“مسحراتي رمضان” في أعرق أحياء دمشق ... "قوموا على سحوركن… إجا رمضان يزوركن ".

30-05-2019

“مسحراتي رمضان” في أعرق أحياء دمشق ... "قوموا على سحوركن… إجا رمضان يزوركن ".

في دمشق القديمة، لا تزال مهنة “المسحراتي” إحدى أبرز العادات المتوارثة المرتبطة بالأجواء الرمضانية المستمرة برونقها المميز، رغم التطور التقني الذي يشهده العالم ورغم توافر وسائل بديلة تقوم مقام عمل المسحراتي.


وتحتفل دمشق كل عام بعادات تراثية ترتبط بشهر رمضان ولا يمكن استرجاعها إلا في أيامه فقط، ومن هذه العادات جولات المسحراتي في أحياء دمشق القديمة لإيقاظ الناس لتناول وجبة السحور.


محمود ديب صوان، مسحراتي حي القيمرية، أحد أعرق الأحياء الدمشقية العتيقة، المحافظة على طابعها العريق الذي يمنحها قيمة سياحية كبيرة جاعلا منها منها مقصدا للزائرين السوريين والسياح العرب والأجانب.


في جولته بحي القيمرية بزيه التقليدي الدمشقي، لم يكف المسحراتي صوان عن النقر على طبلته الصغيرة، مرددا عبارات اعتاد على سماعها منذ نعومة أظافره عندما كان يستمتع بمطاردة مسحراتي الحي القديم بين الحارات ويراقبه أثناء تأدية واجبه، حاملا في بعض الأحيان سلته المخصصة لجمع الهدايا والمأكولات.


“قوموا على سحوركن… إجا رمضان يزوركن.. يا نايم اذكر الله.. قوموا يا أهل الخير”


عبارات اعتاد أهالي الحي على سماعها طيلة ليالي شهر الصيام، يرددها المسحراتي صوان منغمة على إيقاع طبلته.. واليوم أصبح هو المسحراتي المطارد من أطفال الحي، ممن يتبعونه بفرح ويراقبونه، ويرافقونه أحيانا في جولاته.


يطوف المسحراتي صوان بين أزقة حي القيمرية وينادي على الأهالي كل باسمه، حريصا كل الحرص على إيقاظ الجميع، ويذكر هنا لسبوتنيك عادة قديمة وعقوبة يتعرض لها المسحراتي إذا نسي إيقاظ أحدهم أو إذا تعمد ذلك، حيث سيقوم هذا الشخص بالانتقام منه في الليلة التالية من خلال رشه بالماء.


ويضيف: كان المسحراتي قديما يطوف في الليل على ضوء فانوس، وكان صوته يشق صمت الليل، يسير وحيدا بين الأزقة أو يرافقه شخص آخر يحمل له المصباح، أما اليوم فهو يصادف في جولته مئات الأشخاص والأطفال، فشوارع الحي تضج اليوم بالمصابيح الكهربائية وبالحياة والسهرات الرمضانية حتى الصباح.


ويوضح المسحراتي صوان: إيقاظ الناس لتناول وجبة السحور عمل ينطوي على الكثير من الروحانية، ويتطلب النشاط والالتزام من المسحراتي، “وهي بالنسبة لي هواية أستمتع بها، ومصدر رزق موسمي يعتمد على ما تجود به نفوس الأهالي عندما أزورهم صباح عيد الفطر”.


تنتهي جولة المسحراتي، فلا مانع من دخول إحدى السهرات الرمضانية التي تجتمع فيها الابتهالات والرقصات الروحية، قبل التوجه إلى البيت لتناول وجبة السحور.


يختتم المسحراتي صوان بالقول: كان الناس في الماضي بحاجة إلى المسحراتي لإيقاظهم لتناول طعام السحور، واليوم لم يتمكن التطور التقني وتنوع وسائل الإيقاظ، من إبعاد المسحراتي عن أحياء دمشق القديمة التي تصر على بقاء تقاليدها حية، وما زال الناس ينتظرون سماع صوت الطبلة ويطربون لصوتها.

 


سبوتنيك

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...