حدود قطاع خاص بين لبنان وسوريا

14-05-2006

حدود قطاع خاص بين لبنان وسوريا


لم تتوقف عمليات التهريب الذي يشكل تقليديا موردا مهما لسكان المنطقة الحدودية الفقيرة بين سوريا ولبنان، رغم السواتر الترابية التي اقامها الجيش السوري داخل الاراضي اللبنانية بهدف مكافحة هذه الظاهرة رسميا.

ويشير المزارع المسن ابو محمد بامتعاض، بيده الى اشجار المشمش التي تبدو اطراف اغصانها من خلال احد هذه السواتر، قائلا ان غاية دمشق الوحيدة من اقامة هذه السواتر الترابية هي اطماع سوريا في الاراضي اللبنانية بينما تستمر عمليات التهريب على جانبي الحدود.

ويضيف ابو محمد الذي تقع اراضيه على بعد كيلومترات قليلة من الحدود مع سوريا ان "السوريين يؤكدون ان الهدف من اقامة هذه السواتر الترابية هو منع التهريب لكن وجودها لم يثن المهربين. ما يهم السوريون هو وضع يدهم على حقولنا وارضنا". والواقع فهو اكثر تعقيدا.

ووراء الحقل تقف شاحنتان كبيرتان تحمل احداهما لوحة لبنانية والاخرى لوحة سورية بينما ينهمك عمال بنقل الخردة من شاحنة الى اخرى لتعود بعدها كل شاحنة الى بلدها عبر طريق ترابية تشق الساتر.

ويشير سائق شاحنة محملة بالبيرة اللبنانية بيده الى زملاء ينقلون تلفزيونات مصدرها لبنان الى سيارة سورية.

وامام الساتر رصفت مئات من اكياس الاسمنت على مد النظر. ويصل سائقو الشاحنات ويدفعون نقدا ثم يقومون بنقل حمولتهم وسط الغبار.

وتفيد روايات المهربين ان المعدات الالكترونية والفستق والمازوت والاسمنت والخردة القادمة من العراق تمر عبر هذه الحدود غير الكتيمة بما في ذلك في المواقع التي اقيمت فيها سواتر ترابية، الى لبنان عن طريق سوريا لارسالها مجددا الى الصين.

ولم يثر لبنان مسألة طبيعة الحدود في هذه المنطقة قبل تدهور العلاقات بين بيروت ودمشق اثر اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري في شباط/فبراير 2005 والانسحاب العسكري السوري في نيسان/ابريل التالي.

ويشكل التهريب تاريخيا موردا هاما لمجموعات نافذة سورية ولبنانية ومصدر رزق لاهالي هذه المناطق الحدودية الفقيرة.

اما السواتر الترابية التي اقامتها سوريا داخل الاراضي اللبنانية المحاذية للحدود فلا تشكل سابقة بين البلدين.

ففي 1976، تاريخ دخول القوات السورية الى لبنان، اقامت دمشق سواتر مماثلة.

لكن الجيش السوري عمد منذ بضعة اشهر الى اقامة سواتر على بعد خمسة كيلومترات عن الحدود في الاراضي اللبناني وعلى طول اربعين كيلومترا بين منطقتي عرسال وراس بعلبك.

ويؤكد المزارعون اللبنانيون ان هذه السواتر تمنعهم من الوصول الى حقولهم التي اصبح السوريون يزرعونها تحت حماية قواتهم العسكرية. كما يؤكد لبنانيون انهم تعرضوا لاطلاق رصاص عندما حاولوا التوجه الى حقولهم.

ونظر المجلس الاعلى السوري-اللبناني في قضية السواتر بعد ان احتج لبنان.

وجرى اجتماع في سوريا بين خبراء الخرائط ومسؤولين من البلدين كما اكد باسل الحجيري رئيس بلدية عرسال الذي اشار الى تعهد سوريا بالتوقف عن القضم وبنزع السواتر ابتداء من الاثنين المقبل.

وكشفت هذه القضية تضاربا في المصالح بين المزارعين والمهربين.

ويقول مهرب لبناني ان "التهريب يدر اموالا كثيرة في الاتجاهين: يستفيد السوريون من البضائع الاجنبية التي تصلهم عبر لبنان رغم انها ممنوعة او تخضع لرسوم جمركية باهظة ويستفيد اللبنانيون من البضائع السورية الزهيدة الثمن التي تتمتع بدعم حكومي مثل المحروقات".

ويضيف ان "عمليات التهريب هذه مستمرة منذ اجيال وتؤمن المداخيل للآلاف العائلات وللذين يقبضون رشاوى لغض النظر" عنها.

لكن هذا المهرب اللبناني نفسه يشعر بغضب كبير من راع سوري يقود قطيعه في اراض لبنانية.

ويقول "ان نتشارك في التهريب شيء لكن خرق سيادتنا شيء اخر".
نايلة رزوق
المصدر: ميدل ايست اونلاين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...