معركة «تحرير سيناء» : أضخم حملة منذ 1973

12-02-2018

معركة «تحرير سيناء» : أضخم حملة منذ 1973

 

اتجهت الأنظار مجدداً إلى سيناء، حيث يخوض الجيش المصري، ابتداءً من يوم الجمعة الماضي، أضخم عملية عسكرية منذ «حرب أكتوبر» عام 1973، ضد المجموعات الإرهابية، في وقت لا تزال فيه النتائج المعلنة محدودة، وفي ظل تأكيدات أن الرئيس عبد الفتاح السيسي سيعلن شبه الجزيرة المصرية «خالية من الإرهاب»، خلال الاحتفال بـ«ذكرى تحريرها» في 25 نيسان المقبل

في تطوّر نوعي تشهده المعركة المفتوحة بين الدولة المصرية والجماعات التكفيرية، يواصل الجيش المصري عملية انطلقت فجر يوم الجمعة الماضي، حملت تسمية «العملية الشاملة لمكافحة الإرهاب ــ سيناء 2018».

وعلى الرغم من أنّ الهدف الرئيسي من العملية العسكرية، التي لم يحدد سقف زمني لنهايتها، يتركز على «تطهير سيناء من الإرهاب»، بناءً على تكليف سابق من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي لرئيس الأركان ووزير الداخلية، «بملاحقة الإرهابيين والقضاء عليهم في غضون ثلاثة شهور» ــ وهي مهلة أوشكت على الانتهاء ــ إلا أنّ الواقع يؤكد أن مسرح العمليات يبدو أكثر امتداداً من الناحية الجغرافية، إذ يتجاوز مناطق العمليات التقليدية، حيث المواجهة مباشرة مع تنظيم «ولاية سيناء»، الفرع المصري لتنظيم «داعش»، ليشمل المناطق الجبلية والظهير الصحراوي والحدود الغربية، إضافة إلى الحدود البحرية التي انتشرت فيها تعزيزات عسكرية بأعداد غير مسبوقة.

ويقول خبراء عسكريون محسوبون على الجيش المصري إنّ العملية الحالية «تُعدُّ الأكبر والأضخم من حيث العدد والتجهيزات منذ حرب أكتوبر عام 1973». وفي سياق هذه العملية، يواظب المتحدث العسكري، العقيد تامر الرفاعي، على إصدار بيانات يومية للإعلان عن النتائج المحققة، التي لم تقتصر على «استهداف البؤر الارهابية»، بل طالت أيضاً «مساحات مخصصة لزراعة المخدرات»، علاوة على «تدمير مركز إعلامي كان يستخدم من قبل التكفيريين»، إضافة إلى مصنع كان يستخدم لتصنيع المواد المتفجرة.

ووفق البيان الرابع عن العملية، فإن الجيش تمكن من «استهداف وتدمير 66 هدفاً تستخدمها العناصر الإرهابية في الاختفاء من أعمال القصف الجوي والمدفعي، والهرب من قواعد التمركز الثابتة والمتحركة أثناء حملات المداهمة، إلى جانب قتل 16 عنصراً تكفيرياً، وتدمير مخزن للعبوات الناسفة، وسيارتي دفع رباعي تستخدمهما العناصر الارهابية، علاوة على توقيف أربعة إرهابيين أثناء محاولتهم استهداف القوات المسلحة في مناطق العمليات»، كما أسفرت العملية العسكرية عن «توقيف 30 شخصاً من المشتبه فيهم، يجري اتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم».

كذلك تمّ «اكتشاف وإبطال مفعول 12 عبوة ناسفة» تم زرعها على محاور تحرك القوات المسلحة، و«تدمير 11 سيارة دفع رباعي خاصة بالعناصر الإرهابية، و31 دراجة نارية من دون لوحات معدنية، إضافة إلى تدمير ثلاثة مخازن أسلحة وعبوات ناسفة وبزات عسكرية»، فيما باشرت قوات الشرطة في المحافظات حملات أمنية ومداهمات في المناطق الجبلية، بعضها بمشاركة وحدات من الجيش.
وتبدو نتائج العملية المعلنة ضئيلة مقارنة بالاستنفار العسكري والأمني، والاستعدادات التي استغرقت أكثر من ثلاثة أيام، فيما عُلِّقت الدراسة في كافة المدارس والجامعات في شمال سيناء حتى إشعار آخر، في وقت تعيش فيه مدن الشيخ زويد والعريش ظروفاً صعبة بسبب حالة الخوف والترقب من ردّ فعل على العمليات الجارية.

وكان لافتاً، في سياق العمليات الجارية، أن القوات المسلحة أدخلت معدات ثقيلة ودبابات بأعداد غير مسبوقة إلى شمال سيناء، بالتوازي مع تنسيق على أعلى مستوى مع إسرائيل، في الايام التي سبقت الساعة الصفر. وشمل هذا التنسيق البحث في عديد القوات المصرية التي ستشارك في العمليات، والمناطق التي سيتم تمشيطها، وذلك في سياق التزام مصر باتفاقية كامب ديفيد التي حددت أعداداً ثابتة للجنود، وأنواعاً محددة من المعدات العسكرية، في المناطق الثلاث المشمولة بـ«معاهدة السلام».
وقالت بعض المصادر العسكرية إنّ الأعداد التي دُفعت إلى المنطقة «ج» من الشريط الحدودي تصل إلى أكثر من خمسة أضعاف الأعداد المنصوص عليها في كامب ديفيد، وذلك «في إطار التعاون والتنسيق الأمني بشأن مواجهة الإرهاب بين مصر وإسرائيل».

وقالت مصادر متابعة إنّ «التنسيق بين القاهرة وتل أبيب يجري على أعلى مستوى، منذ فترة طويلة للغاية، حيث يتم تحديد أعداد الآليات العسكرية التي تدخل بناءً على الظروف والتطورات»، مؤكدة أن هناك «تفهماً كاملاً من الجانب الإسرائيلي لما ينفّذه الجيش من عمليات هدفها إعادة الأمن والاستقرار إلى شبه جزيرة سيناء بشكل كامل».

وتحدثت المصادر ذاتها عن «ترجيح» زيارة للرئيس السيسي إلى العريش في الخامس والعشرين من نيسان المقبل، للاحتفال بـ«تحرير سيناء من الإرهاب، تزامناً مع ذكرى تحريرها من الاحتلال الاسرائيلي». وقد يعلن السيسي، خلال هذا الاحتفال، انتهاء العمليات العسكرية بشكل كامل، وإعادة فرض السيطرة العسكرية على الحدود الشرقية والغربية معاً، مع إعادة تمركز للقوات العسكرية والشرطية، وزيادتها، لضمان عدم تسلل أي عناصر إرهابية جديدة.

ويسعى السيسي لأن يكون «القضاء على الإرهاب» أول ما يعلنه بعد فوزه بالولاية الانتخابية الثانية، وذلك لتأكيد قدرته على تنفيذ وعوده، واستباقاً للإعلان صفقات أسلحة جديدة مرتقبة، إضافة إلى إجراءات اقتصادية ستزيد من ارتفاع الاسعار.
ويعتزم الجيش إحكام السيطرة على الحدود بشكل كامل «لوقف وصول أي إمدادات عسكرية للعناصر التكفيرية، مع دك الجبال بالطائرات، والدخول بمعدات عسكرية حديثة ومتطورة للقضاء على الإرهابيين بشكل كامل»، فيما تباشر الشرطة تحريات موسعة عن أي شخص غريب قد يظهر في المناطق السكنية، وسط توقعات «بلجوء الإرهابيين إلى الأحياء السكنية للاختباء بداخلها».


يشمل التنسيق مع إسرائيل البحث في عديد القوات المشاركة في العمليات

وفي وقت بدأ الجيش ببثّ فيديوات للجنود الذين تنتهي خدمتهم أوائل شهر آذار المقبل، ويؤكدون فيها رغبتهم في بقائهم داخل الجيش، إلى حين انتهاء العمليات، تبحث القيادة العسكرية تمديد فترة تجنيد هؤلاء بالفعل، باعتبارهم تلقّوا التدريبات اللازمة للعمل في مسرح العمليات الحالية، على أن يخرجوا من الخدمة فور انتهاء العمليات، أو بحسب رغبتهم الشخصية، وهي الصيغة التي تجري مناقشتها بشكل موسع.

ويبدو أن الجيش المصري قد نجح في خطة الحشد الإعلامي والتأهيلي، على النحو الذي يضمن الدعم الداخلي والحماسة الشعبية للعمليات الجارية، فما يجري في سيناء بات المسيطر الأول على اهتمامات المصريين في الشارع، علماً بأنّ حالة استنفار قصوى أعلنت في قطاعات عديدة، من بينها القطاع الصحي، فيما يحضر الرئيس السيسي يومياً في غرفة عمليات القوات المسلحة، لمتابعة النتائج عن قرب، كذلك فإن لقاءات يومية تجري بين وزيري الدفاع والداخلية ورئيس الأركان.

رئيس هيئة الاستطلاع الأسبق في جهاز المخابرات الحربية والمستشار في «أكاديمية ناصر العسكرية»، نصر سالم، قال إنّ «العملية العسكرية جرى الإعداد لها على مدار أكثر من شهرين، ليتم تنفيذها بمنتهى الدقة وتجنّباً لأيّ ردود فعل انتقامية، مع محاصرة الإرهابيين وأماكن وجودهم، كما كان يحدث في أوقات سابقة». وأشار إلى أن التنسيق جرى على أعلى مستوى وبمتابعة مباشرة من رئيس الجمهورية الذي حرص على أن تسير العملية بالتزامن مع تحرك الحياة بشكل اعتيادي.

وأشار سالم إلى أنّ القوات المسلحة نسّقت مع الأهالي وكبار العائلات والقبائل من أجل التعامل مع الوضع والحصول على مساعدتهم ودعمهم خلال الفترة الحالية، مع التأكد من توافر احتياجات المواطنين لتجنّب أيّ مشاكل مرتبطة بتوافر السلع للمواطنين والخدمات.

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...