الحكومة تستفتي وتأخذ القرار قبل أن يأتيها الجواب

12-08-2007

الحكومة تستفتي وتأخذ القرار قبل أن يأتيها الجواب

الحكومة تقترح ترشيد استخدام السيارات الحكومية ثم تستفتي المؤسسات ثم تتخذ القرار قبل أن يأتيها الجواب، وهذه ديموقراطية نُحسد عليها فتفضلوا وشاركونا التمتع بها!.

قرار الترشيد ليس ديموقراطياً فقط بل عبقرياً أيضاً لأنه يوفر حوالي مليار ليرة سنوياً ما بين هدر واختلاس، وهكذا نتخلص من أحد أوجه فساد الصغار ونُبقي على فساد الكبار فلا يموت الذئب ولا يفنى الغنم وتتحول الحكومة من «رشيدة» إلى «ترشيدية» عند مفرق اقتصاد السوق أول طلعة «الاجتماعي». ‏

ميزة القرار أنه استثنى السادة الوزراء والسادة المحافظين والسادة المديرين العامين من «السحب» ولو دخلوه لصار الوفر مليارين بدلاً من مليار ودون التعرض لمخصصات «اللكزس» باعتبارها تشكل مع لقب السيادة عماد «البرستيج» اللازم لضمان تنفيذ الصغار لقرارات الكبار!!. 
ولو عرفت الحكومة مدى «سعدنة» عمال الدولة بالقرار لماتت من الفرحة ونحن لن نخبرها حرصاً على صحتها الغالية على قلب كل عامل مواطن من الدرجة الثانية فما دون.. أولئك الذين يبدؤون يومهم بالدعاء: «إلهي يحرسها من العين ويديم علينا الحكومة»!. ‏

ولا أحد يعرف متعة انتظار وسائل النقل العامة والتدفيش والترفيس وتحمل خفة دم السائقين إلا من جربها، وهاهي الحكومة تؤمن لعامليها أعلى درجة متعة ممكنة ولمرتين إضافيتين يومياً ـ صباحاً وظهراً ـ وفوقها 400 ليرة بدل تنقلات زيادة على الراتب!!. ‏

وبصراحة لا يوجد مبرر لاحتفاظ مديري الصف الثاني بالسيارات وخصوصاً التنفيذيين منهم بل الأفضل إلغاء حتى سيارات الخدمة ومن الممكن عند الضرورة استدعاء المصلحة العامة لعند حضرة المدير عوضاً عن توجه حضرته إليها!!. ‏

وحين تكون المؤسسات العامة خاسرة من أصله فلا معنى للحديث عن مستوى الأداء والإنتاجية ومدى تأثير سحب السيارات عليهما إذ من الأفضل لنا وللحكومة وللخزينة أن تبقى تلك المؤسسات خاسرة على أن يطمع الطامعون بها!!. ‏

ويبدو أن الحكومة حريصة على بضعة مديرين جيدين في المؤسسات العامة ومن مصلحة هؤلاء أن يطفشوا باتجاه القطاع الخاص بعد سحب ميزتهم الوحيدة، وحينها يمكن للحكومة أن تؤمن شواغر للعاطلين عن العمل وبرتبة مدير فوراً ووفقاً لجدول أفضلية يعتمد المحسوبيات والوساطات وأحياناً السمسرة وبذلك تصيب حوالي عشرين عصفوراً بحجر واحد!!. ‏

ولعل ركوب سيارة حكومية أو خاصة يعتبر من الرفاهيات التي لا تليق بالكادحين أو المكدوحين خصوصاً مع وجود منظومة متكاملة للنقل من شبكة ميترو وحافلات مكهربة وأنفاق وجسور ومراتب ونظام سير محترم وتحتاج فقط إلى خرزة زرقاء، ومع ذلك.. ورغم ذلك يطلع علينا أحد المتفذلكين ليقول: إن قرارات الحكومة ارتجالية ـ حاشا لله ـ

إياد عيسى

 المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...