جمال خاشقجي .. هل يستحق كل هذا الاهتمام ؟!

18-10-2018

جمال خاشقجي .. هل يستحق كل هذا الاهتمام ؟!

"جمال خاشقجي" صحفي يحمل الجنسية السعودية ويقال إنه من أصول تركية, واشتهر بأنه ذات نزعة متعاطفة مع فكر جماعة الإخوان المسلمين, وعرف عنه منذ ظهوره على ساحة الإعلام أنه داعم بشكل واضح وصريح للمشروع الأمريكي والصهيوني في منطقة الشرق الأوسط, ومعادي للمشروع القومي العربي, والمشروع المقاوم, ويقف في خندق الرجعية العربية الخائنة والعميلة, والتي تعمل في خدمة الإمبريالية العالمية, وتشير سيرته الذاتية أنه سافر الى أفغانستان في الثمانينيات من القرن الماضي وكان لا يزال شابا يافعا ليشارك في دعم المشروع الأمريكي فى مواجهة المشروع السوفيتي تحت دعوة الجهاد الاسلامي ضد الكفر والإلحاد, وكانت بلاده أحد أهم الدول العربية الداعمة لهذا المشروع الأمريكي.


وفي أفغانستان تعرف جمال خاشقجي على دكتور عبد الله عزام الفلسطيني الأصل والإخواني الانتماء والذي كان يدرس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة وأعير إلى الجامعة الاسلامية الدولية بإسلام آباد للتدريس حسب طلبه ليكون قريبا من الجهاد الأفغاني, وبالفعل تحول الى أحد أهم القادة المقاتلين فى أفغانستان, وتتلمذ على يديه بعد ذلك أسامة بن لادن السعودي الجنسية واليمنى الأصل والذي تشكلت أسطورته هناك، وأصبح قائدا لتنظيم القاعدة الذي حاولت الولايات المتحدة الأمريكية أن تصوره بعد ذلك بأنه المتسبب في الإرهاب العالمي والمسؤول عن تفجيرات 11 سبتمبر 2001 والذى على أثره أعلنت حملتها الدولية لمكافحة الإرهاب وخاضت الحرب ضد أفغانستان والعراق تحت هذه الحجة المزعومة ،وظهر مع بن لادن جمال خاشقجي أكثر من مرة, ولم يكتف خاشقجى بذلك بل ظهر مرة أخرى فى التسعينيات داعما للمشروع الأمريكى الساعى لتفكيك يوغوسلافيا حيث قام بتأييد تدخل الناتو وقصفه للجيش الاتحادى اليوغوسلافى الصربي أثناء النزاع فى البوسنة.


ومع مطلع الألفية الجديدة ظهر جمال الخاشقجي كأحد الصحفيين المقربين من دائرة الأسرة الحاكمة السعودية وبصفة خاصة من الأمير تركي الفيصل أحد أبرز الأمراء السعوديين ورئيس جهاز المخابرات السعودي المقرب من المخابرات المركزية الأمريكية والذي أصبح سفيرا للسعودية فى لندن ثم واشنطن ،وخلال هذه الفترة عمل خاشقجي مستشارا إعلاميا له وبعد تركه لمنصبه كسفير فى عام 2007 تم تعينه رئيسا لتحرير جريدة الوطن التى يملكها خالد الفيصل وظل فى موقعه هذا حتى منتصف 2010 عندما أعلن استقالته وذهب إلى البحرين مديرا لقناة العرب الإخبارية التى يمتلكها الأمير الوليد بن طلال وكان متوقع لها أن تنطلق في 2012 لكنها تأخرت حتى العام 2015 ،وحين بدأ البث لم يستمر سوى ساعات معدودة.


وإلى جانب عمله الصحفي والإعلامي ظل خاشقجي يكتب لجريدة الحياة اللندنية المملوكة للأمير خالد بن سلطان آل سعود حتى الربع الأخير من العام 2017 عندما بدأت الأزمة الدبلوماسية مع قطر وانحاز خاشقجي للجانب القطرى وقام بمغادرة السعودية واتخذ من الولايات المتحدة الأمريكية مهجرا اختياريا وتم منعه من الكتابة فى جريدة الحياة, فبدأ يكتب عمودا في جريدة واشنطن بوست أوسع الجرائد الأمريكية انتشارا, وبدأ يوجه انتقادات للأسرة الحاكمة السعودية خاصة سياسات ولى العهد الجديد محمد بن سلمان بتعليمات وبدعم من الإدارة الأمريكية.

 وعلى الرغم من معرفتنا بالانتماء الفكري الإخواني لجمال خاشقجي إلا أن موقفه من الربيع العربي المزعوم يؤكد ويدعم هذا الانتماء فقد وقف مدعما لجماعة الإخوان المسلمين فى مصر ،وعندما خرج الشغب المصري منتفضا فى وجه محمد مرسي قام بمهاجمة المتظاهرين والجيش المصري الذى انحاز للشعب ووافق على الإطاحة بمحمد مرسي من سدة الحكم, ولم يتوقف عن مهاجمة الجيش المصري الذى يحارب الإرهاب فى سيناء على مدار السنوات الخمس الماضية. وفي نفس الوقت قام بتأييد العدوان الغربي الفاجر على ليبيا العربية ووصفه بأنه انقاذ للشعب الليبي من الإبادة, وكان داعما للإخوان والقاعدة التى مزقت وحدة ليبيا. وبالطبع عندما بدأت المؤامرة والحرب الكونية على سورية العربية كان من أشد المؤيدين للجماعات التكفيرية الإرهابية خاصة تنظيم جيش الإسلام  وحركة أحرار الشام, ومن أشد المؤيدين للعدوان العسكري الأمريكي والصهيوني والتركي في سورية, وكان ممن روجوا أن تنظيم داعش صناعة سورية – إيرانية. وعندما بدأ العدوان على اليمن العربية تحت مسمي عاصفة الحزم كان من أشد المؤيدين والداعمين لها ولم يكف عن تحرضه إلا بعدما انسحبت قطر من العدوان وتراجع دور حزب الاصلاح الإخواني لصالح الدور الحوثي. ولم يتوقف خاشقجي عن مهاجمة المقاومة اللبنانية ممثلة فى حزب الله وكذلك الحشد الشعبي العراقي الذي تصدى لتنظيم داعش بحجة أنهما مدعومين من إيران.


وبعد هذا العرض المطول لتاريخ جمال خاشقجي يأتى السؤال المحوري فى هذا المقال والذى لا يحتاج الآن للإجابة عليه إلا كلمات وسطور قليلة وهو هل يستحق هذا الرجل كل هذا الاهتمام ؟!


الإجابة القاطعة تقول لا وألف لا فالرجل عميل بامتياز فقد عاش عمره كله فى خدمة المشروعات المعادية للأمة العربية فقد عمل فى خدمة المشروع الإخواني الإرهابي الذي ولد فى حضن جهاز المخابرات البريطانية حين كانت بريطانيا هي القوة الإمبريالية العالمية فى مطلع القرن العشرين ثم انتقل المشروع ليعيش فى حضن جهاز المخابرات المركزية الأمريكية حين أصبحت الولايات المتحدة هى القوة الإمبريالية العالمية الجديدة منذ منتصف القرن العشرين, ثم عمل فى خدمة المشروع الأمريكي – الصهيوني الذى يستهدف تقسيم وتفتيت الوطن العربي, وبالطبع عمل خادما مطيعا للرجعية العربية  المحمية بقوة الإمبريالية العالمية طوال الوقت.


ولم يخرج من الحضن السعودي إلا عندما تعارضت مصالح السعودية مع المشروع الإخواني الذي تدعمه قطر وتركيا بشكل أساسي, وفتحت له أمريكا ذراعيها من أجل مزيد من الابتزاز لنهب المال السعودي, لذلك لا عجب من كل هذه الضجة الاعلامية حول حادث اختفائه, والروايات والاتهامات والتهديدات المختلفة بين أطراف القضية سواء الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وقطر من ناحية والسعودية من ناحية أخرى, أما نحن الشعب العربي المتلقى لهذه الأخبار عبر الآلة الإعلامية الجهنمية الجبارة المزيفة للوعى فليس لنا ناقة ولا جمل فى هذا الصراع, ومن يحاول الدفاع عن خاشقجي بحجة الدفاع عن الحريات, فعليه أن يتذكر حجم ضحايا وشهداء الأمة العربية الذين راحوا بفعل الإرهاب والعدوان الذى كان يدعمه ويؤيده خاشقجى, اللهم بلغت اللهم فاشهد.

 

 


 د. محمد سيد أحمد

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...