لمواجهة ذيول الحرب: سلِّحوا أولادكم بالحقيقة

21-01-2018

لمواجهة ذيول الحرب: سلِّحوا أولادكم بالحقيقة

نتجاهل دوماً أن الطفلَ إنسانٌ مكتملُ المدارك والمشاعر والأحاسيس، فنرتبك في التعامل معه، ونجهد في إخفاء حقائق هو يعرفها تماماً، لكنه يطرح الأسئلة حولها للاستزادة في الإلمام والفهم، وجاءت الحرب، فزادت من ارتباكنا، ومن عبء الشرح عن دمار وموت وإرهاب لأطفال نظن أنهم يظنون أن كل الناس أخيار، فنخبئ تارة، ونختبئ تارة أخرى خلف إجابات لا تشبع فضولهم، ويحيرنا السؤال الآتي: هل من حق الطفل أن يعرف؟
أكثر من 90% من الذين استمزجت (تشرين) آراءهم، كانوا مع أن يعرف الطفل حقيقة ما يدور حوله لكن بشروط، أولها، مراعاة سن الطفل وأخذه بالحسبان عند الشرح، وثانيها، عدم الخوض في التفاصيل حرصاً على عدم تشويه مخيلة الطفل وعلى صحته النفسية.
شرح بلا تفاصيل
منال غانم رأت أن لعمر الطفل دوراً أساسياً في مسألة الشرح، وعلينا أن نتوسع في الكلام حسب العمر، لكن من دون تصدير رأي أو تحريض، موضحة أن الأمر الوحيد الذي علينا تمريره للطفل وبشكل غير مباشر أو تلقيني، هو البحث عن احتمالات أخرى وطرق أخرى، حيث يطرح الطفل أسئلة واقتراحات تنتهي دوماً بسؤال: ما هو الأجدى؟
أما إن كان الطفل قد رأى بعينه الأحداث، فسيضطر الأهل إلى الخوض ببعض التفاصيل وهذا ضروري لأنها تشكل عبئاً داخله والأفضل التحدث عنها وتوجيهها باتجاهات صحيحة.
وقالت غانم عن تجربتها الشخصية: إنها تتحدث أمام أولادها عن وجود حرب، لكنها لا تخوض في التفاصيل وخاصة التي قد تتسبب بتشويه لفكرة الوطن والأخوة.
كذلك مرام زيدان ومضر الشيخ إبراهيم أوضحا أن من حق الأطفال أن يعرفوا عن الحرب خطوطاً عريضة لا تورثهم حقداً أو ثأراً، مع تسطيح السلبي وإبراز الإيجابي، وبث الوعي والتركيز على ضرورة استفتاء الفطرة السليمة التي هي سبيل الوصول للسلوك السليم.
هبة دعيجي، قالت: إنه سؤال معقد جداً لأن التحليلات والآراء كثيرة بهذا الخصوص، فهناك دراسات تقول يجب ألا يتدخل الأهل، وأن يُترك الطفل يتخيل الأمور كما يشعر بها، ودراسات تؤكد أنه يجب أن يُشرح له بشكل ايجابي من دون أن يُعطى صور عنيفة عن الحرب، وتوضح دعيجي أن رأيها الخاص هو أن يتلقى الطفل بداية مفهوم الحق بشكل كامل، مع شرح حقوق الطفل العالمية قبل الدخول بتفصيل المعرفة عن الحرب (حق اللعب، حق الحياة، حق الصحة .. إلخ) ومن ثم شرح الأحداث الراهنة عبر حديث توعوي، الهدف منه بناء قدرات الطفل، مؤكدة أن التعامل مع هذه الفئة يتطلب وعياً كبيراً.
الحقيقة تسبق التزوير
رئيس تحرير موقع (الجمل بما حمل) وعضو مجلس الشعب نبيل صالح قال: إنه مع شرح الأحداث الحالية للأطفال، فالأفضل أن يسمعوا الرواية الصحيحة قبل أن يستمعوا إليها من المزورين، موضحاً أن الأمر يحتاج إلى اختصاصيين في التربية والتأريخ والأدب وعلم النفس لتقديم الأحداث على شكل حكايا تنويرية للطلاب ضمن المناهج المدرسية.
وأيد كلام صالح، علي الهاشمي، بقوله: على الأطفال أن يعرفوا عن هذه الحرب الظالمة التي تعصف بوطنهم، وعلى الناس أن ينقلوا لأبنائهم ما جرى ويجري مع تسلسل الأحداث بأمانة وصدق، بل توثيقها لهم بصورتها الحقيقية والصادقة.
وفي المنحى ذاته، ذهبت ميساء أحمد لتؤكد أن شرح حقيقة ما يجري لأطفالنا في بلدهم أفضل من معرفتهم به عبر الانترنت أو من رفاقهم في المدرسة، لأن الأهل يستطيعون إيصال المعلومة بطريقة غير مؤذية، ومثلها نهلة طالب التي رأت أنه من الأفضل أن نشرح لأبنائنا الحقيقة، لأنه علينا أن نتوقع أنهم في وسط من الممكن أن يتلقوا فيه الحقائق بشكل مشوه.
أما المربية آلاء سعيد، فأشارت إلى أنه يجب أن يحرص الأهالي عند شرح الحقائق على ألا يفهم الطفل أن الحرب تدور بين أبناء بلد واحد، مع الابتعاد الشديد عن أي حديث طائفي، وزرع فكرة واحدة في رأسه، وهي أن عدونا الوحيد هو «إسرائيل».
برنامج تأهيل شامل
المغترب عدنان داغر قال: إن من المستحيل فصل الأطفال عن الكبار وعما يجري، لأن إصلاح المجتمع من جانب واحد لن يقدم الفائدة المرجوة.
وأضاف داغر أن شرح ما جرى ويجري في سورية للأطفال أمر صعب ما لم يكن هناك برنامج تثقيفي توعوي عام لكل شرائح الشعب، كم يجب لحظ هذا الأمر في المناهج المدرسية ليفهم الأطفال ماذا يعني وطن ومن هو المواطن.
صعوبة إيصال الفكرة
ممدوح السهو يضم صوته للبقية بضرورة معرفة الطفل بما يجري، لكنه يتساءل عن الطريقة التي يجب عبرها إيصال الفكرة، لأن الطفل يظن أن الكبار جميعهم واعون وعقلاء وهو سيصير مثلهم عندما يكبر، لذا فإن الشرح عن الحرب سيتسبب له بصدمة، مضيفاً أنه مهما كان هذا الجيل من الأطفال مختلفاً وأكثر وعياً، لكن الطفل يبقى طفلاً بمشاعره وإدراكه.
ترسيخ المفاهيم الكبرى
مديرة المركز الإقليمي لتنمية الطفولة كفاح حداد تمنت بداية لو كان أطفالنا بمعزل عن كل هذه الظروف الصعبة، وشدّدت على أن يكون الأهل حذرين جداً بترسيخ ما يعيشه الأطفال بطريقة إيجابية، مؤكدة ضرورة ترسيخ حب الوطن والقيم الوطنية قبل كل شيء رغم كل ما يرونه، واستثمار كل ما يمكنه تعزيز ذلك، لأن حب الوطن سيعزز الشعور بالمسؤولية تجاهه، مع التركيز على ضرورة أن نوضح للأطفال أهمية محاربة الإرهاب.
وأشارت حداد إلى أن المشاهد المرعبة التي يشاهدها الأطفال لا يمكن إخفاؤها، لذا يجب الحذر بانتقاء المفردات التي سنشرح بها للطفل ما يراه.
المعرفة حق للطفل
الاستشارية في العلوم السلوكية، ورياض الأطفال والتدخل المبكر روعة كنج أكدت أن من حق الطفل أن يعرف كل ما يجري حوله، لكن يجب الرجوع لمفهوم الطفل وتعريفه أولاً، هل المقصود من سنتين إلى أربع سنوات أم من خمس إلى سبع أم من سبع إلى عشر وهكذا، وبناء عليه يتم تحديد الأسلوب واللغة والمعلومات التي سنستخدمها معه، لأن الطفل يمر بمراحل إدراك عقلي مختلفة، ويجب أن نكون واعيين لبيئة الطفل وظروفه وتاريخه، لأن العمر الزمني ثابت، بينما العمر العقلي يتأثر بعوامل كثيرة، والطفل كلما تعرض لتجارب فكرية أكثر يتغير نموه العقلي، إما للأفضل أو للأسوأ.
ويجب أن تكون الأم بالذات على دراية كاملة بطفلها وشخصيته وصفاته وطبيعته، وكذلك المدرسة، ويجب أن نكون على دراية كاملة بحقوق الطفل، وأن نعترف بأنه فرد كامل ومواطن قانوني لكن بعمر صغير، ونحن نتجاهل هذه الحقوق عادة بحكم أننا أوصياء عليه، وشرح حقوق الطفل للطفل أمر صعب، لكننا عندما نسمح له بممارستها بشكل يومي نعرفه عليها.
التفاصيل في المقدمة
وفيما يخص معرفة الطفل بالتفاصيل، خالفت كنج غالبية الآراء، وأصرت على أن معرفة التفاصيل هي الأهم، وذلك لأن الطفل يفهم التفاصيل قبل المفاهيم المجردة والكبرى والمطلقة، فمثلاً حين تقول للطفل إن الجندي هو الذي يحمي منزلك وألعابك وبفضله تستطيع الذهاب إلى المدرسة، سيفهم أكثر مما لو قلت له إن الجندي يحمي الوطن والهوية، لكن غير مطلوب طبعاً جعل الطفل على احتكاك مباشر بالعنف الدائر والصور والفيديوهات.
أما الطفل الذي تعرض لهذه الممارسات بشكل مباشر، فأوضحت كنج أن التعامل معه مختلف، لكن يجب أن يعرف الحقيقة، وأن تُراقب انفعالاته وردود أفعاله بعد معرفته للحقيقة، ويجب أن يكون هناك تفريغ انفعالي لما هو فيه، وحينها سيتعايش – مستقبلاً – مع الوضع بشكل أفضل بكثير مما لو تركناه للشائعات ولأوهامه وتخيلاته.
كذلك الطفل الذي تعرض إلى تهجير أو يعاني من أمراض بسبب الحرب، ورأى كثيراً من الممارسات، لا بد من أن يعلم لماذا حدث هذا لعدة أسباب، منها أن الطفل يشعر بالذنب، فجو الحماية المبالغ به من قبل الأهالي لأطفالهم بسبب الحرب وما ينتج عنه من تدقيق كبير على مواضيع الخروج من المنزل والاختلاط وما إلى هنالك، يجعل الطفل يشعر بأنه يقوم بأمور خاطئة، أو يظن بأن الأهل لا يثقون به، وتصير لديه تفاصيل مربكة، لذا يجب وضعه بالصورة.
كذلك يجب استخدام أسلوب السؤال المفتوح مع الطفل، مثل: ماذا تعرف عن الحرب؟ عن المرض؟ وهكذا، فعبر هذا الأسلوب، تتم دراسة الاستعداد الفكري للطفل وفضوله ولغته، ويتم تفريغه، ومن ثم يقوم الأهل بتنظيم أفكاره وترتيبها وأرشفتها، ثم إعادتها إليه بشكل صحيح ومنظم وبلغة يستوعبها.
وموضوع قول الحقيقة أو إخفائها يعود أيضاً لطريقة التربية في المنزل، فبعض الأهالي يخفون عن أبنائهم بعض الأمور من باب تجنيبهم الألم، مثل ضيق الحال المادي، وهذا خطأ كبير، إذ يجب تعريف الطفل بأن هناك أولويات في الحياة، وهذا من ضمن حق الطفل بأن يكون على اطّلاع عبر لغة تحاكي عقله ونمو دماغه.
وحذّرت كنج من استسهال الكذب على الطفل، حتى لو تحت مسمى (كذبة بيضا)، أو كما قلنا سابقاً من باب تجنيبه الألم، فالألم موجود في الحياة، والطفل يعرفه أساساً من خلال تنبيهات الأهل في المنزل لتجنيبه (الوقوع – النار – الجروح).
غياب التدخل المبكر
وتساءلت كنج لكون الحرب، ومنذ البداية، كان اتجاهها واضحاً: لماذا لم يكن هناك أي تحرك رسمي واضح وقوي؟ أين علماء الاجتماع السوريون؟ أين علماء النفس الأكلينيكيون؟
لماذا لم تكن هناك لجنة تنويرية مشتركة بين مختلف القطاعات تنتج توجهاً معيناً يُطرح للأهالي عبر عدة طرق مثل الأندية أو البرامج أو المنشورات والإعلام وعبر المساجد والكنائس والمدارس، أو حتى عبر أشخاص يزورون المنازل، وبالطبع ستكون هناك صعوبات لوجستية وثقافية، لكن الأمر قابل للتحقق.
أما الجهود المتفرقة من قبل جمعيات وهيئات وأفراد فهي غير كافية أبداً، وستختفي نتائجها فوراً لأنها غير مدروسة وغير استراتيجية وغير ضاغطة.
احموهم بالمعرفة والعلم
وشدّدت كنج على وجوب التمسك بالحقيقة، وأن يكون ذلك قانوناً في المنازل، والأمر لا يقتصر على موضوع الحرب، فالحرب عَرَض زائل، بينما الحقيقة دائمة، كما أن التعامل مع الحقيقة أسهل بكثير من التعامل مع التشوهات الناتجة عن إخفائها.
وختمت قائلة: سلّحوا أولادكم بالحقيقة، واحموهم بالمعرفة والعلم، فالطفل الذي يعرف حقيقة جسمه سيحترمه ويخاف عليه، والطفل الذي يعرف كيف جاء إلى الحياة سيحترم أمه أكثر ويحترم حقيقة الولادة، والطفل الذي يعرف دورة الحياة، سيستقبل فكرة الكهولة والموت والخسارة بشكل أفضل، وحين يُسَلح الطفل بالحقيقة تتم حمايته هو من جهة، وحماية المجتمع من خرافاته وأكاذيبه وأوهامه من جهة أخرى.
تضاعف الاضطرابات النفسية
وفي حديث مع الدكتور رمضان محفوري- مدير الصحة النفسية في وزارة الصحة أشار إلى أن الأطفال إحدى الفئات الهشة في المجتمع، ومن أكثر الفئات التي تتأثر بالأزمات، وهناك اختلاف كبير بينهم في السلوك والتفكير وتالياً طريقة التعامل مع الاضطرابات النفسية التي تصيبهم، لهذا تقسم المرحلة العمرية الخاصة بالأطفال إلى أربع مجموعات في كلٍ منها يتعرض الطفل لاضطرابات نفسية معينة تجب مراعاتها ومعرفة كيفية التعامل معها.
وأكد د. رمضان أن الاضطرابات النفسية بشكل عام جميعها تتضاعف في الأزمات، وهذا ما ينطبق على الاضطرابات الخاصة بالأطفال، والتي تختلف من حالة إلى أخرى، وتالياً التدخل فيها يختلف أيضاً، وعلى هذا الأساس قامت وزارة الصحة بتدريب عدد كبير من الأطباء من غير الاختصاص النفسي والمعالجين النفسيين وبعض المرشدين الاجتماعيين وعدد كبير من الممرضين، على الإسعاف النفسي والدعم النفسي الاجتماعي، وأعطت الأطفال اهتماماً كبيراً، وأقل ما كان يتم تقديمه لهم خلال الدعم النفسي الاجتماعي هو الاستماع إليهم للتخفيف من توترهم والتعبير عما في داخلهم.
الطفل يحدد طريقة معاملته
وعن حق الطفل في معرفة ما يدور حوله وخاصة فيما يتعلق بظروف الحرب أشار د. محفوري إلى أن الطفل في عمر 3 أو 4 سنوات يفهم ويعرف كل ما يدور حوله، لذلك على الآباء والأمهات أن يكونوا واضحين وصريحين، لكن دائماً معاملة الطفل لها خصوصية، فيجب ألا نستخدم معهم الكلمات المنفرة والمخيفة، بل كلمات محببة ومفهومة من قبل الطفل، وأن نشرح ونوضح للطفل ما يدور حوله بكلمات بسيطة ناعمة وتعطي الشعور بالأمان، إضافة إلى تعليمه ما الذي يمكن أن يقوم به في حال تعرض أو حصل أمامه حادث مكروه.
ويتفق الدكتور حكم دياب (اختصاصي أمراض نفسية وعصبية) بالرأي مع د. رمضان، بضرورة أن نشرح للطفل ما يدور حوله، ولكن حسب حالة الطفل ومحاكمته العقلية، فكل طفل يفرض على الاختصاصي النفسي وعلى الأهل أيضاً الطريقة الأفضل التي يختارونها للتعامل معه، وأهم ما يُنصح به الأهل للتعامل مع الأطفال وخاصة في وقت الأزمات، هو تقليل تعرض الطفل للعنف بأي شكل كان، والاهتمام به والاستماع له قدر الإمكان، وهذه الأمور تؤثر بشكل كبير في نفسية الطفل وخاصة إذا كان مصاباً برضٍّ نفسي خلال فترة الأزمة، وإهماله سيؤدي إلى نتائج سلبية جداً، وتالياً عندما يجد الأهل عبئاً نفسياً في التعامل مع الطفل، يجب التوجه مباشرة إلى استشارة اختصاصي نفسي من خلال مراكز الدعم النفسي والمنظمات والجمعيات المختصة بذلك، للأخذ برأي الخبير، حتى لا يصل الطفل إلى مراحل المراهقة أو ما بعد ذلك فيكون الضرر قد تفاقم ومن الصعب علاجه، وكلما كان الأهل على مستوى من الوعي ويتمتعون بذكاء عاطفي أكبر، كانت استجابة الطفل لمعالجة اضطراباته النفسية أفضل.
من جانب آخر أشار د. حكم إلى أن الجهات المختلفة في سورية من جمعيات ومنظمات ومراكز حكومية، استطاعت خلال فترة الحرب تقديم الدعم النفسي للأطفال، عبر تشخيص الحالات المبكر والتدخل النفسي أو الطبي للطفل، والتدخل على مستوى الأسرة أو مقدم الرعاية، من خلال نشر التوعية في هذا المجال، وكانت النتائج متفاوتة بين الجيدة والمتوسطة وعدم استجابة أحياناً، بحسب البيئة.
خطط مستقبلية
الحديث عن الطفل وحقوقه، دفعنا للسؤال عمّا قامت أو ستقوم به الجهات المختصة، حكومية كانت أو أهلية، فالتقت (تشرين) رئيس الهيئة السورية لشؤون السكان الدكتور أكرم القش الذي قال: إن ملفَّ الطفولة ملف معتنى به جداً من قِبل الجهات الحكومية والهيئات حتى قبل الأزمة، وكان هناك 13 برنامجاً موجهاً للأطفال من تعليم وصحة وتصد لمشكلات العمالة والعنف وغيرها، واليوم يتم العمل على الفجوات التي حدثت في هذه البرامج خلال الأزمة، ولا سيما في مسألة الرعاية الصحية الأولية مع وزارة الصحة والجمعيات العاملة في الصحة.. وفي مجال التعليم، تعمل وزارة التربية على سدّ الفجوات التعليمية التي حدثت وخاصة خلال عامي 2011 و 2012 من خلال عدة برامج مثل البرنامج (B).
أما الأطفال بين 15 و18 سنة الذين يدخلون في فئة الشباب، فتم العمل على برنامج خاص اسمه (الإطار الوطني لدعم تمكين الشباب في المجتمع) وهناك توجه نحو استراتيجية شاملة للشباب تتضمن خمسة محاور أساسية هي التعليم والعمل والمشاركة والصحة والحماية.
وأضاف د. القش أن هناك حالات وظواهر ظهرت خلال الأزمة، وأقيمت ورشة عمل منذ أيام عن كيفية التعامل مع ضحايا الأطفال الذين أشركوا في العمليات القتالية، كما أن هناك ظواهر ازدادت نسبها بشكل كبير، مثل التسرب من المدارس، والتسول والعمالة، وهناك خطة وطنية يُعمل عليها حالياً للقضاء على أسوأ أشكال عمالة الأطفال.
وأوضح القش أن الهيئة السورية لشؤون السكان تعمل بشكل تنسيقي مع كل الجهات، وكل هذه الآليات والبرامج وخطط العمل ستدخل ضمن برنامج يعد حالياً من قبل الحكومة وكل هيئات المجتمع الأهلي اسمه (البرنامج الوطني لسورية ما بعد الأزمة)، وهو ملف متكامل لكل شرائح المجتمع وبالدرجة الأولى الأطفال، ويشمل متابعة العمل الذي كان موجوداً قبل الأزمة، وردم الفجوات التي حدثت خلال الأزمة، والنهوض بواقع الأطفال عموماً بشكل مستمر، كما يتم الإعداد لقانون خاص بالطفل قد يصدر قريباً يأخذ بكل مسائله الإجرائية والقانونية والوقائية والحماية، إضافة إلى العمل مع مؤسسات مجتمع أهلي مثل مؤسسة (الآغا خان) حول استراتيجية للطفولة المبكرة، وهناك اهتمام مباشر وواضح من مؤسسات المجتمع الأهلي بالأطفال خلال السن الدراسية، والطفولة المبكرة (من 4 إلى 8 سنوات) بما فيها من الحضانات ورياض الأطفال والأنشطة الموجهة للأطفال، وحالياً هناك دراسة تقييمية لما تم إنجازه خلال السنوات الثلاث الماضية من الخطة التي بدأت عام 2014، للحظ البرامج التي من الممكن إضافتها إلى الخطة التي تستمر حتى عام 2020.
وختم القش بالإشارة إلى أن الهيئة افتتحت وحدة حماية الأسرة التي تقدم الخدمات للمعنفين من النساء والأطفال المقيمين فيها، إضافة إلى عيادات خارجية تقدم دعماً نفسياً واجتماعياً واستشارات قانونية للجميع، وهي مجانية بما فيها الطبابة والأدوية.
دعم نفسي مجاني
تعمل جمعية تنظيم الأسرة من خلال أكثر من 180 عيادة تابعة لها سواء عيادة متنقلة أو ثابتة على تقديم الخدمات المتوافرة والتي تشمل الخدمات الطبية والنفسية للأطفال، ويتم تقديم الدعم النفسي في جميع عيادات الجمعية وحتى في النقاط الطبية أو الفرق الجوالة، بعد تدريب عدد كبير من المتطوعين على مهارات التواصل والدعم النفسي، إضافة إلى وجود أطباء نفسيين ضمن عيادتي الحلبوني وباب مصلى لتقديم استشارات وعلاج نفسي لكل من يرغب مجاناً، وجلسات التوعية الشاملة.
وفي لقاء مع رولا الإمام (إحدى مقدمات الدعم النفسي في الجمعية) أوضحت أن العيادات تتابع حالات الأطفال من الناحية النفسية، وتقدم الخدمات المطلوبة حسب حالة الطفل، من خلال العمل على تعديل أو ضبط سلوك الطفل، حسب المشكلة، وذلك من خلال برامج معينة وخطة عمل بالتعاون مع الأهل، تكون على عدة جلسات خلال الأسبوع وقد تستمر عدة أشهر، مع تأمين السرية والخصوصية لجميع الحالات، ووضع الأهل دائماً في صورة برنامج العمل والتنسيق معهم لتطبيق برنامج المعالجة النفسية المحدد.

 

فراس القاضي – لمى علي: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...