الاحتلال العسكري الأمريكي غير المعلن للسعودية والبلدان الخليجية

23-08-2007

الاحتلال العسكري الأمريكي غير المعلن للسعودية والبلدان الخليجية

الجمل:     أدت توجهات مجلس الأمن القومي الأمريكي إزاء أمن الخليج إلى تقويض استقرار العلاقات العربية- الإيرانية على المستوى السياسي، وإلى تقويض استقرار العلاقات الإسلامية المذهبية السنية- الشيعية، ولم تبدأ التوترات، بسبب العلاقات الإسلامية والتعبئة العسكرية الأمريكية الحالية ضد إيران، وإنما منذ أيام شاه إيران، الذي حرضته أمريكا وإسرائيل على القيام بدور (شرطي) الخليج العربي، و(كلب الحراسة) للمصالح النفطية والاقتصادية لأمريكا والغرب.
• الواقع الميداني القائم في منطقة الخليج:
استغلت أمريكا الحرب ضد العراق كمبرر لحشد قواتها في بلدان الخليج، وبعد اكتمال عملية غزو واحتلال العراق، انقلبت أمريكا على دول الخليج، عندما تجاوزت الزعماء الخليجيين، وقررت إبقاء قواعدها وقواتها بشكل دائم في الخليج رغم أنف جميع أصدقائها وحلفائها الخليجيين، الأمر الذي أدى إلى توسيع عملية غزو واحتلال العراق، ولم تعد العملية مجرد استهداف للعراق، بل هي عملية خطة أكبر تتضمن وضع العراق تحت الاحتلال العسكري الأمريكي (المعلن) ووضع بقية بلدان الخليج تحت الاحتلال العسكري الأمريكي (غير المعلن).
• تطورات ما بعد الاحتلال العسكري الأمريكي غير المعلن للسعودية والخليج:
القول بأن السعودية وبلدان الخليج تخضع للاحتلال العسكري الأمريكي غير المعلن، هو قول لا يأتي من فراغ، وذلك لأن عملية (الوضع تحت الاحتلال العسكري) سواء كانت معلنة أو غير معلن’، هي عملية تتضمن توافر خصائص محددة تتوافق مع خصائص وسمات عملية الاحتلال العسكري، ومن أبرز هذه الخصائص:
- وجود القدرات العسكرية الأجنبية على التراب الوطني بمستوى يفوق القدرات العسكرية الوطنية، وحالياً فإن القدرات العسكرية الأمريكية الموجودة على التراب الوطني للسعودية وبلدان الخليج تفوق قدراتها العسكرية الوطنية.
- وجود القدرات العسكرية الأجنبية على التراب الوطني رغم أنف الإدارة السياسية الوطنية، وحالياً تعجز  إدارة السعودية ودول الخليج عن إخراج القوات الأمريكية من ترابها الوطني.
- انكسار إرادة القرار السياسي الوطني، وقيام السلطات الوطنية بتنفيذ الإملاءات الوحيدة الاتجاه، وهو ما يحدث حالياً في السعودية وبلدان الخليج، والتي ثبت بأنها تقوم بتمويل المخططات الأمريكية، ودعم الأجندة السياسية الأمريكية في المنطقة.
أما بالنسبة لصفتي المعلن وغير المعلن، فإن الفرق بين وضع العراق تحت الاحتلال العسكري الأمريكي المعلن، ووضع السعودية وبلدان الخليج تحت الاحتلال العسكري الأمريكي غير المعلن، هو أن حالة احتلال العراق معترف بها بواسطة الأمم المتحدة كأمر واقع وتتحدث عنها الإدارة الأمريكية بشكل معلن، أما حالة الاحتلال العسكري غير المعلن التي تجري الآن، فهي أكثر خطورة لأنها سوف تستمر إلى الأبد، إذا لم تتحرك الإرادة الوطنية في هذه البلدان وتطالب بإخراج القوات الأمريكية من أجل استعادة الإرادة الوطنية.. وعلى ما يبدو سوف تمر فترة طويلة جداً إلى حين تبدأ هذه البلدان بمقاومة الوجود العسكري، والذي كما أوضحت التجربة العراقية، بأنه وجود لن يخرج إلا بتقديم الكثير من التضحيات والبذل والفداء.
• منطقة الخليج من (توازن القوى) إلى (توازن الخوف):
تقوم التوازنات الإقليمية والدولية، على معايرة قوى الوحدات والكيانات السياسية الموجودة في المنطقة المعنية، على أساس اعتبارات قدراتها الذاتية، وأيضاً على أساس اعتبارات تحالفاتها الدولية والإقليمية، ومدى تأثير ذلك على (عنصر القوة المضافة) إلى (عناصر قوتها الذاتية).. ظلت الإدارات الأمريكية تروج إلى (الخطر الإيراني) في منطقة الخليج، وظل المسؤولون والخبراء الأمريكيون باستمرار يقومون بتسويق هذا الخطر للنخب الخليجية، وذلك على النحو الذي دفع هذه النخب إلى توريط بلدانهم ومجتمعاتهم الصغيرة في واحدة من أكبر وأخطر سباقات التسلح في العالم.
ولكن بعد تراكم عمليات تسويق عناصر القوة السياسية والعسكرية، تحول التوازن الذي كان يركز على (ميزان القوة) إلى التركيز على (ميزان الخوف).. ويمكن توضيح ذلك على أساس تحليل الاعتبارات الآتية المتعلقة بالسلوك الإقليمي والدولي لدول مجلس التعاون الخليجي:
- تبنت دول مجلس التعاون الخليجي فرضية (الخطر الإيراني) وقامت بتصديقها ليس عن قناعة حقيقية بصحة هذه الفرضية، وإنما (خوفاً) من الولايات المتحدة الأمريكية التي تسيطر قواتها حالياً على التراب الوطني لدول المجلس.
- قامت دول مجلس التعاون الخليجي بدفع مليارات الدولارات لأمريكا من أجل الحصول على أكثر الأسلحة المتطورة في العالم، والتي سوف يقوم الأمريكيون بتشغيلها بسبب عدم توافر الكفاءات الوطنية القادرة على تشغيلها، وقد تمت عملية الشراء ليس بناء على حاجة هذا البلدان، وإنما بناء على حاجة أمريكا إلى استخدام هذه الأسلحة في استهداف إيران. وسوف تثبت الفترة القادمة أن الأسلحة التي قامت أمريكا بإجبار دول الخليج على شرائها، سوف تقوم أمريكا لاحقاً بتقديم طلب لهذه الدول بالإسهام ودعم جهود حليفتهم أمريكا من أجل القضاء على الخطر الإيراني، ولن تكون هناك أهمية لموافقة أو عدم موافقة دول مجلس التعاون الخليجي، بل سوف تقوم أمريكا باستخدام هذه الأسلحة التي سبق أن دفعت الخليجيين لشرائها، ثم قيام الرئيس الأمريكي بعد ذلك بالإعلان أمام العالم بأن حلفاء أمريكا الخليجيين برغم مساعدتهم لأمريكا، في مواجهة الخطر الإيراني، فإن مساعداتهم لم تكن بالمستوى المطلوب.. (تماماً مثلما حدث مع السعودية خلال الفترة الماضية عندما هاجم الأمريكيون السعودية وقالوا بأنها لم تقم بتقديم الدعم المطلوب لحليفتها أمريكا).
- إيران تحشد قواتها العسكرية ليس خوفاً من دول مجلس التعاون الخليجي، لأنها تعرف أن الخليجيين لن يهاجموها، وتدرك تماماً بأنها لا تنوي تحت أي ظرف احتلال بلدان الخليج، وإنما خولاً من الوجود الأمريكي العسكري، الذي تسبب الخليجيون في جلبه للعراق، وفي جلبه لأنفسهم.
وباختصار لو كان الإيرانيون يريدون احتلال الخليج، لفعلوا ذلك منذ أيام شاه إيران، والذي كان الأمر لا يكلفه سوى (تلفون) لتل أبيب أو واشنطن، وبعدها يقوم باحتلال كامل المنطقة، تحت مباركة أمريكا، ومساندتها له بـ(حق الفيتو) في مجلس الأمن الدولي.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...