العائدون إلى دمشق

19-10-2018

العائدون إلى دمشق

سونيا سليمان:

العائدون إلى دمشق ....

خذوا ضجيج الشارع
وكل أرصفة اليمام
اشتروا أصوات الباعة وأضواء الليل
اشتروا عطرا لنسائكم ..وفساتين
اشتروا لأطفالكم ألعابا وأقواس دهشة
وزمامير ..اشتروا عباءات لأبائكم وطرابيشا ..وعمائما
اشتروا النحاس والذهب وأحجار الكهرمان لأعراسكم
كلوا من أشجارها عنبا وتفاح ولوزا وتين
كلوا من صوانيها أصابع زينب وبلح الغنج وكعكا محمصا بسبع سنين
ناموا أينما شئتم ..في فنادقها في جوامعها في كنائسها في بيوت 
أهلها ..
من مخيم اليرموك إلى الحميديه والصالحية والحمرا وشارع الأمين
ناموا على أي جنب ..يمينا او يسارا ..على ظهوركم على بطونكم ..
على وسائد من ريش الحمام ..أو من ريش النعام أو من رقى الصالحين
...لن تمر في أحلامكم
جنازة أي شهيد
ولن تطرق أبوابكم زغاريد الأمهات المتشحات بالعناد
ولن تشموا أصوات البكاء الجائع خلف شبابيكها
ولن ترشَّ غيمة على رؤوسكم أو بين اقدامكم..حفنة أرزّ..تحتفي بالتراب
ولن تسافر في حقائبكم ..أرملة
ولن تغفو بين أصابعكم ياسمينة قبّلت كفّ مقاتل ..
ولكن إياكم أن تُقسِموا بحزنها ..فحزنها إله من دم وطين ..
وحزنها ..رداء مزقّه الرصاص ..ما عاد يغطي أقدامنا المستعارة
وإياكم أن تهزوا جذعها لمريم ثمارها
وللعباس في بردى يدين

ارفعوا هاماتكم عاليا عند أبوابها 
هنا
اغتسل المجد بدمعة يحيى الشغرّي
وعينيه رمح دكّه في صدر البُغاة
قال يحيى :كوني فكانت
قال يحيى :قومي فقامت ..
وصلّت وصامت ..لعيني يحيى ..
خذوا كل شيئ ..كل شيئ ..من بلاد الشهداء 
المؤونة والخبز والرفاه والحياة
الدفئ والشمس والماء والنجاة ..
واتركوا لنا بابا يصرّ ..على أكفنا المرصوصة بالحديد ..
اتركوا لنا ..مفاتيح أحلامنا .. ئتنُّ بين جيلين ..سنبني لها غدا مدرسة
اتركوا لنا صورا..تدلّت ..تجلّت..نسند بها .كتف السماء ..
اتركوا لنا شمسا يتيمة ..
غفت بين ركام زقاقين ...سنوقظها لنشتري وردنا

هذه البلاد التي تعمدت بالنار ليس لها خلا ولا خليلا ..
ليت لها الخليل ..
هذي البلاد تعوم على الجراح..والجراح 
على جمرِ وجمر ..وترسو بين دمعتين .

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...