مصفاة حمص : القصة الكاملة لمدينة فقدت حياتها

16-05-2006

مصفاة حمص : القصة الكاملة لمدينة فقدت حياتها

الجمل - خاص : كنت طفلاً عندما حضرت مهرجان الاحتفال بتدشين مصفاة حمص عام 1959، والذي جرى  برعاية الدكتور عزيز صدقي رئيس أو نائب رئيس الوزراء في الجمهورية العربية المتحدة على ما أذكر، وبقيت سنوات مبهوراً برؤية ذلك المصنع الضخم، الذي شاع اعتباره كأهم إنجازات دولة الوحدة.
      منذ ذلك التاريخ، دخلت المصفاة  حياتنا وانشغلنا بها، نحن أبناء حمص، من جوانب عديدة. فقد أتاحت المصفاة تشغيل قطاعات واسعة من العمال والمهندسين والموظفين، أصبح عددهم اليوم حوالي 4500  وصاروا أكبر كتلة عمالية في المحافظة وربما في القطر، لها ثقل اجتماعي وحزبي وازن، وشكّلت مع عائلاتها كتلة اجتماعية ملحوظة، نجد آثارها في عدة مواقع من المدينة كبنايات عمال المصفاة ونادي المصفاة وحافلات المصفاة إلخ ، فضلاً عن تواجد مجموعة خبراء شركة تكنو إكسبورت ـ تشيكو سلوفاكيا المنفذة وعائلاتهم وبنائهم المتميز وسط المدينة .
     أما المصفاة نفسها فقد احتلت مساحة 4 كم 2، أقيمت على مسافة 7 كم غربي حمص بجانب خط السكة الحديدية والطريق الاسفلتي الدولي الواصل إلى طرابلس وطرطوس، وعلى مقربة من نهر العاصي وبحيرة قطينة ، وكان هذان العاملان ( شبكة المواصلات والمياه) فضلاً عن مرور خط البترول القادم من العراق والذاهب إلى ميناء التصدير في بانياس هي العوامل الحاسمة في تقرير موقع المصفاة، إضافة إلى عوامل القرب من المدينة التي توفر اليد العاملة والخدمات، وذلك بالنظر إلى فقر الموارد المالية للدولة حينها ، فضلاً عن ضعف الوعي البيئي لا محلياً فقط بل وعالمياً أيضاَ في ذلك الوقت.
بالنتيجة، أصبحت المصفاة بسرعة جزءاً من حياة حمص، وما زالت، لكن قيمة دورها الاقتصادي والانبهار بإنجازها التكنولوجي لم يستمرا طويلاً، وإن كانا أطول قليلاً من العمر القصير لدولة الوحدة. فقد بدأت قضية التلوث تظهر شيئا فشيئا، وتتطور مع تطور المصفاة من جهة وازدياد الوعي البيئي من جهة أخرى، حتى صارت إلى ما هي عليه اليوم .
 
     كان التحذير من أخطار تلويث المصفاة للبيئة هامشياً في البداية ، حين طرح مشروع إنشائها في البرلمان السوري قبيل الوحدة، وإذا كان صحيحاً ما يقال عن اتهام الأصوات القليلة المحذرة من إنشائها قرب المدينة بأنها أصوات يمينية، تريد تأخير المشروع وعرقلة تنفيذه مع إحدى دول المعسكر الاشتراكي نظراً لطغيان الأصوات اليسارية  في ذلك الزمن، فيبدو من غير المستغرب اختصار النقاش البرلماني ـ الحكومي والوطني تحت وطأة خطاب  انتصاري  لكسر الاحتكار الغربي لصناعة النفط  والانفتاح  في سبيل تحقيق ذلك على المعسكر الشرقي. وكان من الطبيعي أن تتغلب العوامل الاقتصادية وحدها في ذلك النقاش، وأن يلعب عامل تقليص النفقات الدور الأبرز في حذف خيارات أخرى اقترحت لموقع المصفاة  بعيداً عن الموقع الحالي.
ولقد بقي الحديث عن تلوث المصفاة هامشياً  بعد إنشائها أيضاًً، انعكاساً لضعف الوعي البيئي من جهة، ونظراً لبقاء ذلك التلوث نفسه محدوداً بطبيعة النفط العراقي الخفيف، وبطاقة تكرير لم تكن تتجاوز طوال سنوات عشر الـ  1م طن سنوياً . لكن الحديث عن التلوث بدأ  يتصاعد مع إطلاق مشروع التوسيع الثاني للمصفاة عام 1969، وبه انتقلت المصفاة إلى تكرير النفط السوري  الثقيل بطبيعته،  لتصل طاقتها الانتاجية  من تكرير نفط المصدرين إلى 7, 2 م طن.
فمع هذه المرحلة أصبح هواء  مدينة حمص مختلفاً  ومتميزاً برائحة يستغربها كل أبناء المدن الأخرى عندما يمرون فيها، أما أبناء المدينة فقد اعتادوا عليها، لدرجة أنهم يجدون هواء المدن الأخرى غير مستساغ، بلا طعمة! ( أقصد بلا رائحة).
      هكذا ، أخذ كلام الناس في حمص ينتقل من الانبهار العاطفي إلى الحديث النقدي، وبدأ الوعي بالتلوث ينتشر بينهم، فلم تعد أفكار مثل النظافة والقذارة  والرائحة وغيرها كافية لتفسير ما يحدث للبيئة ، بل أصبحت أفكار مثل  تغير بيئة حمص واختلال توازن الطبيعة وتدمير مستقبل الحياة في المدينة وما حولها وحرمان الأجيال القادمة من تأمين حاجاتها، هي أفكار أكثر قدرة وملاءمة للتعبير عن  الهم البيئي.
ومع تطور هذا الوعي البيئي وتحت ضغط الضجيج الصادر عن أهالي حمص وبعض المسؤولين ، بدأ التدخل لمعالجة آثار التلوث المرتبط  بالمصفاة ، وانعكس بدرجات متفاوتة في كل المراحل اللاحقة من تطورها.
تطور مشاريع توسيع المصفاة
ـ  في التوسيع الثاني عام 1969 بدأ تكرير النفط السوري ، ووصلت طاقة تكرير المصفاة  إلى 2,7 م طن سنويا.
ـ في التوسيع الثالث عام 1974 تمت إضافة وحدة تقطير ثالثة، بحمولة مليون طن سنويا، لتقفز طاقة تكريرالمصفاة إلى 3,7 م طن سنويا.
ـ في التوسيع الرابع عام 1976 تمت إضافة وحدة تقطير رابعة بحمولة 1,7 م طن سنويا، لترتفع طاقة تكرير المصفاة إلى 5,4 م طن سنويا.
ـ في التوسيع الخامس عام 1979 رفعت حمولة وحدة التقطير الأولى ، وأنشئت وحدة إنتاج الإسفلت ووحدة معالجة المياه الصناعية، وبلغت  طاقة تكريرالمصفاة 5,7 م طن سنويا.
ـ في التوسيع السادس عام 1988 ، أنشئت وحدات لتحسين مواصفات المنتجات والهدرجة والكبريت ومحطة قوى لإنتاج الطاقة الكهربائية والبخار.

تطور معالجة التلوث :
1ـ تلوث المياه
      إذا كان إنقاذ مياه شرب مدينة حمص من التلوث المباشر بمخرجات المصفاة أمراً بسيطاً، وذلك بصب تلك المخرجات في نهر العاصي شمالي المدينة، فإن المسألة ليست كذلك بالنسبة للتلوث غير المباشر بمياه الري وسقاية المزروعات.  ذلك أن المياه الناتجة عن عمليات التكريرالأولى في المصفاة كانت تخضع فقط لعملية تنقية فيزيائية بسيطة في دارة مفتوحة، تتحدد بفصل الزيوت  الطافية عليها، ثم تصرف لتعود إلى العاصي عبر ساقية جانبية ( الغمايا )  شمالي المدينة، وذلك تعبيراً عن الاهتمام  بعدم صلاحيتها للشرب ، أما مياه الري وسقاية المزروعات فلم تكن موضع اهتمام أحد.
     من هنا شاع حديث بين أهالي حمص عن الفروق بين الخضار والفواكه  وحتى الأسماك وباقي اللحوم القادمة من شمالي المدينة عن غيرها، في الطعم والفائدة إلخ ، وصار هناك تخفيض للمنتجات الحمصية متأثر بالتلوث، بعد أن كانت شهيرة ومفضلة لدى عامة السوريين.
لكن بعد إقامة مشروع التوسيع الثاني ، أحدثت وحدة معالجة المياه الملوثة المرتبطة بوحدات ذلك المشروع فقط ، وأخذت مخارج مياهها لتصب أيضاً في ساقية (الغمايا ) التي تلتقي مع نهر العاصي شمالي المدينة . 
     ونظراً لضعف المعالجة المذكورة ، واقتصار المعالجة في المشروع الأول على الفصل البسيط للزيوت،  بدأ العمل عام 1976 في إقامة محطة متكاملة لمعالجة المياه الملوثة في كامل الوحدات بالتعاون مع شركات غربية، وتم في إطار ذلك إيفاد خبراء وتدريب مهندسين، فأصبحت جاهزة في عام 1978 لكنها لم تقلع حتى عام 1980 نتيجة لخلافات مع المتعهدين والشركات المنفذة.
مع هذه المحطة، أصبحت هناك إمكانية معالجة شاملة لمخرجات المياه الملوثة، في دارة مغلقة (تجري في إطارها عمليات معالجة فيزيائية وكيميائية وبيولوجية ) لتخرج منها المياه مطابقة للمواصفات القياسية المحلية والأوروبية، وتعود لتصب في نهر العاصي مباشرة، إذ تصير مناسبة لكافة الاستخدامات الحياتية والزراعية والصناعية، ،لكن النتائج المؤكدة لصلاحية المياه المعالجة للحياة النباتية لم تتحقق إلا في عام 2004 ! وهناك مشروع ما زال يدرس مع شركة إيرانية لترشيد استخدام تلك المياه، وقد أصبحت المصفاة تنفق  سنويا أكثر من 20 م ل. س على هذه العمليات الخاصة بمعالجة المياه(2).
2ـ تلوث التربة  والمياه الجوفية :
       يتحدد هذا التلوث بتأثير النفايات السائلة والصلبة ( الفحم و السلدج  وغيرها ) الناتجة عن عمليات التكرير، ومع إقلاع محطة معالجة المياه الملوثة عام 1980، بدأ تشغيل فرن لحرق النفايات، لكنه توقف  بعد سنتين نتيجة لارتفاع التكاليف واختلاف القرارات الإدارية، حتى أصبحت تجهيزاته متخلفة وبالية حالياً!
       بينما أدى تجميع فحم الكوك  واضطراب عمليات بيعه ( الرابحة أصلاً ! ) إلى تراكم جبل الفحم ( الذي وصل ارتفاعه عام 2005 إلى 6 أمتار وكميته إلى 700 ألف طن) وكان مصدر غبار أسود ملوث للبيئة في القرى المحيطة وحتى مدينة حمص ذاتها. وحسنا أنه في طور الإزالة بالكامل مؤخراً، إذ جرى تصديره بأسعار مجزية ، نظراً لتمكن أولي الأمر من حسم القرار الإداري أخيرا بالتعاون مع مكتب صادرات النفط في رئاسة مجلس الوزراء. كما جرت عملية زرع 500 شجرة زيتون وسرو في موقعه بالتعاون مع مديرية الزراعة، ومن المتوقع أن يصل عددها هذا العام إلى 2000 شجرة.
     قبل هذه المرحلة ، كانت تفاعلات جبل الفحم ومخرجاتها تلوث التربة المحيطة به، والأخطر منها كان تأثير بقايا طبقة السلدج ، التي كانت ترمى منذ إنشاء المصفاة في حفر ضخمة كونت رامات متعددة تملأ النظر حول المصفاة، ولم يجر الاهتمام بمعالجتها إلا حديثاً، إذ بدأ مجددا مشروع دراسة إنهائها واستعادة صلاحية مواقعها للحياة الزراعية بالتعاون مع شركة ألمانية.
   وقد انعكس تأثير تلك الرامات مباشرة على حياة أبناء المزارع والقرى المجاورة للمصفاة، مثل قرى الزرزورية وشلوح والعزيزية، وعلى تلويث المياه الجوفية  للقرى القريبة منها مثل تل الشور وجوبر وكفرعايا وبابا عمرو.
مثال : قرية الزرزورية المحاذية مباشرة للمصفاة:
   استولت مصفاة حمص على أراضي قرية الزرزورية ووعدت الإدارات المتتالية سكان القرية بتوظيف أبنائهم  مقابل الأرض التي حولتها إلى حقول ورامات من النفايات النفطية،  ويوجد مثلها داخل سور المصفاة وهي تمتلئ مع الزمن وسوف تطوف في القادم من السنوات، علماً انها تتعرض للجفاف كأية سوائل، وهذا ما يجعلها تتكرر باستمرار. لكنها لوثت المياه الجوفية للمنطقة بكاملها، واعترفت محافظة حمص بهذا التلوث استناداً إلى التقارير المخبرية، وقررت إرسال صهاريج ماء عذب لتوفير احتياجات سكان القرية (1300 نسمة تقريباً) من مياه الشرب. وفعلاً أرسلت الصهاريج مرتين في الأسبوع في البداية، لكنها لم تعد تأتي بانتظام، وهذا ما حدث أيضاً مع باقي القرى المذكورة ( أكثر من 25,000 نسمة).
    وفي عام 1986 طافت قرية الزرزورية لأول مرة وظهرت المشكلة البيئية بشكل متفاقم ، عندما صحا الأهالي من نومهم على السائل البترولي يجري في الشوارع والأراضي فيخترق منازلهم ويدخل إلى غرف نومهم ، وفي عام 2003 الشهير بأمطاره الغزيرة تكرر حدوث مثل ذلك الطوفان.
وقد أفاد المركز الصحي لقرية الزرزورية  بأن أمراض الجهاز التنفسي الناجمة عن روائح المصفاة والإنبعاثات الغازية من البحيرات (الرامات) هي أكثر الأمراض شيوعاً ، بالإضافة للتسمم بالنترات الناتج عن تسرب الملوثات إلى المياه الجوفية ، كما رصد المركز ازدياداً بعدد حالات المراجعين قياساً للمعدلات العادية ، وانخفاض معدل الخصوبة وظهور أمراض الضغط والقلب والشرايين والنسبة المرتفعة لوفيات الأطفال .
ولا أكشف هنا أمراً جديدا، إذا استطردت وتحدثت عن ارتفاع نسبة الأمراض الصدرية والسرطانات المرتبطة بالتنفس، فضلاً عن الأمراض المرتبطة بالتغذية والدورة الدموية بين أبناء حمص، ويمكن للقادرين التأكد من ذلك بالحصول على أرقام الأبحاث والاحصائيات الرسمية، التي لا يصل إليها غيرهم.
3ـ تلوث الهواء :
      بعد أن كانت حمص متميزة بهوائها العليل، أصبح هذا الهواء نفسه حاملاً  للعلة، ولعل من حسنات  الفتحة البحرية التي أنعم الله بها على حمص، أنها أفادت في تخفيف آثار النقمة التي جلبتها يد الإنسان إلى المدينة عندما أقامت المصفاة غربها، فعملت هذه الفتحة على تحريك الهواء أحيانا ً ليحمل الغازات  ورائحتها المنبعثة من المصفاة بعيداً عن مدينة حمص ، لكن التوسع العمراني وامتداده جعل أحياء معينة منها ( الإنشاءات  عكرمة طريق الشام إلخ ..) متميزة بتلك الإصابة التي تعم غالباً المدينة بأسرها.
     صحيح أنني مثل كثيرين من  أبناء حمص قد اعتدت رائحة تلك الغازات، كما اعتدت الحديث الجاري عن الأمراض المرتبطة بها أيضاً، لكن هذا لا يمنع أنني أستيقظ أحيانا من نومي بسبب رائحة الغاز الصافية، فاهرع إلى المطبخ خائفاً من تسرب ما، قبل أن أدرك أن الأمر متعلق بالمصفاة، وأن الرائحة قد ازدادت وتميزت نتيجة لتسرب معملي يسميه الخبراء بحالة الصدمة، الأمر الذي أقلق بشدة بعض ضيوفي في إحدى المرات، وجعل زواراً آخرين يغادرون حمص بسرعة.
ـ في إطار معالجة هذا النوع من التلوث، فإن العمل الوحيد الذي جرى هو رفع مداخن المشروع السادس حتى بلغ ارتفاع مدخنة محطة القوى 180 م ومدخنة الوحدات الإنتاجية 110 م، وقد كان دور المصفاة أكبر في تلويث الهواء عندما كانت تعتمد على حرق الفيول الذي يحتوي نسبة عالية من الكبريت، لكن ذلك خفّ بعد استبداله بحرق الغاز منذ أوائل التسعينات.
 أما غازات الشعلة المميزة للمصفاة عن بعد، فهي خفيفة وضعيفة التلويث، وتأتي الخطورة من احتمالات انطفاء الشعلة ، الأمر الذي يجعل تلك الغازات تنطلق دون احتراق، وهذا الاحتمال على ضعفه خاضع للرقابة المشددة.
تلوث العاملين في المصفاة :
     يحظى عمال وموظفو المصفاة بدعم غذائي خاص، يتمثل في حصة من الحليب والبيض يومياً، لكن معظمهم يستبدلون تلك الحصة أو يبيعونها  بغرض تحسين أوضاعهم المعاشية في ظل ظروف تدهور المستوى الاقتصادي وصعوبات الحياة المعروفة.
      ويجري الحديث عن ارتفاع نسب الأمراض والوفيات بين العاملين في أقسام معينة من المصفاة، هي أكثر خطورة وتلوثاً من غيرها، وعلى الرغم من فقدان الاحصائيات الدالة على ذلك، فالأمر لا يبدو مستغرباً ، لكن المستغرب حقاً هو تدني الإجراءات الوقائية  وتخلفها فضلاً عن ضعف الدعم الغذائي والصحي والمراقبة الصحية الدورية للعاملين في المصفاة عموما وللعاملين في أقسام ومهن معينة خصوصاً، وأيضاً عدم  النظر في ضرورة تخفيف عدد العاملين عموما والاستفادة من خبراتهم في أعمال أخرى غير خطرة على صحتهم، ولن يتحقق ذلك إلا بأتمتة العمل في المصفاة أو مثيلاتها بحيث لا تحتاج مثل ذلك العدد الكبير من العاملين. وللمقارنة فإن مصفاة أوروبية مماثلة لطاقة مصفاة حمص لا يتجاوز عدد عمالها 300 عاملاً فقط.

استنتاجات:
      لقد أصبحت المصفاة شراً لابد منه على الرغم من تقادمها، فمن جهة هي ضرورة لازبة للاقتصاد الوطني دخلاً واستهلاكاً، ومن جهة أخرى أصبحت عنوانا معادلاً لتلوث حمص ، الذي لا يتوقف على المصفاة وحدها بطبيعة الحال، لكنه يتعلق بها أساساً.
      من هنا، وتأكيداً على حق الإنسان في بيئة صحية ونظيفة وعلى الوعي المتنامي بمشكلات التلوث وتطور الوعي البيئي محلياً وعالمياً، والذي وضع المواطن وصحته وعلاقته مع البيئة  موضع المركز في كل القرارات  والاستراتيجيات المتعلقة بمستقبل التنمية ودور التكنولوجيا فيها ، يمكن الاستنتاج بأن الاهتمام بمشكلة تلوث مصفاة حمص والأخطار الناجمة عنه ، ينبغي ألا يكون أقل من الاهتمام بالاقتصاد الوطني الذي تساهم فيه المصفاة ، على الرغم من كون الأول مكلفاً بالمقارنة مع أرباح الثاني من وجهة نظر قصيرة المدى، لكنه سيكون رابحاً من وجهة نظر التنمية المستدامة واستراتيجيتها الطويلة المدى.
لذا صار من المقبول والشائع الحديث بثقة عن توجه لنقل بعض وحدات المصفاة، أو بناء مصفاة أخرى بديلة، لكن لا أحد يدري متى يصبح هذا التوجه قراراً سياسياً ينتقل إلى مرحلة التنفيذ.

 

محمد نجاتي طيارة

 

إلى الندوة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...