دفاتر مفترضة تروي حكايـات طلابنا.. خربشات وذكريات على الجدران والمقاعد تعكس وجع الطلاب

23-02-2018

دفاتر مفترضة تروي حكايـات طلابنا.. خربشات وذكريات على الجدران والمقاعد تعكس وجع الطلاب

 

في كل ركن ذكرى لاتموت مع الأصدقاء والأقران، ذكريات تختزنها الذاكرة، مرة في درس العلوم ومثلها في درس اللغة العربية وأخرى في باحة المدرسة أثناء الفرصة.
مدرستي.. بين جدرانها قضينا أجمل الأوقات وأكثرها فرحا ضحكنا.. شاغبنا.. لعبنا.. درسنا.. لكل دقيقة فيها حكاية تروى.. وعلى جدرانها تركنا خربشات الحب والشقاوة التي حملت شيئا من الطرافة وتكسر صمت وملل ساد لحظات في حصة درسية.‏
خربشات تعدت في أيامنا حدودها المقبولة والادبية لتصبح ظاهرة تشويه وتكسير اشتكت منها حتى الجدران والمقاعد والمرافق الخدمية المجانية ما ينم عن جهل وعدم إحساس بالمسؤولية، خربشات لاتقتصر على رسم سهم وقلب ووردة وكتابة حكمة على درج المقعد بعفوية وارتجالية، بل تعبيرا عن انتقام من معلم واستهتار بالعلم وتفريغ لألم نفسي واقتصادي ومادي في ظل غياب حواضن اجتماعية وأماكن ونوادي تسلية وسيادة لثقافة الصمت وغياب الذوق العام حتى أصبحت بعض مدارسنا أشبه بمواقع للخردة أو لتدريب الذكريات..‏

ممارسات طلابية غير مسؤولة، ومدارسنا الإعدادية والثانوية هما المحطتان الأشد بروزا لملاحظة هذا التشويه والتخريب والعبث بممتلكات منهل العلم والمعرفة.‏
وللغوص أكثر في تفاصيل هذه الظاهرة بغية تشخيصها ومعرفة أسبابها كخطوة أولى نحو العلاج أو على الأقل الحد من انتشارها وتسليط الضوء عليها إيمانا مننا كإعلاميين بأننا شريك أساسي في ذلك، توجهنا نحو الجهة الأساسية في هذا الموضوع ألا وهي وزارة التربية حيث حدثتنا السيدة إلهام محمد مديرة البحوث بالقول:‏

تفعيل الإذاعة المدرسية‏

إذا أردنا توصيف ظاهرة التخريب والتكسير لممتلكات المدرسة وإتلافها فهي عادة مزعجه للآباء وللكادر المدرسي ويمكن تصنيف الفاعلين إلى قسمين القسم الأول من الطلاب من يفعلون ذلك دون قصد وهؤلاء يفتقدون لمهارة التعامل مع الأشياء أو يحبون التعرف على الأشياء، أما الفئة الأخرى فهي من الطلاب ذوي السلوك العدواني ويعتمدون التخريب الذي يعتبرونه طريقة للتعامل مع الإحباط والضغوط التي يتعرضون لها، ونرجح هذه التصرفات إلى عدة أمور أهمها:الاستجابة بغضب لكل عجز أو فشل يشعر به الطالب، وعدم وجود المحفزات في المنزل أو المدرسة، وغياب عنصر التشويق والدعم للأطفال،‏
وهناك بعض الطلبة الذين يتعمدون هذا السلوك بهدف لفت الانتباه للقول (نحن موجودون).‏

أما عن الوقاية من هذه الظاهرة وعلاجها:فيجب أن نتعرف على أسباب التخريب التي قد تكون ناتجة عن صعوبات مدرسية أو منزلية أو عدم وجود رفاق لعب، ومساعدتهم للتعبير عن مشاعرهم وانفعالاتهم، من خلال المرشد وتفريغ شحنات الغضب والقلق والإحباط من خلال حصص الرسم والرياضة وحصص الأنشطة غير الصفية، ومن الأهمية الإكثار من الملصقات واللوحات الجدارية التي تؤكد على أهمية المحافظة على ممتلكات المدرسة، واستثمار نقاط القوه الموجودة لدى الطلاب من ذوي السلوك العدواني، في تقديم فقرات للإذاعة المدرسية، ومكافئة كل من يساهم في المحافظة على المدرسة وكذلك مشاركة الطلاب وإطلاعهم على خطة المدرسة من خلال وضع ميزان الحقوق والواجبات وتوضيح الآثار المترتبة على السلوكيات المخالفة لأنظمة وقوانين المدرسة ويعد مبدأ تفعيل المكافأة سلوكا ترغيبيا تربويا صحيحا، والأهم مما سبق كله وتأتي في مقدمة علاج هذه الظاهرة تفعيل مجالس أولياء الأمور وشرح هذه الظاهرة وإشراك الأولياء بالحلول والإجراءات، واكدت السيدة إلهام على أن هذا السلوك يضر بالطالب قبل المدرسة، لأن عدم المحافظة على ممتلكاتها وعدم بقائها سليمة سيؤدي إلى حرمانهم من استخدامها، ومن طرق شكر المدرسة على ما تقدمه لنا هو أن نحافظ عليها جميلة ونظيفة تسر الناظر وتدخل البهجة إلى قلب الزائر.‏

المتابعة اليومية‏

علا صالح موجهة في مدرسة علي فريد خلوف:أكدت على ضرورة وأهمية المتابعة اليومية لطمس هذه الظاهرة مؤكدة ضرورة أن يكون العقاب من جنس الفعل أي يجب على الطالب الذي قام بالكتابة على المقعد أو الباب أو الجدار تنظيفه وتبعا لذلك تكون المكافأة لمجموعة الطلاب الذين يحاولون المحافظة على صفهم نظيفا برحلة داخلية يقضون فيها وقتا ممتعا في الباحة ولهم الحرية في جلب ما يريدون ويشتهون من المأكولات، وبالتجربة تبين أن هذه المكافأة تشجيعية وتحفيزية لأي سلوك تربوي مطلوب من الطلاب،‏
كما وتشير الموجهة علا إلى ضرورة التمسك بأهمية التعلم بالقدوة أي مشاركة الكادر التدريسي بحملات النظافة وهذا يسهل تقويم السلوك الخاطئ لدى البعض خاصة عندما تكون المدرسة ذات دوام واحد وعدد محدود من الطلاب.‏

وترى ريما الحاج المرشدة النفسية في تشخيص هذه الحالة أن لها جوانبا إيجابيه حيث تم الكشف عن مواهب دفينة لدى الطلاب وعلى الكادر التعليمي تنميتها واستثمارها ووضعها على الطريق الصحيح مثال ذلك طالبة وضعت على الجدار صورة وجه جميل ينم عن ذائقة جمالية وموهبة رائعة الأمر الذي وضعنا أمام موهبة لابد من استثمارها وتشجيعها بمساعدة رفيقاتها وذلك عبر تزيين جدران المدرسة برسومات متناسقة.ومن هنا تبرز أهمية المسابقة التي تجريها الوزارة عن نظافة البيئة وأثرها في تعزيز ثقافة المحافظة على الممتلكات العامة..‏

بصمه تحمل طرافة‏

ومن وجهة نظر السيدة ريما أن الخربشة على هذه الممتلكات بزاوية صغيره مهملة بحثا عن ذكرى وترك بصمة تحمل طرافة شيء مهضوم له حلاوة بينما التشويه سواء البصري أو البيئي والأخلاقي هو تصرف سيئ وغير حضاري وخطر ومثلها ما نشاهده من تشويه على العملات الورقية ومن تشويه على وسائل المواصلات والأماكن العامة أما من يقول أنها وسيلة لإيصال رسالة من الطالب لمعلمه أو الإدارة المدرسية فهو غير صحيح لأن طالب اليوم يقول وينتقد هؤلاء دون خوف أو وجل وعلى عينك عينك.‏

على صفحات التواصل الاجتماعي‏

يرفض الطالب علي في الصف العاشر اتهامهم بالتشويه للممتلكات المدرسية ويستشهد بأن وسائل الاتصال الاجتماعي منحتهم الحرية لتفريغ ما في داخلهم والكتابة بحرية دون قيود، ولا حاجة له بمقعد أو جدار للكتابة عما يجول في خاطره.‏
بينما يعترف الطالب أحمد في نفس الصف أن هذه الظاهرة موجودة بالفعل ويرجع السبب إلى عدم قدرة المدرس على ضبط الصف أو عدم فهم الطلبة للدرس خاصة مع المنهاج الجديد ما يجعلهم يلجؤون للكتابة على المقعد مللا أو شغبا خاصة بوجود أعداد كبيرة بالصفوف.‏
الطالبة زينة لها رأيها الخاص: بأن للذكور النصيب الأكبر مقارنة مع الإناث بالقيام بهذا السلوك فهم يجدون متعة في تدوين خربشتهم عن قصص غرامهم مدعومة بأرقام جوالاتهم خاصة بوجود مدرسة مختلطة أو دوام منفصل لكل جنس يتبعه دوام لجنس لآخر أي مثلا دوام صباحي إناث والمسائي للذكور.‏

الأستاذ فايز فواز يؤيد ما قالته الطالبة زينة لكون الذكور يميلون إلى العنف أكثر من الإناث ولكونه تنقل بأكثر من مدرسة يرى بان هذه الظاهرة في مدارس الريف أقل انتشارا من مدارس المدينة وسرعة ضبطها أكثر سهولة، ومن الأهمية النظر إليها كظاهرة طبيعية يتم فيها تفريغ لطاقات التلميذ إن كانت ضمن الإطار الطبيعي والأخلاقي وغير خارج عن الآداب العامة أو متسبب في تخريب الأثاث والممتلكات المدرسية أما إن كانت خارج الإطار العام وفيها تخريب فتتم معاقبة الفاعل بالإجراءات المنصوص عليها في اللوائح المدرسية كالتنبيه واستدعاء ولي الأمر وإن تكرر فعلها تتخذ بحقه إجراءات أكثر صرامة قد تصل إلى نقله من المدرسة.‏
تفعيل حصص الموسيقا والرسم‏

المرشدة النفسية انتصار الرحيبي تخالف منطق العقوبة المباشرة بالتنبيه والتهديد والوعيد وبالأهل وترى بأن الوقاية خير من العلاج وأفضل نتائج وذلك يتجلى بتفعيل حصص الموسيقا والرسم وتنمية الهوايات والاعتماد على الرياضة كجزء من العلاج المثمر والفعال قبل أي محاسبة على سلوك أو تصرف فوضوي فما يملكه طلابنا من طاقات يجب استثمارها لإنجازات فاعلة وسلوكيات إيجابية بقليل من الحب والتسامح ولكثير من مدارسنا تجارب ناجحة في هذا المجال ولاسيما تحويل مخلفات الأزمة إلى لوحات جدارية رائعة الجمال، فالمشكلة ليست بالطالب وإنما بالطاقة المعطلة وانعدام البدائل لتفريغ الألم البدني والنفسي والألعاب الالكترونية و القائمة على العنف والعبث تجعل سلوك العبث تلقائيا لدى الكثير من طلابنا.‏

الأستاذ مضر وكادره التعليمي يجمعون على أهمية التوجيه والإرشاد في استثمار هذا السلوك عند بعض الطلاب الذين يمتلكون موهبة الرسم وتنميتها وتفريغها في المكان الصحيح لتضفي الجمال على المدرسة وبما يتوافق مع سمو المكان وقدسيته.‏
بسلوكيات خاطئة ومؤذية لأنفسهم وللآخرين كالتدخين وتبادل شتائم مشينة والتجرؤ على هيبة معلم و.. و..‏
مجتمعنا الطلابي، بحاجة إلى عناية ورعاية مركزة ومشددة لأن مستقبلنا بين أيديهم فهل ننجو بأنفسنا وبهم؟؟‏

المصدر: الثورة

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...