التعليم في الحسكة... «نحو الأميّة»

27-07-2018

التعليم في الحسكة... «نحو الأميّة»

لم يكن يعلم «أبو أحمد» أن تندّره حين كان يذهب إلى دورات «محو الأمية» في ريف الحسكة، بالقول «أنا ذاهب إلى دورة نحو الأمية»، سيتحول إلى واقع تعيشه محافظة الحسكة، التي سجلت هذا العام أدنى نسبة نجاح في تاريخها، وعلى مستوى القطر، في شهادتي التعليم الأساسي والثانوي.الكثير من متابعي ملف التعليم في المحافظة يعتبرون أن فرض «الإدارة الذاتية» الكردية منهاجها على طلاب المحافظة، كان سبباً رئيسياً لتسرّب آلاف الطلاب من مدارس التعليم الحكومي، خاصّة أنها (أي الإدارة الذاتية) طبّقت منهاج التعليم الأساسي حتى الصف التاسع في المدارس التي تديرها، وبدأت هذا الصيف بإغلاق الثانويات في مناطق سيطرتها تمهيداً لفرض مناهجها أيضاً.

وتلخص مديرة التربية في الحسكة، إلهام صورخان، في حديث إلى «الأخبار»، أسباب هذا التراجع في قطاع التعليم، بالقول إنه يعود إلى «استيلاء الإدارة الذاتية على المدارس، ومنع التعليم الحكومي، بما فيه شهادة التعليم الأساسي، ومنع تدريس المنهاج حتى في المعاهد الخاصة، وملاحقة المدرسين، والتوعد بمحاسبتهم في حال تعليمهم المنهاج الحكومي في مناطقهم». وتضيف القول: «نحن في مديرية التربية عملنا كل ما بوسعنا وقبلنا كل المتقدمين، مع فتح تجمعات في كل من القامشلي والحسكة للمدارس المغلقة، واعتماد نظام (الفئة ب)، لتعويض الطلاب المنقطعين».وبدأت «الإدارة الذاتية» بفرض المنهاج المغاير لمنهاج وزارة التربية بشكل تدريجي، من خلال فرض دروس باللغة الكردية للطلاب الأكراد في نهاية عام 2012، قبل أن تطبق منهاجاً خاصاً بها من الصف الأول إلى الخامس في عام 2013، حتى الصف الثامن في عام 2015، لتفرض منهاجاً حتى الصف التاسع، العام الماضي، وتسعى هذا العام إلى تطبيق المنهاج حتى الصف الحادي عشر. وأدى فرض هذه المناهج إلى حركة تسرب كبيرة، إضافة إلى عزوف الكثير من الطلاب عن التعليم. وتدنى عدد المدارس التي تديرها مديرية التربية الحكومية إلى 407 مدارس فقط من أصل 2423 يدرسُ فيها 108362طالباً، فيما بلغ عدد المتسربين من التعليم 161600 طالب.

ورغم خروج عشرات المظاهرات المندّدة بفرض المناهج وحرمان الطلاب من التعليم، إلا أن «الإدارة الذاتية» واصلت تطبيق المناهج، مبررة بأن «من حقّ كل مكوّن أن يتعلّم بلغته الأم». كذلك تبرّر «هيئة التعليم في الإدارة الذاتية» ذلك، بنشر إحصاءات لا تبدو أنها واقعية، تزعم أنها «تدير 1950 مدرسة في الحسكة، يدرس فيها أكثر من 170 ألف طالب». ويشرح تدني أعداد الطلاب المتقدمين إلى شهادتَي التعليم الأساسي والثانوي بين عامي 2011 و2018 الحال الذي وصل إليه التعليم في المحافظة، والذي يدقُّ «خطر الإنذار» حول مستقبل التعليم في المحافظة، إذ توضح إحصاءات مديرية التربية أنه في عام 2011، سجل 32509 طلاب لامتحان التعليم الأساسي، وهو رقم انخفض إلى 14983 في عام 2018، فيما بلغ عدد المسجلين في امتحان الشهادة الثانوية بفرعيها العلمي والأدبي 30425 في عام 2011، وانخفض إلى 15398 في عام 2018. وترافق تدني عدد الطلاب مع تدنٍ واضح في نسب النجاح بالمقارنة بين عامي 2011 و2018، فكانت في التعليم الأساسي في عام 2011، 62,66%، لتنخفض هذا العام إلى 43,90%. وفي الشهادة الثانوية، كانت في الفرع الأدبي 49% وانخفضت إلى 20,93%؛ أما في الفرع العلمي فكانت 64,01% وانخفضت إلى 38,93%. بلغ عدد المتسرّبين من المدارس في المحافظة 161600 طالب

ويشرح الأكاديمي الكردي الدكتور فريد سعدون، بالقول إن تردّي واقع التعليم يعود إلى «سيطرة التنظيمات الإرهابية على ريف الحسكة الجنوبي، وفرض الإدارة الذاتية مناهجها، من دون التنسيق مع الحكومة السورية، إضافة إلى الهجرة الداخلية والخارجية من المحافظة وإليها، والاستيلاء على المدارس وتحويلها إلى مقار عسكرية ومراكز إيواء». ويرى أن «الطالب (وأهله) لا يثق بمنهاج الإدارة الذاتية لأنه منهاج غير معترف به حكومياً، ولا يجد أن هناك أي مستقبل لدراسته"، ويحذر من أنه "إذا ما استمرت الأمور على ما هي عليه، فإن أجيالاً كاملة ستدمّر تعليمياً... والمحافظة مقبلة على سنوات عجاف، مع وجود نسبة عالية من الأميين، وما يرافق ذلك من تبعات». وعن الحل للمشكلة القائمة، يقول إنه يكمن في «وجود اتفاق بين الدولة والإدارة الذاتية على فتح المدارس في جميع أرجاء المحافظة، مع اتفاق على تعليم اللغة الكردية وفق رؤية توافقية، وعودة سلطة الدولة إلى كافة المدارس وفق هيئة تربوية واحدة من دون أي تدخل من أي جهة أخرى».

 



الأخبار - أيهم مرعي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...