مبرهنة فيرما الاخيرة

15-03-2018

مبرهنة فيرما الاخيرة

(أعتقد بأنني سأتوقف هنا.)

بهذه العبارة أنهى أندرو وايلز (في الثالث والعشرين من يونيو عام 1993) سلسلة محاضراته في معهد إسحاق نيوتن في كامبريدج. التصفيق _كما أبلغ الشهود_ كان مدوٍّ،فوايلز تمكن أخيرا من برهنة ما أزعج علماء الرياضيات لأزيد من ثلاثمائة وخمسين عامًا. إنها مبرهنة فيرما الأخيرة.

المبرهنة مرتبطة بالرياضيات، وتعود جذورها لأكثر من ألفي سنة خلت. ولعل معظم الناس قد سمعوا من قبل عن نظرية فيثاغورث لأضلاع المثلث قائم الزاوية ( أ2 + ب2 = جـ2 ) ، بحيث الضلع (جـ) يمثل الوتر (الضلع المقابل للزاوية القائمة).

هناك عدد لا نهائي من الأرقام الطبيعية التي يمكن التعويض بها في تلك المعادلة بنجاح، مثل (3،4،5) و (5،12،13) و (6،8،10) والتي تسمى ثلاثيات فيثاغورثية.

مبرهنة فيرما الأخيرة تبحث عن معادلات مماثلة ولكن بأسس مختلفة، بمعنى آخر هل هناك ثلاثيات من الأعداد الطبيعية تخضع للمعادلة ( أ3 + ب3 = جـ3 ) أو ( أ4 + ب4 = جـ4 ) أو ( أ5 + ب5 = جـ5 ) أو ( أن + بن = جـن ) ؟!

أقنع عالم الرياضيات بيري دي فيرما في القرن السابع عشر نفسه بأن مثل تلك الثلاثيات ليس لها وجود ولا لأي أس طبيعي أكبر من اثنين (ن>2).

وفي عام 1637 كتب على هامش كتابه الرياضي أنه قد وجد “برهان مذهل” لهذا الافتراض، والذي استغرق وقتا طويلًا ليتم إدراجه في الهامش؛ لذا فإن الخربشات المحيرة التي أدرجها أثارت العديد من الأسئلة في صفوف علماء الرياضيات لفترة طويلة.

عندما أعلن وايلز مبرهنته في معهد نيوتن (بعدما اشتغل عليها لمدة سبع سنوات بشكل سري تفاديا للفت الانتباه) أقر بما كان يفعله. في الواقع إنه كان يشتغل على مسألة أكثر عمومية وهي حدسية تانيما-شيمورا، والتي يحيل حلها على مبرهنة فيرما الأخيرة.

إلا أنها كانت غير متاحة لمعظم علماء الرياضيات في ذلك الوقت. (وعلى الرغم من أن وايلز لم ينشر أي شيء عن هذا الموضوع.

فالجميع عرف بأنه أنسب شخص يمكنه أن ينجح في إثبات مبرهنة فيرما الأخيرة) هذا ما قاله توم كيرنر عالم الرياضيات في جامعة كامبريدج مضيفا ( كنت قد أجريت مقابلةً مع وايلز من أجل منحة في قاعة ترينتي بكامبريدج، قبل أن ينتقل إلى برينستون. الجميع أقر بأنه عبقري.)

وقبل أن يعلن وايلز إثباته، كان قد ألقى محاضرات كجزء من برنامج بحثي في معهد نيوتن ليومين متتاليين. وأوضح كيرنر أن العديد من الشائعات كانت منتشرة في الأنحاء مفادها أن شيئًا مهمًا سيحدث في اليوم الثالث. يقول كيرنر أيضا، سألت أحد تلامذته عما سيحدث لكنه أبى أن يجيبني، ثم سألته عما إذا كنت سأندم إذا لم أحضر اليوم الأخير وكانت إجابته بالإثبات).


وأضاف كيرنير قائلا: (محاضرة وايلز ناسبت التوقعات وأن الجو كان مشحونًا. فبعد انتهائه، أخذ الجميع يصفق بحرارة، فئة قليلة من الجمهور الذين كانوا على دراية بالمادة باشروا في طرح بعض الأسئلة والأجوبة بدت جيدة).

إلا أن الأمر لم يتوقف هنا، فمبرهنة وايلز كما وصفها كيرنر كان لها تأثير أكبر من تأثيرات نتائج أخرى من قبيل مبرهنة الألوان الأربعة، بسبب الرياضيات التي خُلقت لإثبات النظرية.

غير أن هذا النجاح لم يمنع من الحديث عن خطأ في ذات المبرهنة مما تطلب العمل على إصلاحها لمدة سنة إضافية بمساعدة من طالب سابق يدعى ريتشارد تايلور.

ولكن في النهاية، مشكلة الثلاثمائة وسبع وخمسين عامًا أسفرت عن ابتكار طرق متطورة لحلها.
I believe science

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...