«واشنطن بوست»: تحديات أميركية جديدة في سورية بعد هزيمة داعش

25-01-2018

«واشنطن بوست»: تحديات أميركية جديدة في سورية بعد هزيمة داعش

 

اعتبر الكاتبان ماثيو لي وجوش ليديرمان في مقال نشر في صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، أن الإدارة الأميركية تواجه تحديات جديدة بعد هزيمة تنظيم داعش في سورية، فهي تكافح من أجل تحديد حدود مهمتها، فضلاً عن كيفية انتهاء تورطها الكبير، مشيرين إلى أن الهجوم العسكري التركي على عفرين، يضع إدارة الرئيس دونالد ترامب أمام خيارين: إما التخلي عن حلفائها الأكراد، أو حصول خلاف عميق مع تركيا، حليفتها في «الناتو»، الأمر الذي لا مفر من حدوثه.

ورأى المقال، أن الأولوية الأميركية في سورية كانت تتمثل في محاربة تنظيم داعش، والآن وبعد إلحاق الهزيمة بالتنظيم، فإن الحجج الأميركية للتواجد في سورية باتت ضعيفة، ففي السابق كان بإمكان إدارة ترامب الاستمرار في دعم الأكراد وتسليحهم بحجة محاربة داعش، ولكن مع تراجع التنظيم كتهديد مباشر، فإن إثارة هذه الحجج لم تعد مقنع، الأمر الذي يؤجج الغضب التركي.

وأشار المقال إلى أن مدير مجلس الأطلنطي والذي كان في السابق مشرفاً على السياسة السورية في فترة ولاية أوباما الأولى، فريدريك هوف، اعتبر «أن المسألة على غاية من الصعوبة وترخي بثقلها على الجهود الدبلوماسية»، مشيراً إلى أن تراجع التنظيم قد أضعف المبرر القانوني للتواجد الأميركي في سورية، الأمر الذي أثار عدة أسئلة حساسة حول ما إذا كان الكونغرس والشعب الأميركي قد وقّعا بالفعل على تفويض يسمح للإدارة الأميركية في سورية بتجاوز التخلص من الإرهابيين.

من جانبهم، وبحسب المقال، قال مسؤولون كبار في إدارة ترامب: إنهم ليسوا بحاجة إلى إذن إضافي للتواجد في سورية، فتنظيم داعش لا يزال يشكل تهديداً خطيراً ومستمراً، الأمر الذي يتطلب وجوداً أميركياً متواصلاً لضمان عدم إعادة تجميع صفوفهم، وتبعا لذلك تشكيل تهديد في المستقبل.

وفي الوقت الذي يجبر فيه تنظيم داعش على انتهاج وضعية الدفاع، ستقوم القوات الأميركية والدبلوماسيون والعاملون في مجال المساعدات الأميركية بالسعي نحو تحقيق الاستقرار في البلاد واستعادة الخدمات الأساسية في المناطق «المحررة» من سيطرة التنظيم، وفي ذات الوقت بذل جهود لإيجاد حل سياسي للحرب الدائرة في سورية والتي ساهم داعش في تفاقمها على نحو فعال، وفق المقال.

وأكد المقال، أن هذه الحجج تخلق عدة مشاكل للرئيس ترامب والذي غالباً ما يحرص على المطالبة بتحقيق نجاحات: فهو ليس بإمكانه إعلان أي نصر ضد داعش في سورية دون تمكين أولئك الذين يجادلون بهزيمة التنظيم، الأمر الذي يعني أنه لم يعد للولايات المتحدة أي مبرر للبقاء في سورية.

وقال: إن وجود جيوب صغيرة لإرهابيي داعش والتي لا تزال نشطة في شرق سورية تدعم تبرير الولايات المتحدة لوجودها في الوقت الراهن، وقد أعلن التحالف بقيادة الولايات المتحدة يوم الثلاثاء أن غارات التحالف، وبمساعدة من حلفائها الأكراد، أسفرت عن مقتل ما يصل إلى 150 مسلحاً من إرهابيي التنظيم في مركز قيادة في المنطقة المعروفة باسم وادي نهر الفرات الأوسط.

وأوضح، أن الإدارة الأميركية تنظر إلى تهديد آخر يتمثل بظهور محتمل لتنظيم القاعدة، فضلاً عن رغبتها بوقف النفوذ المتزايد لإيران في سورية، فضلاً عن رغبتها بوقف الدعم الروسي المقدم لحكومة السورية، حيث من خلال موسكو، تمكنت القوات السورية من السيطرة على المناطق التي كانت تخضع لسيطرة المتمردين المدعومين من واشنطن، وقد أظهرت الرسائل التي أرسلتها إدارة ترامب المشاكل الكبيرة التي تواجهها في سورية.

وأشار المقال إلى أنه، ومن جانب آخر، انتقد وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس الهجوم التركي على الأكراد، قائلاً: إن «العنف الحاصل في عفرين يعطّل من الاستقرار النسبي في المنطقة، ويصرف الجهود الدولية لضمان هزيمة داعش».
وفي سياق متصل، حاول وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون شرح السياسة الأميركية في سورية بقوله: إن الولايات المتحدة ستحتفظ بوجود عسكري لها في سورية في المستقبل المنظور لمنع تنظيم داعش والقاعدة من استعادة السيطرة على الأراضي، فضلاً عن الإشارة إلى هدف آخر يتمثل في تقديم المساعدة في مشاريع إعادة الإعمار لتشجيع السوريين على مناهضة الحكومة السورية، وفق المقال.

وذكر المقال، أن الانزعاج التركي من تزايد القوة الكردية بالقرب من حدودها قد قاد حكومة أردوغان إلى شن عملية عسكرية ضدهم في عفرين، فتركيا تنظر للقوات الكردية السورية على أنها مرتبطة ارتباطاً جوهرياً بحزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره تركيا تنظيماً إرهابياً، والولايات المتحدة تتفق مع تركيا على أن مقاتلي حزب العمال الكردستاني إرهابيون، لكنها تصر على أن شركاءها الأكراد في سورية غير مرتبطين بتلك المجموعة، داعية الجانب التركي إلى «ضبط النفس».

وخلص الكاتبان إلى القول: إن الكثير من الحلفاء تخلوا عن الأكراد في السابق، وفي الوقت الحالي قد تكون النتيجة أسوأ من صرف الانتباه، ومن غير الواضح ما الذي ستقوم به الولايات المتحدة لتهدئة الوضع، وأشارا إلى أنه ورداً على سؤال حول ما إذا كان لدى واشنطن التزام أخلاقي تجاه الأكراد، أكد عدة مسؤولين أميركيين بارزين أن مبدأ ترامب القائم على «أميركا أولاً» يثبت أن الولايات المتحدة تعطي الأولوية دائماً لمصالحها الخاصة.

المصدر: الوطن


إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...