المقنن العلفي والعد الوهمي للقطيع الوطني

24-09-2007

المقنن العلفي والعد الوهمي للقطيع الوطني

حسب احصائيات وزارة الزراعة ممثلة بمديريات الزراعة والوحدات الإرشادية، يوجد لدينا /23/ مليون رأس من الأغنام، لكن على أرض الواقع قد يكون الأمر مغايراً تماماً، حتى ان المؤسسة العامة للأعلاف تعاني من مسألة العد الوهمي، حيث تؤكد ان نسبة 50٪ من احصاء الأغنام غير موجودة، وهذا ما يوقعها في ارباكات كبيرة، كأن تذهب الأعلاف إلى غير مستحقيها، ومن ثم تباع بأسعار جنونية إلى من هو بأمس الحاجة إليها، ناهيك عن النظرة المغلوطة التي يرى من خلالها المربي ان المؤسسة العامة للأعلاف يجب ان تقدم له الأعلاف عندما يريد، بينما ينحصر دورها في التدخل في الأوقات الحرجة والصعبة جداً، فكيف تتعامل مؤسسة الأعلاف مع العد الوهمي؟ وكيف ترى مشكلة الأعلاف؟ وما هي الكميات الموجودة في مخازينها الآن؟ وما قصة شراء الـ /100/ ألف طن التي تم شراؤها من القمح القاسي؟! ومن المسؤول عن المخالفات العقدية في معملي الأعلاف (عدرا وطرطوس) منذ سنوات ولا يزالان خارج إطار الاستثمار..؟!.
مربو الثروة الحيوانية يرون في المؤسسة انها دائماً مقصرة بحقهم ويحملونها كل النائبات التي يمرون بها دون ان يكلفوا أنفسهم الاعتماد على الذات من خلال تأمين الأعلاف الخضراء (والدريس) الأعشاب المجففة.
حول هذه المسألة يقول مدير عام مؤسسة الأعلاف الدكتور أحمد الشيخ: يخطىء المربي عندما يظن ان دور المؤسسة هو تأمين الأعلاف على مدار العام، بينما دورها ينحصر في التدخل في الأوقات الحرجة والصعبة، كسني الجفاف مثلاً، لذا ترى المؤسسة بين الحين والآخر تقوم بتخزين المادة العلفية لحين الضرورة، حيث لدينا الآن مخزون هائل من الأعلاف غصت به مستودعاتنا، وسنبدأ بعملية التوزيع مع بداية الشهر العاشر للأبقار، وفي مطلع تشرين الأول تبدأ الدورة العلفية للثروة الغنمية، وهل تقوى المؤسسة على شراء كميات الأعلاف التي تتناسب مع نمو الثروة الحيوانية في سورية..؟!.
في مطلع هذا العام زادت الحكومة دعمها لرأس مال المؤسسة، فبدلاً من /500/ مليون ليرة سورية سابقاً، أصبح الآن /3.5/ مليار ليرة سورية لتواكب نمو القطيع على مختلف أنواعه (مباقر، أسماك، أغنام، دواجن)، وهناك خطة مستقبلية لإنشاء معمل أعلاف في كل محافظة لتأمين المادة العلفية، حيث لا يوجد لدينا الآن سوى /4/ معامل وهي غير كافية، حيث معدل النمو في الأغنام بين 6-7٪، بينما حسب معطيات واحصاء مديريات الزراعة الرقم أكبر بكثير، وهنا تكمن المشكلة، كيف..؟!.
العد الوهمي هو المشكلة الحقيقية للثروة الحيوانية، إذ ان /23/ مليون رأس غنم مشكوك بصحته، 50٪ منه غير صحيح وغير دقيق، وأين الحل..؟!.

ويشير مدير عام المؤسسة إلى ان الحل الوحيد يتمثل في إقامة مشروع قومي اسمه (ترقيم الحيوانات الزراعية)، الغاية منه:
أولاً: إعطاء إحصاء دقيق للثروة الحيوانية، بعيداً عن العشوائية والتخمينية.
ثانياً: إنشاء بنك للمعلومات المتكاملة عن الثروة الحيوانية في سورية.
ثالثاً: التخلص من مشكلة وأزمة العد الوهمي التي تربكنا، وبها تضيع حقوق المربين الحقيقيين.
وأين وصلت فكرة الترقيم هذه..؟!.
هذا الموضوع يحتاج إلى تدريب الكادر اللازم لذلك ليكون قادراً على القيام بهذه المهمة واستيعاب هذه التجربة، وهذا يتطلب فترة زمنية طويلة.
وأين المشكلة في ذلك..؟!.
هذا المشروع يحتاج إلى دعم مادي كبير، كونه مكلفاً جداً، ويحتاج إلى تعاون الجهات المعنية كافة (زراعة - اتحاد الفلاحين - المنظمات المعنية الأخرى «الفاو»)، ويمكن ان يرى النور في النصف الأول من العام القادم.

وفي معرض إجابته عن سؤالنا عن المخزون الموجود في مستودعات المؤسسة الآن، أجاب الدكتور الشيخ: لدينا حالياً /300/ ألف طن من مختلف المواد العلفية، وهذا الرصيد متزايد وغير ثابت.. دعني أسأل عن قصة شراء المؤسسة لـ /100/ ألف طن من الأقماح القاسية لتقديمها علفاً للثروة الحيوانية.. كيف حدث هذا؟ وما هي قيمتها..؟!.
فعلاً تم شراء الكمية المذكورة وهي أقماح درجة رابعة وبالسعر الاقتصادي للمؤسسة مقداره /11.460/ للطن الواحد، وستقوم المؤسسة ببيعها ضمن الخلطة العلفية للثروة الحيوانية.
ولماذا لا تكون مادة الشعير هي البديل..؟!.
لا يوجد لدينا من الشعير ما يكفي حالياً بسبب ارتفاع أسعاره عالمياً، وهذا سببه الجفاف الذي أصاب مختلف الدول التي تزرع هذا المحصول، ناهيك عن زيادة الطلب عليه، وما يقال عن مادة الشعير ينسحب على مادة الذرة، فبورصتها العالمية هي الأخرى غالية جداً.. والقمح هو الأرخص.. فكان المادة العلفية البديلة.
وأين الشعير المحلي..؟!.
غير موجود.. وتشجيعاً لتعميم زراعته والذرة تم رفع سعر الشراء لهذين المحصولين من /7.5/ إلى /9.5/، وسيتم رفعه مستقبلاً أيضاً، ناهيك عن عدم تقيد المزارعين بالخطط الزراعية.
وهل المؤسسة رابحة أم خاسرة الآن..؟!.
المؤسسة اقتصادية ليس هدفها الربح.. وان وجد بهامش بسيط جداً، بحيث يغطي تكاليف التخزين والنقل والإنتاج.
وعن الخطة المستقبلية للمؤسسة، أشار الدكتور الشيخ إلى وجود مشروع يدرس مع شركات السكر لتجفيف التفل وتصنيعه على شكل كبسولات، وهذا يدخل ضمن مشروع البحث عن مصادر علفية جديدة، وكذلك ندرس الآن إمكانية الاستفادة من كل مخلفات القطاع العام (الحبوب، إكثار البذار، معامل السكر، وإنتاج مخلفات معامل البيرة)، كل ذلك من أجل تخفيف العبء وتقليل التكاليف عن الاخوة المربين.
/6/ مليارات ديون المؤسسة
ألا تؤرقكم الديون وصعوبة تحصيلها منذ سنوات..؟!.
نعم لدينا حجم كبير من الديون وصل إلى /6/ مليارات على المربين منذ سبع سنوات، وهذه مشكلة كبيرة بالنسبة لنا.
وكيف سيتم تحصيلها..؟!.
في كل عام نقسم المقنن العلفي إلى قسمين:
الأول: يبدأ في 1/11 ولنهاية العام، ويتم توزيعه بلا براءة ذمة من الاخوة المربين، ما يعني الحصول على المادة العلفية حتى وان كان هؤلاء المربون مدينين للمؤسسة.
اما المقنن الثاني: فيبدأ مع بداية العام ويستمر حتى 28 شباط، وهذا المقنن لا يمكن ان نعطيه للمربي الا بعد حصوله على براءة الذمة، مضيفاً: الا انه في الظروف الجوية (الجفاف القاسي)، ودعماً لهؤلاء المربين يتم التوجيه وتصدر القرارات من الحكومة بتأجيل هذه الديون، وهذا ما حصل عدة مرات منذ عدة سنوات.
وماذا يعني زيادة رأس مال المؤسسة من/500/ مليون الى/3.5/ مليار..؟!.
هذا يتطلب اجراءات عديدة: منها تأمين أكبر قدر ممكن من المخزون الاستراتيجي من الأعلاف، وهذا دعم كبير من الحكومة، كأن يكون لدينا /300/ ألف طن من الشعير كونه يتحمل ظروف التخزين القاسية بعكس كل المواد العلفية الأخرى، والاستفادة منه عند ظروف الطوارىء.
عموماً ليس لدينا عمل ارتجالي في مجال المؤسسة بل عمل ممنهج، ولدينا خطة للعام القادم تتمثل في تطوير وتأهيل معامل الأعلاف في كل من حماة وحلب بكلفة تقديرية /44/ مليون ليرة سورية، وكذلك اقامة مراكز ومستودعات في الثورة بالرقة وعين العرب بحلب بقيمة /33/ مليون ليرة سورية.
  فشل معملي طرطوس وعدرا..؟!.
 سؤالنا الأخير كان حول فشل استثمار الأعلاف في كل من طرطوس وعدرا، فكان جواب مدير عام الأعلاف ومعاونه : ان الشركة الايطالية/G.G/ قد خالفت الشروط العقدية اثناء التنفيذ، وهذه المخالفات عمرها سنوات، ما حال دون استلام المعملين المذكورين رغم حاجتنا الماسة لهما.
وما الحل.. ؟!.
هناك دعاوى تحكيمية بيننا وبين الشركة، والجهات الوصائية على دراية كاملة بالموضوع، ولم نصل الى الحل الامثل حتى الآن.
ويبقى السؤال قائماً: من المسؤول عن العد الوهمي للثروة الحيوانية، إذ تؤكد مؤسسة الأعلاف انه مبالغ فيه وليس صحيحاً انه يوجد لدينا /23/ مليون رأس من الاغنام وهي ضحية هذا العد الوهمي... فمتى يرى النور مشروع ترقيم الثروة الحيوانية..؟!.

محمد فرحة

المصدر: البعث

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...