احتجاجات الأردن: هجمات بلا رأس حربة

07-06-2018

احتجاجات الأردن: هجمات بلا رأس حربة

أسبوع غاضب من الاحتجاجات في الأردن بدأت شرارته بإضراب دعت له النقابات المهنية رفضاً لقانون ضريبة الدخل ونظام الخدمة المدنية. تميّز الإضراب الأول بالحضور اللافت للمهنيين من القطاعات المختلفة، وناصرهم الحزبيون والحقوقيون الذين توجهوا مباشرة من بعد إضرابهم إلى مجمع النقابات المهنية، مشكلين اعتصاماً كبيراً حمل رسائل سياسية واضحة، مع ملاحظة غياب الإسلاميين عن المشهد. لم تمض 24 ساعة حتى أعلنت الحكومة تسعيرة جديدة للمحروقات، متجاهلة حشود النقابات التي شحنت الشارع، فبدأ الناس بالتوافد لمحيط دارة رئاسة الوزراء. ولم تكن المطالب على الدوار الرابع حيث مقر الحكومة بمستوى مطالب النقابة بل تجاوزتها محددة السقف بإسقاط الحكومة، الذي تم لاحقاً، وبتغيير النهج الاقتصادي، الذي لم يتم. تفاوتت ردود الفعل على تسمية رئيس حكومة جديد، بين من اكتفى بإسقاط الحكومة وشعر بالرضى وكأن «الحفلة انتهت»، وبين من يريد تجريب الرئيس الجديد قبل الحكم عليه، وبين من رأى التفافاً على إرادة الشارع بتسمية أحد الوزراء السابقين لمنصب الرئيس الجديد. موّال «إعطاء الحكومة الجديدة فرصة» تردّد بين إعلاميين وكتّاب و«مؤثّرين» على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا انعكس انخفاضاً في نسبة الحضور في الشارع، عقب تأكيد تكليف عمر الرزاز، قدّره رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة بنحو 60 في المئة. وترافق ذلك مع أنباء متضاربة بخصوص تنفيذ النقابات إضرابها المقرر الثاني، انتهت أخيراً بإعلان مجلس النقباء الإضراب من التاسعة من صباح أمس الأربعاء وحتى الواحدة ظهراً، ليلقي بعدها رئيس مجلس النقباء علي العبوس، كلمته. كان من الواضح أن هناك من يعمل لإفشال الإضراب وبأن هناك ضغوطات على النقباء، تمت ترجمتها بتسريبات عن تعليق الإضراب مما انعكس على أعداد الحاضرين أمس، وعلى مدى الالتزام بالإضراب بين القطاعات التي أعلنت مشاركتها في الإضراب الأول.

انتظر عدد كبير من المحتجين كلمة رئيس مجلس النقباء الذي تحدث عن الاحتجاجات في المملكة وحيّا المتظاهرين والأمن، وكافة القوى التي ساندت الإضراب. كلام العبوس تناول نقاطاً عدة، منها رفض القوانين من مرجعيات خارجية، ويقصد ربط قانون الضريبة بصندوق النقد الدولي، كما انتقد الفساد الذي وصفه بأنه أصبح «مؤسسياً»، وأكد ضرورة استعادة ثروات الوطن التي تمت خصخصتها. العبوس لم يفته الحديث عن «صفقة القرن» ورفض كل ما يرمي لضرب وحدة الصف لتمرير مثل هذه الصفقات المشؤومة، وهتف الحاضرون ضد «وادي عربة»، ولكنهم ضجّوا عندما أعلن رئيس مجلس النقباء إعطاء الحكومة الجديدة فرصة، وبدأ الهتاف ضده وضد النقابات مع تصاعد المطالبات للتوجه نحو الدوار الرابع. وقاطع الحضور العبوس وبدت المطالبات أعلى مما كانت النقابات تطالب به، ما اضطر النقيب لدعوة مجلس النقابة إلى اجتماع عاجل، أفضى إلى التراجع عما قاله بخصوص إعطاء الحكومة الجديدة فرصة.

خلال انعقاد الاجتماع الطارئ لمجلس النقابات تصاعدت إشاعات حول مغادرة بعض النقباء واستدعاء الأمناء العامين للأحزاب، ليتبين أن ذلك لم يحدث. وقد التقينا خلال انعقاد الاجتماع بالأمين العام لحزب «الوحدة الشعبية الديموقراطي الأردني» سعيد ذياب، الذي قال إن «الأحزاب القومية واليسارية أرسلت رسالة مكتوبة للنقابات مفادها أن الأحزاب، من موقع الشراكة، تريد من النقابات دعوة سريعة لملتقى وطني. وإذا لم يبادروا لهذه الدعوة فإن الأحزاب القومية واليسارية في حل من هذه الشراكة وستقوم هي بدعوة عاجلة وعلى ما يبدو أن هناك تهرّباً من هذه الدعوة». وأضاف بعد حضوره للاجتماع الطارئ، بأن «ما هو مهم هو الاستمرارية. وتم التوافق مع مجلس النقباء على العمل المشترك وعدم التفرد، لأن تمردهم هو إجهاض للحراك وسيصار إلى الدعوة إلى ملتقى وطني للحوار».

ما كان واضحاً هو محاولة إفشال الإضراب قبل عقده أو خلال يوم الإضراب، وهناك من يريد رفع سقف مطالب النقابات مما يعني الحكم سلفاً عليها بالفشل، فهي في النهاية ليست طرفاً يمارس السياسية. كما بدأ ظهور «الإخوان المسلمين» الذين غابوا منذ الأربعاء، وهذا يثير تخوفات لدى جهات كثيرة، فيما هناك من اختزل الاحتجاجات بما يحدث في عمّان في محاولة تفتيت للوحة الاحتجاجات.

 


الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...