ما هي علاقة ودور الشركات الأمنية الخاصة بالقوى السياسية اللبنانية

27-11-2007

ما هي علاقة ودور الشركات الأمنية الخاصة بالقوى السياسية اللبنانية

/عنصر من الشركات الخاصة يتفحص سيارةهل لديك «ميليشيا» وتريد ان تديرها من دون ان تتحمل عبء ميزانية ترهقك؟
الامر بسيط جدا. تستطيع التقدم من وزارة الداخلية اللبنانية بطلب ترخيص «شركة حراسات امنية». ومع بعض الجهد والمال لتأمين حد ادنى من التجهيزات ورسوم الرخصة وخلافه، يمكن ان تحصل عليها. والافضل ان يكون لديك «عميد متقاعد» قريب او صديق او محازب، ليتولى ادارة «الشركة»، اذ ان عددا كبيرا من العمداء المتقاعدين انضموا الى هذا القطاع، باعتباره عملا يواصلون فيه حياتهم الانتاجية والمهنية من جهة، ومجالا يستثمرون فيه خبراتهم المتراكمة لصالح الجهات السياسية التي يدينون لها بالولاء من جهة ثانية، لان الواقع يبين ان معظم الذين يديرون شركات الحراسات الامنية او يملكون رخصها، هم من العمداء السابقين المتقاعدين من سلكي الجيش وقوى الامن، والقليل من هؤلاء يعمل لحسابه الخاص.
ليست القضية مجرد توفير مالي فقط، بل هي في الواقع مشروع استثماري مربح جدا، يستطيع الحزب او الزعيم من خلاله الحفاظ على عناصره التي تدين له بولائها، ويقيها غائلة التشرد على ابواب الاحزاب الاخرى، بحثا عن عمل ضمن الخبرات المتوفرة لها، فيضمن بقاءها الى جانبه من جهة، ويحقق ارباحا فاحشة يضيفها الى ارصدته المالية، عن طريق احتفاظه «بفائض القيمة» حيث تحصل الشركة الامنية من زبائنها، حسب عدد من العاملين في هذا المجال، على الف دولار اميركي عن كل حارس في الشهر، وتعطي هذا الحارس راتبا مقابلا يتراوح بين ثلاثمئة الى اربعمئة دولار اميركي شهريا. ولعل هذه الارباح، خصوصا اذا وسّع صاحبها اعماله وزاد من اعداد الشركات والمؤسسات التي تتعامل معه، تغنيه عن مد اليد لاي جهة سياسية كانت او غيرها، بهدف تأمين تمويل حركته العامة.
حاولت «السفير» الدخول الى هذا القطاع من ابوابه: وزارة الداخلية والشركات المعنية. اتصلنا باحد مستشاري وزير الداخلية حسن السبع فاشار علينا بارسال «فاكس» الى الوزير نطلب فيه السماح للمعنيين المكلفين بملف «شركات الحراسة الامنية» في الوزارة ان يجيبوا على اسئلتنا واستفساراتنا لاغناء هذا التحقيق بالمعلومات الرسمية، التي لا يمكن الحصول عليها الا باذن شخصي من الوزير، والوزير معتكف حاليا عن الادلاء بتصريحات. ارسلنا الطلب ـ الفاكس وارفقناه بارقام الهاتف ـ حسب النصيحة ـ ليتم الاتصال بنا اذا تمت الموافقة على الطلب، لكننا انتظرنا منذ 29 ـ 10 من دون ان يأتي الرد. حاولنا الاتصال بمدير مكتب الوزير فلم يتم الامر، وسجلت موظفة الهاتف رقم المتصل ورقم الجريدة على امل الرد بعد مراجعة المعني، لكن من دون نتيجة، اذ يبدو ان ملف الشركات الامنية من أسرار وزارة الداخلية، لا يفرط به ولا يفصح عنه الا بإرادة الوزير. وبالتالي فان احدا في الوزارة صغيرا كان ام كبيرا، مديرا كان ام حاجبا، عسكريا كان ام مدنيا، لا يقبل الافصاح عن هذه «الاسرار »، علما ان اسرار الدولة كلها مرمية على الطرقات، لكن هذه الشركات في النهاية هي شركات قطاع خاص، ولعل هذا قد يكون السبب.
اجرينا اتصالات بعدد من المسؤولين عن شركات امنية، على امل الحصول منهم على ما يمكن ان يوفروه من معلومات عن هذا القطاع البالغ السرية حسب ما توضح لنا. لكن هؤلاء تهربوا من الرد ولم يتجاوبوا، على الرغم من طلبهم ارقام الهاتف وقولهم «نحن سنتصل اذا جرت الموافقة على الكلام»، والبعض قال «اتكلم اذا اذن لي فلان». لكن يبدو ان «لا احد يجرؤ على الكلام»، مع العلم ان لكل شركة من «شركات الامن والحماية» مجلس ادارة، لكن محظور على اعضاء هذه المجالس الادلاء بأي حديث باسمها او اعطاء اي معلومات عنها. لذلك عدنا الى وسائلنا الخاصة، لجمع ما امكن من معلومات.
البداية
تشير اوساط سياسية الى ان اول من ربط بين السياسة وشركات الحراسة الامنية الى لبنان، هو ماجد حمدان شقيق القائد السابق للحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان. وحسب الاوساط، كان ماجد يدير شركة خدمات توفر عمالا وعاملات لتنظيف المكاتب والمؤسسات، ثم طور خدمات شركته مستفيدا من موقع شقيقه، فضم شركته الى شركات الامن والحماية، وباتت توفر حراسا لبعض الشركات والمكاتب والمؤسسات، وتولت حراسة عدد من الشركات في وسط البلد، بما فيها شركة «سوليدير». لكن تبدل حال السياسة في البلاد دفع بماجد الى خارج الوطن واقفل ابواب شركته.
وشهد هذا القطاع انطلاقة كبرى فيما بعد، وتوسعت نشاطاته في العاصمة والمناطق، وحسب بعض الاحصاءات فان عدد العاملين في الشركات الامنية يزيدون حاليا على العشرة آلاف شخص. ويبلغ عدد الشركات الكبرى خمس عشرة شركة ، بعضها متفرع مناطقيا (باستثناء الشركات الصغرى التي يتراوح عناصرها بين 20 ـ 30 حارسا وعددها يبلغ العشرات). وتتعاطى هذه الشركات اعمالا شتى وتوفر خدمات متنوعة، تتراوح بين حراسة المكاتب والشركات والسفارات والبنوك ومرافقة الشخصيات وصولا الى نقل الاموال. وحسب بعض العاملين في هذا القطاع، فان تأمين اربع سيارات مع ثلاثين جهاز اتصال فرديا وتكاليف الرخصة، تكفي للبدء في استثمار شركة امنية.
الشركات الامنية وحملة التسلح
ارتبطت اعمال بعض الشركات الامنية مؤخرا، بالحديث عن التسلح والتدريب. بات معروفا ان معظم القوى السياسية الموالية والمعارضة على السواء، تملك شركات امنية تستخدمها ستارا لحراساتها الامنية، ولتغطية تحرك عناصر الحماية الحزبية، في أداء دورها في نطاق منازل القيادات السياسية والمؤسسات التي تؤول لها وحتى الشركات الخاصة المحسوبة عليها. وبات امر الشركات الامنية موضع تجاذب في الصراع السياسي الدائر في البلاد، تختلط فيه الحقائق بالاشاعات، خصوصا بعد ان شاعت اخبار قيام شركات امنية معينة بتدريب عناصرها على استعمال الاسلحة النارية، علما ان من حق هذه الشركات تسليح عناصرها بمسدسات، بموجب الترخيص الصادر عن وزارة الداخلية في 9/1/2001 تحت رقم .138
وتطغى بين اللبنانيون هذه الايام، احاديث عن الامن الذاتي المستجد في بعض مناطق العاصمة، وعن الخوف من التجول ليلا بعد ان تحول محيط منازل بعض المرجعيات الى مربعات امنية، نتيجة الاجراءات الامنية الرسمية المتخذة حولها، حيث باتت اشبه بقلاع امنية، تقفلها مكعبات الاسمنت ويحرسها جنود ومدنيون بالعشرات. الا ان ذلك يجري بعد ان اختفى «المثال والنموذج» وهو المربع الامني التابع «لحزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية، الذي طالما تذرع به اصحاب المربعات الامنية المستجدة. فمربع الحزب الامني لم يكن مجرد منطقة محمية ومحروسة، كان ايضا ابوابا حديدية تقفل الطرقات ومداخل ومخارج ممسوكة و«كاميرات» تراقب كل حركة، وهذا المربع اضافة الى المقار السابقة ومكاتب ومنازل القياديين الرئيسيين في الحزب، دمرها العدوان الاسرائيلي في تموز ,2006 ولم يعد هناك مربع جامع كما كان في السابق.
في ضاحية بيروت الجنوبية، لا يخفي قول وتكرار «حزب الله» ان الامن من مسؤولية الدولة وقوى الامن، ان ليس هناك عيون ساهرة ترصد كل حركة وتعلم بكل جديد في المنطقة. وتشي حركة الدراجات النارية التي لا تهدأ ليلا بمثل هذا الامر، وكذلك بعض التجمعات الشبابية في بعض الاماكن. لكن اوساط «حزب الله» لا تنكر انها تضع حراسات حول منازل قيادييها والمسؤولين فيها.
واذا كان حديث الامن الذاتي والمربعات الامنية قديما ومكررا في ضواحي العاصمة، فان المستجد في هذه الظاهرة ما تشهده شوارع واحياء العاصمة بيروت، منذ اشهر قليلة، من امن ذاتي يتوسع ويزداد انتشارا مع الوقت. وتكشف اضواء النهار عن صراع مرير بين المعارضة والموالاة في اعلان السيطرة على شوارع ومناطق في العاصمة، من خلال رفع الاعلام والرايات والبيارق، على الابنية واعمدة الكهرباء فيها وعلى كل سارية متوفرة، او «برميل» يوضع وسط التقاطعات، كما ان زوايا الشوارع في الليل في معظم شوارع واحياء العاصمة، تشهد تجمعات لاعداد من الشبان من ابناء المحلة، يسهرون الليل «يحرسون احياءهم» ويدخنون «الاراكيل» ويحمل بعضهم احيانا اجهزة اتصال. ولا يتورع هؤلاء اذا ما شكوا بأحد المارة او «الغرباء» عن المنطقة، عن سؤاله عن هويته ووجهته.
والملفت في هذا الجانب، ان الحديث عن الامن الذاتي وظاهرة التسلح التي ضجت بها البلاد مؤخرا، هي كالحديث في قضايا تهريب السلاح او المخدرات، يسمع عنها المرء ويشعر بوجودها، لكنه لا يستطيع الامساك بها. وهي اسرار حتى على العاملين في دوائرها، والمشارك فيها يعتبرها من اسراره التي لا تكشف الا امام المقربين. وفيما يتجنب العارفون بهذه الامور الخوض بها مباشرة، او الحديث عنها باسمائهم «تجنبا للمشاكل والعداوات»، يرى هؤلاء ان «شعار كل مواطن خفير» بات يطبق في شوارع واحياء العاصمة، على طريقة «كل مواطن حارس ليلي» لكن بكلفة اقل قد تقف عند حدود مائة دولار فقط.
«المستقبل» والتسلح
تتبادل كل من الموالاة والمعارضة في لبنان الاتهامات بتدريب وتسليح المؤيدين. ويشهد لبنان منذ فترة غير قصيرة حديثا عاصفا عن اعمال التدريب والتسليح في مختلف انحائه، انطلقت بداية من فكرة ان الطرف الاساسي في المعارضة وهو «حزب الله» مدجج بالاسلحة، وبالتالي بدأت اطراف في الموالاة تستعيد قدراتها التسليحية التي اخفتها لبعض الوقت اثر اقرار اتفاق الطائف. لكن ظروف تشكيل وتأسيس «تيار المستقبل»، حسب اوساط معارضة، دفعت به الى اعتماد صيغة الشركات الامنية ليسهل عليه اقامة بنية مسلحة يحمي بها مؤسساته وقياداته ومناطق نفوذه.
وتتقاطع معلومات اوساط سياسية معارضة ومصادر امنية على ان بداية توجه «تيار المستقبل» الى تأسيس «ميليشيا» جاء اثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فأرسل مئات الشبان في دورات تدريبية عسكرية الى الاردن لمدة ثمانية الى عشرة اشهر، ليكونوا قادة وكوادر هذه «الميليشيا»، لكن سرعان ما عدّل القرار بعد مزيد من الدراسة، اذ وجد اصحاب الفكرة انهم مضطرون الى دفع رواتب لعديد هذه «الميليشيا» اضافة الى تقديمات اجتماعية ورعائية مكلفة. كما اعترض بعض المعنيين وتساءلوا هل يعقل ان يطلق على الرئيس الحريري اسم رجل الاعمار ويقوم «تياره» بتأليف «ميليشيا» سيكون عملها الاول والاساس التسبب بهدم ما بناه الحريري؟ حتى ان بعض شخصيات هذا التيار وقفوا يحذرون من «اننا نربي غولا سيأكلنا». لذلك عدلت الفكرة، واستعيض عنها، بحسب المصادر، بتطويع حوالى اربعة آلاف عنصر في قوى الامن الداخلي، ممن كان يفترض ان تتشكل «الميليشيا» منهم. ومعظمهم من مناطق الشمال. وبات هؤلاء يقبضون رواتبهم من خزينة الدولة. وجرى توزيع هؤلاء في بيروت بطريقة تتيح خدمة المشروع الامني لقوى السلطة.
كذلك، وبحسب الاساط المعارضة، فان قوى الاكثرية قامت في موازاة هذا التطويع، بتطويع اعداد مماثلة تابعة للحزب التقدمي الاشتراكي و«القوات اللبنانية»، بعديد اجمالي للاطراف الثلاثة، قارب العشرة آلاف عنصر مضموني الولاء للقوى السياسية التي طوعتهم، جرى توزيع الفي عنصر منهم لحراسة شخصيات 14 آذار.
وترى المصادر، ان تميز «تيار المستقبل» بغياب البنية التنظيمية والحزبية القادرة على ضبط وتحريك قوى عسكرية ميليشياوية، جعله يتجه نحو صيغة الشركات الامنية بحثا عن امنه الذاتي، لذلك انشأ التيار شركتين امنيتين اوكل قيادتهما الى عميدين متقاعدين معروفين من ابناء بيروت. واستقدم شبانا للعمل فيهما من بلدات بقاعية كعرسال، ومن البقاع الغربي وعكار والضنية والمنية والعرقوب واقليم الخروب. واعتبرت عناصر هذه الشركات الامنية عناصر حماية، جرى توزيعها في العاصمة بعد تقسيمها الى مناطق وقطاعات، في كل منها قيادة سياسية وقيادة عسكرية تشرف عليها، بما يتيح لهذه العناصر الانتشار في مناطق معينة من العاصمة والسيطرة عليها عندما تدعو الحاجة. كما عمم «المستقبل» هذه الصيغة على معظم المناطق اللبنانية، كالشمال والبقاعين الغربي والاوسط، اضافة الى بعلبك التي خصص لمكتب «تيار المستقبل» فيها 45 عنصرا امنيا، واقليم الخروب.
وحسب المصادر، فان اعتماد صيغة الشركات الامنية بديلا عن الميليشيا، خفف عن «التيار» الاعباء المالية من جهة، ووفر له الحراسات المطلوبة لمؤسساته ولمنازل قياداته، ناهيك عن ان غطاء الشركات يسمح بتدريب عناصر هذه الشركات على الفنون العسكرية والقتالية، في الداخل او الخارج. وهكذا تولت الشركتان الامنيتان المذكورتان حراسة الكثير من المؤسسات والمراكز في العاصمة، بما فيها منطقة «سوليدير»، التي، وحسب المصادر، استبعدت منها الشركة التي كانت تتولى حراستها في السابق. وبات الناس يميزون بين هاتين الشركتين وبين غير شركات، من خلال ألوان ألبسة عناصرها، الذين يبلغون في بيروت وفروع المناطق اربعة آلاف عنصر.
كذلك تتهم اوساط معارضة «تيار المستقبل» بانه انشأ «قوة عسكرية ضاربة» للتدخل في بيروت اذا تطورت الامور، اوكل مهامها الى «عميد» ايضا، يدعى «الحاج جهاد». واضيف الى كل ذلك تجميع اعداد من شبان الاحياء في العاصمة، في مقابل رواتب مالية محدودة لاقامة حراسات ليلية على مداخل هذه الاحياء. واعتمد نظام «تفرغ» براتب شهري، مع نظام «انصار» مقابل مئة دولار للعنصر الذي يستدعى عندما تدعو الحاجة. والامر نفسه اعتمد في البقاع والشمال واقليم الخروب، حيث اقيمت فروع للشركتين، في الشمال بقيادة عميدين متقاعدين معروفين، وفي البقاع بقيادة ثلاثة عمداء متقاعدين، اثنان من البقاع الغربي والثالث من بعلبك.
وحسب اوساط المعارضة، فان بعض الاماكن الدينية المعروفة في البقاع، استعملت وتستعمل لتجميع العناصر واقامة دورات امنية وعسكرية خفيفة والقاء محاضرات تعبوية وتثقيفية. وتؤكد هذه المصادر ان «المستقبل» وزع منذ سنة اسلحة على احياء العاصمة، وضعت في مخازن محروسة. بعد ان وصلته كميات كبيرة من الاسلحة، تردد ان بواخر عسكرية اميركية وفرنسية افرغتها في مرفأ بيروت، خلال عمليات تفريغ المساعدات الغذائية في المرفأ اثر حرب تموز. بالاضافة الى ذلك، جرى انشاء جهاز للدفاع المدني تابع لتيار المستقبل في العاصمة، يعتمد عليه لتجميع العناصر واستقطابهم، ثم تشكيلهم وتوزيعهم على الشركتين الامنيتين. كما يتم تدريب وتسليح عناصر الدفاع المدني ليكونوا عناصر حراسات لمؤسسات وشخصيات. ووضعت سيارة اسعاف امام كل مركز من مراكزه، لتكون في خدمة العسكر.
الا ان «تيار المستقبل» ينفي على لسان الزميل راشد فايد هذه الاتهامات، ويعتبرها جزءا من الحملة السياسية على «التيار» في اطار التجاذب السياسي. ويؤكد ان تيار المستقبل لا يجيّش ولا يدرب ولا يحضر لما يقال انها «حرب داخلية». وان هذه الفكرة غير موجودة اصلا لدى التيار، وليس لديه اي شكل من اشكال العمل العسكري او الميليشياوي.
وينفي فايد ان تكون لتيار المستقبل اي شركات امنية، ويؤكد ان التيار لا يتبنى ايا من الشركات التي يشار الى انها عائدة اليه. ويشدد على ان توجه التيار يقضي بان قوى الامن الداخلي والاجهزة الامنية هي المسؤولة عن الامن في البلاد.
«القوات» و«الاشتراكي»
حسب مصادر المعارضة، فان للحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية شركات امنية بدورهما، في المناطق التي لديهما نفوذ سياسي ومصالح اقتصادية فيها. كما انهما يدمجان عناصرهما في اطر «تيار المستقبل» خصوصا شركاته الامنية، في المناطق الخاضعة لنفوذ «المستقبل». هذا في موازاة اعادة احياء «القوات» لجهازها العسكري وسعيها لاعادة استقطاب المؤيدين. وترى الاوساط المعارضة ان انتقال سمير جعجع من بشري الى معراب هو تأكيد على قدرة جهازه الامني على حمايته في كسروان، وعلى وجود قدرة قتالية تكفيه للاطمئنان الى وجوده والى ضمان امن تحركاته. وتشير المصادر الى مستودع اسلحة ضخم جرت مصادرته للقوات منذ فترة قريبة، وهذا غيض من فيض، حسب قولها، لتدلل بذلك على عدم حاجة القوات الى تسلح لانها مسلحة اكثر من حاجتها.
وتلفت المصادر الى ان تكرار سمير جعجع ومسؤولي «القوات» بانهم «الطرف الوحيد الذي لا يتدرب ولا يتسلح»، صحيح في الشكل، لان «القوات» تنظيم عسكري بالاساس وعناصرها مقاتلون قبل اي دور آخر يمارسونه. وهي تدرب وتسلح منتسبيها الجدد تحت مسميات الشركات الامنية التابعة لها او لحلفائها. ولا ننسى، تضيف المصادر، ان «حزب القوات» في الاصل هو الجناح العسكري لما كان يسمى «الجبهة اللبنانية» خلال الحروب اللبنانية السابقة.
اما الحزب التقدمي الاشتراكي، فتذكّر اوساط معارضة ان قصر المختارة طالما ترددت في ارجائه خلال السنتين الفائتتين، كلمات عدد من اركان سيد القصر بقولهم: «سنواجه المدفع بمدفع والصاروخ بصاروخ». وتشير الى ان الحزب اضافة الى احتفاظه بنواة جيشه الشعبي، من خلال وجود جميع كوادره العسكرية وضباطه، قام بإعادة تنظيم وتدريب وتسليح «ميليشيا» الحزب في دورات ومخيمات اقامها في الباروك وجرد الشوف، مستعينا بما لديه من خبرات اضافة الى تعاونه في هذا المجال مع «حزب القوات». وتتوزع هذه «الميليشيا» في القرى والبلدات على غرار ما كانت عليه خلال حرب الجبل. كما ان الحزب اعاد احياء جهازه الامني، وقسمه الى اجهزة متخصصة تعمل على مستوى الجبل ككل، ابرزها الجهاز الخاص بحماية رئيس الحزب وتأمين تحركاته. وحسب المصادر، فان قيادة الاجهزة الامنية تتقاطع عند مدير عام سابق، تولى قيادة غرفة العمليات العسكرية للحزب في عاليه، خلال حرب الجبل، ويتولى حاليا ادارة جهاز امن الحزب ورئيسه من غرفة في القصر، حافلة بأجهزة المكننة وكل التجهيزات الحديثة.
وفي هذا المجال تتهم اوساط معارضة الحزب الاشتراكي والقوات اللبنانية و«تيار المستقبل»، بانها معا جمعت حوالى مئتي شخص في بلدة الناعمة، بينهم عناصر من القوات واعداد من ابناء عرب المسلخ المهجرين الى هذه البلدة، ممن يوالون «الاشتراكي» و«المستقبل» وان هؤلاء ينتظرون تلقي الاشارة، كلما دعت الحاجة، لاقفال طريق الساحل وقطعه امام حركة ابناء الجنوب باتجاه بيروت وبالعكس.
الا ان امين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي، المقدم شريف فياض، يلفت الى ان الحزب لا يملك شركات امنية ولم يتقدم بطلب ترخيص مثل هذه الشركات. وهو يعتمد على قوى الامن الداخلي لحراسة مركزه الرئيسي في بيروت. اما قيادات الحزب، فالنواب والوزراء لديهم عناصر مرافقة رسمية قانونية. وما تبقى من القيادات يتنقلون مثل بقية المواطنين.
وينفي فياض الاتهامات الموجهة للحزب لجهة التدريب والتسليح والتجييش، ويقول: هذا كلام عار عن الصحة جملة وتفصيلا، نحن لا نجيّش ولا نذهب الى الحرب ولا ندرب ولم نعلن اي نوع من انواع التعبئة. نحن عملنا واضح ومكشوف وكل من يتابع زيارات قياداتنا للاوساط الشعبية والمناطق يسمعنا ندعو الى العمل السياسي. وندعو الدولة لان تاخذ دورها وان تقوم قوى الجيش والامن الداخلي بحماية المواطنين والمؤسسات. ولذلك كنا اول من التزم بهذه القواعد مع شعاراتنا التي رفعناها. ويضيف: اما المعارضة فنقرأ في خطاب السيد ما يغني عن كل ما قيل قبله وما يقال بعده.
كذلك الامر بالنسبة لحزب «القوات اللبنانية» التي يؤكد النائب عنها انطوان زهرا ان ليس لها اي شركات امنية. ويشير الى ان بعض الشبان من «القوات» اسسوا شركة امنية وتولى هو ـ اي النائب زهرا ـ متابعة ملفها مع وزير الداخلية حسن السبع، فابلغ ان ملفها مجمد لان وزير الداخلية اتخذ قرارا باعادة النظر في شركات الامن الخاصة، وكلف مختصين في الوزارة اعادة درس ملفات هذه الشركات لجهة دورها واعداد العاملين فيها. وبالتالي فان السبع اوقف اعطاء تراخيص جديدة، في انتظار اعادة النظر في القانون الذي يسيّر اعمال هذه الشركات.
ويستغرب زهرا التسريبات عن مصادرة مستودع اسلحة للقوات، ويقول ان مديرية المخابرات في الجيش «حاولت جاهدة مصادرة اسلحة للقوات لتغطية انكشاف اعمال التدريب والتسليح التي يقوم بها العونيون والتي نشرت وسائل الاعلام صور بعضها، واعتقل عدد من المشاركين فيها ثم اطلق سراحهم، لكن هذه المحاولات فشلت ولم يستطيعوا مصادرة قطعة سلاح واحدة، لان قرارنا كان حاسما منذ البداية في الدخول في مشروع «الطائف» وترك كل الاجراءات الامنية للسلطة الشرعية». وبالتالي، يضيف زهرا، فان «القوات» خارج حملة التدريب والتسليح الجارية.
ويستبعد زهرا حصول تطورات امنية في لبنان على خلفية الاستحقاق الرئاسي، ويقول ان ما يقال حاليا هو تخويف للناس من حرب لن تقع. ويرى ان احد اسباب عدم اندلاع الحرب في لبنان مجددا، هو امتناع «القوات اللبنانية» عن الدخول في حمى الحرب والتسلح. لكنه يحذر من ان منطقتي ساحل الشوف (طريق الجنوب) وبعبدا ستكونان مكان الحرب الحقيقية الداخلية اذا جرت مثل هذه الحرب. على اعتبار ان المعارضة ستسعى الى السيطرة على طريق الجنوب واقفاله، ضمن خطتها لاقفال البلد والسيطرة على مفاصلها، اذا جرت الانتخابات الرئاسية على غير مشيئتها. اما في بعبدا فيشير زهرا الى ان المعارضة خططت لتجميع قواها من مختلف مناطق القضاء، اضافة الى القماطية وكيفون بهدف اقفال الطريق في الكحالة والسيطرة عليه.
ويرد زهرا على ما اثير حول الناعمة، فيشير الى ان «القوات» ليست مسؤولة عن اعمال مسؤول القوات السابق فيها، المتهم بانه يساهم في اقفال الطريق مع الاشتراكيين و«المستقبل» في البلدة، فقد عاد المذكور الى حزب الكتائب وهو الان رئيس اقليم الشوف الكتائبي.
ويشير زهرا الى ان تراجع حدة الصدامات بين «القواتيين» و«العونيين» يعود الى ان المرجعيات الدينية المسيحية بما فيها الفاتيكان وبكركي، حملت هذا الهم «وهو هم لنا جميعا لحصر اي خلاف سياسي في الاطر السلمية، لاننا اكثر من اختبر الفعل وردة الفعل على الارض».
كما ينفي زهرا ان يكون معظم حراس المؤسسة اللبنانية للارسال (ل.بي.سي) من القوات، حيث تشير اوساط معارضة الى ان عددهم بمن فيهم حراس بيار الضاهر حوالى مئتين وخمسين عنصرا. ويشير زهرا الى ان حراس المحطة هم موظفون فيها، لكن شركة امنية تشرف عليهم وتقوم بتدريبهم.
ويشدد زهرا على ان قوى الامن تتولى حراسة منازل ومؤسسات حزب «القوات» بنسبة ثمانين في المئة، والباقي تتولاه «القوات». ويقول: «قلنا للقواتيين الزموا بيوتكم ولا نريد حربا، لكن لا تسمحوا لهم بان يدخلوا اليكم، والمفروض ان يقوم الجيش وقوى الامن بحمايتكم». ويضيف: نحن نعرف حجم تحضيرات المعارضة ليوم نزولها الى الشارع، لكن هذا الامر لن يرهبنا ولن يجعلنا نستسلم.

غدا: ماذا تقول الموالاة عن المعارضة؟

عدنان الساحلي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...