ضعف تسويق ثقافة التأمين في سوريا

18-05-2006

ضعف تسويق ثقافة التأمين في سوريا

استوقفني سؤال «الشرطي» على مدخل قصر المؤتمرات بينما  كنا نتجه لحضور افتتاح أعمال الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الاتحاد العربي للتأمين.. ماذا يجري في الداخل؟ قلت له بجواب الاستغراب.. مؤتمر عربي عن التأمين.. فعقب وماذا يعني .. التأمين.. وما محله من الاعراب بالنسبة لي كمواطن.. بمعنى ماذا يخدمني..؟
ختمت الحديث العابر.. أنت تعمل في سلك الشرطة ويمكنك أن تؤمن على أعصابك من الاحتراق وهذا ينطبق على المواطن في أي صفة كان...!؟!
العبرة هنا تكمن بأن القاعدة الأساسية لصناعة التأمين هي في التسويق ونشر ثقافة ووعي أهمية التأمين بالنسبة للمجتمع ككل.. وما سوقنا للحادثة السابقة سوى تأكيد على تواضع قطاع التأمين لدينا فرغم انحسار العمل على مؤسسة حكومية واحدة سابقاً ولكن هذا ليس مبرراً على ما وصلنا إليه من محدودية هذه الصناعة وبقاء المواطن في معزل عن حيوية التأمين.
 إذاً، دعونا نعترف بأننا مازلنا متأخرين إلى حد كبير هنا.. مع أن ثمة تلمساً على فروة الرأس الحكومية ومؤخراً اتخذت خطوة ميدانية مهمة لاخراج هذا القطاع من حالة الغيبوبة القديمة ومحاولة زرع الحياة في جسد التأمين المخدر.
لن ندخل في شرك القراءة المجدولة للإنجازات التي تمت فهي مكثفة وذات جدوى بالأخص مع دخول شركات خاصة في هذا الاستثمار الحيوي والاقلاع العملي بالعمل قاب قوسين أو أدنى أي مجرد أيام معدودات حسب قول الدكتور محمد الحسين وزير المالية الذي أكد أن هيئة الاشراف على التأمين أنجزت كافة الأنظمة والقرارات وإجراءات العمل في الهيئة وتلقت حتى الآن ما يزيد عن 30 طلباً تحت الموافقة المبدئية على أحد عشر طلباً منها شركتا تأمين تكافلي «اسلامي» أما الشركات التي رخصت رسمياً فهي سبعة وجاهزة للعمل في السوق.
 اليوم مع انتهاء اعمال مؤتمر التأمين العربي وانعقاد مؤتمر عن التأمين التكافلي نكون قد استرحنا من ضجة الحدث وايقاع البرامج والجداول المطروحة للنقاش والحوار ما بين المؤتمرين وخرج ما خرج من قرارات أو توصيات  أو نتائج.  لنعود إلى الواقع، كمواطنين نحن بانتظار اللاعبين الجدد على ساحة التأمين المحلية حتى نروي عطش المجتمع لهكذا خدمة أو سلعة إذا ما تحدثنا عن التأمين كصناعة لها قواعدها وأسسها، أما العودة إلى نتائج المؤتمر فجديدها انتخاب سورية رئيساً لمجلس الاتحاد للدورة القادمة واستلام حقيبة التأمين العربية لسنتين، هنا يرى السيد سليمان الحسن مدير عام المؤسسة السورية للتأمين رئيس المجلس في كلامه لنا حول هذه المسؤولية أن رئاسة الاتحاد ليست ميزة شخصية إنما لسورية كوني أمثل بلدي في مجلس الاتحاد وهي مهمة ملقاة على عاتقي.
 وتضيف للعمل المشترك صهراً للخبرات التي تملكها الدول العربية وبالتالي تماذج وتوافق البلدان مع بعضها.
وعلى عاتق مجلس الاتحاد عبء تطوير ووضع كل السبل التي تهدف لتطوير الصناعة ووضعها بأيد الأعضاء ومنها توفير المعلومة والخبرة والتجارب والإمكانات لوضعها في الأسواق العربية وما احداث معهد التأمين العربي إلا قفزة في مجال التدريب وتبادل الخبرات.
قرار الحكومة السورية باستضافة المعهد العربي للتأمين وتخصيص المكان المناسب لاقامته، نقله وزير المالية في كلمته خلال افتتاح المؤتمر مؤكداً أنه سيكون مؤسسة عربية لتخريج كوادر مؤهلة للعمل في قطاع التأمين العربي وهو أحد مستلزمات النهوض بهذا القطاع، وفي الوقت الذي أشار السيد سليمان الحسن بأن هذا المعهد له زمن بعيد من المناداة لانشائه  نوه بأنه سيكون قفزة من المتوقع لمجلس الاتحاد الجديد أن يأخذ خطوات سريعة للتنفيذ وبنفس الوقت نأمل تقديم التسهيلات للتمويل والإنجاز فأحد الأفكار المطروحة حول التمويل أن يكون من الشركات الأعضاء بالإضافة إلى مساهمة الحكومة السورية وسوق التأمين السوري بكافة شركاته وهي مسألة اختيارية، وليست اجبارية وخلال سنة سيتم الاقلاع بمشروع المعهد.
وهذا المشروع له أهميته من حيث رفد سوق التأمين بالكوادر المؤهلة والتخفيف من البطالة لأن السوق العربية ليست حكراً لبلد أو شركة.
بالعودة إلى الماضي ليس جديداً عندما نقول ان ثمة صيغة احتكارية لمؤسسة حكومية لقطاع التأمين كانت سائدة في السوق السورية ولكن العطل الذي حصل ومازالت تبعاته قائمة ولا يمكن تلافيها مباشرة هي مسألة التوعية الشعبية لقطاع التأمين وهنا يعترف السيد الحسن بأن المؤسسة حملت على كاهلها خدمة سوق التأمين لأربعة عقود وقد استطاعت  ضمن امكاناتها الوصول لشيء من الوعي ولكن ليس بالكامل، ورداً على من يقول بأنكم كنتم محظوظين يقول الحسن: ان الحصرية لها ايجابياتها وسلبياتها ونحن حريصون على زيادة عملنا بالتوازي  مع الشركات فبأحسن الأحوال السوق التأمينية السورية «عملاقة» تستوعب كل من يشارك في نشر الوعي التأميني وطرح خدمات جديدة ومنافسة شريفة ونزيهة وحافزة للتطوير.
إذا كانت المؤسسة قد اعطيت التسهيلات والمرونة الكافية للمنافسة حسب - وزير المالية- إلا أن الإدارة مازالت تتطلع للمزيد تحت إشراف هيئة التأمين السورية حتى تتحقق العدالة في الأدوات بين المؤسسة والشركات وبعدها فلتتم المحاسبة.
وحول النظرة إلى مظلة هيئة الإشراف بعدما كانت سماء المؤسسة مفتوحة بلا شراكة قال الحسن: لنا ثقة كبيرة بهيئة الإشراف التي تعمل وفق المعايير الدولية ومبادىء التأمين العالمية ونحن جهتان مختلفتان في العمل ولا يوجد حساسية ما معها وقد تكون الحساسية مع شركات ولا يمكن أن تكون مع جهة الإشراف التي غايتها حماية المصلحة العامة فالغاية دائماً الحفاظ على السوق نظيفاً معافى خال من الأخطاء.
وبحكم أنه سابقاً لم يكن ضرورة للهيئة إلا أن السوق الآن تتطلب هيئة تشرف وتتابع العمل في السوق في منظور المواطن فإن ثمة سلماً للأوليات يحكمه ولا يمكن تناسيه فأول شيء في حياته اليومية الأكل والشرب- التعليم- الاكساء- الصحة- المستقبل.. وهنا يأتي السؤال أين موقع التأمين في هذا السلم؟ يجيب الحسن: التأمين ليس تسويقاً فقط فكيف لنا شراء الحاجة والقناعة والوعي التأميني وهذا يأتي عبر الشركات. فالتأمين يوضع في أولويات معينة حسب مستوى الدخل وهي متأخرة ولها ارتباط بالمناخ العام للاقتصاد ولا يمكن نكران أن الرواتب تزيد حركة الاقتصاد نحو الانفتاح كما أنه -التأمين- مرتبط بالقطاعات كافة لهذا كلما زادت الشركات كبرت المحفظة وأصبح لدى المواطن وعي أكبر ومنافع تأمين لا تترك كل شيء للقدر.


علي بلال قاسم

المصدر : البعث

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...