أطفال جنين في فيلم وثائقي

10-05-2006

أطفال جنين في فيلم وثائقي

علاء طفل فلسطيني يجلس على أنقاض منزله بعد أن دمره الجيش الاسرائيلي، وقد ارتسمت المأساة على وجهه. تنتقل الكاميرا من وجهه إلى يديه المجرحتين وإلى ركام البيت الذي لطخ ثيابه.

تعود الكاميرا بعد سنوات إلى مخيم جنين، حيث أصبح علاء شابا يقود مجموعة من المقاتلين الفلسطينيين.

يشرح للكاميرا استراتيجيته العسكرية لمواجهة الجيش الاسرائيلي من خلال زرع العبوات الناسفة والمراقبة الدائمة لكافة مداخل المخيم.

بعد أسابيع، تصوّر الكاميرا جنازة علاء: جثة شاب مشوهة ودموع أم مفجوعة.

قصة علاء ليست الوحيدة التي التقطتها كاميرا المخرج جوليانو ميرخميس على مدى أكثر من 8 سنوات.

فالوثائقي "أطفال آرنا" يلاحق مجموعة من الأطفال الفلسطينيين من طفولتهم التي أمضوا جزءا منها يتدربون على فنون التمثيل والرسم، إلى موتهم باكرا في القتال ضد الجيش الاسرائيلي، أو في اسرائيل بعملية انتحارية.

ومن هنا قوة تأثير الفيلم الوثائقي: فقد اخترق المخرج حياة المسلحين الفلسطينيين من خلال عودة نادرة وواقعية إلى طفولتهم.


ويزداد الفيلم وقعا عاطفيا بسبب معرفة المخرج الوثيقة بالأطفال من خلال انضمامه لأمه آرنا ميرخميس في عملها بمخيم جنين.

من هي آرنا؟
عام 1989 بدأت امرأة يهودية تدعى آرنا مشروعا في مخيم جنين لتعليم الأطفال فنونا تعبيرية كالمسرح والتمثيل والرسم.

ومن خلال كاميرا ابنها جوليانو نتعرف على امرأة غاضبة ومشاغبة ورافضة لما تعتبره قمع الفلسطينيين على يد دولة ساعدت هي في تأسيسها.

ويروي جوليانو في فيلمه أن آرنا انضمت عام 1948 إلى منظمة "بالماخ" اليهودية التي كانت إحدى الجماعات المسلحة التي حاربت لإقامة دولة اسرائيل.

وفيما بعد انضمت إلى الحزب الشيوعي حيث التقت زوجها الفلسطيني، والد المخرج جوليانو.

ولا يبدو واضحا في الفيلم كيفية انتقال آرنا إلى الجانب الفلسطيني من الصراع، لكن كاميرا ابنها، الذي بدأ التصوير عام 1994 بعد 5 أعوام من بدء مشروعها، تظهر فيها عجوزا ثورية ومرحة في آن معا.

"الانتفاضة حرية"
نراها تتظاهر أمام حاجز اسرائيلي والكوفية على رأسها، تحث الفلسطينيين على رفض سلطة الجنود الاسرائيليين. كما نراها تصرخ على الجنود قائلة: "أنتم وجه الاحتلال".

ويصورها جوليانو وهي تنظم حفلات الرقص لأطفال جنين، وتخطب فيهم بالعربية المكسرة مع لهجة فلسطينية بارزة:

"الانتفاضة بالنسبة إلنا وأولادنا هي ...الحرية. علم وحرية وهذا ليس مجرد كلام. لا حرية بدون علم ولا سلام بدون حرية. الحرية والسلام لا يتجزآن. لا يتجزآن."


وتعلو هتافات الأطفال: "حرية حرية."

وفي وسط الفيلم، نراها تعانق أصدقاءها الفلسطينيين بالمخيم وتمسح دموعها في آخر زيارة لها بعد أن علمت بموتها الوشيك من السرطان.

من هم أطفال آرنا؟
نتعرف على أطفال آرنا وعلى المخرج جوليانو في مطلع الفيلم.

وينقلنا المخرج سريعا عبر الزمن بين صور الأطفال يتدربون معه على تقنيات التمثيل، وصورهم بعد سنوات في ساحات القتال، أو في شريط انتحاري.

ويلازم هذا الأسلوب كل الفيلم من البداية حتى النهاية. ففي كل مرة نرى أحد الأطفال يتحدث عن أحلامه وتطلعاته، ينقلنا جوليانو فورا إلى شريط يظهره شابا مقاتلا في معركة جنين.

وحين يروي قصة يوسف الذي نفذ عملية انتحارية في اسرائيل، يعود بنا من الشريط الانتحاري الذي صور ليوسف قبل عمليته، إلى الطفل يوسف وهو يتحدث عن أحلامه واعجابه بآرنا، ويضحك مع أصدقائه على خشبة المسرح.

كما يجري مقابلات مع اصدقائه وأمه، يروون خلالها كيف تغير يوسف منذ أن شهد مقتل طفلة في العاشرة من عمره أصيبت جراء قصف اسرائيلي، وقد توفيت فيما كان ينقلها إلى المستشفى.

كأن جوليانو أراد لفيلمه أن يكون ردا صاعقا على من يعتبر المعالجة الانسانية للانتحاريين تشريعا للـ"إرهاب"، و"أنسنة" للإرهابيين.

كأنه يقول: ها هم الإرهابيون: إنهم أطفال، يضحكون ويلعبون ويحلمون ويمثلون، ويشعرون ويسعدون ويحزنون، وفي النهاية، كما يضيف المخرج، "يقاتلون من أجل حريتهم."

يلاحظ أيضا أن جوليانو ابتعد عن استخدام الموسيقى، واعتمد في التأثير فقط على اظهار المقاتلين: أطفالا يضحكون في حين، ومقاتلين يقاومون قوة عسكرية صاعقة في حين آخر.

أما المشهد الأخير بعد جنازة علاء، فهو لمجموعة من الأطفال تجمعوا أمام الكاميرا وراحوا يرددون شعارات "الاستشهاد".

 

المصدر : بي بي سي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...