الحب وثقافة الواقع

15-02-2019

الحب وثقافة الواقع

منذ عهد آدم وحواء نمت جذور العواطف للتلاقح لتكتمل دورة الحياة بإنجاب ذرية جديدة تشكل النواة البشرية الكبرى.وإذا كان الفرد هو جزء من هذه النواة التي لاتكتمل إلا بوجود جنسه الآخر ، كانت ولادة المشاعر التي تربط بين الجنسين ومنه كان الحب ، و لأساطير الحب والعشق دورها الكبير في تغذية العقل البشري وتتطوره في المجتمع ، ثم تعريفه بمفهوم الحب وشروطه ومقاييسه.


فمع تطور الزمن تطورت العلاقات الاجتماعية في كل مجالاتها ، لينحرف الحب عن مساره المقدس إلى معنى أخر يختلف كليا عن معناه الحقيقي ، لأنه أصبح عبارة عن حاجة جسدية ، وإشباع رغبات جنسية فقط . الأمر الذي عطل مفهوم الجمال الروحي ، مما أدى إلى تفشي الإنحراف عند أجيالنا ، لذا كان لابد من التعريف الحب وثقافته الضامنة لسير المجتمع واستمرار ازدهاره .حيث إن ثقافة الحب تقوم على ثقافة الحرية من جهة وثقافة التربية الاجتماعية من جهة أخرى ، أضف إلى ذلك شروط القيمة الأخلاقية ، فلا ثقافة للحب إن لم يكن هناك ثقافة للحرية الفردية منشؤها وقوامها الثقافة الاجتماعية التي تعني وعي الفرد لدوره الاجتماعي على صعيد الأسرة والشارع والحي .

*مفهوم ثقافة الحب 

في الحقيقة لا بد لنا من الاعتراف بتراجعنا الخطير حول هذه الثقافة الهامة التي تشكل الأساس الضروري لمصدر القوة والحضارة والتقدم في المجالات كافة وعلى الأصعدة جميعها.

فمسألة الوعي الاجتماعي الأخلاقي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بثقافة الحب ، لأنه لاحياة من دون حب ، ولا وجود للحب إن لم تكن هناك ثقافة لمعنى الحياة .


لقد أصبح الحب مثل كرة في ملعب ، الداهية يحصي كم عدد نسائه! والضعيفة تحصي كم عدد الشبان الذين يقفون لها على رصيف الشارع ! وعلاقات في الخفاء والعلن إلى ما هنالك من أشياء أصبحنا نعرفها جميعاً، لكننا لا ننظر إلى خطورتها من منظور الوعي الذاتي الأخلاقي الاجتماعي، لأننا بلا إيمان روحي، وبلا ثقافة منشودة في ذواتنا.



وما يحصل اليوم من حروب ومن اغتيالات على أرض الوطن سببه فقداننا لهذه الروحانيات من الأخلاق ، لهذا إذا أردنا أن نعرف كيف ننتصر على عدونا علينا أن نفهم أولاً ما معنى الحب؟ وما هي شروط ثقافته؟ وهل هو نتاج بيئي اجتماعي؟ أمْ نتاج غرائز شهوانية لا تختلف عن حياة حيوانات الغابة.



الحب نتاج القلب والعقل معاً لأنهما المسؤولان عن وعي الأحاسيس وحركتهما في جسم الإنسان ، فإذا اختل توازن العقل اختل توازن العلاقة مما يؤدي إلى وجود مأساة، أو إلى انحرافات لا أخلاقية.



ولدى الاجتياح التكنولوجي لعالم الشرق لغزوه ثقافياً، كان قدر الحرية تحت رزح هيمنة القوى العظمى/ أوروبا وأمريكا وطفلهم المدلل الكيان الصهيوني.



ربما نحن أحرار في أوطاننا ، لكننا ما عدنا أحراراً في بيوتنا ، خاصة بعد الانفتاح الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعية ، التي أثرت على علاقة الزوج بزوجته داخل بيته ، ففي الماضي كان الزوج لايترك زوجته إلا لأمر طارئ، والطوارئ اليوم أصبحت بعدد شعر رأس الإنسان أو بعدد خلايا جسمه الحية، لأن الحب أصبح عبارة عن نافذة لاستقبال العواطف رغم حركتها هي جامدة لأن أحاسيسها غير مقترنة بفعل الطهارة.




فثقافة الحب شرط أساسي للتكامل الإنساني الاجتماعي بوعيه بحدود حريته الشخصية ، وتوسيع مجال عقله المجمد نحو الانفتاح على أسمى المشاعر الإنسانية البنائية ألا وهي الحب .

 

صوت العرب

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...