مئة عام على ولادة ليوبولد سيدار سنغور

27-05-2006

مئة عام على ولادة ليوبولد سيدار سنغور

ما الذي تبقى من ليوبولد سيدار سنغور بعد سنوات على رحيله؟ في السؤال ما يقودنا إلى نقطتين أساسيتين، الأولى تتعلق بالشق الثقافي، أما الثانية، فتنحو إلى الجانب السياسي العام. الشق الثقافي، لأن سنغور كان شاعراً وكان يُعد واحداً من كبار الشعراء الأفارقة والعالم الناطقين باللغة الفرنسية، وأول شخص غير فرنسي يدخل إلى الأكاديمية الفرنسية التي تلقب بمُجمع <الخالدين>. أما النقطة الثانية، فتصيب نشاطه السياسي، إذ كان رئيساً للسنغال كما أنه مؤسس فكرة الفرنكفونية التي تريد أن <تجمع> بمعنى من المعاني البلدان الناطقة باللغة الفرنسية.
طرأ على بالي هذا السؤال، حول راهنية سنغور، في مؤتمر الجامعة اليسوعية الذي عُقد في اليومين الماضيين، حين تحدث المشرف العام على <سنة سنغور العالمية> روجيه دوهايبي الذي اعتبر أن ما يجري باسم الفرنكفونية اليوم ليس سوى خيانة للمفاهيم التي انطلق منها الشاعر (والرئيس) الراحل.
لنترك الشق السياسي جانباً، ولنسأل من منطلق الفعل الثقافي البحت: ما المكانة الأدبية التي تفرد اليوم لسنغور في العالم الفرنكفوني بعامة وفي فرنسا بخاصة؟ بالتأكيد لن يُسرّ الجواب الكثيرين، الذين يرون فيه أب الفرنكفونية والمُنظر <الحديث> لها.
لو حاولنا النظر إلى ما كُتب لغاية اليوم، حول الذكرى المئوية الأولى لميلاد الشاعر، في الصحف الفرنسية، لأدركنا غياب الحدث بشكل كبير. إذ لم يُستحضر سنغور مجدداً إلاّ في مقالة أو اثنتين على الأكثر، بالرغم من أن هذا العام كان عام الفرنكفونية، كما أن معرض الكتاب الذي دار في آذار الماضي بباريس جعل <الآداب الفرنكفونية> ضيف الشرف. هل معنى هذا أن أدبه سقط وغاب في <مجاهل النسيان>، بعد سنوات من رحيله، حيث لم ينفعه لقب الأكاديمية الفرنسية بأنه من الخالدين؟
قد لا تكون المشكلة هنا حقاً. إذ من قرأ الصحف والمجلات الفرنسية التي صدرت يوم معرض الكتاب، لوجد تساؤلا جوهرياً، طرحه النقاد والصحافيون الفرنسيون وكان يتمثل في تساؤلهم حول ما معنى الآداب الفرنكفونية وهل يمكن أن تدرج ضمن الأدب الفرنسي على الرغم من أنها مكتوبة باللغة الفرنسية؟
كان جوابهم على كثير من <المفاجأة>، وهي مفاجأة تعكس الرأي الاجتماعي إذا جاز التعبير. إذ كما لو أن تنصلا فرنسيا من هذا الارتباط معتبرة أنها آداب <شعوب> أخرى اختارت الفرنسية. بمعنى آخر، لم يعد المجتمع الأدبي على كثير إيمان بهذه العناوين الفضفاضة. فما أنتجته السياسة قسراً في الزمن الماضي يبدو وكأن الحاضر يرغب في محوه.
هل بهذا المعنى تتم خيانة سنغور اليوم ليُغيب؟ ربما، لكن الأكيد في الأمر، أنه من المفروض علينا اليوم أن نعيد تحديد معنى الفرنكفونية وما نريد منها، وإلا سيكون كل هذا الأدب الفرنكفوني في مجاهل النسيان الفرنسي وإن احتفى به أبناء من يكتبونه.

اسكندر حبش

المصدر : السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...