هل يخسر مجلس الشعب نبيل صالح ؟عروة بن الورد يستأذن في الانصراف

16-07-2020

هل يخسر مجلس الشعب نبيل صالح ؟عروة بن الورد يستأذن في الانصراف

بقلم نارام سرجون:  قلما أتدخل في قرارات شخصية في عالم السياسة أو أعلق عليها .. ولم ألتفت يوما لاعتكاف اي شخصية عامة أو غير عامة .. ولكن اعتكاف نبيل صالح وامتناعه عن الدخول الى انتخابات مجلس الشعب لم اتلقّه بلامبالاة .. لأنني أعلم ان نبيل قد تمكن من أن يجمع ثروة كبيرة لايستطيع ان يجمعها الا القلائل .. فهو من أثرياء الحرب السورية بلا شك !! .. وطبعا ستظنون انني أعني ان نبيل قد كان امير حرب او تاجر حرب وأنه جنى منها ثروة كما هم أثرياء الحرب في كل مكان .. ولكن الحقيقة هي ان نبيل صالح جمع ثروة من نوع آخر .. وهي ثقة الناس ومحبتهم واحترامهم .. وصار فعلا من أثرياء الحرب في رصيد ضخم جدا من الثقة الشعبية به ومصداقية عالية وتحول كما يتحول المميزون في مراحل مخاضات المجتمعات .. الى بحيرة ترد اليها جداول الناس المحملة بدموعهم وآلامهم وعذاباتهم احباطاتهم ويأسهم رغم اختلاف كثيرين معه .. 


لاأدري لماذا قرر نبيل صالح الاعتكاف .. ولاأدري ان كان الانسحاب من انتخابات مجلس الشعب حصيفا في هذه الفترة العصيبة .. ولاأدري ان كانت المبررات التي ساقها كافية في هذا الزمن الذي يحتاج فيه الناس الى من يثقون به ويحسون انه – كما وصفته أحداهن – بعروة بن الورد الذي يلجأ اليه الفقراء والمهمشون والمظلومون والصعاليك والامراء ..

أخشى ان تصبح عملية الاحتجاج على البيروقراطية والغضب من الاحباط المؤسساتي طريقة التعبير الرئيسية .. ويبدأ الشرفاء والوطنيون في ترك مقاعدهم للانتهازيين والوصوليين الذين لايريدون الا مثل هذه الفرصة اي ان ان صاحب القضية لايحضر الى المحكمة لأن القضاة يؤجلون البت فيها الى اشعار آخر .. فيصيبه السأم والملل والضجر وخيبة الامل .. فيقرر أن يغيب عن جلسات المحكمة التي سيدافع فيها عن حقه .. ولذلك وبسبب غيابه سيكون الحكم في غير صالحه بل في صالح خصومه لأن المحكمة وجدت انه قرر التخلي عن الحضور حتى لتأجيل الاستماع .. واذا غاب صالح عن مجلس الشعب كقوة رقابة علمانية فان المشروع العلماني في البلاد سيتعرض لانتكاسة ما وسيتراجع لأن صالح مع آخرين أسس لهذا المشروع ولهذه الرقابة التي تخفف من راديكالية الاتجاه الديني في المجتمع ..

ماذا سيبقى للناس اذا انضم الى هذه الطريقة في الاحتجاج أشخاص وطنيون كبار وأصحاب مبادرات عملاقة مثل فارس الشهابي وهو معروف انه في مجلس الشعب كما هي حلب في سورية؟ .. فارس الشهابي الوطني السوري الذي تخشاه دوائر الفساد والبيروقراطية لأنه يتحداها كما كان يتحدى قذائف جهنم في حلب وعلى طريقته الرائعة .. ففي الموقع الذي كانت تسقط فيه قذيفة في حلب كان الشهابي يضع كرسيه على الرصيف الذي هبطت قبالته قذيفة جهنم ليتناول طعام الغداء وقد يدخن الأركيلة مع أصحابه في تحد للقتلة ولاثبات قرار الصمود ولرفع الروح المعنوية في الشارع الحلبي الذي دفع ثمنا باهظا .. كان فارس يفعلها والارهابيون على بعد مئات من الامتار فقط يراقبونه بقناصاتهم .. ولوظفروا به لمزقوه ..

اتمنى ان يراجع نبيل قراره وان لا يعتبر ان هذا الاحتجاج علاجا بالصدمة للخيبات .. لأنه سيصبح نموذجا للاحتجاج السلبي وللتصحيح في أكثر من مكان ومؤسسة في أصعب زمن نحتاج فيه الى رفع معنويات الناس بأن نظهر في الصفوف الاولى .. لأن غياب النخب الفاعلة والمبادرة سيجعل الناس بطبيعتها تحس بالقلق واللاأمل وربما تبحث عن نخب بديلة .. وهنا سيدخل الوصوليون وأصحاب البرامج المختلفة – الشخصية وغير الشخصية – المدفوعة الاجر او التي تبرع في ابرام الصفقات بكل أنواعها وتبيعها للناس على انها الترياق .. ويوهمون الناس انهم البديل المناسب ..

أعرف ان هذا الكلام قد لايغير كثيرا في قرار نبيل .. ولكن اليه والى كل من يفكر بالاحتجاج بهذه الطريقة أتمنى ان ينظر الى الأمر على انه قرار لايخصه وحده بل يخص كثيرين في هذه المرحلة .. صحيح انه كان أمام الفساد والتيار اللاعلماني المترامي الاطراف .. كان كالجدول الذي يريد تحلية مياه البحر .. ولكنه على الاقل كان ماء عذبا شرب منه البعض .. ونحن لانتوقع منه أن يحلي ماء البحر المالح لكن على الاقل أن يؤمن ان الجداول قد تجتمع لتكون نهرا هادرا ..البحر لن يصبح عذبا مهما سكبنا فيه من الماء العذب .. لكن كل أنواع الحياة والنشاط الانساني تقوم حول الانهار العذبة .. أما اذا قرر كل جدول ان يعتكف ولايصل الى البحر كي يجفف البحر فانه مخطئ بلا شك .. وعليه ألا يظن ان الغياب سيجعل البحر حلوا مثل السكر ..

 

 



إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...