغة العصماء: «معقولة أنا ستايلي ستايل جرد؟!». ثم انكبت على كتابة رسالتها التي قرأناها. أما التفاصيل الأخرى المتعلقة بالاضطهاد والانتقام من قبل السيد وزير الثقافة ومديرة مكتبه، فهي مجرد بهارات درامية لتكبير هذه المشكلة الشخصية الصغيرة الضيقة، وتحويلها إلى قضية عامة كبيرة ومتسعة، ولكنها مع ذلك ظلت مثلما كان رفيق سبيعي في مسلسل «أيام شامية» يقول لعضوات الحارة عندما يعرضون عليه مشكلة ما تافهة: «ظغيرة!».

ولأن بطلتنا ترى في الأعمال الإدارية التي تكلف بها شيئاً دون مستواها ككاتبة ومخرجة، سنذكّرها أولاً بالمرسومين الرئاسيين (29) و(32) اللذين حددا بدقة وبالتفصيل تعريف الفنان، والمؤهلات التي ينبغي أن يحملها، وكيف يتم التعاطي معه في الجهات العامة التي تسمح أنظمتها بتعيين فنانين لديها، وسنذكّرها ثانياً بأنها خريجة قسم اللغة العربية، وهي معينة كمعاونة رئيس شعبة، وينطبق عليها قانون العاملين الأساسي مع مليون موظف غيرها ومثلها، ولكنها ليست فنانة في عرف الأنظمة المعنية. ما تقوم به من نشاط إبداعي هو جهد نقدره ونحترمه، ولكنه نشاط خاص لا علاقة للمؤسسة الحكومية التي تعمل فيها به. القانون واضح تماماً في هذا الشأن يا من تنادون بدولة القانون، وإلا فإن أي موظف نظم بيتين من الشعر، سيطالب الحكومة بأن تعامله كأديب، وأي موظفة كتبت اسكتشاً في «مرايا» أو «بقعة ضوء» ستطالب الدولة بأن تعتبرها كاتبة كبيرة.

وسنذكّرها ثالثاً ببعض كبار الأدباء الذين أبدعوا وهم يعملون في وظائف عادية. نجيب محفوظ ظل موظفاً عادياً لسنوات طويلة في وزارة الأوقاف ثم في وزارة الإرشاد، سرفانتس كتب رائعته «دون كيخوتة» وهو يعمل جابي ضرائب، عمر أبو ريشة ونزار قباني كانا موظفين في السلك الديبلوماسي، عبد الله عبد ظل حتى وفاته موظفاً صغيرًا في مرفأ طرطوس، كافكا كان موظفاً في مكتب للتأمين، وإبراهيم أصلان موظفاً في مصلحة البريد، وأمثالهم كثر. قلائل هم أولئك الذين ابتسم لهم الحظ واستطاعوا أن يتفرغوا للإبداع من دون أن يخشوا الوقوع في الفقر.


إذن قضية بديع صنيج هي مجرد واقعة مهنية عادية (لا علاقة لوزارة الثقافة بها لا من قريب ولا من بعيد) لن تقعده عن العمل والكتابة، والسعي إلى مواقع أرقى وأفضل، وربما ستكون درساً أخلاقياً وقانونياً مفيداً له كي يزين كلماته وهو يتناول الناس بها. أما قضية ديانا فارس فهي صغيرة للغاية ولا تستحق أن ترفع إلا إلى رئيس شعبة أو رئيس دائرة على الأكثر وليس إلى مقام الرئاسة. ألم يكن حرياً بها تتبع الأنظمة المعمول بها في تقديم الشكاوى، أي عن طريق التسلسل، وعندما لا يلبي رؤساؤها المباشرون وغير المباشرين طلبها، فمن حقها وقتها أن تتوجه إلى المنصب الأعلى في البلاد؟

وسام كنعان مهتم بالأخبار الفنية التي تحمل شيئاً من الإثارة والتشويق رغم قلة أهميتها. لهذا فهو منسجم مع نفسه عندما يتناول موضوعاً كهذا الذي بين أيدينا. بقي أن نعرف سر اهتمام الصحافي الآخر، علي وجيه، بهاتين القضيتين على ضآلتهما، وهو الذي يقدم نفسه كمهتم ومشتغل بالشأن السينمائي، خاصة إذا علمنا أنه لم يعر أي اهتمام، ولم تبدر عنه أي إشارة، لأفلام سورية عرضت قبل مدة قريبة مثل «مطر حمص»، الذي حقق حضوراً جماهيرياً باهراً، و«ماورد» الذي حظي باستقبال طيب من الصحافة والجمهور على حد سواء، وقبلهما فيلم «الأب» الذي تناول الحرب السورية، ولكنه شلح ساعته وشمّر عن يديه وغاص حتى شحمة أذنيه في موضوع صنيج/ فارس، وكأن يوم الدينونة سيحل إذا لم يعالج هذه القضية.

السر بسيط. الحديث عن هذه الأفلام لا يساعد في إطلاق النار على وزارة الثقافة ومؤسسة السينما التابعة لها، والتي يكن عداء شخصياً ومفضوحاً لها. أما قضية صنيج/فارس فهي بزعمه تساعد، ولله في خلقه شؤون.

ملاحظة: أرفقنا مع هذا الرد عدة وثائق متعلقة بقضية ديانا فارس، ونحن ندرك استحالة نشرها لأنها ستحتل صفحتين في الجريدة، ولكننا نريد من إدارة الجريدة على الأقل أن تشهد على أننا استندنا في كلامنا إلى وثائق ووقائع مؤكدة، وليس إلى أقاويل وإشاعات كما يفعل علي وجيه ووسام كنعان، وكما فعل من قبلهما بديع صنيج الذي استباح أعراف مهنته واتهم البشر دون تقديم الوثائق التي تدعم افتراءاته، فراح ضحية شرور أعماله».

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...