نقاط ضعف الجبهة الداخلية “الإسرائيلية” للحرب

16-02-2018

نقاط ضعف الجبهة الداخلية “الإسرائيلية” للحرب

 

لقد باتت الجبهة الداخلية “الإسرائيلية” عُرضة لجُملة من التهديدات، لا سيما الصواريخ دقيقة التصويب ومن أكثر من جبهة، فطبيعة التهديدات على الجبهة “الإسرائيلية” الداخلية، تغيّرت خلال السنوات الأخيرة، ولم تعد صورة الماضي ذاتها، عِلماً بأن طبيعة البيئة الجيو-استراتيجية التي تُعاني منها “إسرائيل” لم تتغيّر بصورة مبدئية، لقد تكيّف الجيش “الإسرائيلي” وفقاً للنظرية الأمنية التي صاغها ديفيد بن غوريون والمُتمثّلة باستخدام وسائل الهجوم والتركيز عليها، هذا وجد تعبيره الواضح عبر الأسس المُعلَنة للنظرية الأمنية والقوّة العسكرية، التي اتبعها الجيش منذ بداياته الأولى، ففضَّل الجيش “الإسرائيلي” انتهاج الوسائل الهجومية للتهديدات المُحيطة به، خاصة على الجبهة الداخلية، بدلاً من الوقوف في حال الدفاع عنها.

“إسرائيل” ليس لها عُمق استراتيجي وذلك يُشكّل نقطة ضعف عند الخطر، فأكبر عرض لـ”إسرائيل” في وسطها يُقدَّر ب 17 كم، وعرضها في الشمال 7 كم، وعرضها في الجنوب 10 كم ، فلا خيار أمام الجبهة الداخلية في “إسرائيل” عند الضغط العسكري إلا الفرار من “إسرائيل” بشكل كامل حيث لا يوجد (عُمق استراتيجي) أو مكان آمن في “إسرائيل” خاصة بعد تعدّد الجبهات وتطوّر القُدرات والإمكانات العسكرية التي تمتلكها قوى المقاومة .

وكان نفتالي بينيت وزير التربية والتعليم، قد تحدّث، خلال مؤتمر معهد دراسات الأمن القومي، إن أية حملة عسكرية جديدة ضدّ لبنان سوف تضرّ بالجبهة الداخلية بشكل لم يراه الإسرائيليون، وتشير التقديرات العسكرية “الإسرائيلية” إلى أن المقاومة الفلسطينية في حال اندلاع الحرب في قطاع غزّة أو المقاومة اللبنانية في حال اندلاع الحرب في الشمال، ستُطلِق آلاف الصواريخ يومياً على “إسرائيل”، مُشيرةً إلى أن أجهزة النظام الدفاعي مثل القبّة الحديدية وغيرها قد لا تكون كافية لتوفير حل كامل للجبهة الداخلية .

وكانت صحيفة “معاريف الإسرائيلية” قد كشفت مؤخّراً، أنه قد تم تحصين 10% فقط من بين 150 من مرافق البنية التحتية المُعرّضة لمخاطر عالية حال اندلاع حرب على الجبهتين الشمالية والجنوبية.

وفي نهاية 2016 نُشِرَ تقرير لمُراقب دولة الاحتلال عن وضع الجبهة الداخلية قيل فيه أن “إسرائيل” غير جاهزة كما ينبغي لسيناريو إطلاق عشرات آلاف الصواريخ عليها، وأن أكثر من مليوني نسمة يوجدون بلا تحصين مُناسِب، على المستوى السياسي قال التقرير إن الصلاحيات لإعداد الجبهة الداخلية لم تترتّب بين الوزارات الحكومية المختلفة وإن هناك مواضيع عديدة تسقط بين الكراسي، وفجوات التحصين بقيت واسعة، ويتطلّب التغيير في هذا الموضوع استثماراً كبيراً جداً، والتقدير هو أن استكمال خطّة التحصين الكامل في الشمال تحتاج إلى ميزانية 3-6 مليارات شيقل. عملياً، خُصِّص لها للسنة الحالية 150 مليون شيقل.

تُركِّز خطّة قيادة الجبهة الداخلية على البلدات التي توجد على مسافة 0 – 40كم من تهديد الصواريخ، وتفحص قيادة الجبهة الداخلية، تُهيِّىء وتُقرِّر مستوى أهلية كل سلطة محلية وفقاً لـ 11 معياراً، قرّرها قائد الجبهة الشمالية تمير يداعي، وتتضمّن مستوى جاهزية أجهزة الإنذار المُبكر، آلية القيادة والتحكّم في السلطة تكون جاهزة للحظة الطوارئ، مستوى التحصين، الإعلام والإرشاد للجمهور وتنظيم شبكة المُتطوّعين على أساس السلطة المحلية إضافة إلى قوات قيادة الجبهة الداخلية.

كما أشار المُحلّل العسكري رون بن يشاي، إلى أن التقدير في المؤسّسة الأمنيّة “الإسرائيلية” أن الإيرانيين مع شركائهم، غزّة و حزب الله وسوريا، يمكنهم التسبّب بوقوع خسائر وأضرار للجبهة الداخلية والعسكرية في “إسرائيل” بحجم أكبر مما كان يمكن أن يسبِّبوهُ لنا قبل سنوات.

من الواضح أن التهديد على الجبهة الداخلية “الإسرائيلية”، سيكون أخطر بكثير، في أية مواجهة قادمة، والسبب الأساسي لذلك ليس زيادة كميات الصواريخ وقذائف الهاون، التي يمكن أن تسقط على “إسرائيل” بل الفعالية القاتِلة لهذه النيران، والتي ستسقط ليس فقط من غزّة و لبنان بل أيضاً من سوريا، نتيجة لذلك، الخسائر والأضرار التي ستلحق بالجبهة الداخلية المدنية والعسكرية لـ”إسرائيل” قد تزيد مئات الأضعاف.

ويُشير “بن يشاي” إلى الخلفيات التي تقف خلف مُطالبة ليبرمان بزيادة 4.8 مليارات شيكل إلى الموازنة الأمنية، هي عبارة عن تطوّرات استراتيجية حصلت في السنتين الأخيرتين وهي تؤثّر سلباً على وضعنا الأمني، التطوّر الأول هو “التحوّل في الدقّة” التي يسعى الإيرانيون إلى إدخالها على جميع عناصر النيران التي ينوون مع حلفائهم إطلاقها على إسرائيل، الإصابات المباشرة على عدد من “الأهداف النوعيّة” ستُسبّب وقوع عدد كبير من الخسائر والأضرار الاستراتيجية العسكرية أو المدنية بمئات أضعاف ما تُسبّبه آلاف الصواريخ غير الدقيقة .

التطوّر الاستراتيجي الثاني الذي نشهده هو الحلبة السورية التي أُضيفت ضدّنا إلى الجبهة الشمالية. إننا نتوقّع أن نرى في الحرب القادمة عملاً مُنسّقاً ضدنا من قِبَل جهات إيرانية، سورية ولبنانية ومن غزّة وسيُطلقون النيران على وسط تل أبيب (مبنى وزارة الحرب)، المصافي وحاوية الأمونيا في حيفا وأيضاً على مئات “الأهداف النوعية” الإضافية في الداخل “الإسرائيلي”.

في الخلاصة، هناك أزمة حقيقية لدى إسرائيل على هذا الصعيد، وفي المستقبل غير البعيد سيجد الجيش “الإسرائيلي” صعوبة في تشغيل الخُطط العملياتية والهجومية التي بلورها في البر والبحر، بقوّة وبنجاعة كاملتين، بهدف إسكات أو تقليص إلى حد كبير الخسائر والأضرار التي ستلحقها قوى المقاومة بالجبهة الداخلية الإسرائيلية، وذلك أن الفجوات في تجهيز الجبهة الداخلية الإسرائيلية للحرب لا تزال واسعة جداً.

المصدر: رامي أبو زبيدة – الميادين نت

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...