ما وراء انسحاب ترامب من سورية و أفغانستان؟

27-12-2018

ما وراء انسحاب ترامب من سورية و أفغانستان؟

الجمل ـ *بقلم  الدكتور شاندرا مظفر ـ ترجمة  رنده القاسم:

يحمل قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب القاضي بسحب جنوده من سورية أهمية كبيرة، و على الفور  تبع هذا القرار، الصادر في الرابع عشر من كانون الأول، إعلان آخر من قبل الرئيس حول انسحاب  عدد كبير من الجنود من أفغانستان حيث تورطت الولايات المتحدة في حرب خلال السنوات السبع عشرة الماضية  هي الأطول في تاريخها. 

تم شجب القرارين، سيما ذاك المتعلق بسوريه، من قبل مجلسي النواب و الشيوخ في الولايات المتحدة، مع الشعور بأنهما يقوضان دور الولايات المتحدة كقوة عالمية.

و كذلك انتقد حلفاء الولايات المتحدة، مثل فرنسا و بريطانيا، الانسحاب. لأن بإنسحابها من سورية بشكل خاص، تسهل الولايات المتحدة الطريق أمام بعض القوى داخل و خارج المنطقة من أجل ممارسة المزيد من التأثير على سياسات هذاالإنسحاب الأمريكي من سورية البلد و جيرانه بشكل يسبب الأذى للغرب.

معظم وسائل الإعلام الدولية رأت بأن الحديث عن نجاح الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب في سورية، و الذي اعتبره ترامب سببا للانسحاب، لا معنى له لأن الخلايا الإرهابية لا تزال حية و قادرة على ضرب المدنيين. 

و في حال أفغانستان أكدت وسائل الإعلام بأن تقلص الوجود الأميركي سوف يعجل في تحقيق هدف طالبان المتمثل في السيطرة الكاملة على الدولة.

و الحكمة تفترض أنه سواء كانت الولايات المتحدة موجودة أم لا فإن طالبان سوف تعلن النصر عاجلا أم آجلا، و الوجود العسكري الأميركي، كقوة أجنبية على التراب الأفغاني، سيعزز سمعة طالبان بين الناس العاديين كقوة مقاومة، و انسحاب ستة عشر ألف جندي أميركي سيسمح للشعب الأفغاني بتقرير مستقبله و الذي سيكون إلى حد ما بتأثير من جيران أفغانستان المهمين مثل باكستان و إيران و الصين و الهند و روسيا.

و إذا عدنا للوضع في سورية، فإننا ندرك أن دور الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب كان محدودا، فالجيش السوري، بدعم من حزب الله اللبناني و المقاتلين الإيرانيين و الجيش الروسي، كان المسؤول بشكل أساسي عن هزيمة العديد من الجماعات الإرهابية بين عامي 2012 و 2017، و بالتأكيد هناك أدلة أكثر من كافية على أن العديد من الجماعات الإرهابية البارزة في أوقات مختلفة و ظروف مختلفة كانت تلقى الدعم و التحريض من مؤسسات و منظمات مرتبطة بالولايات المتحدة و بريطانيا و فرنسا و دول في المنطقة مثل إسرائيل و السعودية و قطر و تركيا.

و كانوا يقدمون الدعم المالي و التدريب العسكري و الاستخبارات، بعيدا عن تأسيس شبكات إقليمية و عالمية لتعزيز نشاطات الإرهابيين.

نهاية العمليات العسكرية الأميركية في سورية قد يسرع الجهود ضمن الدولة من أجل الوصول إلى الإصلاحات الدستورية و السياسية اللازمة و التي حاول الرئيس السوري بشار الأسد البدء فيها منذ عام 2001، و من أجل صياغة هذه الإصلاحات عليه العمل إلى حد بعيد مع حلفائه إيران و روسيا. و لكن في نهاية المطاف إنه الشعب السوري نفسه من سيحدد مصير وطنه ذي الغنى التاريخي و الثقافي.قمع استقلال و سيادة الدولة السورية، لا محاربة الإرهاب، كان السبب الرئيسي وراء التدخل الفعلي و تورط العديدين ضمن و خارج المنطقة خلال السنوات السبع من الصراع السوري. و ببساطة الهدف كان إبعاد بشار، حامي السيادة السورية، و الوصول إلى تغيير النظام في السعي وراء تحقيق الأجندة الأميركية الإسرائيلية الرامية إلى تأبيد هيمنتهم.

و أدرك ترامب، حتى قبل أن يصبح رئيسا، أنه لا يستطيع تحقيق ذلك، و من هنا جاء انسحاب جنوده.و ما حدث يجب أن  لاأمريكا في أفغانستان يمنحنا الانطباع بأن ترامب بأي شكل من الأشكال ضد الهيمنة الأميركية-الإسرائيلية، فسياسته المؤيدة بإخلاص لإسرائيل، و علاقته الحميمة مع النخبة السعودية، و دعمه العسكري للحرب التي تقودها السعودية على شعب اليمن، و موقفه العدائي ضد فنزويلا و الآخر الفاتر تجاه كوبا، و تخليده للعقوبات  ضد روسيا النابعة من سياسة الولايات المتحدة في شبه جزيرة القرم وأوكرانيا، و حربه التجارية ضد الصين الرامية إلى كبح ديناميكيتها الاقتصادية، كلها أمور تشير بأنه يؤمن باستعراض قوة الولايات المتحدة على المسرح العالمي، علاوة على ذلك تحت حكم ترامب بقي الإنفاق العسكري  الأميركي مرتفعا و بلغ عام 2017 ستمائة و عشرة مليارات دولار أميركي.

إذن ما السبب الحقيقي الذي دفع ترامب للتصرف بهذه الطريقة في سورية و أفغانستان؟ في كلي البلدين كان مشهد النصر الوشيك العامل الذي أثر على قرار ترامب، و إضافة إلى هذا نفقات الحرب المالية في الدولتين، إذ يقدر بأن الحرب السورية ستكلف الولايات المتحدة 15.3 مليار دولار عام 2019، و الأرقام في أفغانستان أكثر إذهالا فمع وجود ستة عشر ألف جندي هناك، تكلف الحرب دافعي الضرائب الأميركيين أربعة و خمسين مليار دولار في السنة.

و بين عامي 2010 و 2012 عندما كانت الولايات المتحدة تملك مائة ألف جندي على الأرض،كانت الحرب الأفغانية تكلف مائة مليار في السنة.هل سيخلص بعض المحللين في المستقبل إلى أنه مع انسحاب الجنود الأميركيين من سورية و أفغانستان كان دونالد ترامب يتصرف وفقا لغريزة رجل الأعمال التي بداخله و المشحوذة جيدا؟* باحث سياسي ماليزي و ناشط في حقوق الإنسان و رئيس الحركة الدولية من أجل السلام العالمي. 

 

 

عن موقع Global Research

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...