ماذا ينتظر إيران

25-05-2006

ماذا ينتظر إيران

الجمل: تزايد الاهتمام بالملف النووي الإيراني دولياً في عام 2002، عندما تبين أن إيران تقوم بإعداد الخطط والبرامج لتخصيب اليورانيوم. وقد بررت إيران ذلك، بأنها تريد فقط توليد الطاقة الكهربائية. ورغم هذا، فقد أصرت الدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة وإسرائيل، على مخاوفها بأن يؤدي ذلك إلى إنتاج إيران للأسلحة النووية.
وقد عزز هذه المخاوف، ادعاءات بعض الخبراء، بأن لإيران أنشطة حربية سرية، وبأنه تم العثور على مستندات إيرانية، تتضمن مخططات ورسوماً عن كيفية إعداد اليورانيوم وتخصيبه، وتصميم الرؤوس الحربية النووية. بلغت المخاوف حدها الأقصى، عندما أعلنت إيران نجاحها في تخصيب اليورانيوم باستخدام (164) وحدة طرد مركزي. وعلق الخبراء النوويون في الغرب، بأن إيران ستكون قادرة على إنتاج قنبلة نووية واحدة، إذا بلغت وحدات الطرد المركزي التي بحوزتها 1000 وحدة.
حالياً، وصل مشروع التسوية، الذي تعده دول الاتحاد الأوروبي الثلاث الرئيسة: (فرنسا، بريطانيا، وألمانيا) إلى مرحلة وضع اللمسات الأخيرة، وذلك لتقديمه، بشكل نهائي، لاجتماع تمهيدي، سيضم ست دول، هي الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، وبريطانيا)، إضافة إلى ألمانيا، وذلك من أجل التشاور والاتفاق حول صيغة المشروع، التي سوف تتقدم بها الدول الأوروبية إلى مجلس الأمن الدولي. ويقترح مشروع التسوية الأوروبي، إصدار قرار نهائي، بإجماع أعضاء المجلس، يضع إيران أمام خيارين لا ثالث لهما: إما إيقاف العمل في البرنامج النووي، أو مواجهة العقوبات الدولية.
تتمثل ملامح مشروع التسوية الأوروبي بالآتي:
أولاً: في حال رفض إيران لمشروع التسوية، يتم فرض عقوبات دولية عليها، يقرها مجلس الأمن الدولي، وتتضمن ما يلي:
-حظر تأشيرات سفر المسؤولين الإيرانيين.
-تجميد الأرصدة والممتلكات الإيرانية.
-حظر المعاملات والتحويلات المالية للشخصيات الرسمية الإيرانية، ولكل من يثبت أو يشتبه اشتراكه في البرنامج النووي الإيراني.
-حظر السلاح.
-حظر شحن المشتقات النفطية إلى إيران (إيران تستورد البنزين والغازولين، بسبب عجزها عن تغطية الطلب الداخلي، رغم أنها من الدول الرئيسة المصدرة للنفط في العالم).
ثانياً: في حال موافقتها على مشروع التسوية، تحصل إيران على "المكافآت" الآتية:
-يتم السماح لإيران بالتفاوض من جديد حول برنامجها النووي، مع الدول الغربية ومجلس الأمن الدولي، ووكالة الطاقة الذرية.
-تقوم وكالة الطاقة الذرية بمواصلة عمليات التفتيش الدورية والفجائية، التي كانت تقوم بها، والتي أوقفتها المنظمة.
-إعطاء إيران وعداً بالعمل على دعم اتفاقية دولية، يتضمن تعليق النقاش في مجلس الأمن الدولي، حول الملف النووي الإيراني.
-إعطاء إيران وعداً بالعمل على مساعدتها، خلال خمس سنوات (دون تحديد الموعد)، في بناء مفاعلات نووية جديدة، تعمل بالماء الخفيف.
-إعطاء إيران وعداً، بأنه بعد خمس سنوات، يمكن أن يتم النظر في أمر موافقة إيران على عملية نقل إجراءات تخصيب اليورانيوم إلى روسيا، إن رغبت في ذلك.
يهدف مشروع التسوية الأوروبية، إلى تهديد إيران بالعقوبات، إذا أصرت على موقفها الرافض. وإذا وافق مجلس الأمن على القرار، فإنه سيطلب من إيران التوقف النهائي عن البرنامج النووي، وسيفرض عليها العقوبات.
وكانت أبرز المواقف حول المشروع، هي:
-ناقشت فرنسا وبريطانيا وألمانيا، الصيغة النهائية لمشروع التسوية، تمهيداً للاجتماع الموسع للدول الست، لتقليص الخلافات بين الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن. وتعتبر بريطانيا الأكثر تشدداً في مواقفها.
-ما تزال روسيا والصين تعارضان بشدة إصدار أي قرار يؤدي إلى فرض العقوبات، أو يلزم بعمل عسكري ضد إيران، وهما تعارضان صيغة أي قرار يشير إلى أن إيران تهدد السلام العالمي. واستمرت الدولتان في التأكيد على رفض العقوبات المحتملة ضد إيران، لأنها تمثل شريكاً استراتيجياً لهما.
لم تتبلور بعد التعديلات التي سيدخلها الأوروبيون على مشروعهم، للحصول على موافقة وتأييد روسيا والصين؛ وحاول بعض المحللين فهم نوعية التغييرات التي تريدها روسيا، على ضوء تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، التي شدد فيها على استخدام الوسائل السياسية والدبلوماسية، لحل الأزمة الإيرانية، وأشار إلى أن روسيا تدعم توجهات بلدان الاتحاد الأوروبي الثلاثة لحل الأزمة على هذا الأساس. وفهم المحللون بأن موسكو جاهزة للموافقة على صيغة المشروع المعدلة، التي تنص على تطبيق مبدأ الثواب عبر الدعم المجزي لإيران، إذا وافقت وتخلت عن برنامجها النووي، ومبدأ العقاب إذا رفضت القيام بذلك، شرط أن يصدر مجلس الأمن قراره بموجب الفصل السابع وفقاً للفقرة (41) من ميثاق الأمم المتحدة، وشرط أن يتجنب القرار أي إشارة، ضمنية أو علنية، للفقرة (42) التي تمهد للقيام بعمل عسكري محتمل، لتنفيذ القرار ووضعه موضع التنفيذ.
حالياً هناك محاولة تقوم بها الولايات المتحدة، لاستمالة روسيا للموقف الأمريكي- الإسرائيلي - الأوروبي، الداعم للعقوبات والعمل العسكري ضد إيران. وتقوم الولايات المتحدة بتقديم التنازلات المغرية لروسيا، كتوقيع اتفاقية تعاون نووي بين البلدين. وفي واشنطن، قام إيهود أولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بزيارة البيت الأبيض، وصرح بأن إيران على وشك امتلاك أسلحة نووية، خلال بضعة أشهر من الآن، أي في أقل من عام، وقال بأن ذلك الأمر سيمثل تهديداً بالغاً لأمن إسرائيل، وبالتالي، فإنهم، في إسرائيل، يطالبون الحلفاء بالعمل بجدية لحماية "أمن وسلامة إسرائيل".
صرحت كوندوليزا رايس، بأن ما يهم الإدارة الأمريكية، هو إيقاف البرنامج النووي الإيراني، وتخلي إيران نهائياً عنه، ولن تكون الولايات المتحدة مستعدة لتقديم أي ضمانات لحماية أمن وسلامة إيران، حتى في حال أوقفت برنامجها من تلقاء نفسها.
أكدت رايس بأن الموضوع الإيراني مفتوح على كل الاحتمالات. وفي تحركات استباقية أمريكية، اتضح الآتي:
-قابل معاون وزيرة الخارجية الأمريكية والمسؤول عن الملف النووي الإيراني، نيكولاس برون، نظيريه الياباني والكندي في لندن، وطلب منهما ضرورة قيام اليابان وكندا بتشديد الضغط على إيران، وتجميد الأموال والأرصدة الإيرانية، وإغلاق كل منافذ حصول إيران على العملات الصعبة.
-قامت الإدارة الأمريكية بالضغط على الشركات والمنشآت الأوروبية التي لها تعاملات مع إيران، وطالبتها بإيقاف أنشطتها وتعاونها مع إيران.
ووصف المحللون والمراقبون تعامل أمريكا مع الملف الإيراني، بأنه خلق سابقة غريبة، ألا وهي: تطبيق العقوبات، قبل إصدار العقوبات.

 

الجمل: قسم الدراسات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...