عصام الزعيم يرحل عاتبا على الوطن
الجمل- وحيد تاجا: اخيرا .. ترجل عصام الزعيم من على صهوة جواده.. ورحل رحلته الأبدية .. لم يكن الغياب غريبا عن الزعيم ( 67 عاما )، فقد تعود الغياب والترحال منذ ان غادر بلاده وعمره لايزيد عن 19 عاما .. درس في فرنسا وأمضى ما ينوف عن أربعة عقود في الخارج، ليعود الى الوطن في أواخر التسعينات من القرن العشرين.. وخلال عقود أربعة من الغربة لم يبتعد الزعيم يوما عن وطنه .. كان يحمل صورة " الوطن الجميل" بين جنباته وفي كل ترحاله ومحطاته ..دافع عنه هناك .. كما دافع عن ناسه هنا.. وعتب على وطنه هناك .. كما عتب عليه هنا.. عتب على وطنه عندما تمنع البعض عن ترشيحه للعمل في منظمة الأمم المتحدة، فجاء دعم ترشيحه من الجزائر حيث كان يعمل آنذاك .. وعتب على الوطن الذي "اخفى" دراسة عن تطوير القطاع الصناعي في سوريا قدمها في العام 1990 استغرقت شهورا طويلة، ليقدمها عبد الحليم خدام باسمه في أحد مؤتمرات الحزب عندما كان نائبا للرئيس.. عتب على الوطن مرة أخرى عندما تم استبعاده من مشروعه( مكافحة البطالة )، كما عتب عليه لاستبعاده عن مشروع (لاستشراف مستقبل سورية في العام 2020.) وهما مشروعان حياته لهذا الوطن، عتب على وطنه عندما اتهمه بالفساد وحجز على أمواله ( وهو الذي لم يملك بيتا حتى مماته ) .. وعتب على الوطن الذي تجاهل إعلان براءته بعد ان حكم القضاء له بالبراءة .. وعتب على الوطن كثيرا بسبب تجاهله حالة الناس الاقتصادية ورفع أسعار الكهرباء والوقود.. عتب كثيرا على الوطن.. الا انه لم يبتعد يوما عن هذا الوطن او عن أبنائه، وبقي يدافع عنهم حتى الرمق الأخير بكل ما وهبه الله من معرفة وعلم وحجة ..
عصام الزعيم .. حالة سورية فريدة معجونة بالحب والصدق والبراءة والعفوية .. ولاينقصها الذكاء والعلم والمعرفة، وهو ماجعله املا للكثير من السوريين بالتغيير والإصلاح وهو لما يتجاوز وجوده في الحكومة اشهر معدودة، لم يتحمل الوطن تلك الحالة، لان جل مايخيفه هو ذلك الصدق والعلم والقدرة على العطاء ..فحاول كسره مرارا.. وربما نجح بكسر بعض مواقعه، الا انه لم ينجح أبدا بكسر تلك الحالة .. فقد بقي عصام الزعيم عصيا عن الكسر حتى اللحظات الأخيرة من حياته .. صحيح انه حمل عتبا كبيرا على الوطن..ولكنه لم يتخل يوما عن ناس هذا الوطن ..
عصام في سطور
إنهى دراسته الابتدائية والثانوية في سوريا، ثم غادر منذ عام 1959 للدراسة في فرنسا وأمضى ما ينوف عن أربعة عقود في الخارج، تارة في العمل بمنظمات الأمم المتحدة وتارة في التدريس في الجامعات الأوربية والأمريكية، وعاد الى سوريا في أوخر التسعينات من القرن العشرين. خلال وجوده في فرنسا عمل عصام باحثاً في المجلس الوطني للبحث العلمي في باريس ثم رئيساً لفريق البحث ومديراً لمركز التوثيق المؤتمت والدراسات الاقتصادية عن الصناعات الغازية والبتروكيميائية في معهد البحث الاقتصادي والتخطيط بجامعة غرنوبل الفرنسية. ثم انتقل الى الجزائر وعمل أستاذا في معهد اقتصاد الدراسات العليا بجامعة الجزائر ومستشاراً اقتصادياً لشركة النفط الوطنية الجزائرية سوناتراك ولوزارة الطاقة والصناعة الجزائرية. شارك د. عصام الزعيم في تأسيس جمعية اقتصاديي العالم الثالث في شباط فبراير 1976 في الجزائر وانتخب مراراً أميناً عاماً مساعداً لها ممثلاً للاقتصاديين الآسيويين. عمل أستاذاً في جامعات ولوفان الكاثوليكية البلجيكية وسانت لويس الأمريكية في فيينا وأستاذاً زائراً لمرات عديدة ثم مديراً لمجموعة البحث والدراسات المتقدمة في جامعة الكولوخيو دي مكسيكو في العاصمة المكسيكية وأستاذاً محاضراً في مركز دراسات أوبك التابع لجامعة فنزويلا المركزية ووزارة الطاقة والمناجم الفنزويلية وأستاذاً محاضراً في الجامعة العليا للعلوم الإدارية بمدينة ريو دي جانيرو في البرازيل. ومن جهة اخرى عمل الزعيم زهاء عشرين عاماً في وكالات الأمم المتحدة، أولاً في منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) في فيينا ثم في إدارة التعاون الفني من أجل التنمية في الأمم المتحدة في نيويورك وبعدها في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في نيويورك ثم اليمن ثم جنوب شرق آسيا والمنطقة الباسيفيكية. عمل مستشاراً غير متفرغ للامين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول في الكويت ولدى المنظمة العربية للتنمية الصناعية في القاهرة وبغداد والرباط. أدار الدكتور عصام لمدة ثلاثة أعوام في جامعة الكولوخيو دي ميكيكو في الجامعات المكسيكية ندوة أكاديمية متخصصة للقادة، كما أدار ندوة تخصصية عن مستقبل العلاقات الاستراتيجية والاقتصادية بين دول النادي الآسيوي الباسيفيكي للتعاون الاقتصادي "أيبك" الذي يضم الولايات المتحدة والصين واليابان وروسيا وأميركا اللاتينية واسيا ، الهيئات الحكومية والشركات الدولية وأساتذة الجامعات والباحثين المكسيكيين. كما درّس الاقتصادات العربية وموقعها في الاقتصاد العالمي في معهد الدراسات الآسيوية والأفريقية في الجامعة نفسها شارك في الحوار العربي الأوربي في السنوات السبعين منتدباً من جامعة الدول العربية وكان نائباً لرئيس الوفد العربي للمفاوضات العربية الأوربية في قطاع التكرير البترولي والصناعات البتروكيميائية. وفي العامين 200-2001 قاد الوفد الرسمي السوري إلى مفاوضات الشراكة مع الاتحاد الأوربي.
شغل الزعيم منصب وزير التخطيط ثم وزير الصناعة في حكومة محمد مصطفى ميرو الأولى والثانية ( 2000 ـ 2003 ), وقد فاجأ الشعب السوري كثيرا عدم استمراره بمهام وزارة الصناعة في حكومة المهندس محمد ناجي العطري حيث كان يعتبر من أبرز الاقتصاديين في حكومة ميرو فضلا عن نزاهته وتفانيه بالعمل حتى سميت الوزارة التي يتكلف بحقيبتها بالوزارة التي لاتنام .. وكان معروفا بمواقفه ضد الفساد والمفسدين .. وللمرة الأولى في تاريخ سورية بدأت الوزارات في عهده بوضع استراتيجيات حتى عام 2020 , كما عهد إليه شخصيا بوضع استراتيجية سورية عام 2020 , ويعود الفضل إليه في خلق مشروع مكافحة البطالة في سورية , ووضع استراتيجية صناعية هي الأولى من نوعها في سورية . وفي استيبان أجرته صحيفة محلية خلال حكومة ميرو الأولي تبين انه الوزير الأكثر شهرة رغم قصر المدة الزمنية التي قضاها في الوزارة . وقد تعلقت امال الناس فيه كثيرا كخبير اقتصادي وكان يرى انه لايمكن ان يتم تطوير وتحديث في الاقتصاد دون رفع الرواتب والأجور .
تم انتخابه رئيساً لجمعية العلوم الاقتصادية السورية للدورة 2003 ـ 2005 ثم جدد انتخابه للدورة 2005 ـ 2007 ، وشغل مهام رئيس اتحاد الاقتصاديين العرب للدورة الحالية ،.. كما ظل يشغل حتى رحيله منصب مدير المركز العربي للدراسات الاستراتيجية بدمشق.
الجمل
إضافة تعليق جديد