ما الثمن الذي دفعته ليبيا ولا تستطيع دفعه سوريا

16-05-2006

ما الثمن الذي دفعته ليبيا ولا تستطيع دفعه سوريا

... وأخيرا، كافأت إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش العقيد الليبي معمر القذافي على <القرارات التاريخية> التي اتخذها على مدى السنوات الثلاث الماضية، وقررت، باستئنافها العلاقات الدبلوماسية شبه المقطوعة بين البلدين منذ 25 عاما، تحويل ليبيا إلى <نموذج> على أمل أن تقتدي به كل من إيران وكوريا الشمالية.
وتأتي الخطوة الأميركية تتويجا لمسيرة أطلقها القذافي في العام ,2003 بعد أشهر من احتلال العراق، بقراره التخلي عن برنامج ليبيا لتطوير أسلحة دمار شامل ونبذ الإرهاب، وعمله الدؤوب على حل الكثير من العقد، التي كانت تقف حجر عثرة في طريق إعادة الدفء إلى العلاقات بين البلدين، وعلى رأسها قضية لوكربي.
كما أن المبادرات، التي ردت فيها واشنطن على جهود طرابلس، وبينها رفع الحصار التجاري على ليبيا في العام 2004 بعد 18 عاما من فرضه، أدت دورا مهما في الوصول إلى هذه النهاية التي دفعت باتجاهها شركات النفط الأميركية الراغبة في أخذ حصتها من المخزون النفطي الليبي.
وأغلقت الولايات المتحدة سفارتها في طرابلس في العام 1980 وأعلنت ليبيا <دولة راعية للإرهاب>، بعد أشهر على هجوم شنه متظاهرون على السفارة الأميركية في طرابلس في العام 1979واحرقوها.
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس، في بيان، <يسعدني أن أعلن عن أن الولايات المتحدة استأنفت العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع ليبيا>. وأضافت <سنفتح قريبا سفارة في طرابلس>، مشيرة إلى أن <الولايات المتحدة تنوي سحب ليبيا من قائمة الدول المساندة للإرهاب. ستسحب ليبيا كذلك من القائمة السنوية للدول التي لا تتعاون
بصورة تامة مع جهود الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب>.
كما أعلنت رايس <بداية حقبة جديدة في العلاقات> بين الجانبين <في مصلحة الأميركيين والليبيين>، مشيرة إلى أن إعادة العلاقات جاءت <نتيجة مباشرة للقرارات التاريخية> التي اتخذتها ليبيا منذ العام .2003
وأشارت رايس، على وجه الخصوص، إلى <العدول عن الإرهاب والتخلي عن برامج أسلحة الدمار الشامل>. وقالت <كنتيجة مباشرة لهذه القرارات، شهدنا بداية عودة هذا البلد إلى الأسرة الدولية>.
وقالت رايس <مثلما شكلت سنة 2003 منعطفا بالنسبة للشعب الليبي، فقد شكل 2006 منعطفا بالنسبة لشعبي إيران وكوريا الشمالية>، مشيرة إلى أن <ليبيا نموذج مهم في حين تطالب دول العالم نظامي إيران وكوريا الشمالية بتغيير سلوكهما، وهو تغيير أساسي لصالح السلام والأمن في العالم>. وأضافت <نطالب بإلحاح قادة إيران وكوريا الشمالية باتخاذ قرارات استراتيجية مماثلة لمصلحة شعبيهما>.
واعتبرت رايس أن إعادة العلاقات مع ليبيا <تفتح الباب لتوسيع العلاقات الثنائية> مع الولايات المتحدة وإجراء <مباحثات أوسع حول القضايا المهمة>. وأشارت، في هذا السياق، إلى <حماية حقوق الإنسان، وتشجيع حرية التعبير وتحسين الإصلاحات الاقتصادية والسياسية مع الدفاع عن الحرية التي يحرص عليها الرئيس بوش>.
وقال مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الاوسط ديفيد ولش إنه سيتم رفع الممثلية الأميركية في طرابلس إلى مستوى سفارة خلال 15 يوما هي، بحسب ولش، المهلة التي تمنح للكونغرس ليدلي برأيه.
وتم فتح شعبة للمصالح الأميركية في طرابلس في شباط 2004 قبل رفعها إلى مستوى <مكتب اتصال> في 28 حزيران من العام نفسه مع إعلان ليبيا استئناف العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن.
وأضاف أنه تمّ إبلاغ الكونغرس بسحب اسم ليبيا من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو ما يصبح ساري المفعول على الفور. وقال <لم يتخذ القرار لأن ليبيا تملك النفط. القرار اتخذ لأسباب تتعلق بالأمن القومي>.
ولم يستبعد ولش أن تتمكن رايس من زيارة طرابلس خلال فترة قريبة. وقال <سرعنا وتيرة الزيارات الحكومية الى ليبيا خلال الأشهر الأخيرة وأعتقد أن هذا سيتواصل في الأمد القريب>.
وفي طرابلس، قال وزير الخارجية الليبي عبد الرحمن شلقم <نرحب بهذه الخطوة. هذه بداية صفحة جديدة لمصلحة الشعبين>. وأضاف أن <هذا القرار جاء بعد لقاءات عديدة واجتماعات وتم الاتفاق على هذه الخطوة منذ أيام>.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الليبية حسونة الشاوش <إن هذه الخطوة مهمة على طريق دعم العلاقات الثنائية بين البلدين وتطويرها في جميع المجالات بما يخدم مصالح الطرفين ويدعم السلام والاستقرار والامن في العالم>.
واضاف <سنستفيد من التقنية العلمية والعسكرية الاميركية... اعادة العلاقات ستكون مفيدة خصوصا للشركات والطلبة الليبيين الذين سيتمكنون من دراسة مواد علمية وتتعلق بالتكنولوجيا كانت ممنوعة عليهم>.
أما رئيس مكتب الارتباط الليبي في واشنطن علي عجالي فقال من جهته إن <ليبيا كانت تتوقع حدوث ذلك منذ فترة طويلة>. وأضاف أن <هذا هو ما توقعته ليبيا والعالم كله لترى ما ستحصل عليه في مقابل شجاعتها عندما تخلت عن أسلحة الدمار الشامل وبدأت في تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة>.
وأشاد العضو الديموقراطي في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي توم لانتوس بالقرار الأميركي. وقال، <غيرت ليبيا تماما مسلكها بإلغاء برنامجها لتطوير أسلحة الدمار الشامل وإنهاء دعمها للإرهاب.> وأضاف <من خلال هذه الأعمال تظهر الولايات المتحدة... لبقية الدول المارقة... وخاصة إيران... أن بلادنا تأخذ بالاعتبار التغيرات الايجابية في السلوك وأكثر من مجرد الرغبة المتبادلة>.
لكن بعض أقارب ضحايا تفجير طائرة <بان أم أميركيان> في العام 1988 فوق لوكربي في اسكتلندا، وهي قضية سبق أن قبلت ليبيا تحمل مسؤوليتها، أعربوا عن سخطهم واشتكوا من أنهم لم يعلموا بتلك الخطوة مسبقا. وقالت سوزان كوهين، التي قُتلت ابنتها في التفجير، <أعتقد أن هذا أمر مروع تماما. هذه إدارة تفعل كل ما هو خطأ. إنها خطوة خطيرة وهم الآن يكافئون الإرهابيين>. وأضافت <السبب الوحيد الذي دفعهم للقيام بذلك هو النفط>.
كذلك، أدان المتحدث باسم المؤتمر الوطني الليبي المعارض فايز جبريل، من القاهرة، الخطوة الأميركية، معتبرا أن <القرار الأميركي لا يخدم جهود الشعب الليبي لاستعادة حرياته>، ومشيرا إلى <وجود صفقة دفع ثمنها العقيد (معمر) القذافي>. وكشف جبريل عن أن المعارضة الليبية ستعقد <مؤتمراً وطنياً تحت قبة الكونغرس الأميركي الصيف الحالي لمناقشة آليات تغيير نظام> العقيد القذافي. 

 

المصدر: وكالات  

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...