أعور حماه الذي كان الجميع يفطر على نظره

04-06-2019

أعور حماه الذي كان الجميع يفطر على نظره

لا يمكن الحديث عن رمضان في حماة دون المرور على شخصية عرفها الحمويون جيداً وهي " أحمد نعسان الأحدب" الذي كان يعمل في صناعة الأحذية ، ويتمتع بعيني نسر تماماً، وكان يخرج مع بداية كل شهر قمري إلى القلعة ليرى ولادة القمر، ثم في آخر الشهر ليرى أفوله، لهذا تعايش مع الأقمار وصار يعرف مواقعها ومنازلها، ومن هنا كان أهالي حماه يهرعون إليه قبل قدوم رمضان بعشرة أيام يسألونه عن موعد حلول هذا الشهر الفضيل فيقول لهم الهلال يولد في الساعة كذا يوم كذا وأول يوم رمضان يكون كذا.
ويذكر أن إحدى المجلات اللبنانية هاجمت هذا الفلكي الشعبي على صفحاتها قائلة: “عجيب أمر رمضان وعيد الفطر فـ ”أعور حموي” يقرر رمضان ويقرر الفطر” فاتصل الراحل وليد قنباز بالمجلة وطلب منها أن ترسل صحافيين ومصورين ليتأكدوا أن هذا الإنسان ليس أعوراً وإنما صحيح العينين، وأنه ليس دجالاً ولكنه متمرس في توليد القمر، ومتابع حذق لمنازله ومواقعه وأيامه. وبالفعل جاءت بعثة صحافية من مجلة “الأسبوع العربي” ورأت أن الرجل يتمتع بعينين سليمتين وصعد أفراد البعثة مع أبي نعسان إلى القلعة ورأوا كيف يحدد منازل القمر، كما يذكر أنه منذ أكثر من 40 سنة خرج مع هذا الفلكي أكثر من خمسمائة شخص بينهم علماء ومدرسون وعامة الناس، وأشار عليهم أن ينظروا إلى الأفق، وطلب منهم أن يبتعدوا متراً باتجاه الشمال الشرقي من عمود كهرباء كان منصوباً فوق القلعة ونادى: القمر أمامكم، وكم كانت الدهشة كبيرة حينما شاهد الجميع القمر في المكان المحدد، والأغرب من ذلك كما يقول محناية أن هذا الإثبات الذي رآه خمسمائة شخص في مكان واحد لم يثبت في كل المدن السورية بما فيها حمص التي لا تبعد أكثر من أربعين كيلو متراً عن حماه وظلت حمص صائمة في ذلك اليوم.
ومن الطرائف التي تُروى في هذا السياق أن أغلبية الناس في حماه كانوا يصنعون الجلابيات للبسها وكذلك “أبواط البيتون”، وهي نوع من الأحذية، وكان الخياطون والاسكافيون يأتون إلى أبي نعسان فيقولون له: متى العيد؟ فيقول لهم يوم الثلاثاء مثلاً فيقولون له: (دخيلك خليه الأربعاء، الشغل ما خلص لسه) فيقول لهم الرجل: “لا حل، الثلاثاء يعني الثلاثاء”. فصار اسمه وكلامه شهادة صادقة على إثبات رمضان ليس على مستوى المدن السورية فحسب بل على مستوى عدد من البلدان الإسلامية.
درجات المأذنة !ويحدثنا مؤرخ حماه عبد الرزاق الأصفر عن بعض الطقوس والتقاليد الرمضانية في حماه كما عايشها قائلاً: اشتهر أهل حماه بالتماس رمضان وشوال على ظهر القلعة، وإذا كان الجو صحواً فهم الذين يثبتونه غالباً أما إذا كان غير ذلك فإنهم ينتظرون ما يقوله أبو نعسان الأحدب، ولشهر رمضان لدى الحمويين حرمة عظيمة فالجميع يصومون وحتى مهملو الصلاة والمتهاونون وشاربو الخمر يتوبون فيه، والأطفال يقلدون الكبار فيصومون من سن السابعة ويصوم الأصغر منهم “درجات المئذنة” وهي تسمية شعبية تعني الصيام على مراحل فكأن الطفل يصعد في صيامه درجات المئذنة وكلهم يحرصون على مشاركة الأهل مائدتي السحور والإفطار وينتظرون مدفع الإفطار بفارغ الصبر وكان لهم في الماضي بعض الأناشيد الرمضانية كقولهم قبيل غياب الشمس:
يا شميسة رمضان عجلي لي بالأذان بطني لزقت بظهري ما تم غير العظام وقولهم في التشنيع على المفطر: يا مفطر يا بم يا دلاق الدم... الخ.
ويزين أهل حماه المآذن في ليالي رمضان بالمصابيح وفي العشر الأخير منه يودعونه بأنشودة “يا شهرنا عليك السلام” يرددها الأولاد مع المؤذن قبل أذان العشاء الأخير من رمضان .

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...