تيم الحسن: لا تلتفتوا إلى التصريحات فالشعب المصري محب وطيب
أثير الكثير من اللغط والجدل حول تأدية الفنان تيم حسن لشخصية (الملك فاروق) حتى قبل البدء بتصوير المسلسل , لا بل مع إعلان اسم الفنان الذي سيجسد الدور , خاصة بعد التسريبات التي تحدثت عن أسماء فنانين مصريين كانوا مرشحين لأداء هذه الشخصية .. وبالتالي كان أمام الفنانتين العديد من التحديات ليس أولها قبوله بدور اعتذر عنه فنانون مصريون (كما قيل) وليس آخرها إتقان اللهجة وتجسيد الدور بكل تفاصيله الدقيقة وجعله قريباً من المشاهدين أثير إلى قلوبهم , فكان يجسد الشخصية بإتقان عبر جوارحه وأحاسيسه كلها , أبدع في أدائها حتى جعل الناس تُجتذب إليها على الرغم من أنها شخصية لملك له ما له وعليه ما عليه , فأحب الناس فيها تيم حسن الفنان (الحرّيف) الذي قبل التحدي وأبلى به حتى أبعد من التوقعات , ليس لشيء إلا لأنه فنان يحترم نفسه ويحترم جمهوره يجتهد على عمله ويقدم له طاقته كلها ..
حول عمله الأخير (الملك فاروق) كان لنا معه هذا اللقاء الذي يعتبر أول لقاء يُجرى معه بعد الانتهاء من تصوير المسلسل :
> من المعروف أن شخصية الملك فاروق عليها ما عليها ولكنك أظهرت الجانب الإنساني منها ضمن إطار جعلها قريبة ممن يراها ويتعاطف معها ويحبها .. فكيف تعاملت مع هذه الجدلية ؟
لم تكن الفكرة ضمن إطار نية جعل الناس يحبونه , ولكن الفكرة نابعة من قناعاتي حول الشخصية , ففيما يتعلق بمستواها الإنساني هناك لغط شوش عليها , وأنا أتكلم على المستوى الإنساني وليس المستوى السياسي فشخصية الملك فاروق شخصية لها ظرف خاص من خلال نشأتها وتربيتها الأمر الذي كان له أثر سلبي في نفسه وهذه المسألة تعرض لها المخرج حاتم علي بشكل متقن عبر الحلقات الأولى من قسوة والده عليه إلى الحجر والطريقة الانكليزية في التربية , وقد أدى ظرف تربيته لجعله أحياناً منكسراً ومتردداً وليس لديه ثقة بالنفس فتحول مع التقدم في العمر إلى شخص ليس لديه القدرة على تحمل المسؤولية , إنه شخص لطيف ولم أجد في الكتب التي قرأتها أو عبر المذكرات أو الأشخاص الذين سألتهم أي أحد ينفي هذه الصفة لا بل كان شعبياً وبسيطاً يعيش حياة أقرب إلى الطبيعية لولا ظرف الخصوصية في تربيته , فأشعر أنه من واجبي على المستوى الإنساني في هذه الشخصية أن أقدمها كما اقتنعت بها .
> ما هي مرجعياتك حول الشخصية وهل اكتفيت بالنص المُقدم ؟.. كيف فهمت شخصيته من خلال ما قرأت ؟
عبر الأعمال التاريخية كلها التي سبق وقدمناها والتي تضم شخصيات من التاريخ القريب أو البعيد نحاول قدر الإمكان الإلمام بالشخصية فهذا الأمر هو جزء من عملنا أي أن نقرأ ونحاول التدقيق حول مستويات حياتها كلها , ولكن الكاتب هو الذي يكتب النص الذي سيتم تنفيذه وفي النهاية إما أن نصادق على النص أو لا نصادق عليه , والحقيقة أن د.لميس جابر فيما يخص المستويين الإنساني والسياسي كانت قريبة مما سجلته بعد عدة قراءات حول الملك فاروق فكانت قريبة من انطباعي , أضف إلى ذلك أن (أهل مكة أدرى بشعابها) فهي مصرية وتكتب عن تاريخها , فكانت هناك أمور كثيرة لم نكن نعرفها وعرّفتنا بها وأمور فوجئنا بها وامتلكت الحجج القوية التي أقنعتنا بها كما كان لديها المصادر .. والحقيقة أنه على الرغم من أن هذا التاريخ هو تاريخ قريب إلا أنه حصل ضبابية حول الصورة قد تكون مقصودة أحياناً أو غير مقصودة أحياناً أخرى , فلذلك المساحة الإنسانية والشخصية هي المساحة الغالبة وبتقديري أن الكلام الذي كان يُحكى حول إدانة أو انتصار لشخصية فاروق أو ما حاول البعض القول أنه تبييض .. هي أمور غير موجودة إطلاقاًَ , أما فيما يخص الكاتبة فقد أجادت من الزاوية التاريخية وقدمت شغلاً جديداً فيما يتعلق بالزاوية الإنسانية بفكرة جديدة لشخصية لطالما كانت تؤخذ من زاوية واحدة .
> ألم تخش على (نزار قباني) من (الملك فاروق) ؟.. بمعنى أنك أديت كلتا الشخصيتين وهما شخصيتان عامتان حقيقيتان وسُبق أن طُبع في ذهن الناس شخصيتك في نزار قباني !؟..
لا , فالفروقات كبيرة بين الشخصيتين وكل منهما في مجال , ولا أرى أي تشابه بين الشاعر نزار قباني والسياسي المخلوع الملك فاروق , فبينهما مسافة كبيرة ولكنها فرصة أن يتثنى للفنان أن يمثل شخصيتين من الحاضر القريب المُعاش الماثل في الأذهان خاصة أنه أثير حول الشخصيتين الكثير من الكلام والآراء , فلكل شخصية منهما مواصفات داخلية وخارجية مختلفة , عدا عن المهنة والتوصيف العام للشخصيتين ففي الحياة لهما توصيفين مختلفين , إنما مما لا شك فيه أنها مسؤولية , وبشكل عام أحاول أن أشتغل على الشخصيات التي أمثلها كلها عبر محاولة للبحث وإضفاء لمسة ما وطريقة تفكري في الأداء والتوجه , فنزار قباني شيء وقد مضى بما ما له وما عليه وأثير الكثير من الجدل حوله بين من اعتبره ناجحاً ومن أعتبره أنه أساء للشاعر .. ولكن نحن الآن أمام عمل هو أكثر جدلية وحساسية بمراحل وأكثر غنى بمراحل على الأقل بمستوى طريقة صناعة العمل .
>كيف تم التعامل مع الانتقادات التي طالت المسلسل أثناء التصوير في مصر ؟!..
هناك حراك إعلامي واسع و دور إعلام كثيرة في مصر ولكل رأيه وهناك صحافة صفراء وصحافة جيدة وتجد من يرى أن ما تقدمه جدير بالانتقاد بينما ينتقد آخر لمجرد الانتقاد وهذا يحدث معنا في أي مكان فطالما أننا ارتضينا هذه المهنة فيجب أن نرضى بهذه الأصوات كلها , إلا أن المستغرب أن هذه الأصوات كانت مبكرة جداً , ولكن بعد بدء عرض العمل بدأت تنطق الآراء الجيدة وبعض الانتقادات , ولكني أرى في الانتقاد السلبي والإيجابي أن هناك استباقاً , فلندع الرأي الفصل بعد رمضان وإن كان ما كُتب وما يقال من خلال الإحصائيات والبرامج يشير أن هناك حالة توفيق لمسلسل (الملك فاروق) .
>كيف تنظر لمن تحدث من أن سورياً جسد شخصية ملك مصري !؟..
هذا موضوع لا أحب التكلم فيه , فهو أمر مضى وانقضى , فلننظر كيف قدمته , فإن كنت مصرياً وقدمته بطريقة سيئة هل سيسكت عني المصريون أو غيرهم , وإنشاء الله أنني قدمته بطريقة جيدة فلا يمكن للفنان العربي أن يبقى حاملاً لافتة على صدره يشير فيها إلى بلده .. ينبغي أن نتعاون ونستفيد من خبرات بعضنا البعض ونحاول قدر الإمكان تحقيق حالة اندماج لأن الاندماج في كافة الميادين أثبت فائدته .
>ما حقيقة طرح أسماء فنانين مصريين كانوا مرشحين للعب دور الملك فاروق ؟
قرأت حول هذا الأمر في الصحافة , وهي مسألة طبيعية ولكن إن كنت مكان المخرج حاتم علي وضمن الأجواء التي كانت في مصر كنت لن أتصرف إلا كما فعل , فقدوم ممثل سوري من شأنه أن يسبب لغطاً وكان في غنى عن هذا اللغط لكن الأقدار سارت بهذا الاتجاه , ولم أجد الشخصية إلا أمام بابي .
> قيل إن هناك نجوماً مصريين كانوا مرشحين للدور كالفنان يحيى الفخراني !!..
نعم , فكما تقول د.لميس جابر أنه في بداية التسعينيات عندما كانت تكتب العمل فكرت بهذا الأمر وهو كان يحب أن يقدم شيء بهذا الإطار ولكن الفنان يحيى الفخراني وهو نجم كبير تعدى الآن العمر الذي كُتبت معظم مراحل المسلسل لأجله , فنرى فاروق في معظم حلقات المسلسل في العشرينيات من العمر , ولو كان المقصود المراحل الأخيرة فسيكون مناسباً لها , ولكن الفنان يحيى الفخراني مقتنع وقال إنه يحب أن يرى العمل دون الاشتراك فيه .
> أي ممثل عربي يمكنه التكلم باللهجة المصرية ولكن ليس أي ممثل قادر اًأن يظهر مصرياً حتى النخاع على الشاشة .. فكيف دخلت مسامات جلد (الملك فاروق) وبالتالي أتقنت روح اللهجة بالشكل الذي ظهرت عليه ؟
فكنت أعرف تماماً أنها مسألة سيترصد لها أخواننا العرب وخاصة المصريين لأن أصحاب اللهجة هم من لديهم القدرة على كشف جودتها من عدمها , فبالإمكان أن يرتجل أياً كان اللهجة المصرية وقد يظن الكثيرون أنه تكلم اللهجة المصرية ولكن يكشفه أصحاب اللهجة ذاتها , وبالتالي كان من الضروري الاعتناء بهذا الجانب وحاولت جهدي وأتمنى أن يكون الأمر مقبولاً بدرجة أساسية عند أصحاب اللهجة بشكل أساسي .
يتراءى للبعض أن اللهجة المصرية سهلة , لكن المسألة لم تكن بالأمر السهل فتبديل الألفاظ والكلمات ليس هو فقط اللهجة وإنما هي مجموعة من المشاعر أي كيف تُقال بتلوين موسيقي بناءً على كل حالة من الحالات وهنا كانت تكمن الصعوبة , فأن تتقن اللهجة وتحكيها شيء وأن تمثل وتحكي اللهجة شيء آخر وكان هذا الأمر من المفاصل المتعبة في الدور . وأشعر أن هناك حالة من الرضا فيما يخص هذا المفصل .
> هل كان هناك مدقق للهجة في العمل ؟
استقدمنا مدققاً بقي معي فترة شهر وكان وجوده عاملاً ضرورياً لأنه يستطيع أن ينبهي على الأمور البسيطة والتفاصيل الدقيقة التي قد تذكّر بمنشأ اللسان (اللهجة السورية) ولكن شغل الممثل هو الأساس ففي الفترة التي سبقت المسلسل حاولت أن أسمع اللهجة مصرية وكيف يلونونها وكيف تُقال الجملة بعدة حالات أضف إلى ذلك الشغل على الشخصية , وكان هذا مفصلاً مهماً يضاف إليه مفاصل أخرى أي كيف ستعالج هذه الشخصية المعقدة المركبة وكيف ستظهرها بأفضل صورة وإضافة لمجموعة العلاقات وفهم العصر وتطور الشخصية .. كلها أمور لا تقل أهمية عن اللهجة , علماً أنني أعرف أن اللهجة كانت ستكون من أولى أولويات المشاهد , فتتصدر الصحف مانشيتات أن فناناً من مكان ما يؤدي شخصية من مكان آخر .. لكن كانت هناك مفاصل أخرى أيضاً وأراها أكثر أهمية .
>هل كان تعامل المخرج حاتم علي معك أثناء التصوير هو نفسه كما في المرات السابقة ؟
كثير من الممثلين يتمنون العمل مع المخرج حاتم علي وكان لي الشرف التعامل معه حتى أن 90% من أعماله بعد تخرجي كنت مشاركاً فيها , وهذا أمر أراه بمثابة شهادة وأمر يفرحني وهو مخرج متمكن وقائد محترم ونبيه للعمل ويحب عمله ويخلص إليه , ولك أن تتخيل أنك في ملعب آخر مما يزيد وتيرة الحماس وتصبح المسؤوليات أكبر , وكما رأيت أنه ضاعف مجهوده وكان حريصاً على تفاصيل العمل كلها كما هو عادة وكان حريصاً أن يقدم النص الذي بين يديه والممثلين الذين معه بأفضل صورة ممكنة .
>كثرت التصريحات الموضوعية والأخرى القاسية حول مشاركة الممثلين السوريين في أعمال مصرية .. فبأي عين تنظر لتلك التصريحات ؟
لقد صورت في مصر أطول مدة تصوير مسلسل في حياتي أكثر من أربعة أشهر ونصف ولم آت خلالها إلى سورية , والحقيقة إن نسبة الاحترام والترحيب والمعاملة الممتازة كانت هي النسبة الساحقة , ولكن ما يصدر من تصريح هنا أو هناك لا ألتفت إليه تقديراً للكرم الذي وجدته هناك من قبل زملائي في العمل فنانين وفنيين ومجموعة الإنتاج .. فأنا أحب النظر إلى الناحية الإيجابية وأقدرها وأحترمها , وهذا ما حصل معي بكل أمانة .
> دائماً قد تجد في أعمال درامية ممثلين من أكثر من بلد .. فلماذا مشاركة السوريين في أعمال مصرية لقيت هذه الضجة ؟
ينبغي أن نحكي الحقائق كما هي , فإننا لا نذهب لنقدم شخصية عادية فأنا أعذر من كانت لديه حساسية تجاه هذا الأمر فنحن ذهبنا لتقديم شخصية علم من أعلام مصر ورمز من رموزها اتفقنا أم اختلفنا معه , فهو تحد, هناك من رآه واستغرب ومنهم ورحبوا وهذا أمر طبيعي في مثل هذه الحالة أي إنجاز مسلسل عن مرحلة خاصة جداً حول شخصية غاية في الخصوصية فيها تحول كبير في حياة أمة من الملكية إلى الجمهورية .
>دعني أعمم السؤال ونتكلم عن الظاهرة ككل ؟..
إنها ظاهرة جيدة لدرجة كبيرة , وأنا مع أن يشترك الممثل في عمل ولا يغير لهجته , ويشترك ضمن المنطق الدرامي في العمل السوري أو في العمل الخليجي على أنه سوري فهذا أمر جيد , ومن الجميل أيضا أن يحكي السوري خليجي ويحاول إتقان اللهجة الأخرى ويحاول أن يتقن العادات والتقاليد وتفاصيل الشخصية , هذا أمر جيد , فلا تتخيل كم كان من الممتع وجود محمد مفتاح وحسن الجندي في أعمالنا وهم ينطقون اللغة العربية وأنا واثق أن وجودهم سيكون جميلاً إن شاركوا في عمل اجتماعي وتكلموا اللهجة السورية , فهذا أمر يضيف للدراما التي أرى أنها دراما عربية , مساوئها مشتركة ومحاسنها مشتركة , فليس هناك شيء هو خارق بالكامل في هذا المكان ونقيضه الكامل في المكان الآخر .. إنها دراما عربية مشاكلها وهمومها واحدة , حالها حال المواطن العربي .
> لكن كثيرة هي الأصوات التي رأت أنها مؤامرة إما على الدراما السورية أو على الدراما المصرية ؟
هي ليست أكثر من ظرف , فوجود الفضائيات سهل عمليات التلاقي , إنه ظرف خلقته شركات الإنتاج والمحطات التي أصبحت تنتج , فعندما تأتي ال Mbc وتقول لحاتم علي (إننا نريد أن تنجز لنا عملاً وعندنا فكرة) فيقول إن هذه الفكرة لا أريدها ولكن لدي مسلسل عن الملك فاروق فهل تنجزونه ؟.. فطلبوا منه أن يأتي به وهكذا حدث الأمر .. ذهب لمصر وقابل فنانين فاعتذروا عن الشخصية (كما يُقال) فاتصل بتيم حسن لمجموعة من العناصر الموجودة فيه وقال له إن هناك شخصية أريد أن تؤديها .. وهذا ما حدث بكل بساطة فليس من أحد تآمر على أحد في حالتنا , أما ما يقال بشكل عام عن المؤامرة والخلفيات السياسية التي تؤثر على الدراما فهو أمر بحاجة لبحث وليس أن نرتجل فيه بالكلام , فإن تكلمنا بالمنطق اليقيني فقد نظلم الناس .. وقد يكون .
> ألم تخش أن يؤثر عليك غيابك عن الأعمال السورية هذا الموسم ؟
لا .. فالعمل الجيد يُتابع خاصة إن كان يُعرض على محطة جيدة , والحقيقة أنه كانت هناك نية المشاركة في أعمال سورية وأتتني عروض ولكن سارت الظروف باتجاه أن هذه الأعمال لم يتم تصويرها .
فؤاد مسعد
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد