هل الحكومة قادرة على عملية تمويل زيادة الرواتب والأجور؟

14-12-2018

هل الحكومة قادرة على عملية تمويل زيادة الرواتب والأجور؟

بين هامس زريق ..مدير مركز دمشق للأبحاث والدراسات (مداد) أنه بخصوص زيادة الرواتب، مما لاشك فيه أن الفجوة باتت كبيرة بين مستوى تكاليف المعيشة بالحد الأدنى، وبين متوسط الرواتب والأجور، وذلك في ضوء التضخم والارتفاع في المستوى العام للأسعار، جراء تراجع سعر صرف الليرة السورية، وغياب مؤسسات التدخل الإيجابي الحقيقية، التي يفترض أن تضطلع بدور فعال وحقيقي لجهة ما يتعلق بتأمين السلع والخدمات بأسعار مناسبة بالنسبة لمحدودي الدخل والفقراء، الذين باتت نسبتهم تشكل غالبية عظمى من المجتمع السوري، وعلى امتداد كامل الجغرافية السورية بطولها وعرضها. ما يعني أن استعادة التوازن بين الدخل والاستهلاك ولو بالحد الأدنى باتت ضرورة إستراتيجية.

إلا أن مسألة تحسين الرواتب والأجور وعملية تضييق فجوة الاختلال الكبير بين الدخل والاستهلاك لمحدودي الدخل والفقراء ، تضع صناع القرار المالي مباشرة أمام مسألة البحث عن مصادر التمويل التي يمكن أن يتم من خلالها توفير الموارد المالية، إذ أنه وفي ضوء الانخفاض الكبير في موارد المصادر العادية، التي يندرج في مقدمتها إيرادات الضرائب، التي كنا ننتظر أن تكون حصيلتها وفيرة بعد أن يصدر قانون الضرائب الجديد والنوعي الذي ما يزال ينتظره المجتمع السوري منذ سنتين وأكثر، لم يبق أمام الحكومة إلا خيار اللجوء إلى مصادر التمويل الاستثنائية ( الاقتراض من الداخل أو الخارج). ولما كان الاقتراض من الخارج غير متاح، ولا تتوفر له الشروط الموضوعية وغير مرغوب به، لأنه ينطوي على شروط معقدة و مخاطر كبرى، لم يبق أمام الحكومة إلا الاعتماد على تجريب المجرب الذي لم يكن مجدياً، وهو اللجوء إلى مصادر الاقتراض الداخلي والتمويل عن طريق الإصدار النقدي، وهذا له تداعيات كبيرة وخطيرة جداً في ضوء انخفاض مستوى الإنتاجية وضعف الإنتاج، وترهل المؤسسات والحجم الكبير في مديونية الحكومة الداخلية، ما قد يؤجج نار التضخم ويدفع المستوى العام للأسعار للارتفاع بحلقة أخرى ، ما يجعل المعالجة عبارة عن دوران في حلقة اقتصادية مفرغة سيرتفع بها ومعها مستوى الفقر والحرمان في سورية.


 في ضوء ما تقدم إن عملية تمويل زيادة الرواتب والأجور يتطلب البحث عن مصادر تمويل حقيقية منها: الإسراع باستصدار قانون الضرائب، وتسريع وتائر عودة المؤسسات للإنتاج، وتحسين مستوى الإنتاجية، والحد من مظاهر ممارسات الفساد و نفوذ تجار الأزمة والحرب، كمدخل لتأمين مصادر تمويل حقيقية يمكن أن ترفد خزينة الدولة وتؤمن الموارد اللازمة لتمويل زيادة الرواتب والأجور وتمويل عملية الإنتاج.


كما تواصلنا مع الدكتور علي كنعان الذي كان له رأي مغاير لما أتى به مركز مداد فأكد “إن الرواتب والأجور في أي بلد من بلدان العالم تتناسب مع المستوى العام للأسعار وعندما تحدد الدولة مستوى الرواتب تأخذ بعين الاعتبار سلة السلع والغذاء وسلة الخدمات التي يحتاجها أي موظف واستناداّ عليها تقرر الحد الأدنى للأجر في سورية نستخدم ذات النظريات ولكننا في مرحلة الحرب لاحظنا ارتفاع السعار بمستويات إلى 1200% أما الأجور فلم تستطع الدولة زيادتها في خلال هذه المرحلة وكانت الزيادات التي تحصل بين 2500-6000 ل.س وهذا الأمر جعل الفجوة كبيرة جداً بين الأجور والأسعار الأمر الذي اضطر الموظفين والعمل لصرف مدخراتهم القديمة أن وجدت وقد أصبح المستوى المعيشي باهظاً جداً على هذه الشريحة وتبعا لذلك ظهرت دعوات من قبل كل من في الشارع السوري إلى ضرورة زيادة الأجور لكي تتناسب مع المستوى العام للأسعار, وبالطبع لا يوجد أي دولة بالعالم غير قادرة على زيادة الأجور وإذا اضطرت الدولة فإنها أمام مصدر وحيد وهو الاقتراض من البنك المركزي أو من السوق النقدية كلاهما سيمول هذه الزيادة وسوف يؤدي إلى آثار ايجابية في الاقتصاد الوطني لكن البعض يحزرون من عملية الاقتراض لتمويل الرواتب بأنها ستؤدي إلى التضخم وأنا بدوري أقول لان التضخم محبب وله آثار إيجابية خاصة في الاقتصاد السوري لأنه سيزيد الطلب على السلع والخدمات سيحفز المستثمرين على زيادة الإنتاج ومن ثم ستبدأ حركة متزايدة في الاقتصاد السوري”.


وعقب الدكتور كنعان في ختام حديثه “بأن السبب الأول والأهم لعدم اتخاذ قرار زيادة الرواتب هو اقتصاديين يخيفون الحكومة”.

 

 


صاحبة الجلالة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...