ندوة الحوار المسيحي- الإسلامي بدمشق

20-06-2006

ندوة الحوار المسيحي- الإسلامي بدمشق

أقام منتدى المعارج لحوار الأديان بالتعاون مع رعية يوحنا الدمشقي للروم الملكيين الكاثوليك بدمشق ندوة نقاشية تحت عنوان: «الحوار المسيحي- الاسلامي في منهج البابا الراحل»، وذلك بمناسبة مرور خمس سنوات على زيارة قداسة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني الى سورية وزراعته شجرة المحبة في القنيطرة.

شارك في الندوة وأدارها سماحة الشيخ حسين شحادة رئيس المنتدى، وسماحة الشيخ نجف علي الميرزائي رئيس مركز ايران للعلاقات العربية الايرانية، كما شارك المطران جوزيف عبسي المعاون البطريركي للروم الكاثوليك والمطران ايسيدور بطيخة أسقف حماة وحمص ويبرود للروم الكاثوليك وفضيلة الشيخ د. احسان بعدراني والدكتورة بثينة شعبان وزيرة المغتربين، كما شارك في الندوة كل من د. مهدي دخل الله وزير الإعلام السابق والسفير المغربي في دمشق عبد الوهاب اللوقي والأمين العام للحزب السوري القومي الاجتماعي الاستاذ عصام المحايري وسماحة الشيخ د. عبد الرزاق المؤنس معاون وزير الأوقاف والأديب د. نذير العظمة.
وفي بداية الندوة تحدث سماحة الشيخ حسين شحادة مشيراً الى ان العالم لم يلتفت الى سورية مقصداً للحج الايماني إلا عشية زيارة قداسة البابا على خطا بولس وهي زيارة ايمانية بكل ما تعنيه هذه الكلمة.
وقال: إن مشروع حوار الاديان الذي قاده قداسة البابا استطاع ان يؤسس للحقائق التالية: وهي ان البشارة الانجيلية لا تتعارض اطلاقاً مع قيم الاعتراف بالآخر، وان الاختلاف اللاهوتي حول تصور الذات الالهية لا يلغي الرؤية الانسانيــــة لوحــــدة الانسان، بمعنى أياً يكن اختلافنا على وحدة الله فليس من المسموح لنا سواء كنا مسيحيين أومسلمين ان نختلف على وحدة الانسان ورغم أهمية الاعتقـاد المسيــــــحي بالخلاص الاخروي بالمسيح إلا ان معتقد هذا الخلاص لا يجدر به اطلاقاً ان ينفصل عن قراءة الشروط الموضوعيـــة لهـــــــذا الخلاص فيما تلتمسه من ضرورة البحث عن الشرط الانساني لهذا الخلاص، كذلك كان قداسته انجيلاً ناطقاً استطاع ان يصحح تلك الصورة النمطية المشوهة عن الاسلام، ودان مشروع التحقير الديني.
فيما تحدثت د. بثينة شعبان عن انتقائية الإعلام في الحوار بين الدين المسيحي والاسلامي، واشارت الى ان الإعلام لم يظهر للعالم هذا الواقع الذي نعتز به من محبة وتعايش وتفاهم، وأخذت مثالاً زيارة البابا الى سورية حيث قالت: انها من أجمل وأنجح وأروع الزيارات والتي كان لي شرف المساهمة بالترجمة لقداسته، وأعلم كم كان روح الحديث بينه وبين الرئيس بشار الأسد روحاً واحدة متحابة ومنسجمة، واشارت أيضاً: في حين مغادرة قداسته توجه بكلمة للسيد الرئيس قائلاً: انا أكبر رئيس في العالم سناً أتمنى لأصغر رئيس في العالم كل الخير والتوفيق، وأكدت د. بثينة انها شعرت بالمحبة بين الاسلام والمسيحية، بين الانسان والانسان، ولكن لا يأخذ الإعلام إلا ما يريده.
وأضافت قائلة: هناك حديث لدي نصه لقداسة البابا، تحدث به بشكل معمق ودقيق ومسؤول عن معاناة المسيحيين والمسلمين في القدس، وعن هوية القدس وإذا استمرت إسرائيل في إجراءاتها فستتغير هوية القدس التاريخية، وللأسف لم ألحظه في الإعلام إلا أنني كلما استقبلت وفداً غربياً أعطيته النص حيث ان الإعلام تجاهل هذا الحديث.
وقالت: لا شك ان قداسة البابا بارك خصوصيات الثقافة الدينية في عصر العولمة التي تحاول إلغاء خصوصية الثقافات، كما تطرقت الى معاناة العرب والمسلمين بعد احداث 11 أيلول مطالبة العمل من أجل استعادة مفهوم الوحدة بالانسان والتي لا تتحقق إلا مع الكرامة.
وتحدث سماحة الشيخ نجف علي الميرزائي عن الآليات العملية والاستراتيجيات الواقعية التي يجب على الاطراف الدينية المتحاورة ان تناقشها لدعم الانسان والخروج من أزماته لأن الحالة المأزومة التي يعيشها العالم من جـــــراء العنـــــف والارهاب والحرب والفساد، هذه الحالة لن تزول من خلال توجيــــــــه النصـــــــح الأخلاقي من كنيسة أو من مسجد، بل هي بحاجة الى ان تحاور الأطــــراف الدينيـــــــة بجدية أكثر.
أما المطران جوزيف عبسي فتحدث ضمن إطار الحوار المسيحي- الاسلامي الذي رسمه قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، وأشار الى ان البابا الراحل أراد وضع الحوار المسيحي الاسلامي في إطار حوار أوسع بين جميع الأديان، كجزء من رسالة الكنيسة حيال الأمم المتحدة وكجزء هام من خطته الرعوية في عالمنا المعاصر، وأكد فيما يتعلق بموضوع الحوار المسيحي الإسلامي أنه منذ الوثيقة التي أصدرها المجمع الفاتيكاني الثاني، راح الحوار المسيحي الإسلامي يكبر، لكنه شهد في عهد البابا يوحنا بولس الثاني دفعاً وزخماً متميزين خصوصاً في زيارة قداسته إلى الدول الإسلامية والعربية، كما تحدث المطران عن زيارة البابا إلى المغرب والسودان وتونس وسورية ولبنان ومصر والأردن وفلسطين والقدس والناصرة، وتحدث عن أشكال الحوار المسيحي- الإسلامي وثوابته.
فيما قال د. مهدي دخل الله: جاءت هذه الزيارة «زيارة البابا إلى سورية» لتؤكد مشروعاً استراتيجياً مشتركاً بين سورية والفاتيكان يركز على حماية المسيحية في الشرق، وقد عبّر البابا عن ذلك في رسالة قبل عامين مع مستشاره الأول الذي سلم السيد الرئيس بشار الأسد وسام الصليب الأكبر، وهذا كان رمزاً لتقدير الفاتيكان لدور سورية ودور الرئيس بشار الأسد، وهو أول رئيس غير مسيحي يُعطى مثل هذا الوسام، وأضاف دخل الله: هناك مشكلة يجب معالجتها وهي مشكلة الوجود المسيحي في الشرق ويجب أن تدخل إلى الحوار في الوقت الذي تجري فيه محاولة لإخراج المسيحيين من هذه المنطقة تحت حجة قيام صراع تاريخي بين المسيحية والإسلام، وأشار إلى أن هناك خطراً على مصير المسيحيين في هذه المنطقة ولا سيما أمام تجليات إسلامية ليس لها علاقة بالإسلام ورأى دخل الله أن الحل لمسألة الحوار هو بالعودة إلى الكتاب الديني الموحد الذي تحدث عنه الشيخ حسين شحادة في بداية الندوة والذي كان يدرس في سورية سابقاً، وفرّق بين تجليات الإسلام النضالي وبين تجليات أخرى لا علاقة لها بالإسلام، إذ عمل الإسلام النضالي على تثبيت المفهوم الوطني، ومفهوم الأمة الذي يستوعب الجميع- فيما أشاد أ. عصام المحايري بنتائج زيارة قداسة البابا وقال: إنها توجت أموراً عدة منها أن سورية مهد المسيحية ولذلك كانت زيارته الأولى إلى الكنيسة، وأضاف: احتضن الإسلام هذا الوجود المسيحي بكل انفتاح، لأن الإسلام أصلاً هو إسلام لله، ويدرك أن المسيحية هي لله، حيث استشهد المحايري بما قاله أنطون سعادة: «كلنا مسلمون» وأكد المحايري: إن الزيارة جاءت لتؤكد أن المسيحيين أمنع من أن يغرهم هذا الأنموذج الصهيوني الذي يقوم على تغذية العصبيات الدينية والعرقية بهدف الاقتداء به.
وقد ألقيت في الندوة مداخلات عديدة للسادة: د. نذير العظمة، جمانة طه، وعبد الرزاق المؤنس، وغطاس هزيم، وإحسان بعدراني، كما قدّم السفير المغربي في سورية الأستاذ عبد الوهاب اللوقي لمحةً عن زيارة البابا للمغرب والعلاقات التي تربط بلاده بالفاتيكان منذ عدة قرون.

 

 نسرين مخلوف

المصدر: البعث

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...